الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعاونيات بوابة للتشغيل ومدخل للتنمية

كمال هماش

2010 / 2 / 17
الادارة و الاقتصاد


تمثل اتجاهات التزايد في معدلات البطالة في العالم الثالث ،احد اهم العوائق التي تشل النمو الاقتصادي والاجتماعي في هذه البلدان،نظرا لما ينعكس عن هذا التزايد في اعداد المتعطلين من اتساع لرقعة الفقر ،الذي يولد بالضرورة أدواته الخاصة من الجهل والمرض والجريمة التي تمثل تغذية مستدامة لقوى كسر مسننات التقدم والتنمية .
وفي ظل اعتبار النمو في الاقتصاد الكلى أحد عوامل تعزيز مجابهة البطالة ،الا انه لا يمكن ان يشكل حلا مثاليا ونهائيا لمسألة خلق فرص عمل جديدة للمتعطلين سابقا والداخلين الجدد الى سوق العمل، خاصة وان مصادر هذا النمو قد تتمثل في صناعات خدمية تستخدم أرقى منتجات التكنولوجيا في تقديم خدماتها، ودونما حاجة للعمالة الكثيفة في هذا القطاع .
ومن هنا فان توليد فرص عمل جديدة يمر عبر مداخل جزئية وقطاعية في اقتصاديات العالم الثالث، الذي تمثل المنشات الصغرى والصغيرة ومتناهية الصغر عموده الفقري كميا، كما انها تمثل اسفنجة الامتصاص للعاملين فعليا بشكل منظم او غير منظم .
وبالنظر الى مجموعة الدراسات التي ناقشت موضوع هذا النوع من المنشات فانه من الواضح عدم انصياعها لاطار سياساتي وطني ،كما نها في معظمها خارج سياق التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والمالي،مما يترك مسيرة هذه المنشات رهنا بصدف الحراك في السوق الذي تعمل داخله وقدرتها على مواجهة الازمات المستحكمة حتى الطفيفة منها .
ولعل أهم العوائق التي تواجه تطور هذه المنشات تتمثل في القدرة على تمويل التطوير باتجاهاته المختلفة اداريا وفنيا، من حيث شح التمويل ومحدودية القدرة التسويقية وغياب السياسات المحفزة وانعدام وجود الاجسام المنظمة لمصالح هذه المنشات في سوق العمل.
وفي الحالة الفلسطينية، فان الواقع لا يختلف كثيرا عن باقي دول العالم النامي من حيث حجم مشكلة البطالة رغم المفارقات السياسية والاقتصادية ، الا ان الواقع الفلسطيني يمتلك بعض نقاط القوة التي غالبا ما تلاشت في مرحلة ما بعد الاستعمار
فالثقافة التي يفرضها واقع الاحتلال على شعب مضطهد ،تولد قيما اجتماعية واقتصادية ذات مهمات تنموية من النوع الانعتاقي من نير الاحتلال الى جانب ضمانها توليد دخل مقبول للاستثمارات الخاصة رغم صغرها كما وكيفا،وهي الثقافة التي باتت مهددة اليوم بالتلاشي نتيجة سيادة ثقافة الاستهلاك التي عززتها التحولات في المشروع السياسي الوطني .
ورغم هذا الخطر الا ان الحقائق العنيدة التي تذكرنا بها يوميا سياسات الاحتلال الهدامة لاي تطور اقتصادي او اجتماعي،تبقي جذوة هذه الثقافة في قلوب الفلسطينيين، وتشدهم الى الجذور الثقافية بانه لا يحرث الارض غير عجولها وليس المانحين ،او المنظمات المحلية الوكيلة لبرامجهم.

وهذا يدفع المرء للجزم بأن المدخل الاهم لاندماج الشباب تحديدا في سوق العمل بصفتهم الشريحة الاوسع من المتعطلين، لن يكون بغير اعتمادهم كليا على انفسهم من خلال العمل الجماعي التعاوني المنظم ، في جمعيات تعاونية متخصصة ،تتكامل مهماتها فيما بينها من مرحلة التأسيس وحتى تسويق منتجها في دائرة الاحتياج للاقتصاد الفلسطيني.
وعلى سبيل المال تتيح صناعة المعلوماتية نافذة ايجابية تكاد تكون الوحيدة لانعكاسات اقتصاد العولمة على الواقع الفلسطيني ،والتي تهم عددا كبيرا من الخريجين المتعطلين في مجالات المعلوماتية ،بالنظر لما تتيحه عملية تجاوز هذه الصناعة للحدود التقليدية وانسيابها في الاقتصاد العالمي عبر وسائل الاتصال الحديثة .
كما ان المزاوجة ما بين المعلوماتية المتقدمة ومختلف الانشطة الاقتصادية القابلة للتبادل بهذه الوسائل ستفتح افاق جديدة امام المتعطلين من خريجي تخصصات اخرى .
وفيما تهتم الجهات الداعمة عموما بما يسمى منظمات المجتمع المدني المحقونة بأموال المانحين ، فان القطاع التعاوني والجمعيات التعاونية والاتحاد التعاوني لا تجد معشار دعم من الجهات الداعمة للمجتمع الاهلي مقارنة بمنظمات اهلية تشغل صاحبها ومديرها وطاقم متواضع من السكرتاريا.
ومن هنا فان صياغة سياسة وطنية تستند الى فلسفة اشاعة الثقافة والعمل التعاونيين ورصد المقدرات اللازمة لبعث الجمعيات التعاونية الجديدة ودعم القائمة بكل الوسائل الادارية والفنية وفتح ابواب الاقتراض والائتمان بشروط تحفيزية،ستساهم في النهوض بهذا القطاع ووضعه على منصة تنمية تحررية من التبعية للمنتج الاسرائيلي والمستورد في كل صغيرة وكبيرة.
كما ان انتهاج المؤسسات الحكومية وغيرها منهجا فعليا لمقاطعة المنتوجات الاسرائيلية تفتح الباب واسعا أمام مضاعفة الجهود في القطاع التعاوني الانتاجي من حيث انشاء جمعيات جديدة وتدعيم القائمة عبر تسويق منتجاتها محليا،وخاصة في مجالات الزراعة وخدماتها والصناعات الحرفية والغذائية...وغيرها من القطاعات التي يشكل السوق الفلسطيني زبونا رئيسيا لها.
ان هذا الامر يتطلب اقرار تشريعات العمل التعاوني باتجاه تنظيمه وتوفير رزم تحفيزية في مجالات الترخيص والتمويل والتسويق والمقاصات المختلفة، وحماية انتاج هذا القطاع لضمان استمراريته وتطوره كمستوعب للايدي العاملة .
فعلى مستوى استيعاب القوى العاملة يحتمل القطاع التعاوني قدرة كامنة هائلة ،تتفرع في مجالات الانشطة الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي يمكن ان تقدمها جمعيات تعاونية على مستويات القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية
ان هذا القطاع قابل للتطور بديناميكيته الذاتية وباعتماده من كافة اطراف سوق العمل باعتباره احد الشركاء القابلين للتطور الكبير في مساهماته لمعالجة مشاكل البطالة ومكافحة الفقر،مما يستدعي بالاساس عملا تاريخيا في خلق قيادات تعاونية ابداعية في كل مناطق فلسطين،وتحشيد وسائل التثقيف والتعليم والتدريب لتعميم ثقافة التعاون واهمية انشاء الجمعيات التعاونية.
وبعبارة أخيرة فان ارتهان سياسات التشغيل الفلسطينية للقوالب التقليدية التي اتبعتها طوال السنوات السابقة، في مواجهة تحديات البطالة المتزايدة تحت ظروف سياسية غير مستقرة يضمن الاحتلال استمرارها، لا يمكن ان يشكل رافعة للجهد الوطني في مكافحة البطالة مما يتطلب العمل على انجاز ثورة بنيوية وثقافية في اجهزة التشغيل.
وذلك بما يؤدي الى توظيف الطاقات المؤسسية الكامنة في المجتمع المحلي ،لمضاعفة المبادرات الفردية والجماعية والتضامنية مع الاهتمام الخاص بتعزيز الجانبين الاخيرين،كأهم رافعة لتنمية انعتاقية والتي تضمن توليد فرص عمل جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110