الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنتهازية نقيض العلمانية ومنبع الوحشية 3

ناجي نهر

2009 / 9 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


هل ينبغي للعلماني المعاصر فهم مجريات التغيير والتجديد ؟
ان المقصود بالتغيير هو تغير المادة من حالة قديمة الى حالة جديدة ارقى او أدنى .
ولكي تكتمل عملية التغيير لا بد من توفر مكوناتها وشروطها الأساسية التالية المحصورة تحديدآ فى وجود [المتغير والمغير ووسيلة التغيير.]
وتتنوع عمليات التغيير فتكون اما فكرية او تقنية ، بسيطة او معقدة ، محدودة او شاملة ، تحتاج الى زمن قصير ام زمن طويل قد يتدرج على مراحل زمنية بهدف ان يتجمع من الكم الى الكيف والنوع .
اما بالنسبة للأنسان فتحدث عملية التغيير عليه فى رحم الحالة القديمة ,فكيف؟
تحدث عملية التغيير على الأنسان فى رحم الحالة القديمة كنتاج لسمو الوعي الذي يتطور كلما تطورت اساليب العمل فى انتاج وسائل المعرفة التقنية والفكرية كضرورة ملزمة الى تجديد الحياة بمختلف مكوناتها هذا أولآ ,ثم كرد فعل متمرد للأنسان على واقعه المعاش المتردي وعلى المظالم المعرقلة لطموحه فى سد حاجاته الحياتية الضرورية ومحاولة المتسيدين غلق نوافذ التطور امامه ,وتتكامل تلك المتغيرات فى ذلك الرحم القديم كبذرة فى حاضنة الأرض اونطفة فى رحم الأم يتم احتضانها لحين انتهاء مدة الحمل وموعد الولادة الفكرية الجديدة وبالضبط كما حدث عبر التاريخ فى مراحل تطور المجتمعات من المشاعية البدائية الى العبودية والأقطاعية ثم الرأسمالية وعلى هذه الشاكلة ستأتي المراحل اللاحقة من التطور ... ان عملية التغيير تعنى ان الأنسان الذي تغير من القديم الى الجديد ,قد تدرج فى متغيراته الكمية وتكامل ونضج في حاضنة القديم لحين موعد الولادة الفكرية الجديدة والخروج من الحاضنة القديمة متجهآ نحو الأهتداء بالفكرالجديد الذي اختاره بمحض ارادته بديلآ عن الفكر القديم الذي كان ينتهجه سابقآ ,وعلى سبيل الفرض لو ان الأنسان المعني بالتغيير قد اختار الفكر العلماني ,فهذا يعني ان هذا الأنسان كان قد أتم استيعاب كل مبادئ واسس الفكر العلماني فى رحم الفكر السابق بتراكم كمي متدرج ولمرحلة زمنية قد تطول او تقصر على وفق خلفيته الثقافية العامة لحين القفزة النوعية التي يصبح فيها مقتنعآ بالفكر الجديد وستكون المرحلة التي تليها هي التي يقرر فيها النضال والعمل فى الأحزاب العلمانية لنشر وسيادة فكره الجديدة بمعنى انه حينما يأتي ليناضل من خلال هذه الأحزاب فى نشر الفكر العلماني سيأتي وهوجاهز وقد نزع افكاره وآيديولوجيته القديمة وتخلص منها وتركها بغير رجعة فى مكانها فى الرحم القديم ,وخرج للناس ليبشر برسالته الجديدة التي اختارها بمحض ارادته فى التنطيم السياسي والحزب العلماني الذي طلب الأنظمام اليه ,وستكون فترة الترشيح التي سوف يمرفيها محددة فى النظام الداخلي لذلك التنظيم لأمتحان آهليته والتأكد من كونه عنصر صالح للعمل ومناضلآ صلبآ فى نشر العلمانية بين الجماهير وحثها الى اللأهتداء بأفكارها ,وهنا ينبغي التأكيد على ان ما اقصده بمفردة المناضل انما تشمل[ المناضلة والمناضل] على حد سواء . لذا فالفهم السليم والفاعل لمجريات التغيير والتجديد عند العلماني الموضوعي المعاصر سيتحدد بمستوى كفائته فى قرآءة الواقع الموضوعي لعصره وسعيه المثابر والمسئول الى نشر هذه القراءة وترسيخها عند الناس .
اذن ما هو السبيل الأنفع لفهم قوانين التغيير وشروطها والأبداع فى ترسيخها وتفعيل ممارساتها النافعة على ارض الواقع ؟
ان بالأمكان فهم الأجابة الدقيقة على هذه الأسئلة وغيرها بعد دراسة المناضل اوالباحث اوالسياسي والأختصاصي فى مجالات العلوم المختلفة للواقع الموضوعي العام والخاص دراسة تحليلية موثقة بهدف القناعة الراسخة بأن سمة العصر هي : النضال السلمي العالمي الدؤوب الهادف الى فصل مؤثرات الثقافة الأنتهازية الرأسمالية الأستغلالية والسلفية القومية والدينية المتشددة عن نضال الشعوب المتجه نحو ترسيخ النظام السياسي الديمقراطي العلماني الممنهج .
ولكن بتصوري ان بعض الباحثين والساسة العلمانيين ما زالت تنقصهم الجرأة فى التصدي للفكر السلفي المعرقل لعملية التطور بأنواعه بسبب من قرآءتهم الخاطئة لسمة العصر ,كما ان البعض الآخر من العلمانيين ما زال يعتقد ان من السابق لأوانه خوض المعارك الحامية فى الوقت الحاضر مع المعتقدات السلفية ,وهذا ما يتنافى والقرآءة الصحيحة لسمة العصر التي تشيرالى انتشار العلم وسمو الوعي المادي لدى الجماهير الواسعة المترقبة للحظة الحسم وانهاء حالة التذبذب والتردد القاتل عند بعض الساسةالمتصدرين بغير كفاءة لعملية التغيير.
ان الرسالة الأنسانية السامية توجب على العلمانيين عدم التردد والتناخي فيما بينهم وشحذ همم بعضهم البعض وخوض النضال المثابر لأقتلاع كافة الأسوار والمعرقلات وجعل الطريق سالكة ومعبدة امام زحف الشعوب الهادرة من اجل سيادة العلم ودحر الشعوذة ,بالأستفادة من خلاصات تجارب الحضارات الماضية والتراث الأنساني العام وتسخير نتائجه وتوصياته فى بناء الحاضر وتصوير شكل المستقبل .
ان قيادة الحياة الجديدة بعلمانية سيساعد المجتمعات المتخلفة بخاصة على النهوض من عرين التوحش وقمقم العبودية نحو حقيقة الأنسانية السعيدة المتطلعة الى غدها الأفضل الخالي من الحروب والجوع والمهانة واجتهادات الأنتهازية الملتوية والمدمرة .
لقد بات واضحآ ان الصفة المميزة للعلماني هي اختصار الأجابة على كافة اسئلة الحياة بجمل قصيرة مفتوحة تساعد بأستمرارعلى ايجاد اجوبة بديلة أفضل , فالمنهجية العلمية ترفض الحدود والسدود والأبعاد الهندسية والمقاسات الرياضية والجمل المنقطة والأفكار الشمولية الجاهزة والتوقفات الساكنة والحقائق المطلقة ,فطبيعة الحركة العلمية مفتوحة ومتحركة ومتغيرة وجذابة للباحثين والمختصين والمنتجين والجماهير الواسعة .
وكما اسلفنا فالخلاف الوحيد الذي ما زال موجودآ على ارض الواقع ومؤثرآ على مسيرة التطور بشكل سلبي هوالخلاف المتعلق بالمغير ( بكسر الياء ) فبحسب المدرسة المادية الجدلية يكون المغير هو الأنسان الذي بيده وفكره وبمستوى تأثره فى الحضارة المحيطة به وبمستوى وعيه وتجاربه وامكاناته الخاصة والعامة فى الزمانكية تنحصر عملية التغيير سلبآ وايجابآ .
اما فى منهج المدرسة المثالية الطوباوية الميتافيزيقية الأنتهازية فيكون المغير خارج وعي الأنسان وارادته. ان المغير فى منهج المدرسة المثالية هو مغير متخيل خاص بذات الأنسان ادخله فى وعيه تعبيرآ على اعجابه بقدراته فى تطويع البيئة وقهرها وتسخيرها لأرادته وهو عمل جبار حقآ لكنه أثار دهشة ذات الأنسان واعجابه بما خلق وصنع ,فتخيل اعماله معجزة تفوق قدراته الذاتية واحالها الى خالق غيره اعتقد انه اكثر منه قدرة وعظمة سماه القدرة المطلقة الخارجة عن حدود امكاناته والتي ظلت تحيره وتؤرقه فى تفسير كنهها وشكلها ووصفها وظل لحد هذه الساعة لا يعرف لحدودها سبيلآ,لكن العقلاء الذين استعانوا بالعلم وحده دون الخيال وجدوا اسبابآ مقنعة لبدايات ظهور مثل هذه الأفكار وتحليلها بعمق ,فأعادوا مخيلة الأنسان الى وضعها الطبيعي المادي الأول وأعادوا كل ما خلق وانتج من متطورات عجيبة الى مصدره وخالقه الأصلي الا وهو (الأنسان) ذاته دون منازع فليس احدآ سواه انفرد وينفرد وسينفرد بقيادة الكون وتسخيره لمشيئته....
ان المدرسة المادية العلمانية تفسر موجودات الحياة على وفق قوانين علمية موثقة لا تحتمل الشك والأرباك والتعقيد فيما تقول ,اما المدرسة المثالية الطوباوية الميتافيزيقية الأنتهازية فهي وحدها من تحتاج الى اللف والدوران حول مضمار الحقيقة البينة لتغطية مشاريعها وتبرير ممارساتها الجنونية اللاعلمية المدنسة لعظمة وقيمة الأنسان المنتج وتحريف معاني المفردات النبيلة فى خصائصه وسجياه .
اما فى العالم الثالث المنكوب بثقافة حكامه المتخلفة فالأنتهازية تتجسد بقمع الفكر العلماني بشتى الوسائل غير المشروعة بما فيها التصفيات الجسدية. ان حكام العالم الثالث ووعاضهم هم وحدهم الذين يعدون الحاضنة الفاعلة للفكر السلفي وممارساته الأرهابية وهم ووعاظهم المصنع والمدرسة اللتان تدبج فيهما مناهج غسل عقول البسطاء عامة والشباب بخاصة وافراغ وعيهم عما تبقى فيه من علم ومعرفة موضوعية .
ان حكام العالم الثالث ,وبعد ان يتموا ختم عقول الناس بالزفت الأسود ,يبأون بسريان المنهج التالي حيث يقمع كل فكر حضاري وعلمي شبابي نهضوي بالنار والحديد والتسفيه والتكفير ويتم تبرير كل ما جرى ويجري بوسائل اعلام منحازة ومأجورة مشاركة فى الجريمة . وبناءآ على هذه الممارسات المتخلفة الجائرة لا بد بتصوري ان يبادر العلمانيون بالدخول مع دهاقنة الفقه المثالي بحوار شفاف حول حقيقة جلية طالما يجترها الأنتهازيون الجامدون آلاف المرات يوميآ ,بل ويفتخرون بها ويغالون فى تقديسها وهي بالفعل حقيقة تستحق المحاججة والمحاورة من العلمانيين للذين يكفرونهم اليوم. فبالأمس القريب كان اسلاف الذين يكفرون العلمانيين اليوم يكفرون الذين تخلفوا ولم ينظموا مع الجموع الى الفكر الأسلامي الجديد أيام ولادته وبدء انتشاره السريع بين المضطهدين والعبيد آنذاك وكانوا يغلون فى تكفيرهم ويعيبون عليهم بانهم لا يفقهون لأتهم تخلفوا عن الأنظمام الى الأسلام الجديد ,وبذلك كانوا على حق والعلم الماصر معهم فيما ذهبوا اليه آنذاك لأن الذين تخلفوا عن اعتناق الفكر الأسلامي آنذاك كانوا يدافعون عن مصالحهم الخاصة وصولجان سيادتهم ليس الا ,وكان كلام منتقديهم وفخرهم بالدين الجديد صحيحآ ولا عيب عليه لأن الفكر الأسلامي آنذاك كان خطوة تطورية الى امام وقد قام بتحريرالأكثرية من العبودية وكان فى حينه الوسيلة الأمثل لنشر الأفكار الأكثر موضوعية وفائدة لمجموع الناس. من هنا سيصبح منتقدوا الفكر العلماني على خطأ جسيم لأنهم يقفون بوجه التطور وقوانينه وسننه التي لا أحد بقادر على ايقافها . من هنا يبادر العلماني اليوم الى دعوة كل الذين ما زالوا متمسكين بالعرقية والأثنية وبالمفردات والألقاب والهالات والآيات الوهمية التي صنعها الأنسان فى الأزمان الغابرة تحقيقآ لمصالحه وتبريرآ لممارسته غير المشروعة او لحمايته كما يظن من الظلم والكوارث, يبادر العلماني اليوم ليدعوهم الى مراجعة التاريخ وقرآءة الأفكار والفلسفات القديمة والحديثة قراءة معاصرة ليتبينوا بعدهم عما يعتقدون وعن مشروعية ما يدعون .
اذن كيف يمكن للمناضل المعاصر تحقيق هذا الهدف لكي ينتقل الى التغيير المرتقب ؟
يتبع ...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب إسرائيل وإيران... مع من ستقف الدول العربية؟ | ببساطة مع


.. توضيحات من الرئيس الإيراني من الهجوم على إسرائيل




.. مجلس النواب الأمريكي يصوت على مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرا


.. حماس توافق على نزع سلاحها مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود




.. -مقامرة- رفح الكبرى.. أميركا عاجزة عن ردع نتنياهو| #الظهيرة