الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية مدخل تفكيك الديكتاتورية وإحياء الدولة الوطنية (2-4).

نصر حسن

2009 / 11 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الديمقراطية مدخل تفكيك الديكتاتورية وإحياء الدولة اوطنية( 2- 4).
ما العمل إزاء هذا الضعف العام في العمل الوطني ؟! هذا هو السؤال المركزي المطروح على طاولة العمل الوطني الديمقراطي في سورية , السؤال الذي ينتظر الإجابة الصحيحة من قبل قوى العمل الوطني, إجابة صريحة قوية شفافة مسؤولة , بدون لف أو مواربة وعلى شكل برامج مكتوبة واضحة في هذه المرحلة العصيبة التي يعيشها الشعب ,على هذا الطريق يمكن أن يكون هكذا حوار وطني ,بمبادئه ,أهدافه , زمنه , وهياكله المؤسسية اللاحقة, بداية العمل السياسي الفعلي على طريق تحقيق المشروع الوطني للتغيير الديمقراطي في سورية.
والحال بما هو عليه , فإن الحوار الوطني الديمقراطي هو المدخل الضروري لإحياء الثقة البينية وتثبيت أسس الوحدة الوطنية, وتوهين العصبيات وتنظيف العمل الوطني من العلاقات المضرة المؤذية التي تعمق إفرازات النظام في التفكك والتطرف وشيوع ثقافة الخوف واللامبالاة والعودة إلى العصبيات المتعددة التي تفتك بالمجتمع , إن الحوار الحر هو المؤهل لنقل قوى التغيير إلى نهج العمل السياسي الوطني الفعلي, يضع في أولوياته كيفية إعادة الشعب إلى السياسة وتخليصه من عواهن الخوف والتعصب والتطرف واللامبالاة , بعيدا عن الأفكار المجردة الجامدة المعيقة لكل عمل تكاملي وطني منتج , بالاعتماد على الصراحة والصدق والنزاهة والواقعية , فالإستبداد لم يهبط من السماء ,ولم يتم تهريبه عبر الحدود ,ولم يتم إستيراده من الخارج , إنه من هذا الواقع , من هذا المجتمع, وابن تلك العلاقات والمحددات غير الوطنية وغير الديمقراطية وغير السياسية التي كانت الحاضنة الأساسية والسبب المباشر لنمو هذا السرطان في الجسم الوطني , حان الآن لتفكيكه وتجاوزه وتأسيس بديل وطني ديمقراطي جديد, جدير بالذكر أن أساس استمرار الديكتاتورية ضمن الصورة المعقدة داخليا وإقليميا ودوليا مع ما يتداخل فيها من علاقات متنوعة وتشابك مصالح النظام مع قوى إقليمة ودولية , سببه الأساسي هو في طبيعة عمل القوى الوطنية الديمقراطية الذي طبع المرحلة الماضية , بشاقوليتها التنظيمية وبذاتيتها وتفككها وهشاشة بنائها وطوباوية أهدافها وتخبط معاييرها الفكرية والسياسية وتعدد ولاءاتها وعزلتها عن الشعب , وسجالها الذي يشي بضعف قدرتها على التجديد وإنتاج المفاهيم الجامعة والمعايير السياسية الوطنية الثقافية المطلوبة , لضبط العمل التنظيمي والحفاظ على اتساقه الفكري الوطني وتطويره في صفوف الشعب , هذا الحوار يؤسس لمرحلة جديدة لتعريف دقيق بطبيعة الهدف وتحديد علاقاته ومتغيراته وموازين قواه ,ورسم برامجه على أساس المشترك الوطني العام ,وهو الوطن ومفهوم المواطنة بأبعاده الوطنية والاجتماعية والسياسية والقانونية والإنسانية .
واستطرادا , إن حوار بهذا المستوى والنضج هو ضرورة وطنية تمهيدية لعمل وطني منتج ,تكون الصراحة بدايته ,والنقد الجريء البناء وسيلته ,والإرادة الوطنية الإنسانية عتاده ,واحترام أسس العمل العام فضاؤه ,واشتقاق أو إنتاج وعي وطني سياسي جامع مشترك ,يكون هو مجال العمل العام بين جميع المواطنين وفئاتهم الاجتماعية والعرقية وتعبيراتهم الثقافية والسياسية والمدنية هدفه , يكتسب شرعيته من قدرته على تبني قضايا الشعب الأساسية ,ومدى فعاليته الوطنية في توحيد الموقف من الاستبداد ونتائجه , وفتح أفق جديد في المجال السياسي الاجتماعي الذي يعيش نتائج الفردية التي اغتصبت السلطة وعسكرتها وطيفتها وقضت على طابعها المدني الاجتماعي السياسي , الفردية العصبية التي اختطفت الدولة وأجهضدت مشروع النهضة الوطني والقومي ,وكل ما نعيشه اليوم هو إنتاج تلك البدايات التي أسست للديكتاتورية والفساد والفشل والظلم والاضطهاد واغتصاب حقوق وكرامة الشعب , جدير بالذكر أيضا فهم وتحليل العوامل التي مهدت وساعدت الفردية والطائفية للسيطرة على الحياة العامة في سورية , لعل في مقدمتها هو انقسام الأحزاب السياسية على نفسها وصراعها البيني وبعدها تخليها عن العمل في المجال العام , حصرتها الديكتاتورية والطائفية في صراعاتها الداخلية وغيبتها عن الساحة الوطنية ,وسرحت ومرحت وسجنت وقتلت وصادرت الحقوق دون رقيب أو حسيب وتحت شتى المسميات اللفظية الواهية , وأجهضدت بداية الحراك الوطني الديمقراطي النهضوي التحديثي التي شهدته سورية , ودفعت إلى ساحة العمل الوطني مفاهيم التفكك والعصبية والطائفية ,وأنعشت البنى والعلاقات ما قبل الوطنية وما قبل القومية غير الإنسانية وشوهت علاقات المجتمع المدني وواجهاته, واحتكرت السلطة والثروة والقوة وألغت الدولة وجعلت منها ديكتاتورية ثم طائفية ثم وراثية ثم عائلية كما هي اليوم , أي ألغت الديكتاتورية المجال السياسي ,واحتكرت مفاهيم الوطنية ,فضعفت علاقات المواطنة وتقلصت وتطابقت مع الولاءات الشخصية والطائفية والعرقية والمصلحية ,وتحولت بتسلسل القمع عبر عشرات السنين إلى نسق سلطوي عام يعيشه الشعب, إن تغييب المجال السياسي هو النقطة المفصلية الأخرى التي نرى أن يدور عليها النقاش الموضوعي لإعادة التأسيس له وعودته إلى أن يكون المحرك السياسي والثقافي ,والحاضنة الوطنية التي تنتج علاقات إيجابية لصالح المجتمع وسبل وحدته وتقدمه .
إن الحوار بأفق سياسي وطني واضح يهدف إلى توليد علاقات وطنية جديدة ضمن المتغيرات الداخلية والخارجية , يفرز المفاهيم والبرامج والخطابات الماضية ,ويعطي صورة موضوعية لواقع المجتمع بدون تضخيم وبدون إهمال وبدون إسقاطات نظرية في غير إحداثياتها الصحيحة وتجنب المراوحة في دوغما إيديولوجية أو عصبية , وأيضا يتجاوز الصيغ التي تصدرت العمل الوطني العام وأفرزت التباين والتفرقة والضعف في مواجهة الديكتاتورية ,بمحصلته يفرض التكامل المؤسسي ويكون أولى أهدافه هو إعادة الاعتبار للثقافة النقدية وللقيم الوطنية والأخلاقية والتوافق الوطني ,وجعلها أسس التربية السياسية الوطنية ومحددات العمل الوطني في المرحلة المقبلة ...يتبع
د.نصر حسن









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت