الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا کتب غورگي عن لينين

محمود محمد عثمان

2010 / 1 / 14
الارشيف الماركسي


ماذا کتب غورگي عن لينين؟

توضيح:
کتب غورگي مقالات و ذکريات کثيرة عن لينين. حسب علمي لم تترجم کلها الی اللغة العربية لحد الأن. لكن هذه‌ المقالة التي اقدمها لکم هنا من ترجمة يوسف الحلاق، هي قسم صغير من مقالة طويلة بحدود 50 صفحة. وتبدأ المقالة ب: لقد مات لينين. أنا لدي المقالة بالطبعة الهولندية والأنگليزية. کتاب من 470 صفحة بعنوان ( لينين وغورگي، رسائل، ذکريات، و وثائق). في هذه‌ المقالة أنت أمام قدرة غورگي اللغوية مع الصدق في الوصف و البساطة في التعبير. ليس لدي علم لماذا تم اختيار هذه‌ الصفحات فقط من مقالة طويلة؟ ربما بسبب اختيار عنوان الکتاب ( لينين في الأدب والفن) من جزئين ترجمة يوسف الحلاق، اي تم اختيار المواضيع المتعلقة في الادب والفن. ولم يوجد تاريخ كتابة المقالة باللغة العربية ايضا، لكن في الطبعة الهولندية والانگليزية ( کتبت في 1924 ونشرت في 1930 ) . احاول ان انهي هذا العمل حسب الوقت و اعطي بعض الملاحظات حسب الطبعة الهولندية(محمود)

م. غورگي من مقال ( ف. لينين)
ترجمة يوسف الحلاق
النسخة الالکترونية: محمود محمد عثمان

... لم اكن أتوقع ان لينين هکذا. شي‌ء ما كنت أفتقده‌ فيه‌. ألثغ، مکتنز الجسم، يقف وقد أخفی يديه‌ في مکان ما تحت إبطه‌. کله‌، بوجه‌ عام، بساط متناهية، لايشعر المرء بشيء من " القائد " فيه‌. إني أديب، وتقتضي مهنتي أن اسجل الاشياء الصغيرة. وقد اصبح هذا الواجب عادة تثير في السأم احيانا`.
عندما " قادوني " الی غ. ف. بليخانوف، کان يقف شابکا يديه‌ علی صدره‌ ينظر بصرامة وملل کما ينظر معلم ارهقه‌ واجباته‌ الی تلميذ جديد آخر. قال لي جملة عادية جدا`: " إني من المعجبين بموهبتك ". ولم يقل لي شيئا آخر أمکن لذاکرتي أن تحفظه‌. ولم نشعر، لا أنا و لا هو، طوال انعقاد المؤتمر، برغبة في أن نتحدث معا` " حديث القلب للقلب ".
وهذا الانسان الأصلع، الألثغ، المکتنز، العفي، أخذ يحدثني مباشرة عن النواقص في کتابي " الام "، وهو يمسح بيد جبينه‌ الاسقراطي، ويمد الاخری بسرعة نحوي، وعيناه‌ النابضتان حياة غريبة تلمعان برقة. وتبين لي انه‌ قرأها مخطوطا` أخذه‌ من ن. ب. لاديبخيکوف. فقلت إني أسرعت في کتابتها ألا اني لم أوضح سبب اسراعي. وهز لينين رأسه‌ بالموافقة وأوضح هو نفسه‌ السبب: إنه‌ لأمر حسن جدا` أنك أسرعت، فالکتاب ضروري، إذ ان کثيرا` من العمال شارکوا في الحرکة الثورية مشارکة لاواعية، عفوية، وسيقرؤون الآن " الام" ويفيدون منها فائدة کبيرة.
" كتاب جاء في وقته‌ تماما`". كان هدا إطراءه‌ الوحيد، لکنه‌ إطراء له‌ قيمته‌ القصوی بالنسبة لي. ثم استوضح مني بشکل عملي تماما` عما إذا کانت" الام" تترجم الی اللغات الاجنبية، وعن مقدار ما افسدت الرقابة الروسية والامريکية من الکتاب. ولما عرف أنه‌ تقرر إحالة المؤلف علی المحاکمة، انقبض وجهه‌ في البدء قليلا`، ثم رفع رأسه‌ وأغمض عينيه‌ وانطلق في ضحکة غير عادية؛ وأثارت ضحکته‌ انتباه‌ العمال فاقترب منا فوما اورالسکي، علی مايبدو، وثلاثة اخرون علی ما اظن.

******

... وتهيأت لنا في لندن أمسية کنا فيها أحرارا`، فذهبنا مجموعة صغيرة الی ميوزيك – هول، وهو مسرح ديمقراطي صغير. کان فلاديمير ايليش يضحك عن طيب خاطر وبشکل معد، وهو ينظر الی المهرجين والبهاليل، بينما كان ينظر لامباليا الی ماعدا ذلك. کما کان ينظر بأهتمام خاص الی عمال من کولومبيا البريطانية وهم يقطعون الاخشاب. کان المشهد الصغير يمثل معسکرا` في غابة، وفي المقدمة کان شابان معافان شديدان جالسين علی الارض، يقطعان في دقيقة جذع شجرة حجمها يقارب المتر. قال لينين:
_ بالطبع هذا من اجل الجمهور،. أما في الواقع فلا يستطيعان ان يقوما بهذا العمل بمثل هذه‌ السرعة. ومن الواضح أنهما هناك يستخدمان فؤوسهم، لأنهم يحيلون هذه‌ الكتلة من الخشب الی قطع صغيرة لافائدة منها. اليكم هؤلاء الانکليز المثقفين!.
ثم اردف يتحدث عن فوضی الانتاج في ظل النظام الرأسمالي، وعن النسبة الهائلة من المواد الخام التي تذهب هدرا`، وأنهی کلامه‌ مبديا أسفه‌ لأن احدا لم يفطن حتی الآن الی تأليف کتاب في هذا الموضوع. كان شيء ما في هذه‌ الفکرة غير واضح لي، لكن لم يتح لي الوقت لسؤاله‌، إذ کان قد بدأ حديثا ممتعا عن " البهلوانية" بوصفها شکلا خاصا بالفن المسرحي.
_ هناك موقف ساخر او متشكك فيما هو متعارف عليه‌، هناك ميل الی قلبه‌ علی‌ قفاه‌، وتشويهه‌ قليلا، وإظهار ما في الأشياء العادية من لا منطقية شيء مبتکر و معقد، لکنه‌ شيق!
و بعد عامين تقريبا قال: ل أ. أ. بوغدانوف مالينوفسکي وهو يتحدث اليه‌ في کابري عن الرواية الخيالية:
_ لو انك تکتب للعمال رواية يكون موضوعها کيف نهبت وحوش الرأسمالية الأرض بعد أن امتصت کل ما فيها من نفط وحديد وأخشاب و فحم، لکان کتابا` نافعا جدا`، أيها السينيور الماخي!

**********
وأتيت اليه‌ ذات مرة، فأذا بي أری علی الطاولة کتابا. کان هذا کتاب " الحرب والسلام".
_ أجل، تولستوي! أحببت أن أقرأ مشهد الصيد، لکني تذکرت أن علي أن ابعث رسالة الی احد الرفاق. ليس لدي أي وقت للقراءة. هذه‌ الليلة فقط قرأت کتيبك عن تولستوي.
تمطی في مقعده‌ بلذه‌ و هو يبتسم مغمضا عينيه‌ قليلا ثم أردف يقول بسرعة خافضة صوته‌:
_ أي کتلة ضخمة، آ؟ ياله‌ من انسان عظيم قوي! هذا ياأبتاه‌، فنان... أتعلم ما المدهش ايضا`؟ لم يوجد، حتی هذا الأمير، موجيک حقيقي في الأدب.
ثم تساءل وهو ينظر إلي بعينين نصف مغلقتين:
_ من في أوربا نستطيع أن نقارنه‌ به‌؟
ورد هو نفسه‌ علی تساؤله‌ قائلا`:
_ لا أحد.
ثم ضحك وهو يفرك يديه‌ ضاحكا.
کثيرا مالمحت فيه‌ سمة الاعتزاز بروسيا والروس والفن الروسي. وقد بدت لي هذه‌ السمة أحيانا غريبة عن لينين بشکل يدهش، لا بل بدت لي ساذجة، لکني تعلمت فيما بعد أن أری فيها صدی حب للشعب العامل دفين ومفعم بالفرح.
وقد لاحظ مرة في کابري، وهو وينظر الی صيادي الأسماک يفکون شباکهم التي مزقها القرش وعقد خيوطها، " أن جماعتنا يعملون بخفة اکبر ". وعندما ابديت له‌ شکي في الأمر، قال بلهجة لاتخلو من کدر:
_ هم، هم، ألم تنس روسيا وأنت تعيش في الکوز.
وأخبرني ف. أ. ديسنيتسکي ستروييف أنه‌ کان يسافر مع لينين في سويسرا، وکان يتفحص، وهو في العربة، کتابا عن دوهرر.
وسأله‌ الألمان، جيرانه‌ في المقصورة، عن هذا الکتاب. وتبين بعد ذلك أنهم لم يسمعوا شيئا عن فنانهم العظيم. وقد أثار هذا الحادث ما يشبه‌ الانبهار في لينين، وردد بفخار مسامع ديسنيتسکي:
_ إنهم لايعرفون جماعتهم، أما نحن فنعرفهم.
وقال ذات مرة وکان يستمع في احدی الامسيات في موسکو، في شقة إ. ب. بيشکوفا، إلی سوناتات بيتهوڤن يعزفها اسحاق دوبروفين: لا أعرف شيئا أفضل من " الأباسوناتا"، وأنا مستعد أن اسمعها کل يوم. أنها موسيقی مدهشة خارقة. أني افکر دائما بکبرياء قد تکون ساذجة: أي عجائب يستطيع الناس أن يجترحوا!
وأضاف بلهجة حزينة وهو يغمض عينيه‌ قليلا` و يبتسم ابتسامة ساخرة.
_ لكني لا استطيع أن استمع إلی الموسيقی کثيرا. أنها تؤثر علی اعصابي. أود أن أقول غباوات لطيفة وأمر بيدي برفق علی رؤوس الناس الذين يستطيعون أن يبدعوا جمالا كهذا الجمال، وهم يعيشون في جحيم قذر. اليوم لايستطيع المرء أن يمسح بيده‌ علی رأس أحد منهم، لأنهم يعضون يده‌. علينا الأن أن نضرب علی الرؤوس، ونضرب دون رحمة، مع أننا ضد أي عنف من حيث المبدأ. هم... هم... واجب صعب إلی درجة جهنمية !
کانت علاقته‌ بي علاقة معلم صارم" وصديق طيب کثير العناية بي".
قال لي مازحا: انت انسان محير. تبدو في الأدب وکأنك واقعي، أما في علاقتك بالناس فأنت رومنطيقي. الناس کلهم بالنسبة لك ضحايا التاريخ؟ نحن نعرف التاريخ جيدا ونقول لضحاياه‌: اهدموا المذابح، وحطموا المعابد، ولتسقط الآلهة؟ و‌أنت تريد أن تقنعني بأن علی الحزب المکافح أن يهتم قبل كل شيء براحة المثقفين.
قد أکون مخطئا. أنما کان يبدو لي أن فلادمير إيليتش کان يشعر بلذة في التحدث إلي. فقد کان دائما يعرض علي قائلا: عندما تصل، اتصل بي هاتفيا لنلتقي معا`.
وقال لي مرة:
_ التحدث إليك طريف دوما`، فأنطباعاتك أوسع واکثر تنوعا.
كان يسأل کثيرا عن مزاج المثقفين، كما كان يسأل باهتمام خاص عن العلماء_ كنت اعمل انذاك مع أ. ى. خالاتوف في " جمعية تحسين أحوال العلماء "_ وكان يهتم أيضا بالأدب البروليتاري:
_ ومذا تتوقع منه‌؟
كنت أقول له‌ إني انتظر منه‌ الکثير، لکني اعتبر أن من الضرورة القصوی تنظيم معهد أدبي بأقسام خاصة بفقه‌ اللغة واللغات الأجنبية، لغات الغرب والشرق، وبالفولکلور وبتاريخ الأدب العالمي مع قسم خاص بالأدب الروسي.
وکان يرد علي وهو يقهقه‌ مغمضا عينيه‌ قليلا:_ هم.. هم. آمال عريضة تبهر العينين. أما انها عريضة_ فليس عندي مانع. أما أنها تبهر العينين- فلسوف نحققها آ؟ ليس عندنا الآن اساتذة في هذه‌ الاختصاصات كلها... والأساتذة البرجوازيون يعرضون علينا التاريخ، وأي تاريخ يعرضون.. كلا، لانقوی علی هذا الآن...علينا أن ننتظر ثلاث، خمس سنوات أخری.
وكان يشکو:
_ القراءة ليس عندي أي وقت للقراءة !
اكد لينين اكثر من مرة وبقوة علی الاهمية الدعائية لأشعار ديميان بييدني، لكنه‌ كان يقول:
_ فظ قليلا. يمشي وراء القاريء، وعليه‌ أن يسير قليلا` أمامه‌.
كان موقفه‌ من ماياکوفسکي يتسم بعدم الثقة وحتی بالحدة:
_ يصرخ، ويخلق كلمات ملتوية. وکل ما عنده‌ ليس مانرغبه‌، ليس مانرغبه‌، كما أنه‌ غير مفهوم. كل شيء عنده‌ مبعثر، وتصعب قراءته‌. موهوب؟ لا بل ذو موهبة کبيرة؟ هم، هم. سنری ! ألا تری أنهم يکتبون الکثير الکثير من الأشعار هذه‌ الأيام؟ في الصحف صفحات کاملة من الشعر. والدواوين تصدر کل يوم تقريبا`.
وقلت له‌ إن ميل الشباب إلی الأغنية طبيعي في أيام کهذه‌، وأن کتابة اشعار عفوية هي، في نظري، أسهل من کتابة نثر جيد، وأن الشعر يتطلب وقتا أقل، ثم إن عندنا کثيرا من الأساتذة الجيدين في فن النظم.
_ لا أصدق أن کتابة الشعر اسهل من کتابة النثر ! لا استطيع أن اتصور ذلك. لن استطيع أن اکتب بيتي شعر ولو سلخوا جلدي.
قال هذا وتجهم وجهه‌ ثم أضاف:
_ علينا أن نقدم للجماهير کل ما عندنا وما عند أوربا من الأدب الثوري القديم.

م. غورگي
مؤلفات في ثلاثين جزءا`
ج 71 ص، 7- 16- 17
_38_ 40 _ 44_ 45








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر و تقدير
شيوعي من هولندا ( 2010 / 1 / 14 - 14:59 )
شكرا لك أيه الرفيق العزيز على ما تنشرة من مسلسل موضوع لينين في الأدب والفن حقيقة موضوع شيق ونافع ومهم جدا تمنياتي لك بالموفقية و رفدنا بالمزيد وأأسف على الأخطأ الأملائية واللغوية في التعليق

اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري