الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غابرييل غارسيا ماركيز ... على خطى الرواية و التقشف

مصطفى العوزي

2009 / 8 / 2
الادب والفن


سنة 2007 اجتمع الكثير من العشاق و المحبين و خمسة رؤساء تعاقبوا على حكم كولومبيا بما فيهم الرئيس الحالي ، أيضا كان هناك الملك الاسباني خوان كارلوس و عقيلته ، و في لحظة ما ناد مناد أيها السادة و السيدات :
التحق للتو بنا أشهر رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية ، السيد بيل كلينتون ، و كان الجمع ملتئما بإحدى الفنادق الفاخرة بالعاصمة الكولومبية بوجوتا ، و في خضم الجو المشحون عطفا و رأفة و حبا و حنينا زاد الشوق بإلقاء نظرة على أشهر الأدباء العالميين .
كان هذا يوم احتفلت الأكاديمية الاسبانية بالعيد الميلاد الثمانين للكاتب الكولومبي العالمي غابرييل غارسيا ماركيز ، في أحضان بلده الأم ، في هذا الحفل البهيج اجتمع الكثير لرؤية الواحد ، زعماء، كتاب و مبدعون رجال الصحافة و السياسة و الفن و التاريخ ، و هم في حالتهم هذه يبدون كما لو اجتمع المريدون حول شيخ طريقتهم ، و رغم أن صاحب مئة عام من العزلة كان قد فضل اعتناق حياة الخلوة و أسلوب ( ميلكياديس ) في العيش ، جاعلا من الكثير يناديه نداء الموسيقار العربي محمد عبد الوهاب ( يا مسافر وحدك و فايتني ) ، لكنه مع ذلك فضل هذا السفر لوحده دون أن يلتفت خلفه ، و كأنه بذلك قرر بشكل ضمني السير منفردا إلى حيث ينبغي أن يسير شيخ بلغ من العمر عثيا دون أن يشرك احد معه حلاوة السير بجوار أطراف الحياة .
في هذا الحفل فعل مبدع الحب في زمن الكوليرا و خريف البطريريك ، أشياء كثيرة تحسب له ، كان أولها الرسالة التي سلمها للعاهل الاسباني خوان كارلوس ، و الطريقة التي حدثه بها ، حيث وصفها الكثير بأنها ذات طابع متعالي متضمنة توجيهات و نصائح مباشرة للملك الاسباني ، فهذا الرجل الذي عاش جل حياته رحالة بين كولومبيا و المكسيك و اسبانيا و كوبا و العديد من الأقطار الأخرى ممتهنا الصحافة كمصدر قوت يومي متقطع بين الحين و الأخر ، و مقدما لنا طبقا روائيا رفيع المستوى بين قصة بحار تحطمت سفينته و الحب في زمن الكوليرا ، و ذكرى عاهراتي الحزينات و العقيد لا يجد من يكتب له ، ثم عشت لأروي . هذا الرجل الذي أصدر بيانا شهيرا لكل المثقفين العرب داعيا منهم تبني موقف صارم و موحد اتجاه القضية الفلسطينية ، و الرجل الذي كتب عن حياة البسطاء في دنيا القهر الاجتماعي واصفا سعادتهم الخاصة و صانعا لهم عالما أخر مليء بالأساطير و الخرافات التي تبعث في النفس نفحة شفاء من سقم الفقر و الضياع ، أحب في عيد ميلاده أن يعيد بعض من الكرامة لصف الجنوب في مقابل صف الشمال ، رغم انه لم يبدي الأمر علنا . في الحفل أيضا تقرر تغيير اسم المدينة التي ولد فيها غارسيا ماركيز سنة 1927 من ( أراكاتاكا ) إلى ( أراكاتاكا ماكوندوا ) نسبة إلى قرية ماكوندوا الأسطورة التي ابتكارها ماركيز لتدور فيها أحداث رائعته العالمية مئة عام من العزلة .
لقد كان هذا الحفل هو أخر خرجة علانية لغارسيا ماركيز الذي عرف على طول حياته بحبه للمرح و الترويح ، و مكرسا الكثير من وقته للكتابة حتى انه اضطر غير ما مرة إلى رهن الكثير من أغراض بيته في سبيل ضمان مصاريف البيت و الأبناء متعاونا في ذلك مع زوجته مرسيديس التي لم تبخل بجهدها و عطائها في سبيل دعم أسطورة الآداب العالمي و رائد مدرسة الواقعية السحرية الذي أصبح اليوم إلى جانب كتاب أخريين اسم و هرم أدبي لا يمكن نسيانه ، انه هكذا رجل كتب و أبدع و عاش متقشفا في سبيل الرواية و القصة ، انه الرائع غابرييل غارسيا ماركيز شيخ الرواية العالمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - هل الفنان محمد علاء هيكون دنجوان الدراما المصري


.. كلمة أخيرة - غادة عبد الرازق تكشف سر اختيار الفنان محمد علاء




.. كلمة أخيرة - الفنانة سيمون تكشف عن نصيحة والدها.. وسر عودتها


.. كلمة أخيرة - محدش باركلي لما مضيت مسلسل صيد العقارب.. الفنان




.. كلمة أخيرة - الشر اللي في شخصية سامح في صيد العقارب ليه أسبا