الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهمة والإسلاميين

اقريش رشيد

2009 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يمكن تصور العلاقة المكهربة بين التيارين ، على الهمة يرى تصورا آخر للمغرب بمقاربة وضعها مسبقا ، هي خطته التي يرى فيها حلا لازمات المغرب ، و بتأسيسه لحركة كل الديمقراطيين التي تضم العديد من الوجوه السياسية و التكنوقراطية و فعاليات المجتمع المدني و...لا يجد معارضة من قبل الأحزاب السياسية العريقة باستثناء الاتحاد الاشتراكي و العدالة و التنمية .

الحراك السياسي الذي أنتجه تحرك على الهمة في المجال السياسي سيجعل بعض الأعداء في الفعل السياسي أصدقاء ، مثلما وقع مؤخرا بين الاتحاد و العدالة و التنمية و هي إشارة غير مفهومة من الناحية الإيديولوجية و المرجعيات...و لا اعتقد أن التحالف صميمه وطني ، بقدرما هو محاولة تأكيد أن المستحيل في السياسة ممكن أثناء التحالفات...و لكن السؤال المشروع هو لماذا تحالف الاتحاد مع العدالة في ضل بناء المشروع الاشتراكي، و كان يكفي تقوية الإيديولوجية الاشتراكية كقوة موحدة لها وزنها في المشهد السياسي مع باقي الأطياف اليسارية وهو ممكن التحقق...

ربما يدخل الاتحاد الاشتراكي بنفسه منعطفا أخر غير محسوب بعد تأجيل أو فشل المؤتمر الأخير...

هرولة الاتحاد إلى العدالة والتنمية فيه تأويل كون العدالة تشكل قوة عددية و وازنة و مؤثرة، و بالنظر إلى تراجع الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات الأخيرة، بات واضحا أن خصوم الاتحاد ليسوا العدالة و التنمية بل حركة لكل الديمقراطيين، من باب أن المطالب الإصلاح الدستوري التي رفعتها العدالة والتنمية كانت فيما مضى هي نفسها مطالب الاتحاد التي برما فلتت من بين يديه حين قبل بالتناوب السياسي، و نذكر الخلاف الذي دار بين الاستقلاليين والاتحاد الاشتراكي حول الإصلاحات الدستورية قبيل نهاية حكومة التناوب...

الآن يركب الاتحاد الاشتراكي موجة العدالة و التنمية في جانبها الإصلاح الدستوري محاولة بذلك كسب تأييد الأطياف السياسية الأخرى و ضمها في هذا المسار ، و هي طريق محفوفة بالمخاطر بالنسبة للجميع ، من باب الاختلاف الواضح بين المقاربات الرامية إلى إصلاح المشهد السياسي .

تصورعالي الهمة يرى أن الإصلاح الدستوري غير وارد الآن ولا يكون إلا باستشارة الملك و في حدود ضيقة، فالمرحلة لا تسمح بمجازفات غير إستراتيجية، و العدالة تحاول كسب رهان التغيير والتحول الذي يعرفه المغرب الآن ، باللعب على المرجعية الدينية أي أنها تحاول كسب تعاطف الرأي العام معها في إعادة الاعتبار للمسوغات الأخلاقية والدين بعد انتقادات وجهت لمهرجانات فقط خسرنا فيها أمولا طائلة ، و في نفس الوقت تستثمر المرحلة لوضع خطط للتحالفات المكنة بعد الاتصال الهاتفي للملك .

لعبة شد الحبل واضحة بين التيار الهمة والعدالة، الهمة يريد مغربا يريده الملك، و هذا واضح، و تصوره لخلق حزب جديد شيء عادي بالنسبة له، و لكن يروم حول خلق تقافة جديدة مشابه للنمط الإصلاحي للعدالة أي نفس الآليات التي تشتغل عليها العدالة والتنمية في إعادة الاعتبار للمواطن، و حقوقه، وحسن اختيار المنتخبين والبرلمانيين، وتدبير جيد المجالس المنتخبة، و استقلالية القضاء.

الآن نفهم أن التيارين إصلاحيين، و الصراع يبقى محموما إلى حين تأسيس الحزب و إعلان إستراتيجية العامة لحل أزمات المغرب السياسي، و إن كان فريق العدالة والتنمية يعتبر فريق الهمة محسوبا على الدولة و القصر، و كان أولى أن تتحاشى العدالة و التنمية هذا الأمر حتى لا يقال أن الصراع حول السلطة بالمغرب ليس وطني بل شخصي.

الواضح البين أن المغرب عوض أن يشجع لغة الجدل، عليه ان يجد خارطة طريق تخفف العبء عنه ، في زمن ملغوم، و كثير التحولات و المتغيرات التي تحتاج إلى جدل عميق ، جوهره صيانة السيادة و شرعية النظام الملكي و المؤسسات و مصالح الرعية.


هل العدالة تملك جرأة حقيقية لمواجهة أزمات المغرب؟

اعتقد أن هناك مؤشرات ، تجعل من العدالة شريكا حكوميا فقط ، و ليس كاسح للخريطة السياسية ، على اعتبار أن مهندسو المرحلة غير واثقين بالخط السياسة للعدالة والتنمية ، فالمدقق في ردود أفعال قياداتهم التي تقترب للتناقض، حول كينونة المرجعية الدينية في بنية الحزب، فتارة هناك تأييد للمرجعية الإسلامية، وتارة أخرى تغيب لأسباب معينة ، و اختلاف حول هذه النقطة و بالنظر كذلك للإرهاصات الأولية في بناء التجمع الإسلامي في حركة تم جمعية تم حزب دون ان نغفل المواجهة مع السلطة أثناء الممارسة، و يجب أن نفهم قناعة الإسلاميين لما كانوا في الشبيبة وجمعيات إسلامية الإصلاح والتجديد ورغبتها في الممارسة الاجتماعية لتتطور إلى الرغبة في المشاركة السياسية من بابها الواسع، حين دخلت حزب الخطيب...

هنا بات المنعطف والمسار شيء آخر بالنسبة للمخزن، بما أن هناك تحول يسري في بنية مجتمع إسلامي محافظ و مؤمن إلى حد ما بالزاوية و دور الزاوية في التنشئة، بمعنى ان المجتمع المغربي طينة الصوفية، و حين نتحدث عن الصوفية و نربطها بالنظام السياسي المغربي، نجد انه هو الآخر قام على دور الزاوية في بناء السلام و السلم و الأمن، و هذه قناعة أخرى وخاصية أخرى من خصوصيات الشعب المغربي المسلم، و لما كان هذا التوجه هو السائد، كان هناك تحولات عميقة في بنية المجتمع الإسلامي في فترة الاستعمار وما بعد الاستعمار، في ضرورة إرجاع المرجعية الإسلامية و العقيدة إلى السلف الصالح، و السلف هو ما جاء في السنة النبوية و القران الكريم، و لكن الأمور السياسية لم تكن على ما يرام آنذاك ، الشيء الذي دفع بمعظم الأنظمة تكبح الاتجاه الأصولي وخاصة الراديكالي البين، فحدث عدة ثورات في البلدان العربية ...و لكن الأساسي في الأمر أن السلفية التي يطالب بها الاتجاه الأصولي ، انبنت على مرجعيات عبد الوهاب ، الذي امن بالمذهب الحنبلي بالعراق و أعاد صياغة السلفية التي كفرت كل شيء لم يرد في النص الديني ..تحطيم تماثيل باكستان التاريخية و تحريم الصلاة في الزواية ...و كل هذه المظاهر التي دخلت الديار الإسلامية عبر بوابة الوهابية، أججت صراعات خفية تارة أخرى و علنية تارة أخرى، و بخاصة في الجامعات التي يتناحر فيها القاعديين والإسلاميون، لتكريس إيديولوجيته.

الإسلاميون و تعدد مشاربهم، و تنوعهم، في الوطن العربي والإسلامي ، أيقظ فتن غير مرغوب فيها، متهما الحكومات بالضلال و الفساد، و كان مطلبهم راديكاليا مع السلطة السياسية، الشيء الذي نجم عنه الإرهاب الدولي، الذي سيوظف أموالا طائلة لتدويله...

العدالة و التنمية لم تسلم من تبيعات الأحداث الوطنية الإرهابية ، و تعرضت لمواقف سياسية خطيرة ، من قبل أحزاب عريقة بالمغرب ، متهمة العدالة و التنمية بالحزب الإرهابي و مشعل الفتن . و رغم محاولات الحزب إظهار حسن النية فان ذلك استغرق وقتا طويلا لتوضيحه ، عبر تنازلات محسوبة من اجل المشاركة السياسية ، و قبول بأساسيات اللعبة .

رغم المتغيرات السياسية التي أثبتت قدرة الحزب على تحمل الأزمات والمشاكل إلا انه ظل يقاوم من اجل الإصلاح، و الإصلاح لا يكون لحزب و احد يتزعم هذا الإصلاح كأنه" سيدنا قدر".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك




.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر