الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في نقد المنطق التقليدي ..(2) السلب والعدول وغياب النفي
عبد الرحمن كاظم زيارة
2009 / 10 / 15الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تقسم القضايا الحملية باعتبار تحصيل طرف او عدوله الى محصلة ومعدولة . وان التحصيل والعدول حالات لكل من الموضوع والمحمول .وعندما يكون طرف ما منالقضية " محصلا " فهو يدل على شئ موجود ، أما عندما يكون الطرف معدولا ، فمعنى ذلك دخول حرف السلب على وجه يكون جزءا من الطرف المعدول . نحو " لا إنسان بنبات " قضية معدولة الموضوع ومحصلة المحمول . و( لا إنسان لاحي ) معدولة الطرفين. و( الانسان لاجماد) محصلة الموضوع ومعدولة المحمول . ويهمنا هنا بعد هذه التوطئة التعريفية للعدول ، هو الفرق بين القضية السالبة والقضية المعدولة المحمول . عادة تستخدم الاداة ( ليس) في القضايا السالبة ، وتستخدم كلا من ( لا) و(غير ) في عدول طرف القضية . وكل الادوات المذكورة هي ادوات سلب بحسب المنطق التقليدي . وهذا أمر فيه نظر كما سنرى . فلوكانت هذه الادوات هي ادوات سلب فمالذي يوجب وجود العدول أصلا ، خاصة عندما تكون القضية الحملية معدولة المحمول ؟ ومالذي يوجب الفرق بينهما ؟ .
ان تصنيف القضايا الى محصلة ومعدولة في تقديرنا هوتصنيف لادوات السلب المذكورة ، وهو تصنيف لغوي محض لايتمخض عنه فرق منطقي . ومع ذلك يصر مروجو المنطق التقليدي على وجود الفرق بين الاثنين من جهة المعنى فأن المقصود بالقضية السالبة هي القضية المسلوبة المحمول نحو ( بعض الانسان ليس بكاتب) .اما القضية المعدولة المحمول فتعني حمل السلب على وجه يكون فيه السلب جزء من المحمول . نحو ( بعض الانسان لاكاتب) . ولو دققنا بالفرق بين ( ليس بكاتب) و( لاكاتب) من حيث القيمة المنطقية فلانجد فرقا ، ولكن لو أعدنا التدقيق من حيث تصنيف الانسان على مبدأ للتصنيف أساسه ( كاتب ) فنجد ان المحمول بوصفه مجموعة شاملة يحتوي مجموعتين جزئيتين : الكتّاب ، واللاكتّاب . و( ليس كاتب ) تكافئ ( لاكاتب) ، كما في المثال . إلا ان هذا التكافؤ يسقط في أمثلةحسية أخرى ، نحو ( طلبة هذا الصف غير ناجحين) معدولة المحمول ما يعني ان الطلبة قد جرى تصنيفهم الى ناجحين وغير ناجحين ولكن سلب القضية في المثال لايؤدي الى ( طلبة هذا الصف ناجحون ) فقد يكون غير الناجح مكملا أو راسبا . وعلى هذا فأن معدولة المحمول لاتتكافئ مع السالبة وباعتبار السالبة محمولها مسلوب .
ان مفهوم ( المعدولة ) يحيلنا الى مفهوم يغيب عن المنطق التقليدي وهو مفهوم ( الاتمام) وهي عملية أحادية تنتج متممها دائما . فمتمم ( اللاحي) هو ( الحي) . ومتمم(الانسان ) هو ( اللا إنسان ) وبالعكس . مرة أخرى أدوات خدمة اضافة موضوع في هذا الموقع لاتوفرلنا امكانية استخدام الرمز الذي نحتاجه في المعالجات المنطقية .
والخلاصة ان العدول تصنيف لغوي وليس منطقي .
يساق فرق آخر بين المعدولة المحمول والسالبة وهو وضع ما يسمى بـ ( الرابطة ) في القضية الحملية . ويقصد بالرابطة الضمير المستتر (هو) ، وهو أمر طارئ على اللغة العربية قال به من يكتب في اللغة العربية ويفكر بغيرها . نحو ( الحديد معدن ) فتقدير الرابطة فيها كما يرد في المنطق التقليدي ( الحديد ـ هو ـ معدن )، وهذا ليسبالتقدير اللغوي الصائب ولا هو بالتقدير المنطقي الصائب . أما من الناحيةاللغوية لايستخدم الضمير هو في مثل هذه الحالات كما هو معروف ، ومن الناحية المنطقية فهذا التقدير يتناقض مع قانون الهوية وهو واحد من قوانين الفكر الثلاثة التي يستند اليها علم المنطق منذ أرسطو . فالقول ( ب هو ب ) أي أن هوية الشئ هو الشئ ذاته . ويتضمن هذا التعريف : المساواة والتطابق من كل الوجوه . الامر الذي يصطدم مع القول ( الحديد هو معدن ) ، بل القول الصائب يتخذ احد الاشكال التالية : ( الحديد معدن من المعادن ) ، ( الحديد ينتمي الى المعدن ) ، ( الحديد عنصر في المعدن ) .
ويترتب على ما يدّعى أنه رابطة في القضية الحملية ، خطأ آخر وهو أختلاف ( وضع ) الرابطة بالنسبة لاداة السلب في معدولة المحمول والسالبة .فيقولون أن ( المعدولة تجعل الرابطة فيها قبل حرف السلب لتدل على حمل السلب ) نحو ( بعض الانسان هو لا نبات ) ،( والسالبة تجعل الرابطة فيها بعد حرف السلب لتدل على سلب الحمل ) نحو ( بعض الانسان ليس هو نبات ) . ان الرابطة " هو" لاموضع لها في المعالجات المنطقية، فالفرق المساق على هذا النحو ملفق بطريقةغير منتجة وتنم عن اعتلال في وعي اللغة .
ان هذا الاعتلال اضطر بعض الكتاب الى القول في مباحث النقض بأن ( الموجبة المعدولة المحمول تُحوّل الى سالبة محصلة المحمول .. لأن مؤداهما واحد.. وان سلب السلب إيجاب ..) ! وقد توصلوا الى هذا النتيجةعندما شرعوا ببرهان قواعد النقض وهذا أمر نوافق عليه لاسباب منطقية ممتحنة في المنطق الرياضياتي . إذن مالداعي المنطقي لمبحث العدول اصلا ؟ .
اننا بهذه الملاحظة لانطالب برفع عبارات من قبيل " لا إنسان .." و" ... لامعدن " واضرابها من الامثلة التي تضرب في المنطق . ولكن نلفت الانظار الى أن العدول هو أمر لغوي محض ، وبذات الوقت أمر يتعلق بتصنيف المجموعات وتكون معالجته عبر عملية الاتمام كما قلنا .
مرة أخرى يثير غياب مبحث النفي والاكتفاء بمبحث السلب في المنطق التقليدي إشكالات عديدة ، تظهر جلية في القضايا المسوّرة ، اي القضية التي تظهر فيها لاالفاظ الكم ( الكم هو سور القضية ) .
ان نفي القضية المسورة يؤدي الى تغيير السور ويغير كيف القضية ، والعدول هو تعبير لغوي آخر للسلب . هذا ما نعتقده ،وهذا ما اثبتناه في محله .لذا فأن :
ـ نفي القضية الكلية الموجبة المعدولة المحمول يكافئ القضية الجزئية الموجبة .
ـ نفي القضية الكلية السالبة المعدولة المحمول يكافئ القضية الجزئية السالبة . ( هنا لدينا ثلاثة عمليات للسلب : النفي، السلب ، العدول) .
ـ نفي القضية الجزئية الموجبة المعدولة المحمول يكافئ القضية الكلية الموجبة .
ـ نفي القضية الجزئية السالبة المعدولة المحمول يكافئ القضية الكلية السالبة .
ان عملية النفي لاتحول عدول الموضوع الى الحصيل ، وهكذا يمكن الاستمرا في استخراج بقية القضايا المسورة في احوالها الاخرى .. ( يتبع )
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ألمانيا تسمح بالحشيش -للترفيه- ودول عربية -طمعانة- في أرباحه
.. بسبب حرب غزة..متظاهرون يقاطعون كلمة بايدن | الأخبار
.. قصف وحصار إسرائيلي على غزة.. الجوع يقتل الغزيين أيضا
.. لماذا قرر نتنياهو إعادة إرسال الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن؟
.. هيئة البث الإسرائيلية: أهالي الجنود المحتجزين في غزة يجتمعون