الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل ومسلسل كيّ الوعي الفلسطيني.

رائد الدبس

2010 / 2 / 19
القضية الفلسطينية


مابين الشريط الذي بثته القناة الإسرائيلية العاشرة الذي يشبه رواية ثرثرة بوليسية فضائحية سوداء ، وما بين رواية البحث عن مسعود في قضية اغتيال المبحوح، هنالك قاسم مشترك واحد، وهو أن جميع الفصائل الفلسطينية قابلة للاختراق ومُعرضة لإمكانية تسرب معلومات وملفات حساسة، كما أن من الممكن اصطياد أية شخصية وطنية عامة تخرج في سلوكها عن الحدود الواجب الالتزام بها، سواء تلك الحدود المعروفة عُرفاً أم المنصوص عليها نصّاً. وهذا الأمر في حد ذاته لا يقلل من شأن الفصيل الذي يحدث اختراقه، بل يُفترض أن يدفعه إلى مزيد من الوعي والحرص والاحتراف والتواضع في سلوكه السياسي والتنظيمي، وفي خطابه الإعلامي. كما أنه يجب أن يشكل حافزاً إضافياً للتوجه نحو الوحدة الوطنية ابتداء من التوقيع على ورقة المصالحة المصرية فوراً.

مسلسل الفضائح والاغتيالات المراد منه كيّ الوعي الجمعي الفلسطيني بمكواة ساخنة إسرائيلية الصنع، نجح ولو لوهلة من الزمن في حرف أنظار الفلسطينيين والعرب عن مسلسلات فضائح الفساد الإسرائيلي المستشري في الدولة والمجتمع على حد سواء. فبعد فضائح رئيس الدولة الإسرائيلية السابق وثبوت الاتهامات التي وُجهت إليه بالاعتداءات الجنسية على عدة نساء.. تتكشف في إسرائيل عشرات الفضائح عن فساد ماليّ وأخلاقي ربما كان من آخرها فضيحة رجل الدين الكبير رابي موطي إيلون المتهم بالتحرش الجنسي بالفتيان الذكور مُستغلا سلطته الدينية والمعنوية عليهم حسب ما نشرته صحيفة هارتس في عددها الصادر اليوم الجمعة 19 شباط 2010.

فضيحة أخرى جديدة انكشف أمرها من خلال ما يسمى "توك باك" عن طريق الانترنت وتناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين، عن الأديب والأستاذ الجامعي والمحرر بصحيفة هآرتس يتسحاق עؤور، المتهم باغتصاب امرأة كشفت النقاب عن الحادثة وظهرت في وسائل الإعلام، وأخريات يؤكدن فعل اغتصابهن دون الظهور في وسائل الإعلام. يتسحاق لاؤور هذا، حاصل على جائزة إسرائيل في الأدب عدة مرات !!! تلك الجائزة التي يُسلمها رئيس الدولة بنفسه. المفارقة اللاذعة هنا في فضيحة تتعلق بأديب إسرائيلي كبير حاصل على جائزة الدولة في الأدب لمرات عديدة، أن الصورة النمطية السائدة في الأدب العبري والإعلام الإسرائيلي، هي صورة العربي الفاسد المصاب بالجشع تجاه النساء والمال والخ ، وليس عن اليهودي !! وقد كتبتُ في مقال سابق بعنوان "صُور وعبر" عن هذا الموضوع.

خذوا مثالاً آخر عن فضيحة المواطن الإسرائيلي اليهودي غويل راتزون الذي ادعى الإلوهية وجمع بين 23 زوجة أنجب منهن 59 طفلا، ومارس على زوجاته استعباداً فظيعاً. أمر مُشين كهذا يمكنه أن يحدث في مجتمعاتنا العربية أيضاً، لكن تخيّلوا لو أن بطل هذه الفضيحة كان مواطناً عربياً أو فلسطينياً عاديّاً يقطن في أية قرية عربية أو فلسطينية عزلاء منسيّة، ناهيك عن أنه لو كان رجل دين أو سُلطة سياسية أو مثقف أو رجل أعمال، فأي قنابل سيفجرها في وجهنا الإعلام الإسرائيلي؟

فضائح إسرائيلية كثيرة، وما هذا سوى غيض من فيض. لكن المؤسف أن إعلامنا العربي والفلسطيني لا يُعيرها كثيراً من الأهمية. لكن ما هو أهم من ذلك، وما يستحق أن نتوقف عنده ما يلي:
أولاً: إن التخلف والفساد والخيانة والجريمة، أمور ليس لها دين ولا هوية قومية محددة.
ثانياً:إن فساد الدولة والمجتمع الإسرائيلي كثير ومتنوع الأشكال والأوجه والمستويات. لكن الفوارق النوعية الجوهرية ما بيننا وبينهم يمكن تلخيصها بعنوان واحد هو: طرق الكشف والمعالجة. في كل حالات الكشف عن جرائم الفساد في إسرائيل، يتم احترام خصوصية وكرامة المتهم. فمع أن الأجهزة الأمنية المُكلفة بملاحقة مثل هذه الحالات، تكون قد جمعت كثيراً من الصور والأشرطة والوثائق خلال تحرياتها قبل توجيه الاتهام للمتهم، لكننا لم نَرَهُم يبثون على شاشات التلفزيون فضيحة واحدة تُظهر تفاصيل مؤذية ومهينة لكرامة المتهم والجمهور وللحياء العام بالصوت والصورة، سواء كان ذاك المتهم مواطناً عادياً أم رجلَ دين أم وزير أم أديب أم رئيس الدولة. وفي جميع الحالات فإن القانون وحده هو الذي يأخذ مجراه فوراً وليس دوافع الانتقام والتشهير.

ثالثاً: في حال ظهور شبهة فضيحة، أو اتهام بفضيحة تتعلق بمسؤول إسرائيلي من أي حزب كان، سواء كان في السلطة أم في المعارضة، لا يشكل رئيس الدولة أو رئيس الحكومة الإسرائيلية لجنة من حزب المشتبه به أو المتهم للتحقيق بالفضيحة، بل يحيلها إلى النائب العام والمؤسسات المكلفة بتطبيق أحكام القانون. وقد يشكل لجنة وطنية تتكون من شخصيات اعتبارية جداً من ذوي الاختصاص والثقة، من أحزاب مختلفة ومن مستقلين، كإجراء إضافي لا علاقة له بمجرى التحقيق وتنفيذ أحكام القانون والنظام، بل لدراسة آثار القضية وتداعياتها على المجتمع والدولة بوجه عام.

في اليوم التالي بعد بث القناة الإسرائيلية العاشرة لشريط فيديو الفضيحة الفلسطينية بكل تفاصيلها، قرأت على بعض المواقع تعليقات فلسطينية كثيرة، لفت انتباهي تعليق امرأة فلسطينية من سكّان الناصرة، تقول أنها أجهشت بالبكاء وهي تشاهد الشريط على شاشة التلفزيون الإسرائيلي، وأنها مرضت ولازمت الفراش ولم تتمكن من العمل في اليوم التالي. كانت الصدمة بالنسبة لها تكمن في الطريقة التي تعامل بها الإعلام الإسرائيلي مع الشريط وبثه ، بينما لم يحدث أبداً أن بثّ هذا الإعلام الإسرائيلي الذي نعرفه جيداً كما قالت تلك المرأة، شريطاً فاضحاً لرجال أو نساء إسرائيليين عاديين أو رسميين تورطوا في فضائح من هذا النوع،لأن ذلك مهين لكرامة المتهم والرأي العام من ناحية ولأن قانونهم يمنع ذلك. أما حينما يتعلق الأمر بنا نحن العرب، فالاستباحة لا حدود لها. لهذا السبب قالت تلك المرأة الفلسطينية أنها بكت. ولا تزال "الكمنجاتُ تبكي على العرب الخارجين من الأندلس"، فمسلسل كيّ الوعي العربي والفلسطيني لا يزال طويلاً على ما يبدو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معك حق ولكن
ناهد ( 2010 / 2 / 19 - 22:30 )
يا سيدي الفاضل ورغم اني اتفق معك فيما ترمي اليه ، الا انه تستوقفني عدد الحالات الاسرائيلية التي اوردتها والتي عرفت بضلوعها بقضايا فساد ، اما في واقعنا العربي ، نحن ننكر مثل تلك الوقائع ، ليست تلك الفضيحة الاخيرة هي الاولى وبالتاكيد ليست الاخيرة ، لكننا ننكر ان يكون بيننا فساد او انحلال اخلاقي ، وهو الامر المروع ، لا يهمني مقارنة هذا بالواقع الاسرائيلي ، ولا يهمني اسلوب الاعلام الاسرئيلي بالتعاطي مع الامر
ما يهمني انه لدينا خلل ما ، وبحاجة لاصلاحه ، لدينا استغلال مناصب ،سرقات ...واول خطوة للاصلاح هي الاعتراف بالاخطاء والهفوات .
لم اكن مع نشر تصوير تلك الفضيحة ، ولكن بالمقابل انا مع كشف المستور والاعتراف بوجود الخلل لعلاجه .
سلام

اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد