الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس سنوات على رحيل ابي عمار - بين الحصار والانفاق والسراب الامريكي فلسطين ستنتصر

محمد بركة

2009 / 11 / 14
القضية الفلسطينية


تعودنا عليه حتى بات جزءا من تقاسيم وجهنا، لكن الشعوب لا تموت إذا غاب قائدها وحادي مسيرتها، كحال البيوت التي تموت إذا غاب أهلها في لغة محمود درويش، إنما الشعوب تستلهم من صفحاته المضيئة نورا ليعينها على مواصلة الطريق إلى حيث تشرق الشمس.

ياسر عرفات الذي زاوج بين مايسترو القيادة السياسية وبين رب العائلة الفلسطينية بجمال وتفان لا يخلوان أحيانا من الخلط غير الضروري، وسيسجل شعبه إلى الأبد انه صائغ جوهرة ثوابت الحق الفلسطيني وباعث وهج الحركة الوطنية من رماد النكبة ومن وصاية الأنظمة.

سيسجل الشعب الفلسطيني أن ياسر عرفات هو البندقية وغصن الزيتون هو المقاومة والانتفاضة وهو خيار السلام العادل الذي كلفه حياته وكلفنا رحيله... عندما أرادوه ختما ممهورا على التسمية الجديدة التي أرادوها لاحتلالهم، فتمسك بالثوابت حتى الموت مسموما بالحقد الأميركي الإسرائيلي مع غمزة عين عربية راضيه برحيله مرضية بالرضى الأميركي.

الشعب الفلسطيني لا يقبل بأن تتكرر لعبة السم مرة أخرى، بشكل آخر..

فقد حاصروا خيار السلام الذي راهن عليه أبو عمار بثمن القدوم إلى الوطن وحراب الاحتلال مشرّعة فوق رأسه.

حاصروا صاحب هذا الخيار حتى الشهادة، وقالوا انه غير ذي صله فأوقفوا التفاوض معه.

والآن يحاصرون خيار السلام الذي يحمله أبو مازن بالمفاوضات ثم المفاوضات، حتى بلغ الأمر بنتنياهو زعيم الرفض الإسرائيلي أن يهتف في واشنطن داعيا أبو مازن إلى مزيد من المفاوضات.

لقد حمل الرئيس ابو مازن طوال حياته عبء الالتزام بالثوابت الوطنية بطريقته، وزاد حمله عند توليه مهمات أبو عمار، والحق الحق أقول لابي مازن: كنت وما زلت أمينا على هذه الثوابت، رغم الشتم والقدح والافتراء والتطاول إلا انه لم يسجل عليك التفريط بفاصله واحدة من كتاب الثوابت، ولم توقع على أي اتفاق ينتقص منها، ومن جهة أخرى أمنت بالتفاوض النزيه والتمسك بالحقوق ومعروف موقفك من عسكرة الانتفاضة ومن الصواريخ العبثية التي أطلقتها حماس قبل الانقلاب وإدانتها بعده.

إن إطلاق الصواريخ قبل بؤس الانقسام لم يكن على سديروت إنما على المشروع الوطني الفلسطيني، لتوفير ذرائع لا يحتاجها الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة جرائمه، وبعد الدخول في نفق الانقسام أوقفت الصواريخ لأنها باتت تشكل خطرا على حكومة الأنفاق، فارتهنت حالتنا بين نفق ونفق، وبين حصار وحصار، فأصبحت حكومة الأنفاق ورقة إسرائيلية وسيفا مسلطا على شعبنا، مبررا بالأمن الإسرائيلي، هذا الأمن الذي ترعاه سلطة الأنفاق بامتياز ومهارة.

الآن وصلنا إلى نقطة الحقيقة....

والحقيقة كما افهمها على الأقل من التجربة الفلسطينية في العقد الأخير، الذي يسجل نصفه على اسم أبي عمار ونصفه الأخر مسجل على اسم أبو مازن، أن المفاوضات عبثية إذا لم تكن مقرونة بحالة كفاحية وبرنامج واضح وعادل وعقلاني، وهذه الحالة في متناول اليد.

وأن المقاومة والصواريخ العبثية إذا لم تخدم مشروعا تحرريا واضحا وعادلا وقابلا للتحقيق فلسنا بحاجة اليها.

فهل يجوز لنا أن نسمح بمحاصرة أنفسنا وقضيتنا تطوعا بين مفاوضات تطوعية وبين مقاومة عبثية؟ ان ذلك هو العبث بعينه

إن خيار قضية التحرر لا هذا ولا ذاك.

لذلك فإن إصرار القيادة الفلسطينية الآن على استئناف المفاوضات على أساسين اثنين :الاول :مرجعية حدود 5 حزيران 1967 والثاني وقف الاستيطان بكافة اشكاله، هو السبيل الصحيح للخروج من عبثية المفاوضات .

وبالمقابل يجب بناء نموذج للتصدي للاحتلال والاستيطان في مواجهة الجدار وفي التصدي للمؤامرة على القدس: على أساس الحق في السيادة وليس اقتصار الأمر على مسألة العبادة ,ومواجهة سوائب المستوطنين الذين يستهدفون الإنسان الفلسطيني والأرض والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين.

إن الالتزام بالثوابت يغضب إسرائيل والرهان على امريكا وحسن نواياها سراب.

بين رضى إسرائيل ورضى فلسطين ستختار أميركا رضى إسرائيل..

وبين زعل إسرائيل وزعل فلسطين ستختار أميركا زعل فلسطين.

إلا إذا كان واضحا أن أمن إسرائيل مرتبط بأمن فلسطين، وهذا يتطلب حالة كفاحية ميدانية.

وإلا إذا كان رضى إسرائيل وزعل فلسطين مكلفا لأميركا..

لسنا سذجا لنستهتر بقوة أميركا وقدرتها وسطوتها وعدوانيتها، فندبج خطابات جوفاء... انما جزء من نضالنا ان تفهم أميركا أن شرطيها الإسرائيلي ليس هو حامي مصالحها، وإنما تفاهمها مع شعوب المنطقة والتزامها بحقوق العرب في المنطقة العربية.

إن جزء كبيرا من المجتمع الدولي يساندنا في المطالبة بحقوقنا الثابتة، وهذا يعني أن تعميق العلاقة مع أصدقاء شعبنا وأصدقاء السلام العادل هو مهمة كفاحية وان لا نتعامل مع اصدقاء شعبنا الحقيقيين والثابتين وكأنهم في الجيب

جزء من نضالنا هو لخلق حالة عربية شعبية يحسب حسابها عند أميركا وأنظمتها وهذه الحالة العربية المطلوبة تحتاج قطبا فلسطينيا تتماثل معه ومع أحلامه ومع شعاراته وكفاحه، وأن ترى الأمة عزتها في عزته وكرامتها في كرامته ومصالحها في مصالحه.

وإلا كيف ستعيننا الحالة العربية وكيف ستفرض حضورها على النظام العربي إذا وضعنا أوراقنا كلها عند أميركا.

النظام العربي يضع أوراقه كلها عند أميركا، وعندما تقفل الأبواب في وجوهنا نطلب عون الحالة العربية المتأمركة على أميركا.. هذا هو العبث بعينه

بين بناء مؤسسات الدولة وبين مشروع التحرر فالأولوية لمشروع التحرر، ولذلك فإن الرؤساء والوزراء والمحافظين وقادة الفصائل وكواردها هم مناضلون أولا، وبعد ذلك يمكن أن يكونوا حملة جوازات دبلوماسية، وهذا ما يجب استكماله بعد مؤتمر فتح المدجج بالأمل الكبير لاستعادة الحركة الوطنية الفلسطينية لأنفاسها.

الناس.. وأعني الشعب المعذب يجب أن يعرف انه هو الرهان الأساسي لقيادته، وأن القيادة يجب ان تحميه وليس أن تحتمي به، والقيادة التي تحمي الناس، تحميها الناس.

هذا المبدأ الذي تعلمناه على جلودنا بعد النكبة في معركة البقاء التي مازلنا نصارع من أجله في ظروف تبدو شبه مستحيلة.

بعد أسابيع سنقف أمام المحكمة الإسرائيلية بحجة أننا اعتدينا على قوات الأمن الإسرائيلية في بلعين وتل أبيب والناصرة، وإن احتاج الأمر أن ندفع الثمن وندخل السجن، ثمن مواقفنا وافتراءاتهم، فنحن جاهزون.

نحن ذلك الجزء الحي من الشعب الفلسطيني الذي ظل قابضا على وطنه في مواجهة الطغيان والملاحقة ومصادرة الأرض والعنصرية، لسنا أقوى منكم يا ابناء شعبنا في معادلة مواجهة الاحتلال والاستيطان، لكننا تعلمنا على جلودنا أن المفتاح للنجاح هو ثقة القيادة بقدرات شعبها وثقة الشعب بقيادته.

إن امتحاننا نحن الفلسطينيون في الجليل والمثلث والنقب ليس أن نساهم في معركة شعبنا من موقعكم, إنما أن نساهم في معركة شعبنا وانجاز السلام العادل من موقعنا نحن ومن خصوصياته وأدواته.

هناك ابتذال عندنا يتبنى شعارات المزايدة في الساحة الفلسطينية، ويريد أن يتحول إلى جزء منها، وكأن لا دور لنا في اسرائيل في مواجهة حكامها وقوانينها العنصرية وتهديد بقاءنا على تراب الآباء والأجداد.

هذا الابتذال مرفوض، لأن لنا في وطننا بقاء نحميه ومستقبل نبنيه وأمل نربيه، وهذه مساهمتنا الأساس في قضية شعبنا.

وهناك ابتذال عندكم في ساحتكم وكأن المعركة في ظل الاستيطان والتهام الأرض اصبحت على حقوق المواطنة في ظل الاحتلال، تارة تحت ذريعة الضائقة وتسيير الأمور، وتارة بالهرب إلى الأمام من المعركة لكنس الاحتلال وتقرير المصير إلى وهم الدولة الواحدة.

إن واقعنا اليوم، أننا نعيش في دولة واحدة، بمعنى أننا تحت حكم واحد وقرار واحد يصدر من مكتب نتنياهو، فهل ستصبح القضية قضية تحسين شروط عيشنا في ظل هذه الدولة الواحدة، ما هذا الهراء؟ ماهكذا تبدد أحلام الحرية؟!!

إن قضية الحرية شأننا، وقضية السلام العادل هي شأننا

والمشروع الوطني الديمقراطي هو شأننا، وصيانة أداة تنفيذه الأساسية: منظمة التحرير الفلسطينية وإرث ياسر عرفات هو شأننا.

والظلم والقهر الواقعين على شعبنا هو شأننا.. وفرح الحرية الموعود لشعبنا هو شأننا.

أحيانا نعضّ على النواجذ كي لا نجرح الحركة الوطنية وقيادتها واحيانا لا نستطيع، فنقول ما نقول، لأن ذلك شأننا.

نحن اخوتكم في الجليل والمثلث والنقب والساحل، نحن أبناء الشعب الفلسطيني، الحجر الذي أهمله البناؤون، نحن الذين بقينا ورسمنا مأثرة البقاء، نقول لكم قضية الحرية منتصرة، ونقول للأخ الرئيس رجح تحيزك لثوابت شعبك، ولا ترجح غضبك على نكث أميركا وإسرائيل لوعودها، ولا ترجح خيبة أملك من ظلم ذوي القربى، فشعبنا المناضل والطيب يستحق هذا التحيز
إن شأنكم هو شأننا وإن شانئكم هو الأبتر..

والنصر حليف شعبنا لأنه صاحب حق وارث ياسر عرفات سينتصر حتما.




*نص الكلمة التي القاها النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في الحفل المركزي لإحياء الذكرى الخامسة لرحيل القائد الفلسطيني ياسر عرفات، الذي عقد في مقر المقاطعة في مدينة رام الله يوم الأربعاء 11/11/2009، بحضور الرئيس محمود عباس، وقيادات فلسطينية











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الان فهمت
ناهد ( 2009 / 11 / 13 - 22:12 )
بعد ان قرات اخر سطر خف حنقي عليك ، لقد القيت هذا الخطاب بين يدي الرئيس وما غير ذلك اقبل بمبرر لمدحك بسلام عباس ، دخلك بماذا افاد القضية؟؟؟؟ وهل تذكر دوره كرئيس وزراء في ظل رئاسة ابو عمار ، ورفضه قضية محاكمة قادة اسرائيل خلال العدوان على غزة ، واخرها مهزله تقرير جولدستون والحبل ع الجرار وازا بدك بتمثيلية عدم ترشحه للرئاسة
!!!!!!
لعمري لقد مل الشعب ، ومن يتسلم دفة القيادة انما تهون عليه ارواح الشهداء وانات الثكالى والجرحى مقابل السلطة ، حماس وفتح وجهان لمعلة واحدة ، يريدون ادارة دفة الحكم ، وفي سبيل ذلك كان الاقتتال الداخلي ـ هي رغبة جامحة للسيطرة ، الموت ورائها .
كل الاحترام
سلام


2 - ليس من رجال التاريخ ولا الجغرافيا
فرح ( 2009 / 11 / 14 - 21:27 )
يبدو ان الاخ كاتب المقال يستخف بذهنيه القراء عندما يمجد السيد عباس الذي لم يبقي له شي ....بل باع كل ما يمتلك لخصمه حتى معاني القوه المعنويه... هذا الرجل لايصلح أن يقود معزه فكيف به يقود قضيه تأريخيه

اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة