الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستبد ومظلة الوعي القطيعي

الهادي خليفي

2009 / 7 / 12
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


المستبد و مظلة الوعي القطيعي
- علق احد اساتذة الجامعة في بلد عربي عن وضع الحريات تحت حكم الانظمة العربية بطريقة ساخرة فقال ان اسماء الزعماء العرب لا تتغير اذا نطقت او كتبت بكل لغات الدنيا ..انها فقط بالالمانية تصبح "هتلر" .
- الى اولائك الذين يريدون التمسك بالسلطة عن طريق الفساد والخداع ،انتم على الجانب الخطا من التاريخ . باراك حسين اوباما – من خطاب التنصيب.
ان نظاما يحكم على كل من يحاول تأدية دوره الوطني بالالتزام تجاه شعبه بالمساعدة في الاصلاح بالهرطقة ويحرّم الاجتهاد خارج دائرة سلطته ويجعل من اجهزته القوى الوحيدة في المجتمع ويعلن إن علنا او ضمنا احتكاره الحقيقة ويعتبر المعارضين لافكاره خائنين للوطن يحكم على نفسه وليس على اخصامه بالنهاية .. ان نظاما يعتقد اعتقادا راسخا انه بنفس الفكرة ونفس الممارسة سيستمر الى الابد كمن يحاول عبثا تجفيف البحر باسفنجة. فمهما تصحّر الوعي وافل وهج القيم ومهما كانت الظروف ومهما حدث ويحدث فالاكيد ان المواطن المعارض لن يفتقد في الساحة والانسان الحر لن ينقرض والفرد المؤمن بالحق في الاختلاف لن ينته والافكار النيرة لن تندحر والحقائق وان كانت مرة لا يمكن ان تطمر او تندثر، تلك حقيقة اثبتتها وقائع التاريخ تماما كما اثبتت ان المستبد وان طغى اوتوسعت رقعة ممارسته لابد يوما الى زوال يسير اذ لا بد للقيد ان ينكسر ولليل ان ينجلي ..غير ان ذلك قد لا يتحقق بمجرد التمني و"الامال الخيرة والاحلام الجميلة" بل يتطلب جهدا وتضحيات تبدا بامتلاك الايمان بجدوى المقاومة.. وليكون المواطن مقاوما قادرا على تحقيق اهدافه –حتى وان خانه التوازن المادي - لابد له من امتلاك القدرة النقدية على تفكيك الاسس التي يستند اليها الاستبداد وتؤبد حكم المستبد ..ان المستبد لاتخيفه مواجهتك اياه بالسيف او البندقية لانه يملك منهما اضعافا كثيرة لما تمتلك ..انه يخشى وترتعد فرائصه امام منطق حجتك وقوة حقك ولانهما يشعرانه بضعف موقفه يذهب الى اقصى حدود العنف في الرد عليهما.ان المستبد كلما بالغ في الاستناد الى العنف كلما اظهر ضعفه اكثر وادنى نهايته بسرعة اكبر ..
ان التزييف والتعمية فعلان رئيسان ودعامتان هامتان في سياسة المستبد يعتمد عليهما في بناءه لوعي قطيعي –وهو وعي نقيض لوعي المواطنة- عامي ،مسطح وتافه يطيع ولا يعارض يمجد ولا يطالب يتبع ولا يفكر..
يتم بناء هذا الوعي القطيعي عبر تسويق معرفة/معلومة- بعيدة عن الحقيقة ولا تعكسها- والعمل على ترسيخها كحقيقة عبر تطويع وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية وكذلك عبر الاعلام الشعبي الموازي "الاشاعة" واساسا عبر تكثيف ضخها وتكراره ..ان المعرفة /المعلومة التي يروج لها نظام الحاكم المستبد بعيدة - لبعده عن الشرعية – عن الموضوعية والتجرد والشفافية ولانها كذلك فان اخطر ما يتهددها الكشف عن الزيف /الباطل الذي يراد لها ان تواريه وتغطيه .
تعمل في مواجهة هذا الخطر اجهزة الحاكم المستبد في تجانس وتناغم رغم ما بينها في الشكل والوظائف من الاختلاف فالامن والاعلام والقضاء وغير ذلك من المؤسسات لا تتناقض او تختلف ابدا بل حكمها دائما واحد في القضايا المعروضة وهو حكم الحاكم المستبد ان هذه الاجهزة تبذل المستحيل لتحقيق استمرار وتواصل التعمية الدائمة لقطاعات الشعب الواسعة باحتكار مصادر المعرفة/المعلومة واقصاء كل من لا يلتزم بطريقتها في العمل حتى ممن يدورون في فلكها وبإشغال هذه القطاعات عن البحث او النبش في الملفات او القضايا التي تحرج مصداقية (زيف)سلطة الحاكم بالبحث في الاشاعة التي يعمل سرا عبر قنوات مبرمجة على بثها والنفخ فيها .
تتفاوت درجة التظليل والتعمية بين الاقطار الرازحة تحت سيطرة انظمة حكم الاستبداد اذ يتباين ذلك بمدى حضور السلطة في المجتمع فاثرها اشبه باثر السم في الجسد كلما كان تواجده اكثر كانت فرص النجاة اصغر (في الغرب مثلا لا تحضر السلطة الا استثناء)..بقدر ما تستطيع السلطة ان تحقق نجاحات في السيطرة على العقول وخلق الوعي الذي تريد ،الوعي القابل للاستبداد ،الوعي القطيعي بقدر ما يتيسر لها اختراق المجتمع واحكام القبضة عليه اذ العلاقة سببية بين وعي الافراد وطغيان السلطة .
ان الشعب الواعي وعي مواطنة وملم بحقوقه مؤمنا بحرياته رافضا لكل اشكال الوصاية متملكا لسلاح النقد لاوضاعه مقاوما لكل اعتداء قد يطاله يقف سدا منيعا امام تطاول السلطة واكتساحها حدود المجتمع المدني الذي يمارس من خلاله انشطة سياسية واجتماعية وثقافية ضمن مؤسسات ينشئها افراده ويسيرونها ..ان الشعب الواعي المقاوم للاستبداد يستطيع من خلال مؤسسات مجتمعه المدني ان يقيم متاريس الدفاع عن الحقيقة ويقاوم سياسة التعمية والتظليل ويشيع روح الصدق بديلا عن الزيف والتزييف انه يستطيع في حدود امكانياته الدنيا تجريم المواراة والتورية وتغليف الافعال القبيحة بمسحة من الشرعية وان ادبيا واخلاقيا. ان المعرفة الحقيقية بالحقوق والحريات للافراد والكشف عن طرق عمل ادوات واجهزة الحاكم المستبد التي يلتف من خلالها على تلك الحقوق والحريات هي المعرفة المطلوبة لتحقيق نهضة تنهي استمرار الوعي القطيعي كوعي مؤسس ومؤبد لثقافة الاستبداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي