الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناقض بعض الأكاديميون وشروط المنهجية1

ناجي نهر

2009 / 11 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



ولد هذا المقال من وحي ما قرأته لأكاديميين على المواقع الألكترونية حول ضرورة الألتزام بفضائل المنهجية عند وصف وتحليل الظواهر المراد بحثها وتحليلها او نقدها واهمية اقتران ذلك بالموضوعية ،بخاصة تلك المقالات الرنانة الناقدة لعامة الأكاديميين والمثقفين لخروجهم عن جادة المنهجية والموضوعية . واعترف هنا ان كافة المقالات التي قرأتها للأكاديميين كانت بحق ملبلبة وملتزمة بشروط المنهجية والموضوعية بشكل جذاب وكامل وتكاد تكون متشابهة فى المضامين المأكدة والمغالية على اهمية ان تكون الكتابات ممنهجة بموضوعية على وفق الطريقة الأكاديمية التي يعدها بعضهم حكرآعلى ألأكاديميين وحدهم وهو انحياز أكاديمي خالص فالمنهجية والموضوعية مطلوبة فى كافة المشاريع وكل الأعمال بسيطها ومعقدها فهي مما تعد خطة عمل ضرورية لكل عمل فكري وتقني ينوي فرد او مؤسسة تنفيذه. وفى تقييمي لتلك المقالات سوف اتناول الخلل فى وجهي المنهجية فى الخاص والعام لدى بعض اولئك الأكاديميون ،واقصد فى الجانب الخاص لدى الأكاديمين وغيرهم هو ما يخص الفرد ذاته وما يلزمه من منهجية تيسر انجاز اعماله ومشاريعه الخاصة والعامة وما يهمنا منها ذلك الذي يتسبب بأضرار واوجاع للآخر ،كالأضرار التي يسببها التناقض ما بين الأدعاء والممارسة . ان التناقض ما بين الأدعاء والممارسة هو ما تلمسته عن قرب فى سلوك اكثرية ألأكاديمين وأساتذة الجامعات وحملة الشهادات العالية وممارسات المتناقضة مع المنهجية والموضوعية سواء كان ذلك مع انفسهم او مع طلابهم ،فمن البديهي حينما يمنهج الأستاذ الجامعي عمله بشكل سليم فهو لا بد ان يرسم مخططآ تفصيليآ لمشروعه يتضمن اهداف خطته ومنهجه الذي يوضح فيه نوع العلاقة لمشروعه بالآخرين وسبل تسهيل عمله واعمالهم بمستوى متوازن ولا بد ان يكون لطلابه النصيب الآكبر من الأستفدة من تلك المنهجية . ولكن حينما تقرأ تلك المقالات المقصودة هنا بالتقييم لا تجد هذه الموازنة ممنهجة بشكل مريح لك كقارئ ومتلقي ولا للذين لهم علاقة مباشرة بالمشروع ألأكاديمي ولا يدلك الأستنتاج على أهتمام الأساتذة بالطلاب بشكل ممنهج وغالبآ ما تسأل نفسك ،اذن وما دام الأمر كذلك فلماذا يؤكد مختلف الأكاديمين نظريآ فقط على اهمية وضرورة المنهجية واثرها الموضوعي على ايصال المعلومة الموثقة للناس من دون الأهتمام التفصيلي بأثر اجزاءها الأخرى ذات العلاقة المترابطة والمتفاعلة مع العملية التدريسية بالكامل ,ومن اجل ان تتضح عظمة هذه المنهجية بتفاصيلها الشاملة والمهمة للجميع لا بد من اعارة التوازن بين الأدعاء والممارسة ما يستحقه من الأهمية وهو ما يصبوا له الطلاب وذويهم وكل المثقفين والناس اجمعين . وهذاهو ما يصبوا له الطلاب وذويهم وكل المثقفون والناس اجمعين . وبتصوري ان لا احدآ كامل الأدراك من ألأكاديمين اومن غيرهم سوف يتعارض مع قوانين حركة الأشياء فى ترابطها وتبادل مؤثراتها اطلاقآ بل بالعكس فأن مراعاة شروط المنهجية سيجعل العملية التدريسية تعتمد على اساس قوي وراسخ وواضح المعالم من المنهجية المتكاملة وغير المجزأة وبالتأكيد ستعطي نتائج ناجحة واضافات علمية مغنية للعلم وموثقة ، وبعكسه فالنكوس عن التطبيق الجيد للمنهجية سيعطي الجميع خيبة الأمل والمفارقة واثارة المواجع ويحدث المآ باشطآ يحز فى النفس ويكشف عن ممارسات متناقضة على الواقع العملي اليومي مع المنهجية ومع الموضوعية بخاصة مع الطلبة الذين غالبآ ما يتعرضون من أساتذتهم الى معاملة وضغوط مربكة والى منهجية عرجاء فاشلة وغير ممنهجة ومتناقضة مع ما يدعون وما يسلكون. وفى هذا المقام فأنا لست بصدد تقييم ما يكتبه الغير فربما لا اختلف عنهم فى هذا السلوك المتناقض ما بين القول والفعل فهو فايروس لمرض سريع الأنتشار ،ولكن الأهم بتصوري هو التركيز على معالجة الأسباب الفارزة لهذا التناقض والتي تكاد فى غالبيتها ان تكون مشخصة ومكررة ومحذرآ من اضرارها ومن المفيد التذكير بها وحصرها فى نقطتين :-
أ - الثقافة المتعالية لجياع الأمجاد غير المبالين بالآخر والمتناقضة أقوالهم مع الأفعال اولئك الجامعين لفلول الثقافة المتخلفة التي ورثناها وجبلنا عليها نحن شعوب العالم الثالث ومثقفوه بخاصة ،فقد وصمتنا تلك الثقافة بالأنانية والمصلحية والأنتهازية وجعلتنا نبتعد عن المنهجية والموضوعية فى ممارساتنا لأعمالنا اليومية بمعنى ان نبتعد عن امانة تحمل المسئولية فى انجاز الأعمال التي توكل الينا وما تتطلبه تلك الأعمال من الأخلاص والصدق والدقة فى تشخيص الآفات الأجتماعية التي تعرقل تنفيذها والتضحية ،وقد تخلفنا عن امتلاك الجرأة اللازمة فى الكشف عنها والأسراع فى معالجتها بلا مهادنة لحاكم مهما كان جبروته او التناغم مع رواسب ثقافته الأنانية مهما كان مستوى المبالغة فى تقديسها . فقد تعرفت من خلال تجربتي المتواضعة على اعمال بعض الأكاديميين الرائعة الذين اغنوا العلم بما لذ وطاب من نتاج جهدهم وسهرهم وتضحياتهم بروائع من السهل ان تخلدها العقول الوفية الى الأجيال اللاحقة، كما اطلعت على نواقص جدية وضارة فى ممارسات البعض الآخر فلم اتلمس من الغالبية الدقة فى العمل حتى فى الأمورالصغيرة التي من الممكن السيطرة عليها ومعالجتها دون عناء وبزمن قصير كتلك التي تتعلق بمنهجية اعمالهم اليومية ومواعيدهم مع الطلبة وغياب مبادراتهم فى الأعلام المسبق عن تحركاتهم واماكن تواجدهم فى حالة انتقالهم من مكان لآخر برغم وجود الموبايل والأنترنت ووسائل الأتصال الأخرى فقد كان النقص فى منهجيتهم متعبآ للطلبة ومشخصآ من كل ذوي العلاقة بالعمل الأكاديمي وكانت مثل هذه الشكاوى الطلابية على سبيل المثال تشتكي بصفة عامة من صعوبة الأتصال برئيس الجامعة او الأستاذ المشرف اوالمدرسين وتتهمهم بللا ابالية,وهو اتهام ربما يكون صحيحآ جدآ ،حيث من النادر ان تجد أساتذآ قد برمج لعمله البسيط بمنهجية وموضوعية بأمكانها ان تسهل عمله وتيسر للطالب معرفة قواعد العملية التدريسية ,وهناك ما هوأمر ،فبعض الأستاذة يتعمد عدم الرد على الطلبة استجابة منه لأرضاء أمراض أزدواجيتة وتعاليه المركونتين فى قعره منذ نشأته والمتجذرة فى وجدانه والمتأصلة كعادة لا يمكن الخلاص منها بسهولة ربما تكون شبيهة بعادة التدخين .
ب - اما وجه المنهجية العام فهو الوجه الأنساني الأكثر اهمية والأكثر ارتباطآ بمصالح الناس وان عدم التقيد بشروط منهجياته وبحوثه العلمية سيسبب ضررآ ابلغ مما يسببه عدم الأكتراث بالمنهجية الخاصة ،فوجه المنهجية العام يخص الشأن الأجتماعي العام الذي يتعدى سياق حدود الفرد والبلد والمنطقة والعالم برمته ،وستكون قيمة المنهجيته فيه تهم مجتمعات الدنيا بالكامل .
وما اعنيه هنا فى التدقيق فى التناقض الخاص والعام هو ما يتعارف عليه فلسفيآ بتحديد (مصدر الوعي) المختلف حوله منذ الخليقة ومنذ ولادة الملكية الخاصة الأستغلالية وسلطتها القسرية ،فالأختلاف حول مصدر الوعي ما زال حتى الساعة مركونآ فوق الرفوف المتربة برغم ان مفكرين ماديين كماركس وغيره قد بذلوا جهودآ استثنائية لحسم هذا الأختلاف علميآ ولكن ضعف الوعي الآنساني آنذاك لم يساعدهم على تحقيق هذا الهدف الأنساني النبيل . ان العمل المسئول على حسم هذا الأختلاف بسرعة يحضى من جميع الباحثين والمصلحين الأجتماعيين ببالغ الترحاب والأهمية كضرورة قصوى فى خدمة تقدم الأنسانية فى حاضرها ومستقبلها فى المجالآت المختلفة السياسية والأجتماعية والأقتصادية والثقافية حيث تتأكد على نحو متزايد ويومآ بعد يوم انسانية الأنسان المنتج من خلال تطوير التكنلوجيا الضرورية لسد حاجاته العصرية المادية والروحية وطموحه الى التلذذ بأنتاجه الفكري والتقني بحرية ،كما ان حسم هذا الأختلاف قضية بالغة الأهمية لعملية التطور وتحرير الوعي من الشوائب وتحصينه من الغباء المكتسب الذي ما زال قائمآ حتى اللحظة ،ولذا يتطلب من كل من يهمهم امر العلم والأنسان السرعة فى الأعلان الجرئ عما سببه غسل الوعي من دماء ومآسي ودمار وضياع للحقوق والواجبات ،ولا تقل اهمية عن ذلك ضرورة الكشف عن المستفيدين من ديمومة هذا الخلاف مستعرآ ودائم الدوران خلف الكواليس والعلن بين من يدعون العلمانية بخاصة وبين جهلهم فيما يحدد استنبات الوعي العلماني ومصدره وما بين جمود قناعاتهم على الأجتهادات الميتافيزيقية وديمومة اصرار السلفين منهم على الأفكار الوهمية المربكة للعقل والمعرقلة للتقدم بخاصة حملة الشهادات العالية ،الذين ترى البعض منهم حين يتكلم عن المنهجية والموضوعية وكأنه علماني من الدرجة الأولى لكنه فى الممارسة الواقعية تراه غيبيآ متزمتآ لا يعد المنهجية موضوعة علمية فيتعامل معها على وفق موضوعة العلم الرياضي المجرد الذي ينبغي التأكيد فيه على الترابط بين الأشياء المادية والتفاعل بين اجزاءها وحساب اثرها على المنهجية والموضوعية وترابطها مع العلمانية ليؤكد دون تردد على ضرورة ان تسجل براءة اختراع نتائج كافة البحوث والعمليات الحياتية بأسم العلم الأنساني الملموس فقط وليس بأسم العلم الميتافيزيقي الغيبي الذي لا يمكن ان يحل وثاق دجاجة وان استمر دعاء الجميع لذلك سنوات . ان العلم الغيبي علم تأملي محدود بالأفراد الذين يسكنون الأديرة والمستندين على تخيلاتهم واجتهاداتهم التي لا يمكن توثيقها الا بقوة السلاح وفرض الأمرالواقع ،فالميتافيزيقيا كما هو معروف فلسفة مثالية لا تخضع للتجربة والتقويمات الموضوعية ولا تربطها اي روابط بعملية التطور الحياتية برمتها ولا بمتغيراتها ولا يتمكن الباحث من تفكيكها والتحقيق بمكوناتها بغية الوصول الى هدف ما ملموس فى نتائجها الضارة والنافعة . لذا فقد اقترنت شروط عملية التطور الحياتية الناجحة منذ القدم على اعتماد معالجة المشاكل الخطيرة التالية : - - حسم التناقض بين قوانين العلم والمثال لصالح العلم وحسم التناقض بين القديم والجديد الذان ما زال وجودهما يشكل العقبة الكأداء فى عرقلة التقدم وانتشار العلمانية وترسيخ مفاهيم المنهجية والموضوعية الأكاديمية وغير الأكاديمية .
- حسم التناقض ما بين ادعاءآت اكثرية الأكاديمين الفكرية والتطبيقية حيث النسبة العددية الأعظم من حملة الشهادات العالية ما زال مؤمنآ بالخرافات والأوهام الغيبية الروحية ونفاثات العقد والسحر والشعوذة الأنتهازية وقراءة الأبراج على وفق طريقة امير فضائية الشرقية الذي لا يسبقه متسابق فى الأدعاء بالتقدمية والصوفية وامور اخرى لا تحصى كثيرة. فما زال البعض من حملة الشهادات العالية جدآ !! يقطع الفيافي والبحار من اجل ان يعثر على اللحم الحلال وحشيش الجنة المروي بالماء الزلال ويعيش الأيمان والفكر العلمي المزدوج بالمثال متكئآ على حجة باطلة وتافهة يرددها [ لا نخسر شيئ ان عملنا بالمثالية والمادية على حد سواء ] متناسيآ ان التاريخ المفجع للأنسانية كان بسبب هذه الفتوى البلهاء.
- ان استحالة البرهنة على الضرر الفادح من العمل بأفكار الفلسفتين سوية على وفق ما تروج له الأنتهازية من التوافق والتزواج والقواسم المشتركة ليس صعبآ ،فما يجري فى العراق بقيادة حملة الشهادات العالية من ردة نحو منهجية التخلف الطائفية والعشائرية وردة فى الترويج لموضوعة الحوزة الدينية وتحليلهم لسفك الدماء والمغالات فى الطائفية والشوفينية ،وما يجري من بذل وتضحية وجهود خارقة متواصلة الخطى فى الليل والنهار لحملة الشهادات العالية الموزعين بالتوافق والمحاصصة على مراكز الدولة الحساسة وفى تسابق لم يشهد له مثيل فى الخنوع والتوسل المهين فى خدمة العم سام وتنفيذ ما يخدم مصالحه الأستراتيجية بدقة منهجية وامانة موضوعية لهو الشاهد والدليل الأنصع على هذا التناقض والسلوك المشين . - لقد علمتنا الحياة ان المتألقين علمآ هم اكثر المنتجين للخيرات وهم اكثر الناس منهجية وموضوعية واشدهم بأسآ فى التصدي للجهل والطغاة واميزهم فى الأثرة والتضحية والتواضع .
وما لم يعالج الأكاديميون امراضهم العلمية ويسدوا الهوة بين القول والفعل فلا يمكن ان يكونوا أهلاً لما يحملوه من علم وشهادات ،وسوف لم يجد الناس فرقآ يذكر بينهم وبين وعاظ السلاطين .
يتبع :- سيعالج القسم الثاني تعاقب الحضارات وماذا يعني صراع الثقافات ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت
محمد علي محيي الدين ( 2009 / 12 / 1 - 06:12 )
الأستاذ ناجي نهر
لا أحد ينكر أن الكثير من الأكاديميين رغم ما وصلوا اليه من مستوى علمي لا زالوا يعيشون عقلية القرون البائدة والأغرب أن العلم الذي درسه هؤلاء يجب أن يعصمهم من الأنسياق وراء الغيبيات التي تتناقض مع العلم والبحث العلمي ولا نظلم أحدا أذا قلنا أن الكثيرين لا زالوا أسرى الموروث الشعبي الذي لم تزكيه الأيام أو يدعمه العلم وبالتالي فهؤلاء لا يمكن وضعهم في خانة الأكاديميين ولعلهم وراء التخلف الفكري الذي غزا مجتمعاتنا بوصفهم دعامة الثقافة والعلم وهم يسيرون في مؤخرة ركب التخلف ويأخذون أقوال من هو دونهم علما ومعرفة من خلال سماعهم لبعض الخطباء من أشباه المتعلمين ويأخذنا العجب عندما نرى أستاذا جامعيا مرموقا يجلس متربعا ليستمع الى رجل لم يحصل على الشهادة الأولية ويتفاعل مع كلامه الذي يتقاطع والعقل السليم بل أن البعض منهم لا يتورع ن المشاركة في بعض الممارسات التي لا تليق بمكانته العلمية التي يجب أن تكون في المحل الأرفع

اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال