الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سر تفاوت الأجتهادات فى مفهوم حقوق الأنسان

ناجي نهر

2009 / 10 / 10
حقوق الانسان


قبل كل شئ لا يمكن الكلام عن مفهوم حقوق الأنسان بمعزل عن وجود دولة مدنية مؤسساتية حديثة يسود فيها القانون العادل بلا تمييز عرقي ومذهبي ، جنسي و طبقي .
وثانيآ المقصود هنا بتطبيقات مفهوم حقوق الأنسان على الواقع العملي تنحصر تحديدآ فى استمرار هدر حقوق الأنسان المنتج الذي تحمل الظلم والقهر عبر التاريخ .
وثالثآ غالبآ ما يتفوق الأنسان المنتج بوعيه وانسانيته على كافة ابناء جنسه بسبب تعقبه حركة المادة واشتغاله عليها ,ولذا فهو لهذا السبب يجيد ايضآ تقدير الموقف الذاتي والموضوعي فى صراعه مع الآخر ولا يطالب سوى بالحد الأدنى من حقوقه المغتصبة .
اما السبب الأساس فى اختلاف وتفاوت الأجتهادات فى معنى وتفسير مفهوم حقوق الأنسان فكان وما يزال يعود الى اختلاف امزجة الطبقات المتسيدة المستغلة للأنسان المنتج ونسبة ذلك الأستغلال ومستوى ثقافة وعاض الطبقات المتسيدة وقدراتهم اللا اخلاقية على فبركة تبرير ذلك الأستغلال بحسب تدرج عملية تطور الحياة عبر الحضارات الأنسانية المتعاقبة .
اما اليوم فمختلف حيث تتميز سمات عصرنا الحاضر بالنضال العلماني المتسع بتقويم مكانة الأنسان المنتج ووضعه فى المكان المناسب ,وكسمة من ابرز تلك السمات اصبح النضال من اجل توحيد مختلف الأجتهادات فى مفهوم حقوق الأنسان بمفهوم واحد واعد مطلبآ قانونيآ وانسانيآ اساسيآ لنضال الأنسانية جمعاء عبر مؤسسات المجتمع المدني المنتشرة فى ربوع دول بلدان الغرب ,حيث استطاعت تلك المؤسسات من ترسيخ ممارسة مفهوم حقوق الأنسان فى المجتمع كظاهرة اخلاقية عامة لا يمكن لأي كان انتزاعها او زعزعتها او النيل من مثلها الأنسانية .
,ان الأقتداء بتجربة دول وشعوب البلدان الغربية ليس عيبآ اوخللآ اخلاقيآ كما يصوره البعض من المشعوذين ,بل على العكس من ذلك فهي ظاهرة انسانية حضارية ميسرة ومسهلة لمن يريد الخير والتقدم لشعوب الأرض طرآ ,ومنها شعوب العالم الثالث التي تحث السير نحو التقدم فى التنمية المستدامة والتعجيل فى انجازها بالأستفادة من التجارب الأنسانية التي تعد بنتاجها الفكري والتقني ارثآ عامآ لسكان الكوكب الذي يعيشون عليه ,وما من تفسير صائب للهجرة للبلدان الغربية سوى تفسير سحق الحقوق الأنسانية للمهاجرين والأحتجاج على فقدانها فى اوطانهم .
وبتصوري فان حركة القوى السياسية العلمانية فى بلدان العالم وتعاظم نضالها الهادف لتحرير الأنسان من افكارالتخلف سيصبح هو المحرك الأساس لنمو وتعاظم القوى الخيرة وقيادة الأنسانية الى حيث المساواة والعدل والتقدم والسلام .
معنى مفهوم حقوق الأنسان: -
ان مفردة حقوق الأنسان مشتقة من مفردة (حق) التي تعنى العدل والصواب ونقيض الباطل والظلم ,ولكن مع ذلك استطاع الأنتهازيون من الذين يستعجلون قتل الناس حفاظآ على مصالحهم الخاصة من خلق التعقيدات والتفاوت فى الأجتهادات فى مفهوم حقوق الأنسان تغطية وتبريرآ لأعمالهم غير الأنسانية .
ففي مرحلة المشاعية البدائية حيث كان كل ما تحتويه الأرض مشاعآ للجميع وحيث كان الوعي بسيطآ ونظيفآ من الاعيب وفنون الأنانية الأنتهازية الفردية ودوافع الملكية الخاصة ,فقد انتفت الحاجة الى وجود مصطلح حقوق الأنسان ,حيث كان الأنسان يوعز مختلف المتغيرات الى هيمنة قوى طبيعية او ما شابه ذلك وكان بمقدور هذه القوى ان توفر قناعة نسبية للأنسان ولمجتمعة وتضع تعليمات عملية لمسيرة حياته يلتزم بها بشكل تلقائي ساذج ومفروض.
غير ان المرحلة الزمنية التي تلت مرحلة المشاعية البدائية واطلق عليها اسم مرحلة الرق والعبودية ادت انى انتشار مفاهيم ملكية الأرض الواسعة وحاجتها الى جحافل العبيد العاملة عليها كخلايا النحل ولكن تلك الجموع المنتجة لا تتذوق من العسل الذي تصنعه شيئآ غير سياط الأسياد,فلم يكن الوعي مناسبآ لخلق مفهوم حقوق الأنسان وولادته بعد ,بل كان التعبير عن سيادة الظلم يجري فى التذمرالخاص والعام والأنتفاضات الأحتجاجية العشوائية. غيرانه ومنذ وجود الملكية الأستغلالية الخاصة ارتبط مفهوم حقوق الإنسان بشكل الاقتصاد السياسي وماهيته وتحليله وتفسيره للظواهر الحياتية المختلفة واشكال تقسيم وتنظيم العمل، وتدويره وتوزيع العائدات، والمؤسسات الاقتصادية الاجتماعية ,ولكن وفى كل الأحوال لم تكن الأجتهادات والتفسيرات والتبريرات الأستغلالية آنذاك خاضعة لسلطة الأنسان المنتج بل كانت خاضعة لسلطة الأنسان المالك للأرض ولوسيلة الأنتاج فحسب. اما فى المرحلة الأقطاعية وما تلاها بما سمي بمرحلة القرون الوسطى وعصور الظلام والتخلف ومحاكم التفيتيش التي ترافقت مع وعي فلاسفة عصر الأنوار فقد تجلت الدعوة ليس فقط إلى المطالبة بحقوق الإنسان، بل وفي اتخاذ الأساليب اللازمة لحمايتها على وفق متطلبات المصالح المختلفة .
غير ان المرحلة الرأسمالية التي تلت مرحلة الأقطاع كانت مرحلة تحايل رأسمالي من خلال التلاعب بمعاني المفردات اللغوية واعطاء أجتهادات وتفسيراتها لمفهوم حقوق الإنسان مغايرو ومختلف ومتغير مدآ وجزرآ على وفق ما تمليه مصالح الرأسمالية الأحتكارية ,حيث كان الأمر المطبق فى تفسير مفهوم حقوق الإنسان هو ما كنا نلمحه في كل التعاريف التي جاء بها المثقفون العاملون لحسابهم .
غير ان المناضل العلماني وكرد فعل مقابل على مواجع الأستغلال الرأسمالي تميز باستمرارية النضال لأستعادة حقوقه المشروعة اولآ ثم وفاءآ لمسؤليته عما سيورثه للأجيال اللاحقة من قوة مادية علمية مستجدة تمكنهم من احراز الأنتصار , وهو ما تم فعلآ حيث تعاقبت الأجيال تحرز الأنتصار تلو الأنتصار حتى توج نضالها في 10/ديسمبر/ 1948 بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
وتلبية لحاجات الإنسان المتناسبة مع عملية التطور العامة فهو لم يزل يناضل باصرار من اجل جعل حقوقه حقآ طبيعيآ عامآ وإعطاء هذا الحق صيغة عالمية معترف بها فى كل المجتمعات الإنسانية دون استثناء ,والأخلال بها سيعرض قادة الأنظمة المتخلفة ووعاظهم الى المحاسبة القانونية فى المحاكم الدولية المختصة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأي صائب
محمد علي محيي الدين ( 2009 / 10 / 11 - 17:36 )
الأستاذ ناجي نهر
لا يمكن تطبيق حقوق الأنسان في بلد لا يتخذ من الديمقراطية نظاما له لذلك نرى الدول غير الديمقراطية والدكتاتورية تقوم بانتهاكات فاضحة لحقوق الأنسان وتتخذ المطاتلبة بأيقاف هذه الأنتهاكات توجهات سياسية وعلاقات جابية فالنظام الصدامي البائد لم تدين أختراقاته الخطيرة لحقوق الأنسان أي من المنظمات الغربية لأن سياسته آنذاك كانت مجارية لسياستهم ،لذلك فأن مواقف منظمات حقوق الأنسان تكيل بمكياليين مما يفقدها أصالتها ويجعلها منظمات سياسية لها أهدافها وبرامجها البعيدة عن حقوق الأنسان.

اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا