الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف الفلسفة

رأفت طنينه

2009 / 10 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما هي الفلسفة؟

إذا أخذنا التعريف اللغوي لكلمة الفلسفة، بعد أن نسلم جدليا بأصلها الإغريقي، لوجدنا تعريفها في اللغة الإنجليزية يحمل عدة أوجه.. وفي إعتقادي أن أقربها لأصلها الإغريقي هو التعريف التالي:

ولكن إختياري لهذا التعريف ليكون الأقرب للمعنى الأصيل للفلسفة يأتي من كونه مشتملا على (الحكمة والأخلاق)، وهذه هي أبجديات الفلسفة، حيث أن التعريف الحرفي للفلسفة بالإغريقي هو (حب الحكمة). وفي اللغة الإنجليزية اليوم –على سبيل المثال- نجد أكثر من تعريف للفلسفة، وذلك لأن التعريف أصبح يحاول الإشارة إلى مجالات أكاديمية بعينها ومدارس فلسفية بعينها أيضا. فمن عادة الكثير من المدارس الفلسفية المتنوعة أن تضع تعريفها الخاص لمعنى الفلسفة، وذلك في أطار محاولة تملك وسائل مواجهة المدارس الفلسفية المنافسة في العادة، أو إظهار الطابع الأكثر أهمية بالنسبة لتلك المدرسة في معنى الفلسفة. وسنتناول هذه الزاوية في تفاصيل هذا المكتوب آنفا.

والأخلاق هي الانعكاس العملي للحكمة، أو الجانب المادي المحسوس منها في مواقف البشر. لهذا ليس من العجب ارتباطها بحب الحكمة منذ بداياته.. واليوم يشار كثيرا لأفلاطون بـ(أبي الفلسفة).. وأنا دوما أجد في نفسي تحفظا على هذا النسب، إذ أنه لو سلمنا جدلا أن نقطة ظهور الفلسفة كمنهاج تفكري تمحيصي للظواهر المحيطة بالإنسان، لو سلمنا جدلا أن نقطة ظهورها كنشاط متميز عن باقي النشاطات الإنسانية كانت عند قدماء الإغريق لقلنا أن سقراط هو الذي يجب أن يشار إليه بـ(أبي الفلسفة)، إذ أنه أستاذ أفلاطون.. ورغم أننا لا نعرف عن سقراط، من الناحية التوثيقية، إلا ما كتبه أفلاطون عنه، إلا أن الدراسات التاريخية تثبت أنه كان شخصية حقيقية، وأنه كان أستاذ أفلاطون.. ورغم أن المؤرخين إلى اليوم لا يستطيعون التمييز الدقيق بين نتاج سقراط الفلسفي ونتاج تلميذه أفلاطون إلا أنا سنجد في جميع الأحوال أنا مطالبون بخلع لقب(أبي الفلسفة) على سقراط وليس أفلاطون، ذلك أنه لو افترضنا أن لأفلاطون نتاجا فلسفيا خاصا به لوجدنا أنا ما نزال مطالبين بالعودة إلى أصول المنهاج الذي اتخذه أفلاطون ليخرج لنا بأفكاره، ومن ثم سنجد أنفسنا أمام سقراط.. وإذا افترضنا -في أقصى حالات التطرف- أن أفلاطون لم يكن سوى مدون لأفكار أستاذه سقراط في كتبه، لوجدنا أن سقراط أيضا هو أبو الفلسفة بشكل أقوى من الاحتمال الآخر.. وفي كلتا الحالتين يكون سقراط هو(أبو الفلسفة) وليس أفلاطون..

هذا علاوة على أن النظرة التي نعتمدها لأصل الفلسفة تقول أن سقراط لا يمكن أن يكون إلا مرحلة بارزة من مراحل تطور الفلسفة.. وسقراط كان حقا مرحلة بارزة لأنه أضاف عاملا مهما جدا إلى معادلة التفاعل الفلسفي، وذلك هو عامل (التشكيك).. التشكيك فيما كان يأخذه الناس كمسلمات ليس من الوارد تغليطها.. ولكي أفصح عن نفسي أكثر لا بد من سياحة تاريخية مبسطة في بدايات الفلسفة..

إن الفلسفة كانت دائما موجودة كصفة مشتركة بين العلم المادي والدين، واللذان بدورهما كانا في الأصل سويا، إذ أنهما برزا من منطقة واحدة، وبدايتهما العقل البشري.. كان الإنسان يستعمل منهاج التجربة ليتعرف على خصائص البيئة المحيطة به، ومن التجربة تولد المنطق.. ولكن المنطق كان مرتبكا غاية الارتباك في بداياته، وذلك لأن التجربة -التي هي أمه- كانت ما زالت يافعة.. ولهذا كان أمام الإنسان الكبير من الفراغ المعرفي عن بيئته لم يجد بديلا من ملئه بالأساطير، أو التفسيرات الغيبية.. وكانت دائرة هذه الأساطير تصغر كلما إتسعت دائرة التجربة، والتي تتوسع معها دائرة المنطق تلقائيا.. والطريف في الأمر أن المنطق كلما كانت تكبر دائرته كلما كان يقلل من حاجة الإنسان إلى المزيد من التجربة، فالمنطق كان يكفي الإنسان مخاطر المزيد من التجارب باستعمال القياس، أي قياس المواقف الحاضرة بمثيلاتها في الماضي، ومن ثم رفع نسبة الاختيار الصحيح في التجربة الحاضرة.. فأصبح من الكافي للإنسان البدائي أن يرى شكل النار ليقيسه بتجاربه معها في الماضي دون أن يحتاج إلى خوض تجربة جديدة كلما رأى نارا في ظروف غير الظروف التي كانت في التجارب السابقة.. فهنا نجد ان المنطق قد قلل عدد التجارب بشكل كبير.. وكلما كان المنطق يكبر كلما كانت الحاجة إلى التجربة تقل.. ومن الواضح أن التجربة ما زالت الحاجة لها قائمة إلى اليوم، ولكنها أقل بكثير مما كانت في السابق.. حتى أننا اليوم نجد أن العلوم التطبيقية أو التجريبية ذاتها تعتمد على المنطق الموثق أكثر بكثير من التجربة، وأن التجربة أصبحت، في كثير من الأحيان، وسيلة للتأكد من صحة نتائج المنطق فقط.. والأمثلة كثيرة على ذلك من علوم الهندسة على سبيل المثال.. فالمهندس اليوم عندما يكون بصدد تصميم منتج معين أو تحسين جودة إنتاجه، نجده يعكف على الحسابات الرياضية معتمدا اعتمادا كليا على أسس المنطق من المعادلات الرياضية والقوانين الفيزيائية أو الكيميائية ليخرج بأرقام أو خصائص معينة تكون هي المحدد للصيغة الجديدة للمنتج.. وبعد تلك الحسابات قد يتمكن المهندس من إجراء التجارب قبل المباشرة في الإنتاج، للتأكد من صحة حساباته إذا توفرت الإمكانيات لأداء هذه التجارب.. وفي أحيان كثيرة لا تتوفر الإمكانيات لأداء التجارب، فيبدأ العمل في الإنتاج دون تجارب، ومن ثم قد يظهر بعض الخلل الذي يحتاج لمراجعة أثناء عملية الإنتاج، أو قد لا يظهر وتكون نتائج حسابات المهندس دقيقة بشكل كاف.. هذا طبعا إذا لم يكن المنتج معقدا جدا ويحتاج بالضرورة إلى إجراء الكثير من التجارب قبل البدء في الإنتاج..
رأفت طنينه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح