الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل انظمة ..ام شلل مجتمع وثقافة 2

ثائر سالم

2009 / 8 / 23
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


اشكالية الحداثة
اميز هنا بدرجة اساسية مايلي
• قضية الموقف من المراة.
هذا الامر يكتسب اهمية استثنائية، في مجتمعات الثقافة العربية والاسلامية. آثار الطابع الانتقائي للموقف من هذه القضية ، لازلت تشكل اكبر عوائق تقدم مشروع الحداثة. تارة باسم الحفاظ على التراث والتقاليد والعادات الاجتماعية والقومية ، واخرى تحججا بالحشمة الاجتماعية، واخرى باسم الاعتبار الديني وهذا اليوم هو الاكثر شيوعا.
اخفاق النخبة في معالجة اشكاليات / مفارقات الحداثة وهشاشة فكرها وقيمها الاجتماعية، وقلقها وجبنها اساسا ، التقت كل تداعياته في هذ العقدة التي فضحنت ازمة ثقافتها. ان تعثر مشروع الحداثة، وتشوه مضمونه الاجتماعي( التحرري ـ بمعنى محدد) وعرقلة عجلة التقم الاجتماعي، والانزواء بعيدا عن قيم العصر وثقافته ، في الحياة العامة والخاصة، انعكس في قضية المراة وتحملت فيه عبئا اساسيا .

وفي الواقع ان لهذا الاخفاق دلالات وابعاد ، متعددة الميادين والمستويات والاثار:
1. اشكالية الحرية.
لقد استحضر الاخفاق او التعثر في قضية المرأة، موضوع استقلال وحرية البلد والمجتمع. هل يمكن تحرير بلد دون تحرير مجتمعه؟ وهل يمكن تحرير هذا المجتمع ونصفه مستعبد ؟ كيف يكون هذا المستعبد حرا، دون ان يملك قرار حريته وحياته ؟
ماهو هذا العدل واين هذه الحرية، في ان يمنح قانون الدولة والاسرة حق الرجل : في تقرير نمط حياة المراة؟ في مصادرة حريتها وحرمة حياتها الفردية ...في معاقبتها ، تاديبها اهانتها وضربها، في تقرير خروجها وعودتها ، ملبسها وماكلها. اين حقوقها وحريتها كانسان وفرد ؟ اي مجتمع عادل، ومتحضر، وانساني، وحر، وديموقراطي .. تكون شهادة الرجل بشهادة امرأتين ؟

ومع ذلك فهو يتجرأ في ذات الوقت على انتقاد الغرب واتهامه باحتقار المرأة .
لا استطيع ان افهم حتى الان ، حكمة قيم هذه الثقافة ، وهي تبيح زواج المسيار والمتعة ، وتعدد الزوجات ، وتتغاضى عن تعدد علاقات الرجل، ولكنها تخوض حروب غسل العار على المرأة؟. اجمل مافي الكون، وارق مافي الكون. فاي همجية اقبح من هذه ؟
هل هناك حاجة لاذكر بالصورة الرمزية ، التي استوحاها المثقف الكبير والشاعر مظفر النواب ، وهو يعري ازدواجية وجبن هذه القيم . ولااقصد طبعا دلالاتها السياسية. وانما براعة استحضارها كصورة من الواقع الاجتماعي .
وهل في معاملة الرجل للمرأة كناقصة عقل او كواحدة من اطفال البيت، يقرر مصروفها ورواحها ومجيئها ، ويكرر ذلك على مسامعها حتى لو كانت استاذة جامعية، وهو يكتب اسمه بالكاد، هل لهذا علاقة بالحرية والاحترام والمساواة والعدل ؟
اذا لم يكن هذا معيارعبودية وتفاهة وتخلف وقلة عقل ، فما الذي يكون.؟ .
وحدها الوقاحة المحمولة على مضخة الجهل وانعدام القيم ، التي يمكنها ان تجعل هؤلاء الناس وتلك المجتمعات ، تواصل الحديث عن انها مجتمعات القيم ، والحضارة والاصالة . فسحقا لتلك القيم وتلك الحضارة والاصالة الموبوءة ، والتي كانت ولازالت حاضنة قباحات الانانية والجبن والتخلف ، وانعدام الضمير والانسانية؟
كيف يحترم هذا الرجل نفسه.؟ فرجولته لا تكتمل الا بممارسة ساديته وعقد نقصه وعبوديته في مجتمعه . لاتكتمل الا ، باهانتها، والقسوة عليها ، وهي الاضعف والكائن الاجمل والارق (حسب منطقه ذاته ) ؟

ان امة تقبل على نفسها ممارسة هذا التمييز والاحتقار ازاء ابنائها و(ابناء دينها )، لن تكون حرة ولن ترى نور العلم والتقدم..
ان شعبا و(فردا او مثقفا )يفكر، على هذا النحو، اراهن انه لن يحترم نفسه ولايعترف بقيمته وقيمة الانسان والحياة والحضارة ؟

قبل يومين استضافت احد برامج الجزيرة ، شخصين من سوريا. تكتل الاعلامي المرموق والمثقف العربي !!والسياسي الحر!!، مع احد ضيوف برنامجه الذي ربط شرف المرأة باحتشامها (دون ان يحدد لنا مقاييس الاحتشام )، والبقية " ساقطات عاريات تافهات!!...من جماة الهوتش بيشك... ـ حسب مفردات جاءت في هذا البرنامجج المحترم،). احيي الاستاذ الفاضل على شجاعته وتصديه وتعريته لهذه الثقافة المنافقة .
انا اتسائل ، اي دين وثقافة هذه التي تقل او تسمح لاحد ان يوجه اهانة لشخص آخر لمجرد ملبسه؟ مامعنى الحرية الشخصية وحدود وحقوق الفرد وكرامته الشخصية هنا ؟ اكرر ماقاله الاستاذ هل المراة انسان شانها شان الرجل ؟ ام موضوع انتاج وترفيه فقط، وعبودية وعمل ؟
ان لاادافع عن العري، ولا تعنيني فتلك قضية شخصية ، يفترض ان يكون لدى المثقف والمجتمع والاسرة والانسان ، ماهو اهم واخطر على مستقبله وكرامته وتقدمه، للانشغال به والعمل من اجله.

ايهما اكثر اهانة لكرامة الانسان ، الاحتلال الامريكي في العراق والاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ، ونهب ثروات المنطقة ، ومصادرة قرارها المستقل ، ام ان تظهر سيقان او جسم هيفاء وهبي ؟
ايهما اكبر جريمة عند الله والنبي ، ان يقتل مليونين عراقي وفلسطيني ، اكثر من نصفهم باسم الاسلام والقومية ، وعلى الطريقة الاسلامية او العصرية، وعلى يد عصابات الاجرام والقتل الدولية، ام ظهور صدر مطربة تطرب الملايين وتسعدهم لاتقتلهم ؟
اين عدل الدين ، وعدل المؤمن ؟ وعدل العرف ؟ وعدل المجتمع ؟ وقبل هذا وذاك روح الانسان؟
اذا كان هذا معيار هبوط بالذوق ، فاختفائه رهين بارتقاء المجتمع والفرد والعائلة اجتماعيا وعلميا ورخائه اقتصاديا.
ان فكرا او ثقافة ، لا تحتفظ بالاولوية لقيمة الانسان ولاتنطلق من كرامته ، ومساواته بالاخر، قيمة وحقوقا ، لايمكنها ان تكون صالحة في هذا العصر ، ولا يجب ان تكون مقبولة ، بل لا بد من تعديلها . هذا ماكان سيفعله بالتاكيد ، اصحاب هذه الفكرة ومنتجيها، ربا او نبيا، مفكرا، او مرشدا، مادام الحق والعدل والرحمة رائده.

2. المثقف :
خطورة هذا المثقف ودوره، في مشروع الحداثة ، وما حققته حتى الان في هذا الطريق. هو الاشكال الثاني الذي واجه ولازال مشروع الحداثة. والموضوع الاجتماعي بالذات ، يبقى ادق معيار لمصداقية وحقيقة مشروع النهضة المدعاة.
ان مقياس الثقافة وغائيتها، بوصفها سلوك ونمط حياة وتفكير. ذوق وعادات وتقاليد . منظومة قيم تحكم التفكير والسلوك والموقف. زاوية نظر واستعداد، للتعامل مع العصر والتراث، يبقى بسيطا وواضحا ،... الانسان كهدف قبل ان يكون اداة . كما فعلت او ادعت ، كل الايديولوجيات العلمية والدينية . ...
واذا كانت شعوب هذه الامة الاسلامية ، لازالت حتى الان لم تصل الى خلاصة واحدة بشان العلاقة بين الثقافة(بالمعنى الذي اشرت اليه توا) والحياة المعاصرة ، فان العديد من تجارب شعوب العالم، في الحداثة وما بعد الحداثة ، والعلمانية ، في التجريبية والتاريخية والليبرالية والماركسية ، والقومية، الدينية عموما ، قطعت شوط طويلا في تمدنها وتقدمها ، .. ودارت دورتها التاريخية الطويلة، لتجد نفسها ، امام الحقيقة الانصع والابسط ، التي يجب الانطلاق منها والعودة اليها ، هي....
حق وقيمة الانسان. ففيها تجلت ، قيمة العقل والقيم ، ومغزى العدل والحق ..
...........................
رهان الحداثة هذا ...تعثر مرات عدة ، بين تقدم وتراجع في الدول العربية. وهو رهان قديم .. تباين ليس فقط تبعا لاختلاف الظروف الاقتصادية والموضوعية، وانما بدرجة كبيرة بخطل سياسات ورؤى القوى الحاكمة والقوى الاجتماعية ونخبتها التي تصدت لمشروع الحداثة(وفقا لطبيعة انظمتها الاجتماعية).
تاثير خصائص الانظمة السياسية العامة كانت دائما، العنصرالاقوى تاثيرا من خصائصها المحلية . اختلاف آلية عمل ونضج النظام السياسي، وبعض العوامل التاريخية الموضوعية ، كطبيعة التقاليد التي ظلت مقبولة او مطلوبة من انظمة مختلفة، واختلاف تاويلات المذاهب والاديان وتاريخها، كان تاثيره كبيرا على رسوخ وطبيعة التقاليد الديموقراطية وآلية ادارة الصراعات وشكل الحكم. (لاحظ الفوارق بين النموذج التركي ، السعودي ، الايراني ، اللبناني ، السوري، الاردني ، المغربي ، الماليزي ، التونسي .

الاصالة والحداثة... مفهوم /منتوج تاريخي. علاقة التوازن بينهما ، مشروطة بزمنها وظروفها. فالقراءة المشدودة للرهان على المستقبل، والمنحازة لاولوية الحاضر والمستقبل، هي قراءة برؤية تقدمية ستبقى مسكونة باولوية استيفاء شروط المعاصرة والحداثة، دون ان تعني القطيعة مع الماضي.
اما خيار اولوية اعتبارات الماضي/ الاصالة، على حساب ضرورات الحاضر، فهي قراءة رجعية سلفية، باي لون تلبست، ..بوصفها دعوة للعودة الى الماضي. بوصفه النموذج الامثل المطلوب. ل هذا خيار ارادة محضة ؟ كيف يمكن ترجيح هذا الخيار او ذاك؟.....

علميا لا يمكن للارادة او الرغبة، الفردية او الجماعية ، ان تحقق تغييرا جوهريا دون نضج او انضاج مقدماته الموضوعية ، التاريخية.
ومنهجيا علينا الاقرار بوجود منهجان في تناول هذا الامر.
الاول : يقوم على افتراض ان تغير المجتمعات وتحقيق النهضة هي مسألة وعي وارادة قيادة. وان نضج الشعب والظروف التاريخية اللازمة هي حاصل تلك الارادة والثقافة.
الثاني: ينطلق من حيث ينتهى المنهج الاول . فيرى ان نضج المجتمع وتقبله او ارادته للتغيير، هو رهن ظروف الحياة والمعيشة للجماعات ، الراغبة بالتغيير، وفي المجتمع بشكل عام . وهذه الظروف ذاتها هي التي تحدد مواقف ووعي النخبة لمشروع التغيير ورؤيتها لمعالمه.

ثبات وقوة ارادة التغيير، تتجلى في الانحياز لاستيفاء شروط الحداثة، كضرورة واولوية محسومة تتقدم اي تاويل لضرورة مراعاة عناصر الاصالة. فالحديث عن الاصالة ، باولوية مستبطنة او معلنة ، يبقى في احسن الاحوال، تعبيرا عن ضعف في المصلحة او/ وفي ارادة التغيير. فاذا كان الامر متعلق بتوفير الظروف الواقعية للتغيير، او الاكثر ملائمة للتحديث ، فتكييف قيم الموروث (مظاهرالاصالة) لشروط الحداثة وليس العكس، هو الترجمة الوحيدة العملية والعلمية لذلك .
اي تكييف الموروث التاريخي / اعادة انتاجه وفقا لمتطلبات الحداثة ومعايير العصر، كي يكتسب منطقيته و مشروعيته التاريخية. وهذا مالم يحصل ، في اغلب تجارب البلدان العربية، من قبل احزاب الحداثة والعلمانية منها، وان اختلفت بالدرجة وحجم الاخفاق. بل مارست بشكل عام ، ازدواجية المعايير الاخلاقية ، النفاق والانتهازية، استرضاء لقاعدتها الحزبية والشعبية، او خضوعا لابتزاز قوى سياسية اخرى. بدل ان تاخذ بيد الناس الى مواطن العمل والموقف الصحيح ، وتتقدم الصفوف للتغير.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في حوار لـ-العربية ENGLISH-.. أندرو تيت الملقب بـ-كاره النسا


.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA




.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي


.. الدكتورة سعاد مصطفى تتحدث عن وضع النساء والأطفال في ظل الحرب




.. بدء الانتخابات التمهيدية الخاصة بالمرأة في الحسكة