الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة في درجة الانصهار

ابراهيم سبتي

2009 / 8 / 28
الادب والفن


اعني ان الكتابة في جو مريح ومثالي لا يتوفر دائما ، فهو صار نادرا كما وجود الفيل على سطح المريخ .. انه بحث دائم لا جدوى منه . فالكتابة هم ابداعي ومطلب انساني ولا يمكن باي حال من الاحوال ان تتوفر الرغبة لممارستها في كل وقت . فالادب يحتاج الى برهة راحة وهدوء وصمت وجو مناسب حسب الفصول .. الذي يجري ان كل هذه الامور غير موجودة بل معدومة حد الاستحالة . ففي وقت الراحة المفترضة يكون الكاتب الذي هيأ نفسه للكتابة في جو متوتر من الصراخ والصياح والبكاء والشكوى في البيت ومطاليب لا تنتهي .. الاطفال يبكون والكبار يطلبون ويشتكون وانت الكاتب المتاهب لممارسة طقسك المثير في الكتابة ، يتبعثر خيالك بين هذا وذاك ومن ثم تجد ان كل شيء ذهب وصار شتاتا وعليك ان ترضى بالواقع وتسمع ما ذا يريدون منك !
ولا تعلم كم سببت قنينة الغاز المفقودة احيانا ، مشاكل في الكتابة لا نها تثير قلقا وعدم ارتياح .. وكم سببت مبردة الهواء توترا لا يمكن السكوت عنه حين ينضب الماء وتجف ابوابها وتسكت فتهبنا هواءا ساخنا كاننا نتنزه في فرن . وحين تحاول ان تتجاوز كل ذلك ، ستجد قائمة بالمطالب عليك ان توفرها من السوق عاجلا ، لان البيت والحياة متوقفة عليها !! هكذا يدعون !
عندما تستنجد بالليل ، وحين تكون الانفاس قد نامت وهدا المكان وامتلكت الفرصة المناسبة ، لا تجد ضوءا ولا نسمة هواء باردة في الصيف الحامي كاللهب . لان الكهرباء تنام ايضا كما ينام الناس فتخسر فرصة اخرى . في ساعة القيلولة يحتاج الجسم لقليل من الراحة ولكنها تتبخبر حين تأتي الكهرباء على هودج ملكي تستقبل من قبلنا نحن الذين ننتظرها بشوق ، بكلمات الشكر والثناء بحق موظف المحطة القريبة . وبدل الراحة والغفوة السريعة نجد انفسنا وقد مارسنا هوايتنا المحببة وكتبنا الذي نريد ان نكتبه . وفي ساعة او اكثر نكون قد ضيعنا فرصة النوم تحت نسمة عليلة من هواء صناعي بفضل مبردة الهواء الرائعة التي تخذلك دائما .
افكر دائما واقول في خيالي المتواضع : هل يعاني كتاب بريطانيا او المغرب او ماليزيا وغيرها عشرات الدول ، من ازمة الكتابة ؟
أي ان كتابهم يعانون من عدم توفر الوقت لكي يبدعوا مثلا ؟ انها محنة ان نجد انفسنا نعيش ونقرا ونكتب ونعمل ونعيل اطفالا في وضع حرج كهذا .. ولكني ارى عكس ذلك تماما .. فلو كان كل شيء متوفرا وشعرنا بسعادة غامرة ووجدنا الجو مثلجا في عز الصيف وموقدا دافئا في الشتاء ، لما كتبنا ، لاننا سنجد ان كل هذا المتوفر غير كاف ونحتاج الى وسائل راحة اخرى .. لا ادري هل هذا معقولا ؟
هذا مجرد تخمين . ولكن الفرصة تاتي كالسحابة العابرة وعلينا اللحاق بها قبل فوات الاوان أي علينا ان نكون اكثر جرأة ونخرج في الظهيرة الحامية ونجلس على اقرب رصيف ونكتب الذي يمور في الراس ، او نبحث عن زورق ونطلقه في عرض النهر متمايلا كما افكارنا التي تهوى الجديد دائما ولان فكرة الزورق تنقذنا من الجو الخانق في بيوتنا الصندوقية ، فانها خير وسيلة لمواصلة الكتابة وربما القراءة نهارا فقط .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأدب الحقيقي باق ٍوكل ما سواه ، إلى زوال.
ريتا عودة ( 2009 / 8 / 28 - 05:36 )
لفتني عنوان نصك: - الكتابة في درجة الانصهار-، أنا المسكونة بهاجس الكتابة فقرأته وأعترف أن هذي هي المرة الأولى التي أقرأ لك فيها أي نص أدبيّ. قمت فورا بتقليب صفحات الموقع لقراءة المزيد من كتاباتك إلى أن استوقفني نص: -الإبداع وهموم أخرى-، وخاصة هذا المقطع:

ادباء الحقيقة والصدق ، يكابدون ويعانون جراء الاقصاء لادبهم ومنجزهم ، فقد يتعمد اصحاب الولائم والمؤتمرات النافخة للجيوب ، بأن لا يتعاملون مع هؤلاء وكأن الامر لايعنيهم ..

كم هو مزري الواقع الأدبي!
نحن لا نسمع عن اللقاءات الأدبية التي تناقش القصة القصيرة أو الرواية أو قصيدة النثر إلا بعد انتهاء الحَدَث. لمَ لا يُعلن عن هذي اللقاءات قبل انعقادها وتكون الدعوة مفتوحة؟؟ هل أصبحت اللقاءات الأدبية حرفة الشطّار الذين يجيدون تقبيل الأيادي؟
لا عزاء لأدباء الحقيقة والصدق، كما يطيب لك أن تدعوهم، سوى أنّنا نكتب لأننا مسكونون بالكتابة ، ملسوعون بنارها، نعشقها ولا نستطيع منها فكاكا ولا ننتظر من اصحاب الولائم والمتملقين والقريبين من طبق السلطة أي لفتة. اكتفاؤنا بما نكتب وتقيمنا يأتي من القارئ العادي لا من الناقد المأجور للتطبيل للوجوه/ النصوص الممسوخة بعمليات التجميل.

أيّها الصديق، أكتب ولا تنظر خلفك أو تتلفت حولك.
ال


2 - المعبئون بالهم وحدهم
عقيل الواجدي ( 2009 / 8 / 28 - 13:02 )
وهل لي غير ان اشاطرك ماقلت يابن الناصرية الطيبة ، وانت محاط بمن لايأبهون لما تعاني سوى انك تريد ان تكتب ، هل سيتعاطف معك ممن هم حولك لانك لم تجد الفرصة لان تكتب ، او ان قصيدة داهمتك على حين غرة فعليك ان تروضها وتسترضيها وتنزل بها الى اوراقك ،او مقالا عليك ان تجمع خيوطه المشتتة كتشتت احلامنا وايامنا في بضع دقائق والا لقيمة له بعد هذه الدقائق ........ تسارع الاحداث يوجب عليك ان تكون اسرع منها ، لكن انى لك هذا وكل شيء من حولك يسحبك نحو القاع يغوص بك في مستنقع المشاكل التي لاتنتهي ولن تنتهي
كغيري لن اتعاطف معك لان المعبئين بالهم وحدهم من يقدرون على اختزال كل شيء لينسجوا منه الفرصة المواتية دائما
وانت احدهم ياعزيزي

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا