الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد المنطق التقليدي ..(3) النسبة

عبد الرحمن كاظم زيارة

2009 / 10 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تطرقنا الى مبحث النسبة في مطالعة سابقة ، من منطلق تقديرها اللفظي في المنطق التقليدي بالضمير المستتر (هو ) . وقلنا ان ذلك يتنافى وقانون الهوية (ب هي ب)، بينما المراد في القضية الحملية إن ( ب هو حـ ) ، فلايصح عندئذ القول ان النسبة بين الموضوع والمحمول في القضية الحملية تعني ( ان هذا هو ذاك) في الايجاب و( ان هذا ليس ذاك ) في السلب .
وفي هذه المطالعة نتناول ( النسبة ) من منطلقات أخرى يعتمدها المنطق التقليدي ، بالنقد والتقريض والتقويم . إذ وجدنا ان مفهوم النسبة غير محدد وفيه من الارباك الذي يضيع المقصود منها على وجه الدقة .
انتريف النسبة بين طرفي الحملية بأنه (( إتحاد الطرفين )) يلزم عنه تطابق الطرفين ، وهذا ما لادفاع فيه . فكيف يكون التطابق بين الغزال والحيوان ؟ وبأي معنى يكونا متحدين ؟ فإذا كان القصد من اتحادهما اشتراكهما في التقسيم أو في الصفة أو في الخاصة فهذا لايعني التطابق ، كما أنه لايعني الاتحاد . ذلك ان الاتحاد عملية ينتج عنها ضم عناصر او مجاميع الى بعضها لتكون مجموعة أخرى . فالغزال فرد ينتمي الى جنس الحيوان ، فأين الاتحاد هنا . ولكن لو صنفنا الحيوان الى :بيوض وولود ، فهذان عنصران يسفر عن اتحادهما مجموعة الحيوان الشاملة لكلا الصنفين . والامر كذلك اذا ما اعتبرنا الصنفين هما مجموعتين جزئيتين وان اتحادهما يشكل مجموعة اشمل هي مجموعة الحيوان . ونخلص الى ان تعريف النسبة بين الموضوع والمحمول على أنه اتحاد لهما يتضمن تصييرهما طرفا واحدا وبالتالي فأن النسبة تنتفي بينهما . وثمة بديل يلغي هذا الاعتلال سنوضحه في هذه المطالعة .
كما يرد مبحث النسبة في المنطق ضمن مباحث المفاهيم الكلية على اعتبار (( أن النسبة تكون بين مفهومين كليين )) . ولقد علمنا ان المفهوم الكلي ما كان يصدق على كثيرين ، وليس كذلك الجزئي فهو لايصدق على كثيرين بل يصدق على فرد لا أكثر . فلو دققنا الصلة بين تعريف المفهوم الكلي ووضع النسبة بين مفهومين كليين من ناحية ، وبين وضع النسبة بين مفهومين كليين و القضية الجزئية المقيدة بتعريف السور الجزئي والمفهوم الجزئي لظهرت تناقضات كثيرة . منها ان وضع النسبةالذكور يعني ارتفاع النسبة بين المفهوم الجزئي والمفهوم الكلي إذا وضعا بصفةطرفين في قضيةحملية ، نحو ( زيد إنسان) فأن زيدا (جزئي) و(إنسان) كلي ومع ذلك فالنسبة قائمة بين زيد والانسان . ثم أن النسبة في القضية الحمليةالموجبة والصادقة تفصح عن (( ثبوت شئ لشئ )) كثبوت ( الانسان) لـ (زيد) ، بمعنى ان زيد الفرد الجزئي ينتمي الى المجموعة الكلية(= الشاملة ) التي هي ( الانسان) .
يحدد المنطق التقليدي ثلاثةنسب تتفق ومقولة(( ثبوت شئ لشئ)) ضمن مباحث الكلي وهي :
1ـ نسبةالمساواة : نحو المساواة بين ( الانسان ) و(البشر) ،والمساواة بين ( الانسان) و(الناطق) . حيث ان المفهومين المتساويين لهما ذات المصاديق ،وان افرادهما غير مختلفي العدد .مثلا ( الانسان ناطق) فعدد الانسان يساوي عدد ما هو ناطق . وبكلمات أخرى ان ( الانسان ناطق) و( الناطق إنسان) .
2ـ نسبة العموم والخصوص مطلقا : فبالمقارنة بين ( العراق ) و(البلدان العربية ) ، نجد ان العراق ( أخص مطلقا) نسبة الى البلدان العربية التي هي ( أعم مطلقا) ، لذلك أن النسبة بين الموضوع والمحمول في القضية ( العراق بلد عربي) هي نسبة العموم والخصوص مطلقا .
ان مصطلحي ( الاخص مطلقا) و( الاعم مطلقا) يمكن معالجة ما فيهما من نحت غريب ونأيهما عن اللفظ الصائب والدلالة المباشرة ، بإبدالهمابالاصطلاح على الحالين فيهما ...وهما نسبةالموضوع الى المحمول ،ونسبة المحمول الى الموضوع .
ففي الاولى اذا كان الموضوع فردا من افراد المحمول فالنسبة هي ( علاقة الانتماء) او الوجود بنفس المعنى فالانسان موجود (=ينتمي) في الممجموعة الشاملة التي هي مثلا " حي " فعند القول ( الانسان كائن حي) نسبنا الانسان بصفته احد الكائنات الى الكائنات الحية . بمعنى ان الانسان ينتمي الى الكائنات الحية . هذا إذا واذا فقط وضعنا الانسان عنصرا في مجموعة أشمل هي الكائنات الحية التي تضم النبات والحيوانت الاليفةوالحيوانات البرية والحيوانات المجهرية وكل الحيوانات التي تتنفس وتنمو وتتغذى وتتكاثر .واما اذا كان الموضوع هو مجموعة تضم عناصر معينة تعيينا جيدا وهي جزء من مجموعة أشمل فنسبة الموضوع الى المحمول هي ( علاقة المجموعة الجزئية ) فنقول مثلا ( مجموعة الزواحف مجموعة جزئية من الكائنات الحية) .
اما في الثانية فأن العلاقةتكون ( علاقة الاحتواء) وهي تفصح عن نسبةالمحمول الى الموضوع فهذه النسبة في القضية ( الانسان حيوان) (الحيوان يحتوي الانسان) ، بمعنى ان الحيوان مجموعة شاملة تضم في عضويتها الانسان ،ولايمتنع بالضرورة ان تحتوي كائنات أخرى .
ان مفهوم المجموعة يقدم معالجات لكثير من الاعتلال المنطقي في المنطق التقليدي . وأن المجموعة بمفهومها العام تضم أفرادا او عناصر لها خاصة او صفة مميزة تشترك بها كل العناصر ،الا انها مختلفة في ناحيةاو في وجه من الوجوه كمجموعة الزهور { القرنفل ، الجوري ، الياسمين ، ...} فكل زهرة من هذه الزهور عنصر في المجموعة وان وجود الزهرة المعينة فيها يبرره اختلافها مع الزهور الاخرى : ( القرنفل زهرة) ، ( الياسمين زهرة ) ، ...
3 ـ نسبة العموم والخصوص من وجه : وهي نسبة بين المفهومين اللذين يشتركان في عدد معين من المصاديق ، ويفترقان في مصاديق أخرى ...ان النسبتين المتقدمتين " المساواة والعموم والخصوص مطلقا" تشترك في خاصةواحدة وهي أن كل افراد الموضوع موجودة في المحمول . وفي هذه النسبة الامر مختلف فثمة أفراد للموضوع موجودة في المحمول ، وأخرى غير موجودة فيه . كالنسبة بين الطير والابيض .. الطير مفهوم كلي يضم في مجموعته " كل الطيور" ، و" الابيض" مفهوم كلي " يضم في مجموعته "كل الاشياء ذات اللون الابيض " . في هذه النسبة كما وجدنا يجب ان يكون الموضوع مسورا بالسور الجزئي فلايصح القول ( الطائر أسود) لأن ذلك يدخل في علم السامع ان كل الطيور سوداء وهي ليست كذلك سوى الغراب فهوطائر أسود ، وثمة طيور بيضاء ، ومتعددة الالوان ، وترابيةاللون ، وغيرها .
إذن إن هذه النسبة تصح بين مفهومين خارج ارتباطهما في القضية الحملية وليس فيها .ونضيف ان هذه النسبةلاتصح في القضيةالحملية المجردةمن السور وينبغي ان تكون في " الجزئية الموجب" ، نحو ( بعض الطير أسود) إشارة الى الغراب . ( بعض الزهور أبيض) إشارة الى زهرة بيضاء كالقرنفل . ولقد تولينا معالجةمنطقية لهذه النسبة باستخدام مفهوم المجموعة ودالة الانتماء . وخلاصتها : نحدد اولا العناصر غير المشتركة بين الموضوع والمحمول ، مثل ( الاحمر ) و( الزهرة) ولو على مستوى التصور ونحصر ،من ثم، العناصر المشتركة فتكون لدينا نسبة واضحة هي ( نسبة التقاطع) ومجموعةالتقاطع بين الموضوع ( الزهرة) والمحمول( الاحمر) هي المجموعة التي كل العناصر المشتركة بينهما فتكون : مجموعة الزهور الحمراء .( بعض الورد الجوري أحمر).
واللافت أن مروجي المنطق التقليدي يفتعلون وجود النسبة المقدرة ( هو ) في القضية الحمليةمثل ( الانسان حيوان )، فيقدّرون شئ غير موجودفيقولون( الانسان هو حيوان) ،وبنفس الوقت يتغاضون عن أدوات صريحة في المنطوقات مثل " أو" ، " و" وغيرهما فهم يغضون طرف البحث عن خطورة الاداة الشرطية " اذا .. فأن " فينحوها عن التحليل والاعتبار المنطقيين.نحو ( إذا أشرقت الشمس فأن النهار موجود) فيعتقدون بأزائها ان النسبة هي التصاحب مثلا . أي بطريقتهم هذه " يجلون " ما يعتقدون أنهم باطن ، وينحون ظاهرا بينا فيغطسون به الى النسيان . ( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة