الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحباط محاولة إنقلاب ابيض في البيت الاسود

عبد الرحمن كاظم زيارة

2009 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



أثار فوز باراك حسين اوباما قبل نحو عام موجة من التفاؤل في الاوساط السياسية والاعلامية ، وشمّرت الاقلام تؤدلج لتحول تاريخي مرتقب ، كما انبرت منابر سياسية وثقافية لتقول بصحة اطروحاتها السياسية أو الفكرية التي تبشر بمثل هذا التحول . ففي لبنان أشار العماد عون رئيس تيار الاصلاح والتغيير بأن اوباما إنما نال فوزه لأنه استعان بشعار التغيير ، وتمنى العماد على اوباما لو أنه اردف التغيير بالاصلاح لاكتملت رزمته الفكرية التي ستدخله التاريخ من اوسع ابوابه ليتجنب دخول التاريخ من أوسخ ابوابه كما حصل لسلفه المجرم بوش .
وفي المملكة العربية السعودية خرج العاهل السعودي عن طبعه فانطلق في مدح الرئيس اوباما أبان زيارته للرياض وذهب الى اكثر من ذلك عنما قال ان الامريكان محظوظون برئيسهم الجديد وختم احتفاءه بضيفه الكبير بأن قلده قلادة المملكة الذهبية ، تذكارا بالاستعداد الدائم لتلبية الاوامر الديمقراطية . ومعلوم ان كلا من المملكة السعودية والولايات الامبريالية المتحدة منار العالم والانسانية في ( الديمقراطية)!!
وفي احدى المواقع الالكترونية التي تؤسس لنسف كل شئ من اجل لاشئ ، تطوع مديرها ومحررها الاوحد لإسباغ الاحكام المنطقية الجيدة والايجابية على فوز أوباما وعده انتصارا للمنطق الحيوي الذي يبشر به ، واللافت ان الصديق الذي اطلق الاحكام المذكورة كان قد اطلق عكسها السلبي على آيات معينة من القران الكريم !؟ .
واستبشر بعض المهجرين والمعارضين والمجتثين في العراق خيرا وهم يمنون النفس بأن وعود اوباما ستجد طريقها للتنفيذ سريعا . وحال هؤلاء لم يكن مختلفا عن اليساريين والتقدميين الذين راحوا يسفحون المداد في استقراء المرحلة التاريخية التي ستؤدي الى انحلال النظام الرأسمالي استجابة أو طبقا للحتمية المادية او التاريخية لافرق .
اما في ليبيا فالامر مختلف .. فلقد وصف العقيد القذافي قائد ثورة الفاتح ( تحية له ) ، بوصف انتزع مني ضحكة مدوية طالما فارقتها عندما قال في خطابه الشهير في اجتماع الجمعية العمومية بأن ( أوباما ومضة وسط الظلام !) ، ( ومضة !!) . والاخ العقيد طبعا أراد الاشارة الى عظمة الامة الافريقية التي يتولى قيادتها بنجاح ، إشارة الى ان ( إبن اوباما افريقي من كينيا).
وهناك من لم يخدع بخطابات اوباما ، ولم يولي اهتماما بلونه غير التقليدي لرئيس الولايات الامبرالية المتحدة . وهم كثيرون من الشخصيات الاعلامية والكتاب العرب ، وفصائل المقاومة الفلسطينية والعراقية والاحوازية .. وقد اجبنا عن سؤال يدور حول ( دلالات فوز اوباما ) في احد المواقع الالكترونية وقلنا بعد نحو شهر من فوزه : ان اوباما نتاج النظام الامبريالي الامريكي ، ولايخرج من عبائته .. ثم هنالك اكثر من دليل يشير الى ان الرجل لايستطيع ان يحث انقلابا في البيت الاسود ويغير من سياسات العدوان والتخويف والرعب والاحتلال والتجويع التي تنتهجها الادارات الامبريالية الامريكية ، منها : (1) اختيار ( بايدن ) نائبا لأوباما والاول صاحب المشروع السئ الذي اقره الكونغرس والقاضي بتقسيم العراق الى ثلاث جمهوريات طائفية وعرقية . (2) ابقاء الطاقم العسكري الذي كان يعتمده مجرم الحرب جورج دبليو بوش . (3) اعلانه غير مرة توليه الحفاظ على امن الكيان الصهيوني العنصري ودون تطرقه الى الحقوق التاريخية والمشروعة للشعب العربي الفلسطيني . وغيرها من الادلة ...
وحتى لو احسنّا الظن بالرجل استنادا الى خطاباته التي القاها في حملته الانتخابية وبعدها بقليل ، فأنه لايستطيع تجاوز العقبات التي تثيرها جماعات الضغط والتي تقف على رأسها منظمة إيباك سيئة السمعة . كما أنه لايستطيع طبقا لتحكمات النظام الامبريالي إلا أن يكون مديرا تنفيذا لمصالح الشركات الاحتكارية الكبرى . وأن مساعديه قد وضعوا ملف الرئيس جون كيندي على طاولته .. جون كيندي اغتيل بسبب مطالبته تفتيش مفاعل ديمونة الصهيوني في فلسطين المحتلة!
والخلاصة ان الرئيس اوباما هو ليس خطاباته ، بل هو ( قرار ) دائما يسفر عن سلسلة تفاوضية طرفها الاقوى مالكي الشركات الاحتكارية الكبرى . والتي وضعت في حساباتها ان الحقبة النفطية للحضارة الانسانية يجب ان تطول الى ابعد زمن ممكن ، حيث ان ( الطاقة البديلة ) الخضراء تحديدا لم تدخل بعد في الخدمة وان الطاقة النووية هي البديل الجاهز فلابد إذن من التفتيش عن مناطق خلفية في العالم الثالث لتكون ارضا للمعامل النووية والمعامل التجريبية الاخرى كالمعامل السرية التي شيدت في العراق ، والمعامل التي يراد اقامتها قريبا من سواحل الصومال والسودان .
ان الانتقال من الحقبة النفطية الى حقبة الطاقة البديلة من شأنه ان يغير وجه التاريخ الصناعي والحضاري في العالم ، فكل المعامل والمصانع بمختلف انواعها مرشحة للتقويض واخراجها من الخدمة عندما ينتهي النفط . وان العراق اكبر مخزون نفطي في العالم وفقا لدراسات امريكية سرية .. وفي السودان مصادر نفطية ومصادر طاقة أخرى أيضا .. وعلى اساس هذه الحقائق يمكن فهم دوافع التدخلات الامريكية واشعال الفتن والقيام بالاحتلالات ، وليس على اساس اكاذيب يفتخر من اطلقها بأنها ( طعما ) جيدا لجحافل المغفلين والمعاقين عقليا . ككذبة اسلحة الدمار الشامل في العراق ، وكذبة مطاردة اسامة بن لادن في افغانستان .. وقائمة الاكاذيب تطول.
ربما ان اوباما اراد ان ( يغيير ) من اساليب بلاده ، من لغة التهديد الى لغة تقنع الضحية بقبول الاستهتار الامبريالي الامريكي ، وقبول فكرة الموت على الطريقة ( الدم ـ قراطية )! وهذا هو جوهر شعاره وهو كذبة مفضوحة .
لقد أوعدنا ابن أوباما ان ينسحب من العراق ، فالتزم الاتفاقية الامنية التي فرضها سلفه الكذاب على شعب العراق ، فأرجأ الانسحاب الى الاتفاقية ولن يسحب قطيعه الا مطرودة بقوة سلاح المقاومة . واوعدنا بغلق المعتقل الرهيب ( غوانتينامو ) الديمقطراطي الى حد العظم ! وهاهو يراوغ ويتعذر . أوعدنا ابن اوباما ان يطلق حملة تحقيق بانتهاكات حقوق الانسان في العراق ولم يفعل ، لأن مستشاريه افهموه ان شعار حقوق الانسان كذبة ، مجرد كذبة ! لاينبغي لرئيس أمريكي تصديقها . وهي في الاصل حق امريكا في انتهاك الحرمات والاموال والانسان والشجر حيثما توجد مصلحة امريكية غير مشروعة ..
أوعدنا أوباما ان يحمل الكيان الصهيوني على ايقاف بناء المستوطنات وايقاف تهجير الفلسطينين من ديارهم ومزارعهم واراضيهم .. فماذا حصل تحول 180 درجة ليطالب الحكام العرب بالتطبيع الفوري مع ( اسرائيل ) دون مقابل ..
والخلاصة اوعدنا اوباما ان يجعلنا دائما في حالة شك مريب من نواياه ... الشريرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب