الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعترضوا ..ولكن ما هو الحل؟

ابتسام يوسف الطاهر

2010 / 3 / 5
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


وجد البعض بموضوع الانتخابات ضالته ليدبج المقال اثر الآخر، هذا يدين العملية الانتخابية ويتهم الجميع بالتزوير قبل بداية التصويت حتى، وذاك يعتبر كل المرشحين خونة! والشعب العراقي بعرفهم خائن لأنه لم يقاطع الانتخابات التي لن تجلب غير الوجوه ذاتها.
منهم من يعترض على العملية الانتخابية ويعدد السلبيات والمشاكل التي يعاني منها شعب العراق وطبعا لا يتطرق للتفجيرات والعمليات الإرهابية كأكبر المشاكل التي تهدد الأمن والاقتصاد بل أنها العامل الأول لاستشراء الفساد. معتقدا وبإصرار لغاية في النفوس او عن قلة معرفة إنها مقاومة وهي التي هزمت أمريكا!.. ولا يجيب على سؤالك البريء: أين كانت تلك المقاومة يوم احتلت أمريكا ارض العراق عام 1991؟.
لاشك ان هناك خروقات وأخطاء ناجمة عن قلة معرفة بمجمل العملية الديمقراطية يتحمل جزء منها الإعلام وعدم مساهمته بتوعية الكتل المرشحة قبل المواطن العادي. ومنهم أنا فقد تساءلت عن جدوى إجبار الراقدين بالمستشفى الغير قادرين على الحركة لكي يصوتوا؟ فهل من المعقول ان لا يكون تدخل او تلاعب بتصويت هؤلاء خاصة الغير متعلمين. كذلك ترشيح بعض أعضاء المفوضية الانتخابية لأنفسهم كمستقلين او ممثلين لمنظمات المجتمع المدني! ألا يتنافى ذلك مع استقلالية وحيادية المفوضية؟.
لكن تلك الاعتراضات لا يجوز ان تكون سببا لمقاطعة الانتخابات . فالبعض الآخر لا يعترف بالانتخابات لأن البلد مازال محتل! وإن حاججته بان أمريكا أعلنت انسحابها ومازالت تستكمل الانسحاب، يقول بتفاخر بلى المقاومة هزمتها.. إذن البلد لم يعد محتل! فلماذا الإصرار على القتل والتدمير؟ ولماذا الاعتراض على الانتخابات!؟
ومنهم من يستبق الأحداث ويعترض لأن التزوير سيكون مصير هذه الانتخابات مثل سابقاتها، أو ان الذين انتخبناهم في المرة السابقة لم يقدموا شيء حتى على مستوى الخدمات مثل الكهرباء والماء. كل ذلك صحيح ولكن ما هو الاقتراح الذي يرتئوه لحل تلك المعضلات !؟
يدبجون صفحات من مقالات وقصائد تدعو للإحباط والتشاؤم. دون ان يشعلوا ولو شمعة في الظلام الدامس الذي يصدروه بمقالاتهم وهم يطفئون كل الشموع بوجه أي اقتراح او أي محاولة عملية او مبادرة يسعى لها الطيبون. بل منهم من يسارع لمقاطعتك واتهامك بتغيير مبدأك وشعارك الذي كنت ترفعه (لا لأمريكا ولا لصدام). ولا يسمع منك أي كلمة لئلا يقتنع بما تقول ويفقد بريق الاسم او الصفة التي اشتغل على تلميعها سنوات وهي انه (معارض)!
معاداة أمريكا أيها السادة، ليست شعار إنشائي نستخدمه بخطبنا الرنانة او في مقالاتنا التي نكتبها، بل هو موقف إنساني مبدأي اعتراضا على سياستها إزاء الشعوب، اعتراضا على تجنيدها المجاهدين الذي حولوا أفغانستان لخرائب ينعق على إطلالها عصابات طالبان. اعتراضا على دعمها لإسرائيل بعمليات قصفها واحتلالها للقرى الفلسطينية.. اعتراضا على دعمها واستخدامها لصدام. لكن هل لنا قوة وجيش توازيها لكي أقف بوجهها، ثم لماذا لا أستفيد من مبادرتها بتخليصنا من عميلها الأول..الذي لم يطلق رصاصة واحدة ضدها بعد ان دمر الجيش العراقي وأذله بحروبه الغبية وبقتله خيرة الضباط والقادة الذي اعترضوا على ثرثرته الجوفاء وتهديده الأحمق لأمريكا!
اذن الاعتراض على أمريكا وصدام لهما سبب رئيسي هو إنقاذ الشعب العراقي ومساندته وليست الغاية منه أن نكون نجوم معارضة . فالأولى ساهمت بتخلصنا من الثاني، وهاهي تنسحب ، وقتل الأبرياء واستمرار التفجيرات سيساهم ببقائها أكثر واستمرار قواتها على ارض العراق، فهل أمريكا أكثر رأفة علينا من أولئك المجاهدين والمقاومين لتعلن الانسحاب حقنا لدماء العراقيين؟ فالكل يعرف أن ضحايا التفجيرات من العراقيين فقط من عامة الشعب أو من الشرطة والجنود المساكين.
هل هم متشائمون؟ أو خائفون ان شعاراتهم ما عادت لها جدوى ولا تلزمنا؟ أم هم ينظرون بتعالي لتجربة العراق.. كيف له بعد سنوات الحصار العجاف وسنوات الاعتقال القسري لكامل الوطن التي فرضها النظام السابق والحروب والاحتلال ، أن ينهض ويجري انتخابات لا تعرفها أي دولة عربية! فكلها لا يجرؤ أي وزير لها على الاعتراض على الرئيس بينما في العراق اليوم يعترض البعض حتى من المواطنين على رئيس الوزراء! وعلى بعض الكتل دون خوف وحذر من ان يختفي ليجدون جثته في شارع ما مثل ما حصل لوزراء وقادة في حزب البعث لأنهم انتقدوا القائد أو اعترضوا على سياسته الرعناء.
لهذا البعض من العرب يعتبرون رئيس الوزراء الحالي شخصية غير قوية.. فالقوة بعرفهم هو أن يكون مثل قائدهم المضرة لا يقدر احد ان يقول له ثلث الثلاثة كم؟ كما يقول المثل المصري.. لم يتعودوا على الحرية والديمقراطية حتى وهم في أوربا لا يعرفون إنها ممارسة حضارية ناضلت أوربا قرون لتحصل عليها.
إذن لماذا لا نعتبر أن الانتخابات هي مقاومة أكثر جدوى وأكثر إنسانية من المقاومات التي دمرت العراق ، نعم هناك خروقات.. وهناك تخلف يجعل البعض لا يرى في الديمقراطية غير أنها وسيلة للهيمنة والاستيلاء على أموال الشعب، ومنهم من وجدها فرصة للتسلط ودعم طائفته أو كتلته حتى لو في ذلك مضرة للعراق. فمازالت الأمور في بداية خطواتها.. ثلاثون عاما من التكميم والتعتيم..لم ينطق أي من هؤلاء بحرف حتى وهم في أوربا منعمين، كانوا يخافون النطق ضد صدام وزمرته خوفا على أهلهم ..ألا يرون أن حرية الشعب العراقي اليوم جعلتهم يكتبون كل ما يخطر على بالهم من مقالات حتى المحبطة والمتشائمة؟
أليس في ذلك انجاز، ضحى من اجله الشعب العراقي ودفع الثمن غاليا ليفسح المجال للكل ليعترض علنا دون خوف ويكتب وينشر دون كوابيس..
لأستعير تعبير جميل للصديق الكاتب كريم كطافة حيث كتب لي ليهدأ بعض من انفعالي عن تجربة الديمقراطية العراقية فشبهها بالوليد المولود حديثا أنها: "ديمقراطية بدمها ما زالت لم تتخلص من عوالق عملية الولادة غير الطبيعية.. لكنها مخلوق يستمكن بداخله كل وسائل المقاومة ومحصن كما هو الوليد البشري محصن منذ ولادته ضد الأمراض وعاديات الزمن".
اذن لنكتب اعتراضنا على كل السلبيات ولندع الآخرين أيضا يكتبون ويعترضون ويقاطعون ولكن على الأقل ليقولوا لنا: ما العمل ؟ وحتى لا يرحل سؤالي لأجندة ما!، اسألهم ..ما هو الحل؟ فالاعتراض لا يكفي، الشعب يريد ان يستغل كل فرصة للنهوض بالبلد ويستثمر كل مجال لتقوية الطيبين ليكون لهم صوت وقوة لتغيير كل القوانين والقرارات التي لم ولا تخدم الشعب العراقي ولا تساعده على التخلص من كابوس الفساد والإرهاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل