الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر الاتحاد للمرأة الفلسطينية وممكنات التجديد والتطوير

ريما كتانة نزال

2009 / 6 / 4
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


جدل واسع رافق انعقاد مؤتمر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، ولم يقتصر الجدل على الحركة النسائية فحسب، بل اتسع ليشمل الوسط السياسي والوطني بشكل عام، باعتبار أن مؤتمر الاتحاد يمثل باكورة مؤتمرات المنظمات الشعبية الفلسطينية. والنقاش الدائر في معظمه تركز حول قدرة المؤتَمِِرات على إحداث التغيير وعلى مواجهة التحديات المطروحة، والخروج بنتائج تشير الى تحقيق خطوات واستحقاقات مترتبة على بنية الإتحاد وهيئاته، وعلى برنامجه واتجاهات عمله القادمة وعلى نظامه الأساسي.
ينطلق الجدل من اعتبارات عدََة، وهو جدل يذهب في معظمه إلى الحكم على نتائج أعمال المؤتمر بشكل افتراضي مسبق، ويبنى الحكم على قاعدة المفهوم الشائع " أن لا يمكن انتشال الزير من البير!". وهو حكم مؤسس على تقييم موضوعي على أداء الاتحاد في الفترة السابقة وانجازاته على مدار أربع وعشرين عاما خلت، والتي بإقرار الاتحاد تعتبر محدودة ومتقطعة وموسمية؛ ولم تعكس بنية الاتحاد كمنظمة جماهيرية شعبية.
ان الحكم المسبق على نتائج أعمال المؤتمر له ما يبرره، وهي أحكام متفهمة من أغلبية قيادة وعضوات المؤتمر اللواتي أبدين مثلها وأكثر، وربما وإذا ما مُدََ الأمر على استقامته، سأبرر استمرار الحكم السلبي على نتائج المؤتمر حتى بعد معرفتها. فقد تزعزعت جسور الثقة ما بين المنظمات الشعبية والرأي العام لأسباب متعددة، منها غياب الحياة الديمقراطية وتجديد الهيئات القيادية بالانتخابات، كما يعود إلى افتراض البعض انعدام رؤية ممكنات تفعيل وإصلاح المرجعية الأم ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ومكوناتها، كذلك تنطلق الملاحظات من استمرار التعامل مع ما يعرف بنظام الكوتات الفصائلية ووصاية الفصائل على العضوات؛ والتدخل بتحديد عضوات الهيئات القادمة قسرا. وفي التقييم كذلك تبرز الظروف العامة المعقدة والمعيقة التي يعمل الاتحاد في نطاقها، حيث لا يمكن تجاهل حقيقة انعقاد المؤتمر في ظل واقع الاحتلال، ودون تجاهل حقيقة توزع وجود الاتحاد ما بين الوطن وفي مخيمات اللجوء والشتات، ودون أن نغيب حقيقة الانقسام ما بين شطري الوطن الذي انعكس على عمل الاتحاد في غزة، وهي ظروف من المتوقع أن تستمر آثارها السلبية عليه طالما الانقسام واقعا.
مبدئيا، وفي الواقع الفلسطيني لا أحد يعتبر نفسه فوق المساءلة والنقد، ولا بد من قبول واستيعاب واستقبال جميع وأشكال النقد الموضوعية الموجه إلى مؤتمر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وأعماله. وليس هذا وحسب، بل لا بد من الانفتاح على النقاش والتعامل معه بايجابية وتحديدا النقاش الذي يُثار من المنظمات النسوية، وذلك من أجل تقاطع المواقف وزج الجميع في خطة البناء والإصلاح؛ باتجاه استعادة زخم الاتحاد عبر المشاركة بتطوير دور الاتحاد واستعادة جماهيريته على قاعدة برنامجه الوطني والاجتماعي.
لقد باشرت هيئات الاتحاد القيادية التحضير للمؤتمر الخامس منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، وذلك بعد قرار المجلس الإداري باعتماد ستة عشر فرعا في عموم محافظات الوطن واقرار عقد مؤتمرات الفروع في الوطن وخارجه؛ وانتخاب عضوات المؤتمر العام وفق أحكام اللائحة الداخلية للاتحاد. وتتويجا لذلك، أُنجزت مؤتمرات الفروع في المحافظات الشمالية والجنوبية للوطن خلال العامين الماضيين، وكذلك الأمر فيما يتعلق في بعض فروع الاتحاد خارج الوطن، فيما تعذر انجاز ذلك في عدد آخر من الفروع، بسبب الظروف الموضوعية التي أثرت عليها وتأثرت بها.
وكانت حصيلة عضوية المؤتمر ثلاثمائة وسبعين عضوة، شارك منهن ما يزيد على الثلثين بشكل مباشر وعبر نظام الفيديو كونفرنس ما بين رام الله وعمان وغزة، حيث منعت سلطة حماس في غزة العضوات من مغادرة القطاع للمشاركة في أعمال المؤتمر، في الوقت الذي أصدر الاحتلال التصاريح اللازمة للعبور بما فيها لعضوات من فروع الشتات، حيث تمكنت أربعين عضوة من فروع الخارج من المشاركة المباشرة في أعمال المؤتمر، وهو ما أضفى حيوية لافتة على أجواء المؤتمر ومجريات نقاشاته لمختلف الوثائق والتقارير المقدمة والمطروحة على طاولته.
لا حرج أو غضاضة من تسجيل ما شاب أعمال المؤتمر من مظاهر الارباك والفوضى. ولا يمكن المرور على الثغرات الإدارية على صعيد تحضير واعداد وثائق المؤتمر من جانب، ولمدى تلبيتها لحاجات المؤتمر وتوجهات عمله المستقبلية من جانب آخر، والتي اتضح بأن معظمها قد أُعد بجهود فردية بعيدا عن العمل الجماعي بسبب واقع الهيئات القيادية وتوزعهم ما بين ساحات مختلفة، وقد توقف المؤتمر مليا أمام المظاهر السلبية للعمل والأداء موجها الانتقادات للنهج والأسلوب. لقد واجه المؤتمر الهيئات القيادية للاتحاد بجملة من الملاحظات النقدية السلبية أبرزها لجهة عدم انتظام اجتماعاتها وشلل العمل الجماعي، وأنماط العمل الفردي الضار، والعمل الموسمي والمتقطع. وتم التعرض بالتقييم لعمل الاتحاد ببرامج المؤسسات النسوية، ولم يسكت على المظاهر الفئوية في العمل، وذلك لصالح انصهار مكونات الاتحاد معا لتحقيق برنامجه الذي يشكل القاسم المشترك بين الأطر والجمعيات والمستقلات.
ان التطوير الذي جرى في المؤتمر الخامس يلامس عدة عناوين، منها التعديلات التي طالت النظام الأساسي، ووضع توجهات المرحلة القادمة. لقد أقر المؤتمر عددا من التعديلات الجوهرية على النظام وبما يستجيب للتطورات السياسية والتنظيمية التي رافقت نقل مركز ثقل الاتحاد الى أرضه، ولمزيد من تكريس الديمقراطية الداخلية بما في ذلك اقرار نظام التمثيل النسبي في انتخابات هيئات الاتحاد، إضافة الى تسهيل شروط العضوية وحمايتها؛ وبما يلبي تحقيق المرونة التي من شأنها تكريس الطابع الجماهيري للاتحاد. وقد اقر المؤتمر الإجراءات الكفيلة بتوسيع دور وصلاحيات الهيئات وبما يعزز صيغ العمل الجماعية وللحد من مظاهر التفرد، وقد أعطى المزيد من الصلاحيات للمجلس الإداري كهيئة وسيطة ما بين مؤتمرين، لجهة تشريع السياسات والتوجهات ولمراقبة عمل الأمانة العامة. كما اقر تعديل الحق المطلق في الترشيح لعضوية الهيئات بتجديده بدورتين متتاليتين فقط، وذلك حرصا على تجديد وتغيير قيادات الاتحاد. كما مسَ التعديل المقدمة السياسية للنظام الأساسي ملاحظا جملة التطورات السياسية الجارية، حيث أكد المؤتمر تمسكه بالثوابت الوطنية، وبمنظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية سياسية وتنظيمية للاتحاد. كما لحظت المقدمة تلك التطورات على وضع المرأة الفلسطينية في ضوء المستجدات السياسية متقدمة برؤيا لطبيعة الأدوار السياسية والتنموية والاجتماعية والقانونية المترتبة على الاتحاد القيام بها.
أما فيما يتصل باتجاهات العمل القادمة، فقد اتجهت ارادة المؤتمر الى اعتبار أن بناء الاتحاد هو المحور الرئيس الذي ينبغي التركيز عليه وايلائه الجهد اللازم، بهدف تقوية مبنى فروع الاتحاد في الوطن وخارجه. وعليه سيضع الاتحاد هدف استحداث فروع جديدة وترميم الفروع التي تأثرت بالحراك السياسي وتجاذباته. كما تندرج مهمة تصليب مبنى الاتحاد وبناء هيئاته وتأهيل كوادره بأدبيات الاتحاد وبرنامجه وخططه، وبما يمكن من توحيد المفاهيم في الهيئات القيادية وفي صفوف القاعدة، ومن أجل امتلاك الكوادر الأدوات المعرفية الضروية بهدف ضمان سلامة خط الاتحاد وحماية هويته كمنظمة شعبية ببرنامج وطني تحرري، وبرنامج اجتماعي من أجل الدفاع عن حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية.
لا شك بأن بناء الاتحاد عاموديا وأفقيا ستشكل أولوية أولى في المرحلة القادمة، وبما يلبي انتقال مركز الاهتمام والثقل الى القاعدة، ويؤدي إلى بناء وتقوية وتعزيز دور الهيئات وقدرتها لكي تقوم بمهامها. الا ان عملية البناء التنظيمي لا يُقصد بها التوجه لبناء هيكل الاتحاد كغاية وهدف معزولين عن برنامج الاتحاد وأهدافه الوطنية والاجتماعية. فهدف توسيع القاعدة وتحقيق التواصل وبث الحيوية في هيئات وفروع الاتحاد؛ لن تكون بهدف بناء مجتمع الاتحاد المغلق على ذاته، بل بهدف الانخراط بالمهام والتوجه لتحشيد وتنظيم طاقات النساء واستنهاضها لتنفيذ المهام وتحقيق الغايات معا في الميدانين الوطني والاجتماعي. ان مهمات التحرر الوطني ستكون على رأس أولويات الاتحاد، بالتجاور مع المحاور الاجتماعية والتنموية والقانونية، وسيتم تظهير الأبعاد الوطنية في المحاور المختلفة، فتنمية المرأة على الصعيد الاقتصادي بهدف تمكينها من زيادة دخل الأسرة وتخفيف سوء الواقع المعيشي، ستتم بالتوازي مع دعوتها للانضمام الى حملة مقاطعة البضائع الاسرائيلية، للعلاقة الجدلية ما بين المقاطعة كشكل من أشكال مقاومة الاحتلال ودعم المنتج المحلي وزيادة فرص العمل.
إن المحطة التنظيمية المتمثلة بعقد المؤتمر العام الخامس العام للاتحاد في الوطن وضعت الاتحاد على مفترق طرق،فإما أن يتقدم بخطى ثابتة نحو الأمام مستندا الى جملة التغييرات التي أقرها المؤتمر، والتي تتيح له التقدم وتجاوز الحالة السابقة، وهنا لا بد من التشديد أن شرط التقدم يتوقف على قدرة الأمانة العامة للاتحاد على إحداث نقلة ملموسة في السياسات وأساليب العمل على مستوى الأمانة نفسها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد امرأة فلسطينية وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهد


.. اعتقال ناشطات معارضات للحرب في قطاع غزة والسودان




.. في حوار لـ-العربية ENGLISH-.. أندرو تيت الملقب بـ-كاره النسا


.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA




.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي