الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترشيد السياسي صراع بين الصحافة و السلطة

اقريش رشيد

2009 / 12 / 4
الصحافة والاعلام



الصحافة ، هي المرآة التي تعكس وجه الديمقراطية في كل بلد يحاول أن يوفق بين حرية التعبير و الرأي و بين متطلبات الأمن الداخلي ، و هي بذلك ، تعمل في حقل اجتماعي كمشكاة لتنوير الرأي العام بمختلف القضايا التي تشغل عامة الناس و خاصتهم ، و تعمل أيضا على تصحيح ما يمكن أن تغفله السياسة أو تذكر أو توضح أو تفصل ،و الصحافة كعلم سامي جاء في ظروف سياسية كان موضوعها صراع حول ترشيد فعل السلطة ، و من له الحق في تدبير شؤون الناس ، و كان الرأي و التعبير من بين الموضوعات التي شغلت السياسيين ، في محاولة التوفيق بين هاجس الأمن و استتبابه ، و الرأي الآخر المتمثل في الفئة المتثقفة التي تنتقد فعل السلطة ، فالإشكال يكمن في جوهره أن السلطة ترى المجتمع من زاويتها الخاصة ، في حين ترى الطبقة المتثقفة ما يجب أن يكون عليه المجتمع ، فالاختلاف بالأساس يتجلى في التقدير السياسي للأمور بين مختلف الأطياف السياسية بما فيها السلطة الرابعة.

الملاحظ ، أن الصحافة في الوطن العربي ، عاشت ردحا من الزمن تعاني من إكراهات جسيمة ، لا تقل عن معاناة الطبقة المثقفة ، و جوهر الإشكال هو مدى تفعيل و تحين مصداقية المواثيق و التشريعات و القوانين العالمية و الوطنية في إفساح المجال لحرية التعبير و الرأي طالما يتعلق الأمر بمسلسل اسمه الانتقال الديمقراطي إلى حيز التطبيق و التنفيذ في الحياة العملية ، و من جانب آخر أن التدبير و التسيير لشؤون الناس لم يعد حكرا على السلطة السياسية بل أضحى في المجتمعات الديمقراطية من نصيب كل مكونات المجتمع بما فيها المجتمع المدني كشريك في اللعبة السياسية ، و محاولة انتزاع بعض الأمور لترشيد الفعل السياسي إلى جانب كل الأطياف الأخرى المكونة للمجتمع .

حين تتحدث عن الصحافة ، فنحن لا نستطيع أن نفصلها عن بيئتها التي أنشئت و ترعرعت فيها ، بل نقول أنها الصورة الحقيقية للمجتمع المدني و المجتمع السياسي ( الدولة ) ، و كلما كانت العلاقة موسومة بالديمقراطية في حرية التعبير و إبداء الرأي ، كلما كان التكامل واضح في العلاقة ، اما ان كانت السلطة لازالت ترى في الصحافة العدو المارق ، فان المسار الإعلامي يخضع للعبة شد الحبل ، و معنى هذا أن الأنظمة العربية بصفة عامة لازالت تمارس نفس الطريقة مع إشكالية حرية التعبير و الرأي ، ما يفيد أن العقد الاجتماعي لم يتمأسس بعد على الأحقية في العدل المجتمعي للمشاركة في الشأن العام ، فالسلطة لها خطوط حمر ، و الرأي و التعبير حق طبيعي ، و احترام السلطة واجب ، و الطاعة ضرورة اجتماعية ، وحرية التعبير متنفس مقيد بتشريع ، و يكون هذا المعطى صحيحا إذا كان التعاقد الاجتماعي مؤسس على التطبيق الفعلي لكل المواثيق و التشريعات الدولية و الوطنية في ظل ممارسة لها صلة بمعنى الحرية .

الصراع الدائر بين الصحافة و السلطة ، يعبر عمن ينتزع من الأخر تنازلات ، فالسلطة لها تصور في تدبير الشأن العام ، و الصحافة لها ملاحظات ليس إلا ، أي ما يجب أن يكون عليه المجتمع ، بناء على المتغيرات التي طالت إشكالية حقوق الإنسان في بعدها العام ، فالصحافة تمارس عملا شبيها بعمل البرلمان ، من خلال إبداء ملاحظات تهم الشأن العام ، ولما كانت الحكومة بيدها كل الوسائل اللوجستيكية و المالية و التقنية ، فان البرلمان يضل مقيد الأيدي مطالبا بالمزيد من الاختصاصات عبر إصلاحات دستورية . كذلك الشأن بالنسبة للصحافة التي تتصارع مع السلطة من اجل مجتمع مؤسس على تعاقد اجتماعي ديمقراطي ، تتضح فيه العلاقات و المسؤوليات و الالتزامات .


الصراع من اجل كسب حقوق صحفية لا يعني بالضرورة ، إشعال نار الفتنة او تحريض الناس على منكر ، فلا يعقل أن تسخر الطبقة المثقفة الصحافة إلى غرض غير محمود ، كما لا يمكن للسلطة ، أن تكون ضد حقوق الإنسان أو التعبير ، فالسلطة أم الكل و الصحافة جزء من الكل و الترشيد السياسي يظل محورا يشغل الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي