الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن ذلك البلد السعيد بين سندان الحوثيين ومطرقة الانفصاليين

عبد الرحمن كاظم زيارة

2009 / 10 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


الحرب الاهلية في القطر اليمني بها حاجة الى اكثر من وقفة ، وحتى يكون تحليلنا صائبا لما يجري وكذلك توقعاتنا ، لابد ان نقرر بدأ ان اسبابا خارجية القت بتأثيراتها في شمال اليمن ، واخرى داخلية تفاعلت في جنوبه . والصورة الحالية التي تلخص الاحداث الجارية هناك؛ ان مجموعتي الاسباب احداهما تحفـّز الاخرى .
لقد كنت في اليمن قرابة عامين أمضيت ستة اشهر منها تقريبا في قرية "لحمة بني واس" القريبة من جبل مرّان احد معاقل الحوثيين في الشمال الغربي من اليمن ، وغير بعيد عن شواطئ البحر الاحمر . كما تسنى لي اللقاء بيمنيين من الشمال . لقد كانت الفترة التي قضيتها قريبا من جبل مرّان جاءت بعد الجولة الاولى للمصادمات بين الحوثيين وقوات الامن اليمنية صيف عام2004.وقد استمعت الى وجهة النظر التي يعتقدها الحوثيون وخلاصتها؛ انهم يريدون تطبيق الشريعة والقران، وان الجهاد ضد الولايات المتحدة الامريكية والعدو الاسرائيلي يجب ان تكون له الاولوية . هذا ما يقولونه ، الا ان واقع الامر ان فوهات البنادق رسمت خريطة لامريكا واسرائيل على ارض اليمن ولم تنطلق رصاصة واحدة ضد هما.
ان المسافر في الطرق الخارجية الوعرة والشديدة الالتواءات لمحافظة صعدة والتي تربط مديرياتها وقراها في يلحظ كثافة شعار الحوثيين الخماسي ( الله أكبر ، الموت لامريكا ، الموت لاسرائيل ، اللعنة على اليهود ، والنصر للاسلام ) مكتوبة على سفوح الجبال وعلامات الطريق .
كما اطلعت على منشورات الحوثيين العقائدية التي يدرسونها في مدارس خاصة بهم في محافظة صعدة . وخلاصتها المطالبة بالعودة باليمن الى نظام الامامة ، وان بدر الحوثي هو " اليماني المنتظر " كما اشارت الى ذلك وصية كتبها احد اتباع الحوثي وقضي قريبا من جبل مرّان .
ان رجل الدين الطاعن في السن" بدر الحوثي" زعيم الحوثيين في صعدة هو من المذهب الزيدي نسبة الى الامام "زيد بن علي بن الحسين بن الامام علي بن ابي طالب" . ولديه ولدان " حسين" و" يحيى " وكلاهما كانا يتناوبان تمثيل مواطني منطقتهم القبائلية في مجلس النواب اليمني ، وهم جزء من النظام السياسي اليمني لفترة طويلة ، ولديه اولاد غير هؤلاء .
لقداسس حسين بدر الحوثي مع الرزامي عندما كانا زميلين في مجلس النواب حزب الحق ، الا ان حسين الحوثي انشق على الرزامي واسس متدى الشباب المؤمن ، وأجر مقرا له في مدينة صعدة . واقام فيها الدورات الدراسية الدينية ، وكان خريجو هذه الدورات يقومون بمهمات التدريس للطلبةالجدد وهكذا على شكل حلقات تضم طلبة والطلبةبدورهم يدرسون طلبةاحدث منهم بذات الطريقة التي تتهيكل فيها الحوزة العلمية في النجف . ومن الحقائق التي يحاول اغفالها الكثيرون ان الحكومة اليمنية دعمت هذا المنتدى بصرف مبلغ ( 400 ) الف ريال شهريا لتغطية نفقاته الدراسية منذ عام 1991 وهو تاريخ تأسيسه ، كما تكفلت الدولة اليمنية بطبع ( 5000) نسخة من المنهج الدراسي للمنتدى في مطابع الكتاب المدرسي التابعة الى وزارة التربية والتعليم. والمعروف ان الحكومة اليمنية تولي اهتماما ملحوظا بالمدارس الدينية التي ينشأها رجال الدين سواء كانوا من المذهب الزيدي اومن الذهب الشافعي . فالحكومة في اليمن ليست طائفية ، كما ان المجتمع اليمني نفسه يأنف من الطائفية والانعزال المذهبي وهذه هي طبيعته .
ينكر الزيديون وهم أقلية من مجموع سكان اليمن ،وصفهم بالشيعة ،الا ان ايران تصر على وصفهم بأنهم شيعة . وفي الحقيقة ان الزيديين كما لاحظناهم عن قرب بعيدون جدا عن المعتقدات والممارسات التي تميز الطائفة الشيعية . فالزيدون لايقولون بشهادة "ان عليا ولي الله " في الآذان ، ولايؤمنون بالائمة الاثني عشر ، بل يعتبرون بأهل الكساء الخمسة أما البقية من الائمةالاثني عشر فيعتبرونهم علماء وليس أئمة . كما انهم لايعتقدون بعصمة الامام مهما كانت صفته ، وليست لديهم طقوس في محرم ويوم عاشوراء كما لدى الشيعة ، فيوم عاشوراء بالنسبة لاغلبهم يوم صيام ، ولايحييون فيه ذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي . وانهم يؤمنون بالمهدي المنتظر كبقية المسلمين ولايؤمنون به حيا وغائبا ، بل يؤمنون بأنه سيولد لاحقا . ولايؤمنون بالتقية وزواج المتعة . فلم يتبقى الا القليل الذي يميزهم عن ابناء المذاهب السنية وهو قول " حي على خير العمل " عندما يرفعون الآذان ، ويكنون محبة وتقديرا خاصين للامام عليه بن ابي طالب ويفضلونه على كافة اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، ومع ذلك فأنهم لايكفرون خليفة ، ولايسبون خليفة . وينظرون للتاريخ الاسلامي ومنه العلاقة بين آل بيت النبي والصحابة بمن فيهم الخلفاء الراشدين نظرة ايجابية وينفرون من قصص الخلاف والصراع بين الخلفاء الراشدين وآل البيت .
بادر " بدر الحوثي " الى بناء مدارس دينية صغيرة جدا غير مؤثثة في بعض قرى وقصبات صعدة ، وتولى ادارتها مباشرة والقاء المحاضرات فيها ولده البكر " حسين " ، ومن يطلع على النسخ المكتوبة لتلك المحاضرات يجدها بسيطة في مضمونها وركيكة في لغتها . كان طلبة هذه المدارس يتقاضون مبالغ بسيطة تكفيهم نفقات النقل من مناطقهم السكنية التي يفدون منها الى حيث المدارس الدينية ، كما يزودهم " حسين بدر الحوثي" يوميا بعلبة سكائر وباقة من القات اضافة الى وجبات الطعام . واغلب هؤلاء الطلبة من العاطلين عن العمل واعمارهم صغيرة .
لقد درجت المملكة العربية السعودية على اعطاء المبالغ والهدايا لشيوخ القبائل ووجهائها القاطنين قرب الحدود مع الجمهورية اليمنية . وقد أسّر لي احد المواطنين في تلك المناطق بأن المملكة كانت تستثني " بدرالحوثي " من الهدايا والمنح المالية للاشتباه بعلاقته مع الشيعة والمكارمة في السعودية ، وكانت تنظر المملكة له بعدم الارتياح .
كما طفت على السطح معلومات يتداولها المواطنون والصحافة المحلية اليمنية مفادها ان " بدر الحوثي " دعي لزيارة ايران ومكث في قم فترة قصيرة .. وان ولده " حسين" قد زار قم ايضا ، ومنها وُجه الى الحوزة العلمية في النجف ، ثم وُجه الى جنوب لبنان وقضى فترة كافية في منطقة نفوذ حزب الله وبضيافة زعيمه " حسن نصر الله " . وافاد شهود الى ان الحوثيين في الحرب الاولى صيف عام 2004 كانوا يرفعون علما أصفر هونسخة عن علم حزب الله اللبناني المتهم بولاءه الى الحكومة الايرانية .
ومهما كانت درجة صدقية هذه المعلومات التي تشير الى وجود الاصابع الايرانية في الاحداث الدامية في صعدة ،فأنها معلومات مؤكدة .وقد اتضح من التحقيقات التي اجرتها الاجهزة الامنية اليمنية على خلفية الحرب الاولى ضلوع مجموعة من العراقيين الشيعة في دعم حركة الحوثي أوالتضامن معه . وجدير بالذكر ان السلطات اليمنية قدسمحت لهؤلاء العراقيين بفتح اسموها " حسينية الثقلين " يمارسون فيها طقوسهم الدينية . وقد اغلقت هذه الحسينية بعد الحرب الاولى وهروب العديد من المتهمين الى خارج اليمن .
لقد كانت اول ردة فعل للحكومة اليمنية ازاء حركة الحوثيين اصدار أمر رئاسي باعتبار كتب الشيعة تشكل تهديداً للامن القومي اليمني . وعلى الصعيد الشعبي بدأت بوادر الحديث عن الشيعة متزامنة مع وقائع الاحتلال الامريكي للعراق . حيث يتهم المواطنون اليمنيون رموز شيعة العراق بالتحالف مع المحتل الامريكي ، ويصفون الشيعة بأنهم " بيـّاعين للوطن والدين " .
لقد كانت طليعة النشاطات السياسية لاتباع الحوثي في مركز محافظة صعدة وقبل الحرب الاولى باشهر عديدة ، وتحديدا في جامعها الكبير " جامع الهادي " وهو من الجوامع القديمة والتاريخية في اليمن .وكان نشاط هؤلاء يتحدد بالهتاف بالشعار الخماسي بعد الفراغ من الصلاة ، وهذا أمر لم يكن معهودا في اليمن في كل تاريخها ، وكانت التعليمات الصادرةالى اجهزة الامن التي اخذت تتواجد في ذلك الجامع بأن لاتصطدم مع هؤلاء والعمل على اخراجهم من الجامع بلطف ولين . ولقد اتخذ اتباع الحوثي من هذه السياسة محفزا لنقل نشاطهم الى جامع صنعاء العاصمة .. وهناك أخذ الامر منحى تصادميا بدأ به الحوثيون عندما اصروا على الهتاف بشعارهم الخماسي داخل الجامع وخارجه .
ومن المعروف ان اليمن الدولة الوحيدة من اعضاء مجلس الامن الدولي ، حيث كان اليمن يمثل المجموعة العربية في ذلك المجلس ، التي صوتت ضد قرار شن الحرب على العراق على خلفية احتلاله لامارة الكويت واستعادتها الى السيادة العراقية . وتحملت اليمن اوزار ثقيلة جراء موقفها هذا في النواحي الاقتصادية خاصة وهذا أمر معروف . وكانت الحكومة في حوارها وفي خطابها الاعلامي مع الحوثيين المطالبين بقتال أمريكا واسرائيا تذكر موقفها في مجلس الامن الدولي ، وتريد ان توضح بهذا تعرية بطلان دعوى الحوثيين التي تخفى وراءها تنفيذ مخطط تفتيت اليمن طائفيا .
اطلعني احد قادة الاحزاب اليمنية بأن مراكز بحوث أمريكية ، تضطلع بدراسة الواقع الاجتماعي اليمني من منطلق الاصول الاثنية والدينية . وقال ان مراكز البحوث هذه رسمت خارطة مشوهة للمجتمع اليمني المتجانس قوميا ودينيا فأظهرته مجتمع متعدد في اصوله الاثنية ، ومتعدد في طوائفه ومذاهبه الاسلامية .
من جانب آخر ان تكليف الدبلوماسي الامريكي ، اللبناني الاصل " نبيل خوري " بوظيفة نائب السفير الامريكي في صنعاء له دلالات واضحة ترسم ملامح الاهداف الامريكية في اليمن .. فالمذكور معروف بتخصصه وكفائته بتصنيع المجتمعات السياسية الطائفية المتناحرة بدأ بتأسيس احزاب طائفية واثنية . لقد كان في العراق مع بدء الاحتلال الامريكي ، وكان يصرح علنا داعيا السنة في العراق لتأسيس تكتل سياسي يخوض الانتخابات على غرار التكتل الشيعي .. وقد الح كثيرا على الشيخ احمد الكبيسي مؤسس الحركةالوطنية العراقية ، الا ان الاخير لم يستجب له ورجع يمارس حياته الطبيعية بدولة الامارات العربية المتحدة استاذا للفقه في جامعتها ، وتخلى عن حركته .
ويلاحظ على تحركات السفير الامريكي ونائبه في اليمن تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية اليمنية . ويكفي ان نشير هنا الى وقائع قليلة من كثير منها : قيام السفير الامريكي السابق ادموند هول بالاتصال العلني بالمشايخ ، وقيامه شراء السلاح من سوق جحانة في صعدة بمبلغ قدره ( 25 ) مليون دولار ، ولم يعرف مصير هذه الاسلحة والى اية وجهة ذهبت ! كما قام السفير ايضا بزيارة الى جامع الهادي في صعدة والذي اتخذ الحوثيون منه اول مكان يعلنون فيه هتافهم الخماسي . والامر ليس مصادفة عندما نعلم ان الحوثيين اعتبروا هذه الزيارة تدنيس لجامع المسلمين من قبل امريكي ، وعدوا ذلك جريمة تمت بتشجيع وعلم الحكومة ..
ان الاحداث في اليمن تصنع بطرق مدروسة لتحشيد المغفلين واثارتهم ودب الهياج بين صفوفهم وتوجيه اللوم كل اللوم لا للحكومة اليمنية وليس للدولة اليمنية ، بل الى رأس الدولة الرئيس علي عبد الله صالح ، وهذا منهج معروف انتهجته العديد من الدول الطامعة والتي لها مصالح غيرمشروعة في بلدان اخرى وهو نهج " شخصنة الصراع " وهو منهج خطير جدا مادته اصحاب العقول الساذجة اللذين يسهل إثارتهم .
ان جوهر مطالب الحوثيين هو المطالبة بما يعدونه حقا إلهيا في الحكم وموقوفا لهم لاينازعهم فيه الا ظالم ويقولون " ان الامامة في البطنين " يقصدون لاحفاد الامامين الحسن والحسين .
وفي الجنوب وجد اليمنيون ان كثيرا من تقاليد الحياة الامنة والتي كان يوفرها لهم النظام الاشتراكي قبل الوحدة قد فقدوها .. فبدأوا الحنين الى ذلك النظام خاصة وان النفط المستكشف في اليمن يقع كله في قسمه الجنوبي . ومعلوم ان عدد سكان الجنوب اقل بكثير من عدد سكان الشمال. والحياة في الجنوب يغلب عليها الانفتاح ووجود الطبقة الوسطى المتنورة ، وكانت لاتشكو من البطالة ناهيك عن توفر التأمين الصحي بشكل جيد . اما في الشمال فأن الطابع القبلي ما زال طاغيا ويلقي بظلاله الثقيلة على الدولة وحركة اجهزتها .
وليس بخاف على احد ان ميل النظام اليمني الجنوبي السابق الى الوحدة مع الشطر الشمالي هو الخوف من سقوطه في اطار سلسلة الانهيارات التي عمت الانظمة الشيوعية والاشتراكية في مطلع التسعينات .. فكانت الوحدة اليمنية المخرج الآمن من هذا الاحتمال الذي بدا مؤكدا ..
ما يسمى بالحراك الجنوبي يطالب اليوم بالانفصال والمبررات التي يسوقها هي فقدان اهل الجنوب للكثير من الاجراءات والانظمة التي كانت تسهل لهم الحياة وضمان المستقبل لاطفالهم في ظل النظام الاشتراكي . والحق ان هؤلاء قد فقدوا الكثير من الامتيازات عندما عادت الملكية الخاصة والغاء قرارات التأميم لتطيح بالمؤسسات العامة ذات الاهمية الحيوية للجنوبيين .
وفي الوقت ذاته ما كان للحراك الجنوبي ان يظهر لولا حركة الحوثيين في الشمال . وبالرغم من ان الحركتين متناقضتان في كل النواحي ، وليس بينهما أي نقطة التقاء سوى ان خصمهم واحد ومشترك ، ولكن لكل رؤيته ومساره المختلفين .
والخلاصة التي نريد ان نخرج بها من هذه الوقائع وغيرها من الوقائع الاخرى التي لم نذكرها تتحدد بما يلي :
ـ ان الانشقاقات في اليمن سواء كانت الحراك في الحنوب او الحوثيين في الشمال ، مدعومة من قبل الولايات الامبريالية المتحدة وايران . وكلا الطرفين لهما مصلحة في تفتيت اليمن .. ونلخص اهدافهما بالقول بأنهما يريدان انهاء فكرة القومية العربية تحديدا . واليمن تشكل مجتمعا عربيا متجانسا ، فأن الهدف تحويله الى مجموعات سياسية كما هي المجموعات الساسية " كانتينات" في لبنان والعراق ، وشيئا ما في فلسطين .
ـ اذا لم تستطع القيادة اليمنية من حل المشكلات الجذرية التي ولدتها احداث الجنوب والشمال فأنها ستجد نفسها مضطرة الى تبني نظام سياسي يقوم على المحاصصة الطائفية والمناطقية .. وان أي حل على هذا الطريق ولو كان خطوة صغيرة ستدخل اليمن في معمعة التسويات والتوافقات التي لابد ان تؤدي الى نظام المحاصصة ولا خروج منه .

ما هو الحل ؟
ان نظرة سريعة الى الانهيارات الكبرى في الوطن العربي : فلسطين ، العراق ، لبنان .. ابتعاد الانظمة العربية عن مسؤولياتها القومية .. وانتعاش النعرات الطائفية في بلدان الخليج العربي والتغلغل الاجتماعي الفارسي في تلك المجتمعات كلها غير قادرة على تفتيت البلدان العربية . وان ما نراه من وقائع التفريس هي بالتأكيد مؤقتة وزائلة بعد رحيل آخر جندي امريكي من ارض العراق .
لليمن خلافات سابقة مع بعض بلدان الخليج العربي بسبب قضية الكويت ، وهذا الخلاف واضحا مع المملكة العربية السعودية . ولكن ان سقطت اليمن وتحولها نظامها الى نظام محاصصي فستنهار الدول العربية الخليجية كلها دفعة واحدة وسيصبح سفراءايران فيها هم الحكام الحقيقيون. بل ان الولايات المتحدة الامريكية اعدت خططها لتكون الصورة اكثر وضوحا واكثر قبولا من قبلها وهي اقتسام ابار النفط مع ايران .. فدول الخليج العربي بالنسبة الى الولايات المتحدةالامريكية ليست الا ابار نفط . الم تسمح الادارة الامريكية لايران بالاستحواذ على ابار نفطية عراقية منذ الايام الاولى لاحتلالها العراق .
لذا على قيادات الخليج العربي ان تسارع الى ضم اليمن الى عضوية مجلس التعاون لدول الخليج العربي وان تتبنى مشروعا استثماريا ضخما في اليمن وترصد له مبلغ ليس اقل من مءة مليار دولار على مدى خمس سنوات . وان تفكر منذ الان جديا باعادة تنظيم العمالة الاجنبية فيها وخاصة الاسيوية والايرانية منها ففي اليمن قرابة 5 ملايين عاطل عن العمل .
وعلى قيادات دول الخليج العربي ان تفكر جديا بعواقب استمرار الفقر في اليمن وهو احد الاسباب القوية التي تساند دعاوى الحوثيين في الشمال ودعاوى الانفصاليين في الجنوب . واذا ما حققت حركة الحوثيين نجاحات اكثر في كسب المزيد من اليمنيين فأن تأثيرها سيضرب وعلى نحوملموس في عمق المجتمع السعودي .. والمملكة العربية السعودية وسواها هي الاكثر قابلية للتفتيت من العراق واليمن. فلنتصور ان انهيار الجدار الشمالي للخليج العربي ممثلا في العراق يستلزم انهيار الجدار الجنوبي ممثلا باليمن . واذا تحقق الهدفان بمعاول الطائفية فسرعان ما تتفتت بلدان الخليج العربي وهذا أمر محتوم .
ولا ادري لم يأنف قادة الخليج العربي وخاصةقادة المملكة العربية السعودية من الوحدة العربية او من المؤسسات العربية الوحدوية . عليهم ان يراجعوا ذلك وان يدركوا ان امن الاقطار العربية مترابط ، فاذا ما انهار احد الاقطار او تم احتلاله فلابد ان يلقى ذلك بظلاله على الدول العربيةالاخرى وخاصة المجاورة لها .
ان دول الخليج العربي ، وبضوءما يجري من احداث في العراق واليمن امام خيارين لاثالث لهما وهما :
ـ اما ان يقبلوا تحول حكوماتهم الى مجرد مديرين لابار النفط ، وبالتالي يفقدون نصف هذه الابار .
ـ او ان يتخذوا طريق الدولة الوطنية المستقلة ، والتي ترتبط بعلاقات طيبة ومتضامنة مع شقيقاتها العربيات وخاصة من دول الجوار العربي لها .
واخيرا نقول : ان الجندي اليمني الذي يطارد اليوم الحوثيين انما هو اليوم يؤجل انهيار المملكة العربية السعودية على اسس طائفية نراها قريبة ويرونها بعيدة . ولكن الجندي اليمني لن يظل يقاتل الى ما لانهاية لو نظرنا الى الوضع الاقتصادي لليمن وان الحرب في اليمن حربا اهلية !.
كما ان المقاوم العراقي الذي يقاتل الامريكان في العراق انما هو يؤجل انهيار دول الجوار العربي انهيارا طائفيا .
لذلك نقول ان سياسة الكيد للعراقيين ولليمنيين سترتد مضاعفة الى صدور الكائدين وخاصة من الحكام العرب قبل غيرهم .
ونحن لانستغرب مثلا : لماذا تضيّق الحكومات العربية في الخليج العربي والاردن على العراقيين المهجرين وعدم السماح لهم بدخول هذه البلدان طلبا للعمل والامان ، وليس هذا الا قصور في النظر وقلة مروءة . وكذلك لانستغرب فرح بعض الحكومات العربية بما آلت اليه الامور في اليمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانهيار وشيك
محمد محمد ( 2009 / 10 / 12 - 07:47 )
الذي قاله الكاتب صورة استشرافية لمستقبل اليمن والمملكة العربيةالسعودية . ولكن ما علاقة الاحتلال الامريكي للعراق بالامر وكذلك الاوضاع العراقية . اليس البعد الجغرافي يفصم عرى العلاقة التي يتصورها الكاتب بين احتمال انهيار اليمن والسعودية من جانب وانهيار العراق بسبب الاحتلال من جانب آخر ؟ نعم ان امن المنطقة العربية في الشرق مترابط ولكن اليس تصوير هذا الترابط وكأن الدول العربيةمثل قطع الدومينو؟
اتفق مع الكاتب ان تقرر دول الخليج العربي مشروعا شبيه بمشروع مارشال المعروف وانمبلغ مئة مليار دولار ليس مبلغا ضخما قياسا او صعبا على ممالك وامارات الخليج . وصحيح انهم يدفعون بهذا المبلغ السوءعن ديارهم ، لأن النار الطائفية تحرق ببريقها حتى الابعد .

اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير