الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الواقع المرّ، وفتاوى التحريض.

رائد الدبس

2010 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يكاد لا يمرّ يوم واحد على العالمين العربي والإسلامي من دون حوادث عنف وقتل وإرهاب فكري وفتاوى تحريم وتكفير ودعوات قتل وإعدام ورجم...فالعالم الإسلامي الذي يعاني من مخلفات استعمار قديم وواقع احتلال جديد وحروب وانقسامات داخلية، يعاني أصلاً من مستويات فريدة من الجهل والأمية والتخلف ومن سلفية ظلامية جديدة- قديمة، تصرّ على إبقائه رهينة لعقليتها المأزومة.

من جرائم القتل شبه اليومي الذي يحصد أرواح الأبرياء في أسواق ومساجد وحسينيات وكنائس العراق،إلى أسواق الياكستان وفنادق الهند وجبال اليمن غير السعيد،إلى إحراق كنائس المسيحيين في ماليزيا وجريمة قتل مواطنين مصريين أبرياء في ليلة عيد الميلاد، لا لذنب اقترفوه سوى أنهم عرب مصريون يدينون بالديانة المسيحية.. إلى محاولة ذاك الشاب النيجيري تفجير طائرة ديترويت ، والخ.. لا نعلم هل يدرك أؤلئك اللذين يقفون وراء كل هذا العنف والإرهاب أنهم يفتكون بأوطاننا وشعوبنا أولاً ثم إنهم لا يثبتون سوى مجموعة من المقولات البائسة وعلى رأسها مقولة صدام الحضارات؟!

لا نعلم أيضاً، هل يدرك المسلمون المالاويون أنهم يقدمون لنا وللعالم بأفعالهم الأخيرة، إسلاماً حصريّاً من طراز احتكاري جديد؟ فمنذ متى كان المسلمون يحتكرون لفظ الجلالة لهم وحدهم دون غيرهم؟ من قال ذلك؟ أيّ كتاب أو سنّة نصّت على ذلك؟ أم أن الأمر برمته لا يخرج عن إطار التخلف والجهل وعقلية العنف والكراهية والإقصاء وفتاوى التحريض؟

أسئلة كثيرة وعميقة تثيرها هذه الأوضاع لدى كل ذي عقل وضمير حيّ . لكن هل يمكن الفصل بين كل هذه الأفعال وبين فتاوى التحريض التي تصنعها؟ يتساءل المرء، كم من خطبة جمعة وكم من فتوى صدرت حول بناء المآذن في سويسرا مثلاً، وما من فتوى أو موقف أو مجرد تعليق منصف بحق الوثيقة الأوروبية بخصوص القدس ،عاصمة دولة فلسطين، أولى القبلتين وثالث الحرمين، مهد السيد المسيح عليه السلام وقيامته، ومسرى النبي محمد عليه السلام؟!

فتاوى التحليل والتحريم التي تتناسل بالعشرات، وكأنّ الفتوى بعشرة أمثالها... تبدأ بأحكام الوضوء والطهارة وتنتهي بالتكفير والتخوين والتحريض على الكراهية والقتل والإعدام رجماً حيث يتمّ إلحاقها ب "إذا ثَبُتَ" من باب سحب الأدلة أو" سد الذرائع" والتملص من التورط القانوني بتهمة التحريض، بينما تكون الفتوى قد فعلت فعلها وأتت أُكلها في التحريض..!! على هذا المنوال ذاته، ومنذ قرون طويلة غزلَ السابقون من بعض "فقهاء" هذه الأمة، ويغزل اللاحقون لكن،بطريقة مشابهة في الجوهر ومخالفة في الإخراج.فعلى سبيل المثال، د. محمد عمارة، كان قد أفتى بقتل المصريين الأقباط لأنهم نصارى كفّار، ثم تراجع عن فتواه المجرمة، لكن فعلها التحريضي بقي مضارعاً ولم ينقص منه شيء.. لأن أفعال قتل الأقباط في مصر مستمرة.

في الكلام الذي قاله الشيخ القرضاوي بحق الرئيس الفلسطيني أبو مازن، لا يفاجأ المرء بشحنة التحريض التي يتضمنها الكلام فحسب، بل بما يتضمنه ويُضفيه على إسرائيل من صفة السذاجة والقابلية للتحريض، تلك الصفات التي لم تدعيها إسرائيل أبداً عبر كل تاريخها المعروف، بل على العكس من ذلك تماماً، فالكل يعلم أن إسرائيل تعلن جهاراً نهاراً،أنها تحرّضُ دولاً عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية على ضرب واحتلال ومعاقبة وحصار من تشاء من الدول، ناهيك عن تحريضها لدول صغرى من شتى المنابت والأصول.. ثم إن إسرائيل عبر تاريخها كله، لم تتورّع يوماً عن تنفيذ أي مخطط من مخططاتها ولم تعدم الوسيلة ولا الذريعة. هل يعلم الشيخ القرضاوي أن إسرائيل اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت عاصمته بيروت وخاضت حرباً طاحنة ضد منظمة التحرير الفلسطينية، ضمن مخطط مسبق وشبه معلن وبدون تحريض من أحد؟؟ وفي هذا المثال وغيره من الأمثلة دون استثناء، هل احتاجت إسرائيل يوماً لتحريض من أحد كي تفعل ما تشاء من قتل واجتياحات وحصار وإغلاق ومصادرات أراض وبناء مستوطنات وغير ذلك؟

أسئلة كثيرة يطرحها هذا الواقع المرير،ومن دون أدنى شك، فإن انحطاط واقع العالمين الإسلامي والعربي ، تعود جذور أسبابه إلى قرون طويلة، فالأمة التي اضطهدت ابن رشد وابن المقفع وابن خلدون وطه حسين، هي ذاتها التي تتخبط اليوم في جهلها وعجزها، وينشغل كثير من فقهائها بفتاوى التحريض والتخوين والتكفير، بينما تتآكل الأوطان ويضيع الشرف الحقيقي وتغرق الشعوب في مزيد من موجات التطرف والجهل والظلامية. وما دامت الجوامع في بلادنا تحاول أن تفرض ذاتها بديلاً للجامعات، وما دامت الفتاوى الدينية في شؤون السياسة تحاول أن تفرض ذاتها بديلاً للتحليل العلمي المبني على قواعد المنطق، وما دامت معظم التيارات الدينية في بلادنا تحبّ ولوج عالم السياسة إما من من باب السلطة عبر انتخابات لمرة واحدة أو فليكن الطوفان، وما دمنا لا نربي أطفالنا وتلاميذنا في المدارس، أن الدين لله والوطن للجميع،وينجرف البعض منا وراء شعارات ظلامية وسلفية جوفاء، إما يأساً وإما جهلاً أو لأمر ما في نفوس مديري مدارس الظلام، فعن أي مكان بين الأمم نبحث ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استيقظوا
سركون البابلي ( 2010 / 1 / 9 - 20:10 )
لقد سلم الناس حياتهم ومصريهم الى مجموعة من الفاشلين الساقطين اخلاقيا والمنحرفين جنسيا الا وهم رجال الدين من الشيعة والسنة الذين اباحوا ارواح وعقول الناس من دون وازع , متى يستيقظ العرب من سباتهم ويروا الى اي هاوية يقودهم هؤلاء

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س