الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور كردستان: هل يكون (ورقة الوفاة) لأحلام الكرد الأنفصالية؟

أيمن الهاشمي

2009 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في مقالة قديمة كتبها جلال الطالباني قبل مدة طويلة، إعترف بأن (إنفصال الأكراد عن العراق) يعني (الأنتحار)، وبقيت هذه الكلمات في ذاكرتي حتى سمعت عن إقرار برلمان كردستان لما سمي بمشروع دستور كردستان قبل أيام. فالمعروف أن الأكراد (وتحديدا الحزبين الكرديين المستأثرين بالسلطة!) كاموا ومازالوا هم الأكثر حماسة وتأييدا لعملية غزو العراق 2003، وهم مازالوا الأكثر تشبثا بالوجود الأمريكي، وبالرغم من أنهم استقلوا فعليا عن السلطة العراقية المركزية منذ 1992، إلا أنهم لعبوا لعبة مزدوجة بعد الغزو الامريكي من خلال احتلال المواقع الاكثر حساسية وتأثيرا في السياسة العراقية المركزية (رئاسة الجمهورية، ونيابة رئيس الوزراء، ونيابة البرلمان، ووزارة الخارجية وعددا من الوزارات الأخرى فضلا عن (60) نائبا في مجلس النواب)، كما أنهم استثمروا حالة الشقاق العربي (السني الشيعي) وأعمال العنف الطائفي وانهيار الامن، لكي يبنوا كيانهم ويرسخوا اقدامهم، فاسسوا لانفصال كردي باللغة والأدارات والبرلمان وبالعَلم والنشيد، ولم يسمحوا للمركز التدخل في شؤون تصريف امور اقليمهم الذي بقي لحد الآن في منأى (غريب ومثير للجدل!) عن العنف والتفجيرات والمفخخات، بل انهم فرضوا على العراقي العربي الذي يروم زيارة كردستان ان يحصل على تاشيرة مسبقة ووجود (كفيل) كردي يكفله!! وها هم اليوم انتقلوا الى تكريس الانفصال دستوريا، مع تصويت اعضاء البرلمان الكردي على الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء في الاقليم 25 تموز المقبل (بالتزامن مع انتخابات برلمان كردستان) دستور يوسع حدود الاقليم على حساب العراق والمحاظات المركزية، ويمنع الجيش المركزي من مجرد التقرب من حدود كردستان، بإختصار إنه دستور يؤسس للإنفصال أو على الأقل لحرب أهلية!
جهات عراقية عديدة اعلنت رفضها لمشروع الدستور، ويرى البعض أن اقرار دستور الاقليم في هذا الوقت ياتي لاغراض انتخابية خاصة للاحزاب المتنفذة في كردستان. واستغرب البعض ما نصت عليه المادة الاولى من دستور الاقليم الكردي من ان الاقليم ديمقراطي (جمهوري!) وهذا ليس من الضروري لان نظام العراق هو جمهوري ديمقراطي وليس نظام الاقليم الذي يتبع المركز بالضرورة، مشيرا الى مواضيع اخرى فيها مخالفة دستورية كحدود الاقليم وغيره. مشروع الدستور الكردي المثير للجدل والسخط يكرّس الإقليم (شبه دولة) تتمتع بحكم ذاتي يلامس الاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد، وهو وثيقة استقلالية تبدأ بمقدمة أو «ديباجة» مشحونة بالصيغ العاطفية «للمظلومية التاريخية» لـ«وطننا» الكردي، «من أجل حريتنا وصون كرامتنا وحماية (وطننا)، والإقرار بحقنا في تقرير مصيرنا بملء إرادتنا الحرة». وبمعزل عن الديباجة، التي قد تصلح مقالاً في صحيفة يومية، فقد ورد في المادة 2 «أولاً: كردستان العراق كيان جغرافي تاريخي، يتكوّن من محافظة دهوك بحدودها الإدارية الحالية، ومحافظات كركوك والسليمانية وأربيل، وأقضية عقرة والشيخان وسنجار وتلكيف وقرقوش، ونواحي زمار وبعشيقة واسكي كلك من محافظة نينوى، وقضاءي خانقين ومندلي من محافظة ديالى، وذلك بحدودها الإدارية قبل عام ١٩٦٨. ثانياً: تُحدّد الحدود السياسية لإقليم كردستان العراق باعتماد تنفيذ المادة ١٤٠ من الدستور الاتحادي. ثالثاً: لا يجوز تأسيس إقليم جديد داخل حدود إقليم كردستان». ويرى كثير من المراقبين أن هذه المادة تحمل في طياتها «كذباً» على التاريخ والجغرافيا والواقع، إذ لم يرد في أي مصادر، على مدى مختلف الحقبات الزمنية، كيان اسمه «كردستان العراق»، فضلاً عن وضع حدود متصوّرة له تتضمن ابتلاع أراض واسعة من محافظات لا علاقة لها بـالكرد. وتحمل هذه المادة تناقضات كبيرة، إذ لا تجيز تأسيس إقليم جديد داخل إقليم كردستان، وهوما يسلب الأقليات القومية الأخرى الحقوق التي يريدها القادة الأكراد لأنفسهم. وتنص الفقرة نفسها على تحديد الحدود «السياسية» للإقليم، باعتماد تنفيذ المادة 140 من الدستور الاتحادي، وهي مادة خلافية، تدخل ضمن المادة 142 التي تخضع الدستور كله للتعديل. يعني أن هذه المادة في مشروع الدستور الكردستاني لا تتفق مع ما ورد في نظيره الاتحادي بصيغته الحالية، الذي كان القادة الأكراد طرفاً أساسياً في إعداده وإمراره.
ويرى مراقبون أنّ المطالبات الكردية بتوسيع حدود إقليمهم على حساب الحدود الدولية المعترف بها، بمعزل عن رأي كامل فئات الشعب العراقي، تُعدّ «أمراً خطيراً للغاية»، وتثبت مبدأ أنّ «الاحتراب الداخلي القومي لن ينتهي على خير». ويعاكس مشروع الوثيقة الكردية ما نصّ عليه الدستور العراقي بشأن مرجعية القوات المسلحة، إذ رأى أن رئيس الإقليم هو القائد العام للقوات المسلحة «البشمركة» في كردستان، من دون الإشارة إلى الجهة التي ترتبط بها هذه القوات، وهي وزارة الدفاع العراقية. حتى إنّ المشروع نصّ على عكس ذلك المبدأ، فمنع نهائيا دخول القوات المسلحة الاتحادية (اي الجيش العراقي) الى أراضي كردستان إلا بعد حصل موافقة البرلمان الكردي وعند الضرورة فقط مع تحديد مهماتها ومكان بقائها في الإقليم ومدّته». موادّ دستورية تعطي استقلالية تامة لتلك القوات الكردية، وتمنع الجيش العراقي حتى من الدفاع عن الحدود التي تبقى رهن رغبة رئاسة الإقليم وبرلمانه، كأنما الأمر يتعلّق بطلب مساعدة من دولة أخرى. أضف إلى كل ذلك ما منحه مشروع الدستور لرئيس الإقليم من حق التصرف بقوات «البشمركة»، ومنحها الرتب والترقيات أو الفصل والإحالة على التقاعد، بمعزل عن آليات القوات المسلحة العراقية.
ويمنح مشروع الدستور نفسه استقلالية كبيرة في الموارد المالية، وفي حصة الإقليم من الموازنة العامة. وتنص إحدى بنوده على أنّ «الموارد والمصادر العامة للثروات الطبيعية والمياه الجوفية والمعادن غير المستخرجة، والمياه السطحية والمقالع والمناجم، ثروة عامة، وينظَّم استخراجها واستغلالها وإدارتها وشروط التصرّف بها بقانون (إقليمي) يحافظ عليها لمصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية». كذلك يلفت إلى أنّ «إدارة كل ما تتطلبه حقول النفط والغاز الخام غير المستخرج، أو المستخرج غير المنتج، من عمليات الاستكشاف والإنتاج والإدارة والتطوير والبيع والتسويق تجارياً قبل 15/8/2005، والتصدير وكل العمليات الأخرى»، تجري «وفق قوانين الإقليم».
لقد أثار مشروع الدستور الانفصالي الكردي معارضة تيارات عربية وتركمانية وبخاصة في محافظتي نينوى وكركوك اعربوا عن رفضهم لمشروع دستور إقليم كردستان، وقال بيان موقّع من قبل أعضاء مجلس النواب عن محافظة نينوى: «إننا لن نسكت على الأطماع الكردية في حقوق الشعب العراقي، وفي الأراضي العراقية»، وأضاف: «إن إعلان إقليم كردستان في دستوره ضم مناطق أخرى للإقليم، منها مناطق في محافظة نينوى، يمثل تحديا صارخا لمشاعر المواطنين في المحافظة». وأوضح البيان: «إننا متمسكون بالحدود الإدارية لمحافظة نينوى، ونرفض إضافة أي شبر من المحافظة لإقليم كردستان، ونطالب الحكومة باتخاذ موقف واضح من هذه التجاوزات». وقال: «إن مسودة دستور إقليم كردستان التي تم التصويت عليها من قبل برلمان الإقليم، تخالف الدستور العراقي، ولا يمكن قبولها، سواء تم التصويت عليها أم لا». وأضاف: «إن الدستور العراقي أقر الحدود الثابتة للمحافظات العراقية، وما جاء في مسودة دستور إقليم كردستان يعد مخالفة صريحة له». وأشار إلى أن ما جاء في مسودة دستور إقليم كردستان وضع محافظة كركوك ضمن الإقليم، وهذا الأمر غير مقبول، كون هذا الموضوع لم يحسم بعد بالنسبة للمحافظة، وباقي المناطق، وهو استباق للأحداث. وذكر أن إضافة عدد من المناطق إلى الإقليم، وإقرارها في دستور الإقليم، محاولة لإثارة فتنة عراقية، وهذا أمر غير شرعي. وأوضح أن هذا الدستور، في حال تمريره، فإنه ليس ذا قيمة بالنسبة لنا، ونحن لن نتنازل عن متر واحد من مناطق العراق، سواء في نينوى أو كركوك أو ديالى، وستبقى ضمن العراق، وتابعة للمركز، ولن يستطيع الأكراد أن يأخذوا أي جزء منها، سواء كتبوا ذلك في الدستور أم لم يكتبوه.
ترى هل ان الاكراد بكتابتهم لمشروع دستورهم الانفصالي كتبوا ورقة وفاة اطماعهم وطموحاتهم الخيالية التي سماها جلال الطالباني يوما انها (الانتحار)!!! لأن قوى إقليمية كثيرة ستكون بالضد من أي فصل لشمال العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو