الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذات الرداء الأبيض تضرب عن العمل 00

صلاح الانصارى محمد

2009 / 6 / 16
الحركة العمالية والنقابية


مهنة التمريض قديمة جدا فهي أقدم من الطب نفسه . وقد بدأ التمريض منذ فجر التاريخ كخدمة اجتماعية نشأت من الحس الغريزي الطبيعي لحماية الأسرة ورعايتها , وبالرغم من الأهداف النبيلة للتمريض إلا أن ممارسة التمريض تغيرت تأثرا بعوامل المجتمعات والتطور الطبي حتى نشأ التمريض كمهنة ولها أصولها ودرجاتها العلمية ولاغني عنها لاى مجتمع ولا يمكن ممارسة الطب بدونها في اى وقت .

إنشاء أول مدرسة للتمريض في مصر
عين محمد على باشا " كلوت بك " وهو طبيب فرنسي للعناية بالحالة الصحية للجنود في مصر , وكان اهتمام " كلوت بك " هو إعادة تنظيم الخدمة الطبية . وقد أقام بالقرب من معسكر الجنود في قرية أبو زعبل مستشفى تقدم الرعاية الطبية للجنود . وفى عام 1927 وافق محمد على على إنشاء مدرسة للطب كان من أغراضها الأساسية توفير أطباء مصريين يكرسون جهدهم لخدمة وطنهم , والحق جناحا للولادة ومدرسة مولدات بالمستشفى . عرفت مهنة التمريض الطريق إلى التنظيم النقابي المهني , وتم إنشاء نقابة مهنية تحت اسم ( نقابة مهنة التمريض ) تكون لها الشخصية الاعتبارية وتعتبر الهيئة الممثلة للممرضين والممرضات وذلك بالقانون رقم 115 لسنة 1976 فضلا عن وجود النقابة العامة للخدمات الصحية .
وخلال سنتين مضت نظمت الممرضات اضرابات واعتصامات عديدة و متنوعة من حيث المطالب ومن حيث المحافظات التي تمت فيها الاضرابات , يبلغ متوسط عدد الممرضات حوالي 17 ممرضة فقط لكل عشرة ألاف مواطن وذلك في القاهرة والدلتا , وينخفض هذا العدد في الصعيد ليصل إلى 14 ممرضة لكل عشرة ألاف مواطن . هذه الأرقام الصادمة جاءت في إطار دراسة أجرتها وزارة الصحة في عام 1996 لتدق أجراس الخطر وتنبىء إلى مشكلة شديدة الأهمية وهى النقص الحاد فى إعداد الممرضات فى مختلف أنحاء مصر والذي يرجع بالأساس إلى إحجام المجتمع و الأسرة المصرية عن السماح للفتيات بالالتحاق بمعاهد وكليات التمريض أو العمل كممرضات .
إن الصورة السلبية للممرضة فى أفلام السنيما ووسائل الإعلام كانت من أهم أسباب المجتمع لرفضه المهنة , إضافة إلى ما تقتضيه المهنة من الاختلاط سواء بين الطبيب والممرضة من جهة او الممرضة و المريض من جهة أخرى , وكذلك فان الممرضات الملتحقات بالمعاهد العليا والكليات اغلبهن التحقوا بهذه المعاهد بتوزيع مكتب التنسيق . وان عمل الممرضات ليلا وبعد المستشفيات عن أماكن السكن , ظل يتنافى مع العادات والتقاليد المصرية السائدة .
ان هذه المهنة المتعلقة بحياة الإنسان وصحته لم تحظى بالاحترام الواجب . وان احترام التمريض كمهنة هو جزء من احترام الحياة البشرية وهو من أهم علامات التحضر .
وبالرغم من هذه النظرة السلبية للممرضات التي قبلن العمل فى هذا المجال الحيوي وسط تشوهات واعتداءات عديدة , سواء من المجتمع أو من الرؤساء أو من الجمهور الذي يتلقى الخدمة . فان وضعها وحقوقها كعاملة أيضا مصابة بتشوهات واعتداءات وتميز شديد الظلم .
ففي مستشفى سندوب للتأمين الصحي والتي شهدت فى شهر فبراير 2009 إضرابا شاملا عن العمل بسبب المنع من الأجازات والراحات الأسبوعية المتعارف عليها فى نظام التمريض , وتأخر صرف الرواتب لمدة ثلاثة اشهر , وعدم حصولهن على بدل العدوى , او بدل وجبات , بالإضافة إلى إلغاء سنتي الرضاعة المسموح بها للممرضة عقب الولادة , حيث تم اختصارها إلى سنة واحدة ؟!
الأمر الذي أدى إلى هروب أكثر من نصف قوة الممرضات فى المستشفى وعلى الممرضات الباقيات فى الخدمة تحمل عبء النقص العددي دون مقابل .
وفى مستشفى شبين الكوم التعليمي بالمنوفية يضرب 1000 ممرض وممرضة فى شهر أكتوبر 2008 , احتجاجا على عدم تنفيذ القرار الوزاري رقم 322 لسنة 2008 بصرف حافز الـ 75 % والذي يشمل جميع العاملين بالتامين الصحي , وصرف نسبة تتراوح بين 40 , 60 % جهودا غير عادية . والمطالبة برفع بدل السهر والنوبتجيات بعد رفعها بالنسبة للأطباء , فالممرضة تتقاضى بدل سهر ( الوردية الليلية ) 2 جنيه فى حين أن الطبيب يتقاضى 45 جنيه .
وفى كفر الزيات كانت المطالب تتلخص فى زيادة الحافز إلى 160 % بدلا من 75 % ففي شهر نوفمبر 2008 , رددت الممرضات هتافات منها :
( معتصمين والحق معانا .. والإدارة بتتحدانا ) , ( اسمع اسمع يا مدير وصل صوتنا للمدير )
( العمل بدون مقابل فى وزارة الصحة )
وغيرها من الاضرابات العديدة والمطالب التي تظهر سلب حقوق الممرضات والممرضين بشكل تعسفي , وتنتهي الاضرابات بصرف جزء من الحقوق , على تأكيد من الممرضات انه فى حالة عدم التنفيذ لباقي المستحقات سيعاودون الاعتصامات الاضرابات .
وكالعادة فى كل الاضرابات , يحتل أعضاء مجلس الشعب مكانا ودورا فى الاضرابات حيث تقدم " أمين راضى " عضو مجلس الشعب ووكيل لجنة الدفاع والأمن القومي عن دائرة كفر الزيات بطلب احاطة عاجل لوزير الصحة حول عدم صرف الحوافز بصورة شهرية ومحاسبة المقصرين , ويغيب عن المشهد كالعادة النقابات المعنية .
إن المرآة العاملة ودورها البارز فى كثير من الاضرابات العمالية التي حدثت فى مصر خلال السنوات القليلة الماضية . هو بكل تأكيد تحول كيفي للمرآة فى شركة المحلة الكبرى والمنصورة أسبانيا وأخوات كمال أبو عيطة فى الضرائب العقارية وفى المطاحن والتحقت بهن المرآة فى قطاع التمريض والتي ينظر لها المجتمع على إنها فى أسفل السلم وأكثر هشاشة , ضربت المثل على قدرتها للحاق بثقافة الإضراب كسلاح لتحقيق مطالبها العادلة .
وقد كان من البديهي أن تلعب النقابات دورا أساسيا فى حماية الممرضات وغيرهن من النساء فى أسواق العمل المصرية اللاتي يتعرضن للتمييز ضدهم ولكن النقابات فى واد والحركة العمالية فى واد أخر .
فإذا كانت الاضرابات التي مارستها الممرضات تشكل نقطة مضيئة فى تاريخها ومهنتها النبيلة , فهي تستوجب منا الاحترام - للممرضات وللمهنة - , وتدل بما لا يدع مجالا للشك عن غياب متعمد من النقابات المعنية بهم , وتؤكد أن ثقافة الاضرابات انتشرت حيث ينتشر الاستغلال والظلم .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس