الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الافعى ( قصة قصيرة)

رائد قاسم

2009 / 7 / 18
الادب والفن



- سأحدثكم اليوم يا أبنائي بقصة الأفعى وعدوها الصياد العنيد.
- وما قصتهما يا جدي ؟
- لهما في هذا الدهر قصة يجب أن يقراها كل الناس لما فيها من الأمل والألم..
.. في قديم الزمان كان هناك صياد يعيش في إحدى القرى ، كان يخرج للصيد في كل عام مرتين ، الأولى في الصيف ، والأخرى في الشتاء ، لقد كان اكبر صياد في قريته وشهرته بلغت ما هو ابعد من الأفق ، في يوم ما خرج في نزهة فشاهد صغير أفعى فقتله ، ورمى به بعيدا ، ومضى في طريقه ، وبينما هو سائرا شعر بان احد يسير خلفه ، فالتفت وراءه فرأى أفعى ضخمة تعدوا إليه بسرعة رهيبة ، توقف في مكانه وامسك بعصاه استعداد لصدها ..
- أنت قتلت ولدي .
- أكان هذا الفرخ الصغير ابنك ؟
- نعم وأنت قتلته وعليك دفع الثمن .
- وماذا تريدين؟
- روحك.
... هاجمها الصياد بعصاه الغليظة ولكنها لم تصبه، لسعته الأفعى في إحدى رجليه، فولا هاربا إلى قريته..
- سأقتلك يا قاتل ابني.
- لن تستطيعي وأنا من سيقتلك وينتصر عليك لا محال.
.. ولت وراءه مسرعة وهو يركض بأقصى سعته، حتى وصل قريته وتوارى في احد منازلها..
.. جهزت الأفعى جيشا من الثعابين وحاصرت القرية وطالبت برأس الصياد ..
- هذه معركتك وليست معركتنا، أنت من قتلت صغيرها فاخرج إليها وحدك.
- ولكنك قومي وأبناء جلدتي.
- ولكنك فعلت فعلتك من دون استشارتنا، لقد ورطت القرية في عمل ليس لها فيه ناقة ولا جمل.
- اطمئنوا لن تستطيع هذه الأفعى ومن معها فعل شي.
.. لم تلبث الأفعى وأتباعها أن هاجمت القرية طالبت الثار ممن قتل ابنها .. قتلت الثعابين عشرات الأهالي وأعدمت المئات من الماشية وخربت البيوت وأتلفت المزارع ولوثت المياه ...
.. جمع الصياد أنصاره فكان يخرج لقتل ما يستطيع من الثعابين ثم يكر مسرعا إلى مخبئه ..
- لقد قتلت عشرات الأفاعي اليوم.
- ولكنها دمرت قريتنا.
- سأعوضكم عن كل الخسائر .
- وهل ستعوضنا عن العشرات من أحبائنا الذي قتلوا من غير ذنب .
.. تستمر المعركة أياما متتالية، مع كل اشراقة صباح إلى مغيب الشمس كانت الثعابين تدمر كل شي وتقتل كل كائن حي يقع ناظريها عليه .
- تريدون أن نعود عنكم سلموا لنا الصياد.
- اذهب وواجه الأفعى بنفسك .
- صدقوني سينتهي كل شي قريبا وسننتصر.
.. دمار في كل مكان، صرعى في كل حجر وزاوية، دخان الموت وضباب المنية ينتشر في كافة أنحاء القرية.. حربا عبثية لها بداية ولكنها من دون نهاية حاسمة..
.. وفي غمرة اليأس ومع انتشار رائحة الموت والخراب بدأت الأفعى وجيشها بالانسحاب من القرية، وما هي ساعات حتى عادت إلى مخابئها في الغابة القريبة..
- الم اقل لكم سننتصر ، لقد انتصرنا هنيء لنا بانتصارنا على هذه الأفعى وأتباعها.
- ولكن القرية دمرت وصرع من أهلها العشرات .
- ولكن الأفاعي لم تحقق هدفها في قتلي أو قتل أي صياد أخر، لقد انتصرنا.. انتصرنا.
... يزهو الصياد بنفسه فقد حارب بمفرده جيش الأفعى ، التي أعادت تنظيم صفوفها استعداد لمعركة أخرى ، بينما ظلت القرية تصبح على عويل الأرامل وتمسي على أنين الجرحى وتغفوا على بكاء النساء وتنام على أهات المحرومين من ضحاياها الذين سقطوا في معمعة صراع الزمن العاتي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا