الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل لبنان معافى من الطائفية : ذهبت السكرة وجاءت الفكرة

أحمد مولود الطيار

2009 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


شكّل لبنان على الدوام سردية مختلفة عن محيطه العربي لجهة الانفتاح والديموقراطية وحقوق الانسان، وتغنى لبنانيون وعرب عن تميّز وفرادة لبنان ، وأنّه المتنفس وأنه الرئة، وأطلق عليه البعض أوصافا كثيرة ربما " سويسرا الشرق " أكثر تلك التردادات .
مما لاشك فيه أن نسبة الصح فيما يقول به المتغزلون في لبنان فيها من الوجاهة قدر لايستهان به، ولكن من أي منطلق ينطلقون وعلام يقيسون ؟ فالسوري حاليا أو العراقي زمن صدام حسين والعربي عموما ممن يرزحون في ظل أنظمة شمولية دينية و سياسية، ينطلقون من واقع بلدانهم وواقع الأنظمة السسياسية التي يرزحون تحت نيرها، لذلك يصبح القياس هنا غير موضوعي ويتم على مثال سيئ، وعلى الجانب الأخر، استعذب لبنانيون تلك الأوصاف، وصدقوا أن ما يعيشون في ظلّه هو ديموقراطية حقة، أيضا بالمقارنه مع الجوار والمحيط العربي، وأيضا هو المعيار نفسه خادع ومضلل . نتيجة لذلك ساد طويلا لدى قسم كبير من اللبنانيين القول، أن سبب مشاكلنا هو التدخل الخارجي، وأقرب تلك التدخلات زمنيا هو ما بات يطلق عليه زمن الوصاية السورية وأنه لولا تلك التدخلات السافرة " لكنّا بألف خير " .
لاينكر عاقل مدى قوة وتأثير العامل الخارجي على اللعب بالداخلي، انما لايتم ذلك الا عندما يكون الداخل مهشما ومنخورا، فيكون تأثير الخارج أقوى، أما مع صلابة الداخل ومناعته فالخارج يقف على الأعتاب لايستطيع الولوج ، لا بل يولي مدبرا . من هنا يبرز السؤال : هل فعلا هناك ديموقراطية لبنانية ؟ واذا كان يحلو للبنانيين وغير لبنانيين استنكار السؤال من أصله، نقول، لماذا نظام مستبد كالنظام السوري لازالت له اليد الطولى في رسم الخارطة الجيوسياسية اللبنانية ؟! خاصة ، وبالجدل مع المنكرين، حيث وبعد عقود، من المفترض أن تلك الديموقراطية قويَّ عودها، ولن تسمح بتدخلات نظم متخلفة كالنظام السوري أو الايراني .
أيضا :
لماذا " الديموقراطية " المزعومة تلك لاتزال تطحن وتعيد انتاج ملوك وأمراء الحرب والطوائف ؟
هل النساء أصبحن عاقر ولاممثلين عن الشعب اللبناني الا الحفيد والابن وابن الابن وكأن الاستنساخ يجرّب أقصى مداه في لبنان ؟
لماذا وبعد كل ما مرّ على تلك " الديموقراطية " لانجد حتى الساعة أي وحدة وطنية والحروب تخاض مرة بشكل دموي ومرة على حافة الهاوية عبر صناديق تدعى " صناديق الاقتراع " ؟
هل ما يسمى ب"الديموقراطية التوافقية " تمت بصلة الى الديموقراطية المتعارف عليها ؟
أليست تلك المسماة " ديموقراطية توافقية " نسخة معدّلة أو فرع من فروع الاستبداد ؟
بالتأكيد الديموقراطية عندما لاتزال تتلمس طريقها فانها ليست بالنتيجة تفضي الى وحدة وطنية، ولكنها، وحتى اشعار أخر، هي أفضل الطرق الى الوحدة الوطنية، فهل " الديموقراطية اللبنانية " لازالت في طور التلمس ؟ والديموقراطية لا تأتي بالحلول بشكل سحري الاعند مؤدلجي الديموقراطية ، وأيضا لكن ، الديموقراطية دائما تصلح أخطائها وقادرة دائما على ابتداع الحلول ، بينما " الديموقراطية اللبنانية " تراكم أخطائها ، لا بل ترتد الى الوراء كثيرا وتحتاج كل عقد من السنين الى " تنفيس " ودائما عود على بدء ؟؟
ربما الانتخابات البرلمانية الأخيرة عادت لتطرح الأسئلة المكرورة نفسها ، انما ما يجب التشكيك به جذريا هو ما بات يطلق عليه بالديموقراطية التوافقية ونقضها بالكامل واعادة البناء من جديد .
ان ما يسمى بالديموقراطية التوافقية، هو جدار يغطي التسمية الحقيقية ( ديكتاتوريات الطوائف )، ولايظنن احد أن المقصود قوى 8 آذار فقط، لابل يتلطى خلف تلك " الديموقراطية التوافقية " ديكتاتوريات لقوى هامة في فريق 14 آذار ساهمت بشكل فاعل في اجهاض ثورة الأرز، لأن امتيازاتها ونفوذها ومكاسبها ودكاكينها ستغلق و تنتهي فيما لو تابعت تلك الثورة الى نهاياتها .
ربما سنحت لحظة تاريخية ليكون هناك فعلا ديموقراطية حقيقية في لبنان، لاتبني على فراغ، انما على كثير من تراكمات قامت على مناخ لبناني تم ذكره في بداية هذا المقال، تلك اللحظة برزت عندما توحد اللبنانيون تحت علم واحد هو العلم اللبناني واستطاعوا أن يتخلصوا من نظام الوصاية السوري، لكن ما حدث، أن الديموقراطية المزيفة وبقوة قوى الأمر الواقع أجهضت الديموقراطية الحقيقية واستمر المسار الانحداري وصولا الى افراغ ثورة الأرز من أغلب المضامين التي قامت عليها والنوم على " النصر " الذي تحقق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لايجعل من " المسار الانحداري " الا متابعا طريقه نحو الهاوية .
لماذا كل تلك الأسئلة المستفزة ولماذا وضع " نصر " بين مزدوجين ؟ لأنه لم يأت نتيجة ديموقراطية حقيقية، انما جاء عبر صناديق الاقتراع فقط، وآفة الديموقراطية هو العددية . الديموقراطية تؤسس للمواطن الفرد الحر السيد لاللكتل الاسمنتية .
ديموقراطية تأتي عبر الجموع وعبر كتل تدلي كلها برأي واحد ليست ديموقراطية . ديموقراطية تهتف كلها بالروح بالدم ليست ديموقراطية . عندما تلغى بيروت كعاصمة سياسية ويستعاض عنها بالرابية والضاحية وقريطم وعين التينة والمعراب وبكفيا وبرج حمود ليست ديموقراطية . عندما لكل طائفة على حدة علاقاتها السياسية بالخارج وربما ترسم سياسة استيراد وتصدير في علاقاتها التجارية حسبما ترتئيه رؤوس أموالها وعندما يصبح لكل طائفة نسق خاص بها على كافة الصعد ماذا يبقى من لبنان ؟!
يبقى منه ما يريدون، عبر عقل شيطاني يتفنن كل ديكتاتور بكيفية الامساك بجمهوره (طائفته)، فلا صوت يعلو على صوت المعركة ، وسيلة من برع في أدلجة المقاومة و" أمن المسحيين " ايديولوجيا برع مستخدمها عبر اثارة مخاوف كل الأقليات عبر التاريخ ، و "القلق" وتوليد القلق، وسيلة ناجحة لدى بعض آخر ، أما لبنان الذي تذوب فيه السنية والشيعية والمسيحية والدرزية ... في أفقية تعيد رسمه من جديد فمتى ؟ ذلك هو السؤال .
تعيد نتائج الانتخابات الأخيرة ألق اللحظة التاريخية - مع كل التغاضي عما سببته من انقسامات عمودية - التي تم هدرها فهل تستعاد وهل سيضخ الدم من جديد في اعادة صوغ استراتيجية وطنية في سيرورة انبناء لديمواقراطية قائمة على المواطن الفرد الحر القادر على انتشال لبنان من طائفية يكابد فيها كل يوم، أم قدر اللبنانيين أن يُنظر اليهم لجهة هويتهم فقط بالسني والشيعي والمسيحي ... الخ؟
كي لا يضمحل لبنان وتذهب هدرا دماء رفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني و وجورج حاوي وبيير جميل وكل شهداء ثورة الأرز ، كيلا تذهب هدرا يجب العودة الى أهداف وثوابت الملايين التي خرجت منتفضة على نظام الوصاية وحكومة الوصاية وكان لها ما أرادت ولكن للحلم بقية وتلك البقية، لبنان متعافي من الطائفية فهل يتحقق الحلم ؟
بيروت 15 / 6 / 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا