الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار صريح مع الدكتور نصر حسن - الجزء الثاني

نصر حسن

2009 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


جان كورد (عضو نادي القلم الكوردي) وحوار صريح مع د. نصر حسن
‏الثلاثاء‏، 08‏ كانون الأول‏، 2009
سؤال 10:
لماذا يتشدد معارضون سوريون كالنظام القائم تماماً في موضوع "الجولان" ويتساهلون في موضوع "لواء إسكند رون " الشهير بموقعه الاستراتيجي والثري بخيراته وجمال طبيعته وسعة مساحته؟ فهل هناك جزء من الوطن أغلى من جزء؟ أم أن الاحتلال التركي غير الاحتلال الإسرائيلي؟ ما رأيكم في الموضوع؟


جواب:

ليس هناك تشدد أو تساهل في الحق ، بل هناك تمسك فيه واستعداد وتنمية مستمرة لموازين القوى المادية ووسائل مختلفة للمطالبة فيه وتحريره من الاحتلال، الحق لا يضيع وخاصة إذا كان ذو بعدا وطنيا ثابتا ولا تملك أي سلطة أو حاكم حرية التصرف فيه ، فالنظام كما هو مقروء يتعامل مع سورية كمزرعة ، كقصر كثروة مباحة وشعب مستباح.

هذا النظام كما ينطق واقع حاله أوصل سورية كلها أرضا وشعبا ومصالح إلى الضياع ، فاللواء والجولان أراض سورية يجب أن تعود إلى أصحابها ،هذا موضوع شرعي قانوني لا يقبل المساومة ،لكن له نهجه وزمنه وموازينه ونظامه وجنوده ، ليس هناك تفاضل في القيمة الوطنية والإنسانية لأي جزء على آخر من الأرض الوطنية ، فكلاهما جزء محتل من سورية الجميلة التي شوهها النظام بالتخلي عن الأرض الوطنية وإدمان القمع والتهجير والترييف والفقر والفساد والتسول على أرصفة القوى الإقليمية والدولية ، الاحتلال هو الاحتلال سواء كان تركيا أو إسرائيليا أو أيا كان...

المعارضة السورية الديمقراطية بنهجها وبرامجها المعلنة ضد كل أشكال الاحتلال ،وتحافظ على موقف واضح من التمسك بالحقوق والأرض الوطنية وتحريرها .

سؤال 11:

بعض المعارضين يقرّون بوجود شعب كوردي إلى جانب الشعب العربي وأقليات قومية أخرى في سوريا، ووجود قضية كوردية ساخنة، وبعضهم يعتبر هذه القضية قضية وطنية أساسية يجب أن تُطرَح على بساط البحث والنقاش ضمن المعارضة، وخاصة فإنّ النظام يوغل في سياسة التمييز والتفرقة، بهدف تشتيت قوى الشعب السوري...برأيكم: هل هناك قضية قومية كوردية أصلاً في سوريا وخارج سوريا؟ وماذا تطرحونه باختصار داخل صفوف المعارضة لا فشال سياسة التمييز هذه؟ أم أنكم متفقون مع النظام حيال إنكار وجود هذه القضية؟

جواب:

بداية أوجه تحية للحركة الوطنية الكردية في سورية على مواجهتها المستمرة للاستبداد ، والتي تبنت الهدف الديمقراطي وأسلوب العمل السياسي المدني السلمي في إطار وحدة سورية ،وابتعدت كليا عن العنف والتطرف رغم خصوصية المواجهة مع نظام متطرف اتخذ العنف وسيلته في التعامل مع الشعب ،فالمواطنون الأكراد هم جزء تاريخي من الشعب السوري، ولم يهبطوا خلسة بالمظلات من السماء ،أو قدموا من الصين ، هم أصحاب حق موضوعي لا ينفيه تجاهله من قبل النظام أو هذا الطرف أو ذاك ، كما أنه لا يحققه المجاملات النظرية السطحية ، لذالك نرى ضرورة وعي الحق بقيمته وحدوده وعدم توسله من النظام أو من أي طرف وطني آخر ، بل تبني المعايير والبرامج الوطنية للمطالبة فيه ، المسألة أبعد من المواساة بالحق بكثير.

ومع احترامي لجميع المقاربات الوطنية النزيهة الحريصة على حل المشاكل الوطنية بشكل صادق وصحيح، أقول أن المشكلة الكردية في سورية هي جزء من المشكلات الوطنية العديدة التي أنتجها النظام ، وهي بواقعها الموضوعي مشكلة شاقولية ، بمعنى أنها بين النظام والمواطنين الأكراد بما هم جزء أصيل من الشعب السوري ، حاول النظام بشتى الوسائل غير الإنسانية التلاعب فيها وحرفها عن مسارها الوطني ،وإزاحتها أفقيا بين الأكراد ومكونات الشعب السوري الأخرى ، ومارس كل ما من شأنه تشويه بنيتها الثقافية والاجتماعية والدينية وحتى بيئتها الجغرافية.

نعم أستاذ جان هناك مشكلة وطنية يعاني منها المواطنون الأكراد السوريين ، الإنصاف والنزاهة وضرورة الحل تفرض الإقرار بذلك ، المواطنون الأكراد السوريون تعرضوا ويتعرضون لظلم كبير وانتهاك صارخ للحقوق والكرامة، وهي مشكلة وطنية عميقة في الشكل والمضمون ، نرى أن يتم توصيفها وتعريفها وتسميتها بشكل نزيه يعكس حقيقة المشكلة وليس سطحها أو تغليفها بكلاما نظريا إيديولوجيا يؤخر ولا يقدم حل المشكلة ، لاشك أن هذا يتطلب وعيا وتفهما وطنيين عاليين كمقدمة لمعالجة وطنية صريحة جريئة عادلة على أرضية الوحدة الوطنية.

هنا يجب القول بصراحة ، بأن بعض المفاهيم والمصطلحات المطروحة هي أقرب إلى الشعارات الموسمية ولا تعكس أبعاد المشكلة الفعلية ، والكثير منها مسقط عليها بحسن نية وسوئها ، ذلك أحدث الكثير من اللبس والارتباك في الموقف من المشكلة الكردية في سورية ، إحدى أهم تلك الإشكاليات هي كيفية التعامل مع مفاهيم/ الدولة -الشعب -الحقوق -الأرض –المستقبل/ ، لابد من وجود واجهات وطنية سياسية شرعية مؤهلة وقادرة وتريد الاتفاق على الأساسيات الواقعية الموضوعية للمشكلات الوطنية وليست الافتراضية النظرية ، من نافل القول أن الدولة كما هو معروف لها شعب واحد وجغرافية واحدة ونظام سياسي واحد ، وهذا الواحد تعددي يتألف تكوينا من أفراد متباينين في الدين والمذهب والثقافة والعرق ، لكنهم متساوين في القيمة القانونية والوطنية والإنسانية.

نأخذ مثالا واقعا اليوم ،في أكثر الدول عراقة وذات نظام سياسي ديمقراطي متطور حر، يوجد فيها شعب واحد وأرض واحدة وسلطة واحدة، والأمثلة كثيرة وحضرتكم تعيشون في إحدى أهم الديمقراطيات الغربية، وتدركون قيم التعددية ضمن نظام سياسي مؤسسي ديمقراطي يتساوى فيه جميع المواطنين أمام القانون بدون تمييز أو استثناء، وبالتالي يجب التأسيس النظري السليم والتعامل الصحيح مع المفاهيم والتعبير عنها بشفافية ومنهجية، وتبني السليم منها وترجمته إلى برامج سياسية واضحة تعكس هدفها الحقوقي والسياسي وتوضح بدون لبس نوعية العلاقة مع الآخر الوطني ، وأيضا قابلة للحوار مع شركاء الوطن للوصول إلى حل المشكلات الوطنية ومنها المشكلة الكردية.

برأيي هذا هو المدخل الأساسي الوطني الفكري الثقافي السياسي الحقوقي الإنساني لحل المشكلة ، أرى بالدرجة الأولى ضرورة النظرة الكلية للشعب السوري، وعدم تجزئة الظلم وبالتالي الشعب، بل إيجاد حل لمشاكل الشعب السوري كله، هذا الحل لا يمكن أن يكون عادلا ومرضيا للجميع سوى بمرجعية وطنية جامعة وبوجود نظام ديمقراطي تعددي ومؤسسات مستقلة وانتخابات حرة وبرلمان منتخب من الشعب يعبر عن إرادة الكلية الاجتماعية والعرقية في سورية.

ففي ظل حالة القمع المستمر ومحاولات النظام إزاحة أزماته أفقيا بين مكونات الشعب السوري، وضمن حالة شاذة من الفوضى الإقليمية والدولية التي أرخت مفاعيلها على سورية والعالم العربي ، يجب أن لا نرتبك في قراءة الواقع ، ولا نشتق خطابنا الوطني والسياسي من ردود أفعال على سلوك النظام الظالم ، وأن لا تضغط علينا الظروف المريضة الاستثنائية التي نعيشها فنضل الطريق المستقيم إلى المستقبل ، بل أرى أن نؤسس عمليا لحل كامل وطني عملي لجملة مشاكل الشعب السوري ، بتكثيف الأمر ،الدولة الوطنية هي الحل الأمثل لمشكلة الأكراد والعرب وعموم مكونات الشعب السوري، الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية هي الشكل الوحيد الذي يساوي بين المواطنين ويحافظ على حقوقهم وكرامتهم وخصوصيتهم بقوة القانون الذي يتساوى فيه الجميع بدون استثناء أو تمييز أو ترقيم.

وعليه يجب الوضوح في الفهم والطرح وتنقية البرامج من المفاهيم المربكة التي تزيد حالة التشويش والاحتقان والشحن العصبي المتبادل ، وهذا الأخير يصب في خانة النظام ويمنحه قوة مجانية ، وبالمحصلة تزيد معاناة الشعب السوري ، وأيضا برأيي يجب تصحيح ذلك الفهم المشوه للديمقراطية الذي يطغى على الساحة الوطنية، أي الديمقراطية العددية أو الحصصية أو الطائفية أو اللفظية التمييعية ،والتي لا أرى مصلحة البتة للحركة الوطنية الكردية في تبنيها ، هذا شيء خطير في المجتمعات القائمة على التنوع والتعدد الديني والاجتماعي والعرقي ، وغير المتوازنة عدديا في جغرافية بشرية محددة بحكم تكوينها التاريخي ، ديمقراطية المؤسسات والقيم وليس العدد هي الحل ، عندها يتم انتشال الصراع من طابع فئوي عصبي إلى أفق قيمي وطني سياسي عام.

وبهذا المنحى فإن الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية هي الحل الأنجع لتسوية المشاكل الوطنية ، عندها ينتقل العمل الوطني إلى مستوى سياسي آخر ،محدداته التفاعل والعمل المشترك على صياغة مستقبل يحترم خصوصياتهم وفيه شخصيتهم الفردية والجماعية ، بخلاف ذلك لا حل آخر سوى استمرار التشقق ودوام الاستبداد والظلم وتعدد أشكالهما ، لاشك أن هناك تراكم كم هائل من الظلم والتهميش والتجريد من الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية والاعتقال والقتل وسد أبواب العيش أمام الكثير من المواطنين الأكراد ،لكن هذا الظلم وقع بنفس النسبة وأسوأ على بقية المواطنين السوريين ، حماه مثالا صارخا.

واسمح لي بقليل من الاستطراد ، ليس انسياقا وراء التباري في حجم الظلم، بقدر ما أقصد توضيح أن النظام وزع الظلم على الشعب السوري كله بدون استثناء ، كما تعلم أستاذ جان حوصرت مدينة حماه لسنوات وحرمت من الغذاء والدواء والماء والكهرباء ، وعوقبت بشكل جماعي وتم تصفية المواطنين بمحاكم ميدانية في الشوارع ولم يستثن الأطفال والنساء وكبار السن ولا حتى دور الأيتام والعجزة ، ترافق ذلك مع حملة مسمومة في عموم سورية ضد سكانها ، تسلسل ذلك بهمجية ليس لها مثيل سوى منفذيها ،إلى أن تم حصارها وعزلها عن المدن السورية وعن العالم الخارجي في شباط المشؤوم عام 1982، وتم قصفها على مدى شهر بكل أنواع الأسلحة الثقيلة ،بالطائرات والصواريخ والأسلحة المحرمة ودمرت المدينة الخالدة فوق سكانها.

وعلى أشلاء الضحايا والدمار دخلت الدبابات والمدفعية وكل آليات قوات الرعاع والحثالة إليها، وأشلاء الجثث في الشوارع والمنازل المهدمة، وتم سلب المدينة وحرق أحيائها بسكانها وضحاياها ومتاجرها ،وجرف البشر بالجرافات بالجملة وقبرهم في مقابر جماعية بدون معرفة أسمائهم ،هناك عدة مقابر جماعية موثقة مع مجرميها ،أكبرها ثلاث تم البناء فوقها لتضييع الجريمة ! تم تدمير شامل منظم لثلاثة أرباع المدينة التاريخية بجوامعها وكنائسها وسكانها مسلمين ومسيحيين بدون استثناء ،وراح ضحايا بعشرات الألوف ،وجرد عشرات الألوف من حقوقهم المدنية ولازال ،وتم تهجير عشرات الألوف منها ، ومنع الأحياء من مغادرة سورية لعشرات السنين، ولازالت اليوم مخلفات الجريمة من المآسي الاجتماعية والإنسانية تتفاعل وتكبر وهي لا تعد ولا تحصى ،هناك ألاف المفقودين والمشردين والأيتام والأطفال لا تعرف ذويها أبدا !،

ما الحل أما هذا الواقع المروع والدمار الوطني الإنساني الشامل الذي يمزق الضمير ويعكس حقيقة هؤلاء الرعاع؟!،

ما العمل أمام هذا الكم الشاذ من الظلم والوحشية التي لم تعرفها البشرية في أشد مراحلها همجية وغريزية وانحطاط؟!

من وجهة نظري ،الحل لا يكون بالتحلل الإنساني في الظلم وهول تعقيداته الإنسانية المدمرة للوجدان والضمير والكرامة الإنسانية ، ولا الرد عليه غريزيا بتنمية عوامل الثأر ، ولا الخضوع والاستسلام إلى الغرائز وردود الأفعال السلبية ،واتخاذها برنامجا يتماهى مع الجلاد بفعله وثأره .

على النقيض من ذلك ،أرى أن الحل في الضغط على الجراح والتسامي وتحييد تفاعلات الثأر ،والإصرار على العدالة بالعمل الوطني المنهجي الديمقراطي السلمي ،لاشتقاق برنامج وطني قادر على تحقيق العدالة وسيادة القانون الذي سوف يأخذ مجراه ويعيد الحق لأصحابة ،ويحاسب المجرمين مهما طال الوقت ، المواطنون الأكراد عانوا بنفس القدر وربما أكثر.

اشتقاق الحل هو في تأسيس جدي للقانون وقوته واحترامه ، وفرض قيم العدالة والمساواة ومحاكمة المجرمين من قبل قضاء عادل حر نزيه ، وأيضا التعويض للضحايا ورد الاعتبار الوطني والمدني والإنساني لهم ، هذا هو الحل الذي يوصل إلى الحق والعدل والحرية والأمان والعيش المشترك ، العمل الانفعالي الغاضب السريع العاطفي الانفصالي لن يوصلنا إلى نتيجة ،بل هو يمثل وقودا مجانيا لآلة النظام الذي يحرق الأخضر واليابس في سورية ، هذا المنحى من المقاربات يزيد المعاناة عمقا واستمرارا ، ويزيد شحن الكراهية البغيض المتبادل ، بمحصلته يضيع الحق الفردي والفئوي والوطني ،ويتيه الجميع في مستنقعات الاستبداد والعصبية والأوهام والتشقق الاجتماعي والوطني والعرقي والظلم الذي لانهاية له.

وحده العمل الوطني الديمقراطي المؤسسي على طريق بناء دولة العدالة والقانون ،هو الكفيل بإرجاع الحقوق إلى أصحابها وتعويض المتضررين وإرجاع الجنسية للمحرومين منها وتطبيع الوضع المدني والقانوني لهم ،وهذا عمل كبير يجب أن يرتقي كل أطراف العمل الوطني بنيويا إلى وعيه والـتأسيس له والتربية عليه والخروج من دوائر الظلم حتى نراه بوضوح ، ونتمكن من إحاطة أبعاده كاملة واشتقاق وسيلة عملية لعلاجه.

على هذا الأساس يكون الاحترام والتفاعل في العمل الوطني البعيد عن التحريض والاستفزاز مقدمة لابد منها، وأيضا الافتراق مع الازدواجية على مستوى المواقف والبرامج ،والانتقال إلى صراحة الأهداف والتعبير عنها ببرامج وطنية سياسية تتفاعل ديمقراطيا لإنتاج مستقبل مشترك، قد يكون هذا الكلام لا يستسيغه هذا الطرف الوطني أو ذاك ،لأنهم كما هو واقعهم اليوم محكومون بضغوط برامج جزئية عصبية تراوح بين حدين خطيرين ،الأول خطاب النظام ، والثاني خطاب يستبطن رفض الآخر الوطني ،ويعكس عمليا نهج الإقصاء أو الانفصال ، ومع ما يشوب العمل العام من شبه برامج نظرية تجريدية متصفة بسقف حقوقي وهمي غاية في الارتفاع ، غريب أنه لازلنا لم ندرك بعد أن هذا المنحى لن يوصل لنتيجة سوى زيادة معاناة الشعب السوري، أستاذ جان.

المفاهيم والحقوق والشعوب والتاريخ والجغرافية هي ليست قوالب جامدة حجرية لا تعرف الزمنية ،وكأنها مومياء مستغرقة في نومها وسباتها في أروقة التاريخ الإنساني ! عكس ذلك هي صيرورة إنسانية وفي مرحلتها الحالية تجاوزت الطرح الجزئي العصبي الانعزالي ما قبل وطني ، العالم كله يسير بسرعة مذهلة باتجاه التكامل ، البعيد عن الرغبة في تمييع الخصوصيات الإنسانية والتحلل العدمي وضياع معالم جمال فسيفاء الشعوب وحقوقهم ، أوروبا أصبحت دولة واحدة والجميع محترمة خصوصياتهم وثقافاتهم وحقوقهم.

لماذا هذا الطغيان في البرامج الإقصائية والانعزالية ورفض الآخر من بعض الأطراف عندنا؟

لماذا هذا الإصرار على التعسف في الفهم وربط الحقوق بالإقصاء أو الانعزال؟!

لماذا هذا التحديد الأعوج للحق والإصرار المقيت بأن حقي هو في انتهاك أو نكران حق الآخر الوطني؟!

لماذا يراد لنا أن نفهم العكس دائما ، بالسير ضد مسار التاريخ الإنساني؟!بدل تعميق العلاقات البينية والمصالح المشتركة والبحث عن سبل تحقيق السعادة وليس استمرار دوامات المأساة التي تتناوب على هذا الشعب المسكين بأكراده وعربه وكل مكوناته؟!

طبيعي يمكن ترتيب الحقوق وتمييزها وتصنيفها معياريا وقانونيا والبرامج السياسية وكل المفاهيم النظرية أيضا ، لكن لا يمكن فصل أو تكسير حلقات التاريخ الإنساني ،وليس عملا حكيما تخريب بنى الثقافة المشتركة ، وعبثيا رغبة إزاحة الجغرافية حسب مزاجنا! هذا عمل عدمي يجب وعيه بنزاهة وعمق ومسؤولية.

أرى أن هناك أمل موضوعي بحدوث طفرات نوعية في الوعي والضمير الوطني لدى كل أطراف المعارضة، وجيل جديد وتحول جديد في فهم الحق وشرعية المطالبة فيه ، نرى أن يؤسس ذلك بالصدق والصراحة والمسؤولية ، والإقرار بأهمية تعميق الحوار البيني وتعشيق البرامج الوطنية وتجذير العمل الديمقراطي كفهم وسلوك وأسلوب ونزاهة وطنية ،ورفع منسوب المسؤولية الأخلاقية الوطنية الإنسانية للوصول لتسوية وطنية ومعالجة ما يعانيه الشعب السوري من ظلم، لذلك أرى الابتعاد عن الطرح الاستفزازي الذي يضيع معه الحق وينتج الشقاق ويطيل زمن الاستبداد ويعطيه ورقة دائمة لإخافة الشعب السوري.

نحن الآن نتكلم عن برامج وأفق سياسي وعمل مؤسسي مفتوح للمستقبل وأركز على كلمة مفتوح ، هنا نرى التأكيد على الغائب عن برامج الكثير من أطراف العمل الوطني ، وهو عدم احترام رأي الشعب، والوصاية عليه وعلى الديمقراطية، وعدم التمييز والفصل الواضح بين مرحلة الاستبداد التي نعيشها اليوم ومفاعليها ، ومرحلة الدولة الديمقراطية الحرة المستقبلية وتجلياتها العملية في حياة الناس.

القول الفصل هو لرأي الشعب ممثلا بمؤسساته الدستورية بظل حياة ديمقراطية فعلية حرة وليست افتراضية مجردة ، رأي الشعب عبر مؤسسات وبرلمان حر منتخب طوعيا من الشعب هو الفيصل ، بتكثيف الأمر ومباشرته.

بكل الاحترام أقول أن المعارضة السورية بكافة أطرافها الوطنية العربية والكردية وكافة مكوناتها المجتمعية اليوم غير مؤهلة لحسم قضايا مصيرية تخص مستقبل سورية ، إذ لا ننسى الوضع الخطير على الأرض الذي أوصل النظام الشعب السوري إليه اليوم ، والذي يتجلى موضوعيا بطغيان المجتمع الأهلي بغرائزه وعصبياته بعد أن خرب النظام بشكل منهجي متسلسل الروابط الاجتماعية المدنية الوطنية الإنسانية ، بات المجتمع السوري اليوم مفخخا بأحزمة الحرب الأهلية التي ربطه فيها الاستبداد، هذا وضع مقلق وخطير وأشبه ببرميل من البارود قابل للانفجار بأي شرارة عبثية.

خلاصة الأمر أن مشروع المستقبل نرى عدم قفله مسبقا ، بل يجب أن يأخذ أبعاده من الواقع الذي يعيشه الشعب وربطه بأفق المستقبل ، وليس من الإرتداد للعصبيات والأطر النظرية المجردة والسجالات السياسية والاهتداء الأعمى بظلام الظروف الإقليمية وشعاراتها الغوغائية وفقاعاتها الوقتية وتوزيع الأسماء والتوصيفات التي تؤخر ولا تقدم.

هذا مشروع كبير مفتوح في إطار المستقبل ،أرى عدم تشويهه بطرح نظري استفزازي غير عملي وغير واقعي وغير مفيد ، كفى الشعب السوري ظلم وعذاب وهجرة وترحيل وحرمان من الحقوق ووعود لم يتحقق منها شيء، وبرامج مفروضة عليه لا تعبر عن رأيه ، نرى التحرر من رحى تلك الثنائية الخطيرة التي تطحن الشعب السوري ،رحى الاستبداد ورحى الإقطاع السياسي الذي يطغى على عمل بعض أطر المعارضة العربية والكردية على حد سواء، أخيرا إن ما يتعرض له الشعب السوري بظل هذا النظام ،أعتقد أنه أكثر من كاف لتحريك العقول والضمائر وشحذ الإرادة والخروج من ذلك الباب الدوار ، إلى البحث الجدي عن برامج عملية تمثل مخرج مما هو فيه اليوم من تردي .

سؤال 12:

هل حقق ألسيد أوبا ما شيئاً من أهدافه في سياسته الشرق أوسطية؟ وماذا يريد السوريون من السيدة كلينتون حقاً عندما تتطرّق إلى الملف السوري؟

جواب:

من السابق لأوانه إطلاق حكم على ذلك ، فالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تحكمها مصالح إستراتيجية ، في الواقع الحالي ورثت تركة ثقيلة ومعقدة من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ، ولازالت بؤر الصراع الأساسية في فلسطين والعراق وعموم الشرق العربي بدون أفق جديد ،تتفاعل التناقضات مع سلبية غياب المقاربات الصحيحة بتوليد صراعات جديدة وليس حل الموجود منها ، لم يتحقق شيء ما يذكر على المسار الفلسطيني ، والعراق لازال غارق بالدماء والفوضى والفساد والطائفية السياسية ، ودعم الديمقراطيات المعارضة لازال ضعيف للغاية ،باختصار ليس هناك شيء يميز مرحلة الرئيسين سوى التحسين الطفيف في سمعة أمريكا ورفع المنسوب الأخلاقي الذي أدى إلى تحسين صورتها قليلا.

وأما بالنسبة للملف السوري، نرى أن على الشعب السوري ورموزه الوطنية الديمقراطية فتح هذا الملف من اليمين إلى اليسار وقرائته جيدا ،واستيعابه بواقعية ووطنية وتحليله بشكل مجسم والخروج ببرنامج وطني واحد يلخص مصلحة الشعب السوري في تغيير هذا النظام وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية ، مطلوب من كل قوى الحرية مساعدة الشعب السوري على هذا الطريق.

سؤال 13:

ماذا عن سياسة "الكف عن المعارضة" تجاه النظام؟ هل كان هذا خطأً تاريخياً أم تكتيكاً ذكياً من السيدين بيانوني وزهير سالم (من أقطاب المعارضة في جبهة الخلاص سابقاً)؟ هل ترون نتائج ملموسة لهذه السياسة؟

جواب:

تعلم أن جبهة الخلاص الوطني تضم طيف واسع من القوى الوطنية في سورية ،توافقت على موقف وطني موحد أرضيته وسقفه السياسي هو الديمقراطية على طريق التغيير وبناء الدولة الوطنية المدنية ،وأسلوبه هو العمل الديمقراطي السلمي ،أي برنامج الجبهة الذي توافقت عليه مكوناتها ومنهم الإخوان المسلمين هو تغيير النظام سلميا وبناء الدولة المدنية، كان الإخوان المسلمين يمثلون طرف رئيسي وأساسي في الجبهة ،لاشك أن خروجهم أثر سلبيا على الجبهة والمعارضة.

ومع احترامي الشديد لكل الآراء ، لكني قلت وأكرر إن موقف الإخوان المسلمين بتعليق معارضتهم للنظام كان قرارا غير موفقا ويتعارض كليا مع برنامج جبهة الخلاص الوطني ،وهذا ما توصل إليه الإخوان بعد أن تأكد لهم أن النظام غير صادق وغير جدي في علاج ملفات الماضي وخاصة ملفات التيار الإسلامي الكبيرة ،وكل ما يريد هو استغلال ذلك لمصلحته وإحداث شرخ وارتباك في عمل المعارضة الوطنية وتجاوز بعض التناقض في تعامله مع الحركات الإسلامية العربية .

وبكل الأحوال نحترم وجهة نظر كل فريق وطني ونقدر ظروفه ،فالتيار الإسلامي قدم عشرات الآلاف من الشهداء والمفقودين والمهجرين ،ولديه الحق في رؤية ما يراه سليما لحل المشاكل الإنسانية التي يعيشها نسبة كبيرة من الشعب السوري ، والبيان الذي صدر مؤخرا حول تعليق معارضتهم بمناسبة انعقاد مؤتمر الأحزاب العربية في دمشق وحضرته قوى إسلامية معارضة ، بيان الإخوان يقول بأن النظام غير جاد ولم يقابلهم التحية لا بمثلها ولا بنصفها ولا بربعها ،رغم كل الإشارات الإيجابية التي أرسلها الإخوان ، مما يعني عمليا أن النظام لا يمكن أن يتجاوب بحل أي ملف في سورية ، بل يريد التعامل الأمني مع الموضوع ، معنى ذلك عمليا أن التعليق لم يعد له معنى لأنه وصل إلى نهاية مسدودة ، على أن العمل الوطني ليس موقفا (ستاتيكيا) جامدا، ولا أسيرا لهذا الموقف أو ذاك ،بل محكوما بمصلحة الشعب السوري ، فالبيان يعتبر مراجعة صريحة وجريئة لتلك الخطوة ، وبالمجمل نرى ضرورة تنشيط كل ما من شأنه توسيع أفق التكامل بين أطراف العمل الوطني على طريق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي في سورية .

سؤال 14:

هل فشلت فكرة جرّ "اليساريين والبعثيين والإسلاميين المعتدلين" إلى صف المعارضة الديمقراطية، أم أنه لا يمكن تغيير النظام بدونهم؟

جواب:

المريح في المعارضة السورية من يمينها إلى يسارها أنها سلمية وديمقراطية ومستقلة ، ومن المعروف أن العديد من أطرافها كانوا على فراق أو تفاعل بيني ضعيف في السابق ، نشطت بشكل ملحوظ عام (2000) بعد استلام بشار أسد وراثة سورية ، ترافق ذلك بزيادة وعلنية العمل المعارض وبشكل خاص على الساحة الداخلية ،ممثلا بنشاط المجتمع المدني والحقوق إنساني ومتوجا بولادة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي ، وشهد الخارج نشاط موازي وتأسست جبهة الخلاص الوطني ،واختارت بعض أطراف العمل الوطني أن تخوض نضالها ضد الاستبداد منفردة خارج التشكيلين المذكورين .

وبديهي أن التصدي للاستبداد يحتاج جهود الشعب السوري كله ، لذا حري على أطراف العمل الوطني أن تتحاور بصراحة ووضوح للتفاعل وليس الجر ، لتنمية موازين قواها في المعادلة الوطنية ، على هذا الأساس هناك حوارات مستمرة بين أطراف العمل الوطني على كافة المستويات ، وارى أن الذي تملكه أطراف المعارضة الآن هو سلاح قوي ضد الاستبداد ،وأعني الحوار على طريق توحيد المرجعيات الفكرية والسياسية، بمعنى لو توصلت أطراف المعارضة إلى كتلة أو جسم وطني سياسي واحد وببرنامج سياسي في الموقف من الاستبداد ،أعتقد أن الأمور سوف تختلف كليا عما هي عليه الآن من إتباع البرامج الجزئية التي لا تشكل ضغطا أساسيا على النظام ،هناك حوارات مستمرة أرى من واجب كل الأطراف دعمها والانخراط فيها .

سؤال 15:

ماذا عن دور الجيش السوري؟ كيف يمكن استعادة استقلاليته بحيث يتخلّى عن العقيدة الحزبية ليعود جيشاً وطنياً لا يتدّخل في السياسة ويقوم بواجبه في الدفاع عن تراب الوطن وسيادته ووحدة البلاد؟ أم لم يعد ثمة جيش سوري بمعنى الكلمة ومن الضروري بنائه من جديد؟

جواب:

الجيش السوري مشهود بوطنيته وبدوره على المستوى الوطني والقومي، كان ولازال في بنيته العامة وطنيا ، مشكلته اليوم هي مشكلة الشعب السوري كله، أي في رأسه، أعني قيادته ، فالنظام بشكل مبكر جدا أفرغ الجيش من خيرة ضباطه القياديين ،واستبدلهم بموظفين لدى النظام وشوهه تركيبته الوطنية واستقلاليته ، وأدخله في تناقضات دائرة الحزبية والطائفية الضيقة على مستوى القيادة ، وحصر ملكيته في رأس النظام عبر تسييسه والسيطرة عليه ونقله من جيش وطني لحماية أرض الوطن وأمن الشعب وكرامته الوطنية والقومية ، إلى جيش لحماية النظام وتوريطه في هزائمه وفساده ومؤامراته ومساوماته على الأرض الوطنية والأمن الوطني والقومي ، وبالتالي أصبح الجيش أسير قيادته التي تشكل جزءا من النظام الأمني ،وعليه فقد حريته في القيادة ،وهذا هو سبب كل الهزائم التي أوقعه فيها النظام.

مشكلة الجيش السوري هي وجه من مشكلة سورية ، وعندما تستقيم الأمور في سورية ويعود الجيش إلى تركيبته المهنية المؤسسية الوطنية القادرة على حماية الوطن والشعب وتحرير الأرض الوطنية ، هذا مرهون كليا بالتغيير الوطني الديمقراطي السلمي في سورية ، الاستبداد والطائفية السياسية في نسيج سورية أصبح سرطانا منتشرا بشكل خطير ، لابد من بتره وإعادة الحياة الوطنية الصحية إليه .

سؤال 16:

يبدو أن الدستور يبقى دائماً عائقاً أمام أي تغيير جذري وحقيقي في البلاد، هل للمعارضة الديمقراطية السورية أي مشروع جاد لدستور جديد، أم أنها مجرّد ملاحظات على ما هو موجود؟

جواب:

إذا كنت تقصد دستور الاستبداد الذي فصله أتباع النظام ومأجوريه على قياس الطائفية السياسية والعائلة والفرد الديكتاتور المستبيح لوطن وشعب أوافقك الرأي ، فهو العائق العملي أمام تحقيق العدالة وحتى أي إصلاح أو تغيير أو حتى تنمية وتطوير في سورية ، لأن النظام بالإضافة إلى كون دستوره من هذا المقاس البائس ، أسعفه بقوانين حالة الطوارئ وجحافل فروعه الأمنية الفالتة ،واستنادا إلى ذلك عاث ويعيث بالبلاد والعباد تنكيلا وفسادا، على النقيض من ذلك يجب أن يكون الدستور هو العقد الاجتماعي القانوني الوطني الذي يؤسس للعدالة والحرية والمساواة بين المواطنين ،وهو يعبر عن تسوية وطنية مقبولة منهم تصون حقوقهم جميعا بدون تمييز، يحميه قضاء حر قوي نزيه ، هنا تحديدا تكمن الحاجة الوطنية القانونية إلى فصل السلطات واستقلالها لتقوم بعملها بحرية لخدمة الشعب وحفظ حقوقه وكرامته ومصالحه.

سؤال 17:

دكتور نصر، نسمع كثيراً عن "إعلان دمشق" وعن "جبهة الخلاص" وعن انخراط غيرهم في "جهاد" النظام، فهل السوريون بسطاء ليصدّقوا أن مثل هذه التكتلات الضعيفة التي لا تملك أي مبادرة جدية وعملية على الساحة، ستحررهم من "استبداد وفساد" عقود طويلة من الزمن؟ أمّ أن للمعارضة مشروع جديد؟ ...

جواب:

مع احترامي لوجهة نظرك ، الأمر ليس بهذا التبسيط ، الشعب السوري والعالم العربي والدولي يسمع ويرى كم القمع والعنف اللذان يقابل فيهما النظام الأمني المعارضة الديمقراطية السلمية في جمهورية القمع الوراثية ، من جهتي احترم كل جهد وطني يصب في خدمة الشعب السوري ويعزز موازين القوى في مواجهة ديمقراطية سلمية لا يستثيغها النظام والكثير من القوى الإقليمية والدولية أبدا ، وعليه جبهة الخلاص الوطني وضمن ظروفها وممكناتها فعلت الكثير على المستوى الداخلي والخارجي ، عبر توجيه خطاب وطني سياسي معتدل يحافظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية ويوهن الاحتقان الأهلي ،ويتصدى لخطاب وفعل النظام الطائفي على المستوى الداخلي ،وأيضا خطاب حقوق إنساني ينمي حالة الوعي بالحقوق وتنمية أساليب المطالبة السلمية فيها ،وعلى المستوى العربي والدولي قامت الجبهة بحملات إعلامية نشطة وكبيرة لتعرية النظام وطرح قضية الشعب السوري عبر العديد من الرسائل إلى الدول والرؤساء والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان والعديد من الحملات الإعلامية ووضع ملفات المعتقلين وحقوق الإنسان في سورية أمام العالم كله، لاشك أنه مطلوب المزيد.

على الجانب الآخر تدري تماما ماذا قدم إعلان دمشق للتغيير الوطني في سورية ، قدم الوحدة الوطنية والمطلب الديمقراطي ومشروع التغيير الوطني السلمي ، وواجه النظام بجرأة في عقر أوكاره الأمنية وسجونه وساحات وقاعات محاكمه العسكرية ، وقدم عشرات الشهداء ومئات المعتقلين على الأقل في الفترة المنظورة القريبة بعد حكم الوريث أي منذ عام (2000) إلى اليوم.

قدمت المعارضة الوطنية الحل الوطني الديمقراطي نقيضا للديكتاتورية والفساد ، قدمت رموزا وطنية شجاعة ، في المقدمة الدكتورة فداء الحوراني رمز كرامة سورية ، ورياض سيف وآل البني واللبواني ومشعل تمو والحسيني وهيثم المالح وكوكبة كبيرة من المثقفين السوريين الشرفاء الحريصين على كرامة شعبهم وحقوقه، وستبقى المواجهة قائمة مع الديكتاتورية وهي متمرحلة وليست نهائية اليوم.

الشعب السوري ليس بسيطا فهو يرى ويسمع ويعيش ويعاني باستمرار من تعدد وسائل القمع والاضطهاد والتمييز، ومع كل ذلك يعبر عن رأيه ويشارك بالحدود وبالأشكال التي يراها مناسبة ، أعتقد أن نقاط ضعف وقوة المعارضة الوطنية السورية واضحة تماما ، فهي قوية بوحدة مطلبها وبمشروعها الديمقراطي وباستقلاليتها وحفاظها على الوحدة الوطنية ومستقبل الشعب السوري ، ضعيفة في إمكانياتها هذا واضح ومعروفة أبعاده ، ويجب البحث الجدي عن وسائل تطويرها ، وعليه إن أسباب ضعف عملها مؤشرة، خلاصتها أنها معارضة ديمقراطية هدفها مدني سلمي لا تغري أحدا بدعمها !، وهنا لا نراهن على الخارج بل نراهن ، أولا وأخيرا على الشعب السوري وعلى قواه الوطنية وعلى قدرتها على الوحدة والتكامل في تبني مشروع التغيير الوطني الديمقراطي السلمي وعلى احترام خيار الشعب السوري ودعم قوى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .

هذا هو مشروع المعارضة وهو ينتظر الجديد المتمثل في وعي كافة أطرافها على ضرورة الحوار والتفاعل لإنتاج معارضة ديمقراطية مؤسسية تضع البرامج العملية لتحريك الشارع السوري سلميا وتصعيد المواجهة الموحدة المستمرة مع الديكتاتورية حتى تحقيق أهداف الشعب السوري بالخلاص وتحقيق الدولة الديمقراطية الحرة التي يصبح للمواطن السوري قيمة وكرامة وقيد مدني ورأي في أموره وقانون يحميه ويصونه .

وأخيرا رجوعا سريعا إلى مقاربتك حول (الانخراط في جهاد النظام) ، هذا عمل كبير بدايته مع النفس والتشكيلات الوطنية وحدوده مواجهة ديمقراطية مع أعتى النظم الديكتاتورية وأكثرها قبحا وفسادا وخصوصية ، وترجمته العملية هو الإرتقاء من قبل كافة أطراف العمل الوطني الديمقراطي إلى مستواه برامجا وأساليبا وعلاقات ،وقطع الطريق على مراهنات النظام الأمني على تشقق وتباعد قوى العمل الديمقراطي ،كما على تبني الشعارات والبرامج البغيضة التي يطرحها النظام ويرفعها بعض الأطراف بحسن نية وسوئها ، حان الوقت لمواقف وطنية ديمقراطية نزيهة واضحة شجاعة مغرية للشعب السوري في الانخراط الكمي الكبير في معركة الحرية.

أستاذ جان أشكركم جدا وأحييكم على الحرص على الحوار ،وأتمنى استمراركم فيه ورفع وتيرة جرأته ، وفتح الصفحات المغلقة فيه، فبالحوار الوطني الصريح الجريء تتسق الأفكار وتتفاعل وتتقارب القناعات وتتعشق الأفعال وتتوحد المواقف وترتقي إلى الفعل الوطني الإنساني القادر على حسم المواجهة مع الديكتاتورية والفساد ، وأعتذر عن الإطالة في بعض الأسئلة ،إذ السؤال والحدث فرض ذلك ، وإلى حوار آخر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير