الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انه الكاكا يا عراق

حاتم عبد الواحد

2009 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



تتورم بعض الاصوات القومية حين تسطر رؤيتها عن الواقع الديمغرافي العراقي بعد التاسع من نيسان ، وتنط من بين سطور مقالات طويلة عريضة رائحة التفوق العرقي للعرب على غيرهم من شعوب العراق المتاخية ، وهذه برايي احدى افرازات الاسلام السياسي الذي قرن الاسلام بالعروبة ، ولكن تعالوا نسال انفسنا عن ما قدمت دولة المقدس الاسلامي للاقوام غير العربية في العراق ؟
حتى وقت ليس بالطويل ظلت الشعوب غير العربية في ارض العراق موسومة بصفة الذميين الذين عليهم دفع الجزية لامير المؤمنين ، اما من دخل الاسلام من هذه الشعوب فانه كان يعامل بدرجة ادنى من مسلمي عرب الجزيرة باعتباره اعجمي ، وما زالت القواميس العربية وقواعد اللغة العربية تطلق على كل كلمة او اصطلاح لا يتوافق مع كلام عرب الجزيرة صفة الاعجمي ، في حين كان الكلام العراقي اصل كل اللغات التي نشات في صحارى الاسلام .
ولان اللغة هوية ، فعلى كل من يدعي تفوق عرق العروبة في العراق ان يشير الى الهوية اللغوية لارض الرافدين قبل الاحتلال الاسلامي لها ، والا سيكون كلام اي متكلم بهذا الشان مجرد جعير طائفي لا يرقى الى درجة الاحترام والوثوق ، وانا وغيري كثيرين هاجمنا في مقالات سابقة رغبة الكرد في الانفصال عن العراق مسحورين بثقافة المقدس العربي المتوارث ، الذي صنعت السيوف التي سلطت على رقاب اجدادنا الجزء الاعظم من خرافته ، ولكن قراءة هادئة للتاريخ وحوادثه تفرز مواضع الالغام التي زرعتها تلك الثقافة البدوية التي عمادها القوة والانتماء العشائري .
فما الذي قدمه الاسلام العربي للشعوب غير العربية في العراق ، وما الذي قدمه لعرب العراق لكي يهمشوا شركاءهم في الوطن والثقافة من اجل اعلاء كلمة الاسلام العربي ؟ فمنذ قرابة 1000 عام يتقاتل العراقيون بثورات ودسائس وتحالفات خارجية من اجل سحق احدهم للاخر متذرعين بانتماءات ليست اصلا من نسيجهم الحضاري ولا تمت بصلة لاي من قيمهم الثقافية التي دونتها حضارات اكد وسومر وبابل واشور على احجار الزقورات والمعابد والمكتبات ، وبقيت النزاعات المقدسة عنوانا رئيسيا يتخذه كل مجرم من اجل سفك دم اخيه ، ولا انسى كيف اصبح العراقي يتفاخر بقتل ابنه او اخيه او ابيه لانه لم يلتحق بجبهة القتال مع ايران قبل 30 عاما من اليوم .
لقد فشلت كل دساتير الحكومات العراقية المتعاقبة منذ قيام الدولة العراقية الحديثة بتقديم طبق شهي من الحقوق والواجبات التي تغري الكردي العراقي بالانتماء الى الدولة المركزية ، وهذه حقيقة لا ياتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، ولقد عاني الاكراد العراقيون عذابات قرن كامل من الخوف والملاحقات والتهميش حتى اصبحوا مادة للتندر في المجالس ، ليس لانهم كما يوصوفون في كلام كارهيهم ، ولكن لانهم حرموا من كل فرصة ليكونوا في واجهة المجتمع بعد ان غيبتهم معادلة الجكم العربي الذي يستمد شرعيته من المقدس الاسلامي ، وهذا الكلام ينطبق بدرجات متفاوتة على التركمان ايضا وعلى المسيحيين والايزيديين والصابئة بسبب التفرقة الدينية التي يسنها دائما الحاكم العربي المسلم المتسلط على حكم العراق بالوراثة الدينية ، طامسا حقيقة ان العراق بلد مفجوع بالغزو الاسلامي ومسلوخ من جلده الحقيقي .
واذا كان عرب العراق من الطوائف المتخالفة مذهبيا يتقاتلون اليوم على احقية قيادة الحكم علما بانهم مسلمون وعرب، قد وجدوا انفسهم مخدوعين بالمنهج القومي ، فلماذا يلومون الكرد وغير الكرد على رغبتهم بالانفصال عن وطن لا وطن فيه لاي من ابنائه ؟
لقد ظل الكردي تحت مطرقتين طوال قرون طويلة مضت ، مطرقة التفوق العربي الحاكم في بغداد ، ومطرقة العشيرة المالكة لحاضر ومستقبل الاكراد ، فكانت النتيجة مجتمع كردي بدائي فقير ، وامية طاغية ، واستلاب وراثي ، وخوف دائم ، وكل هذه النتائج ساعدت الفصائل الكردية المنتفعة ان تبسط نفوذها لعقود طويلة على شعب يمتلك مقومات خصوصيته لتحوله الى كيانات بشرية قابلة للاستئجار حسب رغبات السياسيين الكرد .
لقد حان وقت الاهتمام بالكرد ، ليكونوا اداة من ادوات البناء وليس معول هدم بيد اصحاب المشاريع السياسية ، فنهضة الكرد وتقدمهم ستعيق الاعيب من يريد استغفالهم وحشدهم ضد وطنهم ، وتخفيف الجرعات القومية في الخطاب الحكومي سيزيد من مناسيب عراقية الاكراد ويجعلهم يتمسكون بوطنهم بدل تمسكهم بالاحزاب الكردية الفئوية ذات الخطابات الكاذبة ، فلا لوم على من لا يجد مظلة يحتمي بها من مطر النار اذا تظلل بمظلة الاجنبي ، ولا تثريب على من لا يجد هاديا اذا اهتدى بكذاب .
لقد نشرت جريدة الشرق الاوسط اللندنية قبل اسبوع مجموعة انطباعات صحفية عن الرئيس العراقي جلال الطالباني ، وقد قال في احدى هذه القاءات لا املك شيئا في العراق وليس لدي عقار سوى شقة في سوريا اشتريتها انا وزوجتي منذ ايام المعارضة ، ونشرت جريدة المدى العراقية اليوم يقول ان جلال الطلباني تبرع بملبغ 400 مليون دينار و100 الف دولار للتضامن مع ضحايا تفجيرات الاربعاء الاحمر التي حصلت في الاسبوع الماضي ، فاي جلال سنصدق ؟؟؟؟؟
جلال الشرق الاوسط يقول لا املك شئيا وسوف تدفنني البلدية حين اموت ، وجلال المدى يتبرع بكل هذه الاموال ، فرفقا بالاكراد يا اهل العراق ليكونوا عونا لكم في استعادة بلاد النهرين من بين انياب المقدس الاسلامي .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صَدَقْتَ يا حاتم
امين يونس ( 2009 / 8 / 24 - 20:52 )
سيدي العزيز
قبل عدة سنواتٍ سمعت -رشيد الخيون- من على فضائية الفيحاء يقول :انا اشعر بأني قريبٌ من العراقي الكردي أكثر من قربي من العربي غير العراقي .وأقول لك بأنني مثل معظم الكرد العراقيين أشعر بأنني قريبٌ من العراقي العربي أكثر كثيراً من قربي الى الكردي غير العراقي
بوركتَ على مقالك الرائع
العراق / دهوك


2 - فكر راقــــي
كنعان شماس ايرميا ( 2009 / 8 / 25 - 16:30 )
مقال رصين ينضح بالفكر النبيـــل الراقي تحية تقدير الى الاستاذ الشجاع حاتم عبد الواحد قد قرات عن شقة دمشق ولم اصدق اما تبرعات الاربعاء الاحمـــر في المدى فانها تمســــــح ذلك الحديث

اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE