الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الإحتجاجية النسائية: من سؤال المساواة، إلى تأثيت المشهد السياسي..

خالد ديمال

2009 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الإحتجاج ظاهرة قديمة قدم التاريخ، ولكنها اختلفت تبعا لطبيعة الأحداث المرتبطة بها، وفي مستوياتها المتعددة، السياسية، والإجتماعية، والأخرى الإقتصادية والثقافية. وفي المغرب أخذ الإحتجاج مسارات مختلفة بحسب طبيعة العوامل المحركة له، وتحديدا عندما نتحدث عن الحركة النسائية كحركة احتجاجية ومطلبية ظهرت بقوة بتزامن مع بعض الأحداث الكبرى كخطة إدماج المرأة في التنمية، وغيرها.
إلا أن الحركة الإحتجاجية النسائية المغربية لا تخرج عن سياقين رئيسيين، علاقتها بالأحزاب السياسية، ثم ارتباطها بمنظمات المجتمع المدني، كالجمعيات النسائية نموذجا.
لكن ماذا نقصد بالإحتجاج، وبموازاته الحزب السياسي كقناة وعي سياسي في ارتباطه بقضايا المرأة، ثم العمل الجمعوي كمفهوم داخل في الوعاء المدني الإحتجاجي برمته، وخاصة منه النسائي على سبيل الحصر؟..

ماذا يعني الإحتجاج؟..

الإحتجاج كحركة، هو تعبير عن حالات الرفض، ومظاهر الإعتراض، داخل التركيبة الإجتماعية تحديدا، وبالضبط عندما يعبر عن نفسه كمطلب، وهو في هذا السياق يتطلب شروطا معينة، كتوفره على برنامج عمل، ثم مذهب فكري موجه، وهي الآلية الوحيدة التي تعطي للإحتجاج صفة تميزه عن غيره، وعن باقي الحركات الموجودة في النسيج الإجتماعي، بل وعاملا أساسيا في إثارة الرأي العام(حول قضية معينة)، وفي الإستقطاب، لتحريك دينامية الشارع. ولا يمكن لهذه الحركة الإحتجاجية أن يكون لها وجود من دون أن يصاحبها، في هذه الدينامية، محمول قيادي(كعنصر استقطاب) يتحدث( بمثابة ناطق رسمي) باسم المجموعة التي يمثلها، وهذا الشرط عنصر أساسي في كل حركة احتجاجية، ولا وجود له من دونها، فهو الكفيل بتميزها عن غيرها عن باقي مظاهر الإحتجاج( خاصة العفوي و العشوائي منه)، كأحداث الشغب مثلا، زيادة على شرط آخر، وهو المرتبط بالمتعالق التنظيمي خاصة، ونقصد به الإطار الحاضن للحركة الإحتجاجية، مما يضفي عليه طابعا متميزا، يبعده (أو يخرجه) عن ارتباطات أخرى، خاصة الفردية منها. ولكن الإحتجاج الجماعي هو الذي يهمنا بدرجة أولى، وبالذات عندما نتحدث عن الصراع الإجتماعي الذي يحمل بعدا جنسانيا، خاصة المرتبط بقضايا المرأة.
لكن ماذا يمكن القول عن الحزب السياسي، و دوره في قيادة الصراع، وبالضبط عندما نتحدث عن السلطة الرمزية المفككة لفعل السيطرة، خاصة عند استحضار الموروث الثقافي برمته، وبالذات علاقة التضاد الموجودة بين الرجل والمرأة، أي تلك العلاقة الترافضية الموجودة في هرم التراتب الإجتماعي، أي الهيمنة الذكورية في مقابل الهامشية النسائية.

الحزب السياسي متعالق احتجاجي بقضايا المرأة.

تعتبر الأحزاب قناة من قنوات التنشئة السياسية في أي نسق سياسي، كما أنها أداة لممارسة الصراع الإيديولوجي من أجل احتكار القرار السياسي، كإستراتيجية سياسية مركزية محفزة، تتحدد عبر ضبط المجال السياسي من خلال قنوات التنشئة الإجتماعية الموازية، لأن الصراع حول السلطة، هو في آخر المطاف صراع حول اتخاذ القرار السياسي. وهنا لن نتحدث عن الحركة النسائية كحركة احتجاجية، ولكن كإرهاصات أولى لبداية تشكل الوعي بأهمية الدفاع عن قضايا النساء، والدعوة إلى المساواة بموازاة ذلك، وهو ما ستتشكل بوادره في جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالمسألة النسائية.
إلا أن الصراع هنا، لا يأخذ اشتراط وجوده(كنفي) إلا عبر ممارسة الإحتجاج كدفع مضاد لطابع السيطرة الدولتية(نسبة إلى الدولة)، من خلال تطويق الفكر المهيمن، وهو احتجاج قد يأخذ أشكالا متعددة، منه العنفي، يجسده في هذه الحالة الصراع على السلطة مهما كانت النتائج، بهدف كسر ميزان القوة، وتحقيق التوازن في مقابل ذلك، بترجيح كفة الصراع لصالح أحد الأطراف دون غيره. وقد يأخذ شكلا سلميا، كالنزول إلى الشارع، خاصة عندما نتحدث عن المعارضة السياسية(من داخل البرلمان مثلا)، أو المساندة النقدية(مع الحكومة- في الجانب المتعلق بالمساندة-، وضدها في الوقت نفسه، من خلال إعمال آلية التتبع النقدية)..
من خلال هذا الإرتباط، بين الحزب والحركة الإحتجاجية، يتحدد البعد الوظيفي للحركة، في سلم تجديد القيم. لماذا؟.. لسبب بسيط جدا، وهو أن الإحتجاج آلية رفضية في الجوهر، بل أكثر من هذا؟، طابع مضاد
وانزياحي(إيجابي)، لأن الهدف الأساسي منه هو زحزحة البنى الإرتكازية الثابتة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية(مطلبية)، أو غيرها، أي أن هدفه هو تقويض وضع قائم ، في اتجاه تحقيق بدائل، وهي فضلا عن كونها بدائل، فهي مطالب في الأساس، أما الإحتجاج فهو مجرد قناة وسائطية، أو مرتكز مؤسسي وتنظيمي غايته الحلول والإحلال، بمعنى كبح ما هو موجود ، ووقف احتمالات التصنيف، والإنتقال إلى حالات التوصيف، والعلاج بمواصفات جديدة، يكون الإحتجاج وسيلتها غالبا.

الإطار الجمعوي وعاء مدني احتجاجي نسائي.

إن السؤال حول العمل الجمعوي يقتضي الوقوف على عوامل اقتحام هذا الحقل(في المقاربة السوسيولوجية تحديدا). فرغم اختلاف الرؤى، فإن التفسير الموضوعي لهذه الدينامية، هو فكرة التجربة المندمجة بالسيرورة المجتمعية كحافز للإنسياق نحو سلطة رمزية(مداهمة للبناء العام) كآلية تفكيكية مندمجة بمفهوم التجاوز.
إلا أن جدلية الجمعوي هنا تبرز أساسا في شكلها الوظيفي، وهو القدرة على التخاطب الرمزي، بمكونات فعلية كابحة للثابت، وبتوجه يضاعف القدرات المعرفية، في تأثيرها على قوانين الحياة، بما يتماشى ومصلحة الفرد، وفي مقابلها مصلحة الجماعة، وهو ما لا يتحقق إلا بأدوات إبداعية، وبحركة زمنية لا يوفرها إلا شرط الحرية.
هنا يكون للجمعوي، كذاكرة جمعية، ووعي جمعي، قدرة التقويم ضمن حقل الصراع، أي توجيه التفاعلات، بحركة ثقافية، واعية بأهمية التجاوز عبر الإنطلاق، وبمنهج أيضا، كنسق باحث عن النظام، مضاد لآخر باحث عن التحطيم، وبشرط تاريخي حامل لأدوات الطفرة.
إذن للجمعوي وظيفة بنائية داخل المجتمع، فهو فاعل أساسي في كل تنمية حقيقية صحيحة، باعتبار اتصاله بمجال أكثر حيوية، هو المجال الثقافي، ومساهمته بموازاة ذلك، في خلق آليات الحوار البناء والإيجابي.
ويمكن أن نتحدث عن الحركة الإحتجاجية النسائية، انطلاقا من هذه التوطئة النظرية، لأن جل الحركات النسائية تشتغل من داخل الإطار الجمعوي كوعاء مدني في اتجاه تصاعدي مضاد أو مناوئ للواقع السائد كبنية مختلفة.
إلا أن المشكل المطروح في النضال الجمعوي النسائي هو فصل قضايا المرأة عن قضايا المجتمع ككل، مما يؤخر التحرير الحقيقي للمرأة. لماذا؟.. لأن تحرير المرأة في ظل مجتمع مستغل ومقموع، وبمعزل عن تحرير المجتمع برمته، يؤدي إلى افتعال معارك وهمية تستنزف الكثير، ولا تخرج بنتيجة، تتوهم الخصم، ولا تحدده حقيقة وفعلا، لأن خصم المرأة ليس هو الرجل لأنه رجل، فخصم المرأة هو المجتمع بقيمه وتقاليده و أغلاله، لأن الإستغلال، في المجتمع المتخلف يقع على الإنسان ككل، بغض النظر عن كونه ذكرا أو أنثى.
فالمعاناة في هذه الحالة تلحق الجنسين معا، وبأشكال مختلفة، ومظاهر متعددة، إلا أنه لا يمكن إنكار ما تعانيه المرأة حقيقة في ظل العلاقات الإجتماعية والإقتصادية السائدة، حيث تعاني المرأة أكثر من الرجل(استغلال مادي، واستغلال يطال الجسد)، مما معناه استمرار استعبادها، وتحويلها إلى مخلوق للمتعة و لاستمرار النوع. لذلك فمحاولة تمييزها وتخصيصها(الجمعيات النسائية خاصة) هو بداية الوقوع في الفخ، وبداية المعالجة الخاطئة، لأن المرأة محكومة بالمجتمع: قوة واتجاها ووعيا. لذلك فكل محاولة للإختلاف أو الإختصار أو التميز ينعكس على المحصلة النهائية لحركة المجتمع ككل. مما معناه خسارة التحرر الفعلي للمرأة، وللمجتمع بأسره..











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك