الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
(البُعد العاشر)
نواف خلف السنجاري
2009 / 9 / 16الادب والفن
رحم الله العالم اينشتاين الذي أضاف بُعداً رابعاً لأبعاد المكان الثلاثة( الطول – العرض – الارتفاع) وكان هذا البُعد هو (الزمن)، وجاء بنظريته النسبية الشهيرة التي قوّضت أركان النظريات القديمة.
منذ فترة تراودني فكرة الزمان والمكان، وتؤرقني الأبعاد بمتاهاتها. فقد يكون هنالك بعدٌ خامس هو الخيال أو الحلم – الذي نكتب فيه إبداعاتنا- وقد يوجد بعدٌ سادس، أو سابع، أو عاشر! لكن محدودية أدمغتنا لم تكشف هذه الأبعاد بعد، وربما يكتشفها الإنسان بعد مئات السنين! حتى عالم (الجان أو الجن) قد يكون عالماً موازياً لعالمنا هذا، ولكن ضعف حواسنا يمنعنا من اجتيازه، ومشاهدته تقتصر على أناس خارقين ننعتهم أحيانا بالجنون.
معظم البشر مولعين بالمكان، فتراهم يشترون الأراضي والعقارات، ويبنون البيوت والعمارات الشاهقة، ويحلمون بالمزارع الشاسعة، والفيلات، والشاليهات الفارهة.. حتى أن بعضهم فكّر في شراء قطعاً سكنية فوق سطح القمر!!
ولكن قليلون هم الذين يحاولون شراء قطعة من الزمن – مهما بلغت مساحتها- والاستحواذ عليها، وهم مدركين تماماً إن التمثال يعمّر أكثر من النحات الذي صنعه، والقطعة النقدية التي تحمل صورة جانبية للملك تبقى أكثر من الملك نفسه! واللوحة تعمّر أكثر من الرسام الذي ابتدعها، والرواية تعيش أكثر من مؤلفها!
إذن الفن وحده باقٍ وكل ماعداه زائل لا محالة! اينشتاين، داروين، ماركيز، بيكاسو، بتهوفن، أم كلثوم، فيروز، جبران، ونجيب محفوظ، هؤلاء العباقرة والمبدعين المشهورين في مجالات اختصاصهم، استطاعوا بعبقريتهم الفذة أن يستحوذوا على مساحات من الزمن! ولم يكن المكان همهم الوحيد، لذا فهم جميعا سيبقون خالدين في ذاكرتنا، وذاكرة الأجيال القادمة لسنين طويلة.
فان كوخ، نيتشه، همنغواي ولورنس، وكثيرون غيرهم انتحروا (جسماً أو عقلاً)، ولم يكن المكان يعني لهم شيئاً، ولكنهم تربعوا على كرسي الزمن بأعمالهم الخالدة.
المكانُ شاسعٌ، والكرة الأرضية تكفينا جميعا، لكن أنانيتنا تفرض علينا السيطرة على اكبر مساحة من الأرض، والتشبث بها. ما أكثر اللذين يملكون آلاف الدونمات من الأراضي التي ورثوها عن أجدادهم، ويورثونها بدورهم لأولادهم وأحفادهم، وفي النهاية لا تكون حصة أحدهم أكثر من متر مربع يدفنون فيه إلى الأبد!
يقودنا هذا الكلام إلى أن الصراع على المكان لا يجدي نفعاً، والحروب التي راح ضحيتها ملايين البشر كانت بسبب أطماع قادة لم يدركوا أو يستوعبوا أن سعادة الإنسان فوق كل شيء، وتعمقه في معرفة معنى الحياة أثمن من التراب! وان كل ما يزيد عن حاجتنا هو ملك الآخرين بطريقة ما!
وأخيرا أريد أن أقول: كلكامش كان يبحث عن عشبة الخلود وهو لا يدري بأنه فانٍ، وملحمته ستبقى خالدة على مر العصور! وكولومبس إنما كان يبحث عن الحياة ولا شيء غير الحياة، وتمسكه بالحياة هو الذي قاده إلى اكتشاف قارة جديدة - أمريكا- وخلد اسمه بين العظماء الذين لن تنساهم البشرية!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك
.. الفنان عبد الرحمان معمري من فرقة Raïm ضيف مونت كارلو الدولية
.. تعرّفوا إلى قصة “الخلاف بين أصابع اليد الواحدة” المُعبرة مع
.. ما القيمة التاريخية والثقافية التي يتميز بها جبل أحد؟
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان