الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعاية شركة - سيلكوم - العنصرية

ريما كتانة نزال

2009 / 7 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


"ماذا نريد كلنا غير أن نستمتع بالقدوم واللعب معهم". بهذه العبارة تنتهي دعاية شركة سيلكوم للاتصالات الخلوية الاسرائيلية التي تبثها القناة الاسرائيلية الثانية الموجهة للفلسطينيين.!
الشريط الدعائي الذي يبث على مدى دقيقتين على الأقل، يبدأ بمرور دورية اسرائيلية بمحاذاة جدار الفصل العنصري، يتبعها دورية أخرى، واثناء مرورهما تقذف كرة من خلف الجدار لترتطم بمقدمة سيارة الدورية، وعندها ينزل الجنود من سيارة الجيب العسكري الاسرائيلي، ويلتحق بهم آخرون من الجيب الآخر ليقذفوا الكرة بدورهم الى خلف الجدار، ويستمر الجنود اللاعبون بتقاذف الكرة مع لاعبين مجهولين غير مرئيين يقومون بقذف الكرة من خلف الجدار.
الدعاية ظاهريا تبدو كأي دعاية عادية تروج لبضاعة، وهذه البضاعة يستهلكها آلاف الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وعليه فان الجمهور الفلسطيني هو المستهدف بالدعاية، وهدفها تسويق خدمات الشركة لدى هذا القطاع المستهلك المحدد الذي تتوجه اليه الدعاية. فور الانتهاء من مشاهدة الشريط الدعائي تبرز الأسئلة، حيث لا يمكن التعامل مع كل ما يأت من أصحاب الجدار ببراءة وحسن النوايا. ويصبح التساؤل صارخا حول مع من يلعب جنود الاحتلال! وعن هوية الفريق اللاعب الآخر خلف الجدار الذي لا يظهر منه شيء سوى نتيجة فعله بقذف الكرة! ليكون المشاهد أمام الشركة الخليوية التي اختارت التعامل مع أشباح فاقدين لملامحهم أو مجهولي الهوية والعنوان والشكل والتكوين الانساني والخلقي. وعن ماهية الجدار الذي يلعبون بمحاذاته، والذي يتحول برغبة الشركة الى شبكة رياضية تفصل ما بين فريقين رياضيين متنافسين في ملعب للكرة الطائرة.. والتساؤل الأهم والأول عن الجنود ودورياتهم التي تتجول قرب الجدار بحثا عن المتعة والتسلية..!
تتجاهل الشركة تماما حقيقة الجدار الفاصل الذي يخلق المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، وتتغاضى عن حقيقة كونه مقام على اراض مصادرة ومسروقة. وتطمس الشركة الجشعة معالم وشخصية الشريك المستهلك الذي تسعى الى أمواله فقط، في تصوير مثالي لعقلية سلالة التاجر "شيلوك" اليهودي، دون أن تكلف الشركة العنصرية عناء اظهار اللاعب الآخر حتى بلقطة هامشية في شريطها الدعائي! في الوقت الذي تقدم فيه جنود الاحتلال كأشخاص عاديين وطبيعيين يمرحون ويلعبون اثناء تأدية مهامهم وواجباتهم، وليس على حقيقتهم كجنود احتلال يقومون بحماية الاحتلال ومخططاته الاستيطانية، يمارسون عمليات التنكيل والسيطرة على الشعب الأعزل صباح مساء، يحجزون حرية الشعب في كونتونات ومعازل أكثر بشاعة من تلك التي شهدها العالم في جنوب افريقيا.
سياسة الشركة التسويقية ليست الا مظهرا آخر للاحتلال ومشاريعه على كافة الصعد، وتجسد المفاهيم ذاتها التي نشهدها على صعيد المفاوضات السياسية، وتعكس رؤيتها ومفهومها لطبيعة دور الشريك في المفاوضات، وهو الشريك الذي يفترض أن تصنع معه الحلول والتسويات. التجربة التفاوضية تلخص تعريف دور الشريك الذي تريده دولة الاحتلال، وهو الشريك الذي يتلخص دوره بالموافقة والتوقيع على ما يقدم له من املاءات وشروط، وبما يستجيب لحقيقة المشروع الصهيوني التوسعي الذي يريد ابقاء واقع الاحتلال. وللتغطية على هذه الحقيقة، تقوم حكومة الاحتلال بمنح بعض التسهيلات على الحواجز، وهي تسهيلات خاضعة للسحب والتقنين، بما فيها توجهات تعلن عن نوايا واجراءات لتسهيلات اقتصادية ما لتحقيق ما يسمى بتحسين الوضع المعاش، وكل ذلك بهدف التهرب من الضغوط الجارية، ومن استحقاق الشروع بمفاوضات جدية حول الوضع النهائي على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وأخيرا، لا يمكن عزل مضامين تلك الدعاية عما رافقها من اجراءات عدوانية متلاحقة اتجاه شعبنا خلف الخط الاخضر، بدءا من حظر احياء ذكرى يوم النكبة والترويج ليهودية الدولة، أو لكل ما يتعلق بالاعداد لمشاريع قوانين عنصرية، ولعبرنة اسماء البلدات والمدن العربية.
فالاحتلال لم يدرك بعد بأنه بعد ستين عاما حقيقة فشل مقولة "بن غوريون" حول موت الكبار ونسيان الصغار، ويتجاهل أن الناصرة بقيت عربية ولم ولن تصبح نتساريت، وبأنه لا يمكن ان تتحول "يافا" الى "يافو"، وبأن القدس ستحتفظ باسمها كما هو ولن تكون "يوروشلايم" ليوم واحد، وكذلك ستبقى بيت جالا عربية وليس "غيلو" الاستيطانية، كما سيظل جبل النار يحتض ما حيينا نابلس وليس "شخيم".. وأقول للشركة العنصرية "سيلكوم: " كفى تزويرا وقلبا للحقائق التي تقلع عين الشمس! ويا حبذا أن تفعل لجان المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الاسرائيلية عملها أكثر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة