الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء المكان في فن الفخارالرافديني القديم.....

محمد العبيدي

2009 / 8 / 13
الادب والفن



من خلال الدراسات المقدمة وخصوصا في فخار بلاد الرافدين هناك إشكالية مهمة هي مسألة المكان والذي يجب أن يدرس من زاويا عديدة بالرغم من وجود دراسات عديدة قدمت بهذا المجال كانت تعطي صياغة لنظريات سوسيولوجية هي التي تجيب عن التغيرات التي تلحق بالنمط المرسوم المضاف على الفخار.وهنا نود استعراض بعض الكتاب في موضوع (( المكان وبناءه)) .
حيث يقول (كانت) إننا نعتبر المكان مقولة قبلية .
ويقول ( مرانكاستيل)) يعده مفهوما اجتماعيا يتغير بتغير الوسط الاجتماعي بالمثل هنا فأن التشكيل في المنظور للمكان نراه لايحمل في نظره قيمة موضوعية دائمة وهذا يدفعه بالإقرار بأن المنظور لايشكل النسق العقلاني والأكثر تلاؤما مع بنية الفكر الإنساني وهي لاتمثل ولا تحقق المطابقة التامة مع العالم الخارجي، بل هي مجرد واحدة من بين الأنماط التعبيرية المتواضع عليها اجتماعيا.
لكن برز وعي الفنان الرافد يني في بلاد النهرين في تحدي المكان وبناءه بالجوانب الشكلية يبرز نوع واضح من أنواع التناسق والإيقاع الحركي.ليكن واضحا في أوانيه الفخارية في عصر سامراء.




حركة السنابل في المكان والخطوط العامة للأواني اكتسبت استقرار خاص ونسق عقلاني أعطى في نفس الوقت إيقاع حركي جاء نتيجة نظام خاص من التنغيم الذي وجد خصوصية لمساحة المكان ومساحة وجود الحيوانات مع تلك السنابل لتتيح فرصة لفواصل الراحة البصرية التي تفصل بينهما.
وبهذا قد يكون (( فرانكاستيل)) هو من بين المدافعين عن ضرورة ربط الوظيفة للرؤية الفنية بسائر الوظائف الفكرية الأخرى رافعا لكل تأويل يريد أن يحنط موضع المكان في قواعد كونية ثابتة. فلا مجال هنا لان يلعب المنظور إلى درجة الوصول إلى القانون الشمولي الذي ينسحب على الفكر الإنساني.






المفهوم هنا أن الربط لا يمكن قراءته في نظم ربط الوظيفة وبسائر الوظائف الأخرى إلا إذا أعطت للفن خصوصية موضوعية ترتبط بالتجربة الحياتية ونرى فن الفخار يرتبط بوظائف فكرية ترتبط أساسا بالإنسانية والفكر الاجتماعي وهو الذي جعله عرضة لان يطرد كل تأويل لأنه ولدت فيه شبكات وحزم من العلاقات أعطت حرية لموضوع المكان وكان يعمل في القواعد الكونية إلى أن وصل إلى درجة من القانون الشمولي الذي يعمل فيه. وبهذا فن الفخار اكتشف مكان يختزل أمور كثيرة ويكثف التعبير. وبهذا استطاع كشف نظام المنظور من خلال المفردة البيئية التي أعطت معيار تأويلي واضح يهتم بدراسة الفوارق وهنا وصلت إلى درجة معقولة من القانون الشمولي لموضوع بناء المكان.



ويبدو لنا من هذه الاعتبارات أن المكان الذي جسدته الرسوم المضافة على فخاريات بلاد وادي الرافدين ليس نقلا حرفيا للمكان الطبيعي ولا تمثيلا واقعيا للرؤية الطبيعية بل كان صياغة فكرية أدت إلى اكتساب مكان إدراكي وكان الفنان يحتاج إلى اجتياز مراحل عقلية لا تحدث إلا بفعل تفاعل الذات مع محركات البيئة المختلفة.
هذا التطور خلف ثلاث أنماط من التماثلات المكانية والتي تتناسب كل واحدة منها مع درجة التعقد العقلي والتشكيلي والمنطلقة من المبدأ التطوري فهي:-
1.الإدراك البدائي مع تمثيل بسيط للمكان وبحيث يعطي هذا الأخير مقاييس محددة وثابتة.
2. التمثل الاسقاطي للمكان وهو تصور الموضوعات التي تملأ المكان ثابتة من حيث الشكل وإعادة الإنتاج.
3.التمثل الرياضي للمكان والذي يقضي قيام علاقات قياسية مجردة وكذلك إقامة نظام رمزي ومعناه أن العلاقات أصبحت تنظم موضوعات المكان وفي علاقات مقادير ثابتة ولكل الموضوعات وقد أصبح المكان هو قياس العلاقات بين العناصر المعزولة والتي تكون تلك الموضوعات. هذا التمثل الأخير والذي يقوم عليه المنظور بالدرجة الأساس يبين جليا إن المكان يوحي لمشاهدة بأنه واقعي في كل تفاصيله وان لاشيء في نظام المنظور يخالف الرؤية الطبيعية.ومن هنا نتوصل الى بعض النتائج المهمة في موضوعة المكان وهي:
.تم إبراز و من خلال الكشف عن الكيفيات التي تم بها بناء المكان والرؤية على انه الانعطاف الحاسم الذي عرفته ميادين الفنون التشكيلية. ويرجع بذلك إلى اكتشاف تقنيات المنظور. والذي يعتبر فن الفخار احد الفنون التي اعتمدت تقنية المنظر بشكلها الواقعي.
. الوصول إلى أن مفهوم المكان في فضاء القطع الفخارية لبلاد وادي الرفدين كان اكتشاف وبمثابة انقلاب كبير على مستوى الفكر والأداء التقني ومن ثم الوصول إلى المستوى الجمالي.
. مفاهيم وقواعد المنظور ساهمت بشكل مباشر في بناء نمط من التماثلات التصويرية في فخار بلاد الرافدين.
.مفاهيم الرؤية والمكان كانت هي الأخرى تعطي فرصة لان تتفادى التعقيدات التقنية التي ترتبت على إنشاء فخارياته ولأدوارها الأربعة في حسونة وسامراء وحلف والعبيد.
.توصل الفنان الرافديني إلى عملية انطلاق من زوايا متعددة لإبصار المشاهد والدخول في حيز المكان ليولد عنده إحساس ببعد العمق في الصحون الدائرية والمرسومة عليها أشكال الحيوانات المختلفة.
.إبراز الموضوعات بالكيفية التي يراها البصر ويأخذ بعين الاعتبار عنصر المسافة .وهذا بدا واضحا في أن يناسب فخاريات بلاد الرافدين إلى حد كبير في مواضيع الهندسة حيث يؤخذ المنظور بطريقة بتمثيل الموضوعات ذات الأبعاد الثلاثة .فكان النحت الفخاري والأواني الطقسية مثلت الأبعاد الثلاثة. والرسوم المضافة مثلت السطح ذي البعدين.
.فخاريات بلاد الرافدين وبالأشكال النحتية المضافة عليها تكتفي برد تفاسير الأبعاد المكانية الثلاثة إلى عنصر السطح وقد عمدت فخاريات التعبد الديني والطقوسي إلى الإيحاءات بدرجات البعد والقرب في التكوين .
.التقنية في الأداء والإنتاج واللعب بالألوان والاكاسيد والألوان المعبرة لم تهمل البعد الثالث في بعض المنجزات الفخارية الفنية وليست على شكل مقصود. بل كانت تعوض الواقع المكاني الذي أعطى مبدأ اللون أعلى شيء وأغناها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا