الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَنْ ينتخب عمال العراق

احمد عبد الستار

2010 / 3 / 10
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق



لعل من نافلة القول إعادة تكرار حقيقة كون ما أصطلح على تسميته بالعملية السياسية التي تجري تفاصيلها منذ أكثر من ستة سنوات في العراق إلى اليوم الراهن , هي عملية وبرنامج سياسي أمريكي صرف ُوضع كمخطط لما بعد نظام صدام , الذي أٌسقط بالقوة وبسقوطه سقطت دكتاتوريته الدموية وسقط كذلك مشروعه وحلمه التملكي الاستحواذي , إن العملية السياسية الحالية كما هو مخطط لها تقوم على أساس نهج الديمقراطية المعتمد في الغرب كأسلوب تداولي للسلطة السياسية بين النخب والأحزاب وعادةً البرجوازية , دون حسبان إمكانية مدى صلاحية تطبيقها في العراق , عراق الانفلات والفوضى , والمقصود بالفوضى فوضى المشروع البرجوازي العراقي غير الناجز و الذي لم يملك أي ملامح مميزة , ونلمس ذلك بشكل واضح من خلال الصراعات السياسية الدائرة بين التنظيمات السياسية والعشائرية ورجال الدين بشكل تهاتري غير ناضج يدل على إن الجميع قاصر أن يتهيأ لتبوء سيادة طبقته , كون إن الطبقة البرجوازية العراقية لا يوجد بحوزتها مشروع اقتصادي برجوازي كبير ناجز في الواقع تتملكه فهي مشتتة بين شتات المشاريع الجزئية وغير الكاملة أيضا , وعليه إن كل صراعاتها السياسية الحالية هي جلبة في فضاء الطبقة , فهي مجرد صخب لمشروع صادر من فوق , ومعكوس هذا الأمر أوضح انعكاس في الدعايات الانتخابية للنخب والجماعات والأحزاب السياسية المتصارعة على السلطة فهذه الأخيرة حتى تتمكن من جمع أكثر أصوات ممكنة تلجأ للعواطف والشعارات الدينية والقومية والعشائرية كوسيلة تتمكن بواسطتها نيل الارجحية في الانتخابات , لأنها لا تملك مقومات عملية لجذب الناخبين بغير الوسائل المذكورة , ولم يستطع أي طرف منهم بسط نفوذ فعلي يكون بمقدوره تولي مهام قيادية يجمع معه كل طيور السرب المغردة كلاً على انفراد , والنداءات بالإصلاح أو الأعمار الكثيرة لا تتعدى كونها شعارات سهلة أياً كان ممكن أن يرفعها .. أما الفئات الوسطى أو ما يعرف بالبرجوازية الصغيرة فهي أكثر طبقات المجتمع العراقي انسجاما مع نفسها من الناحية التنظيمية والتمثيل الطبقي , تحمل بشكل أمين مع سعة حجمها في المجتمع من موظفين وتدريسيين وطلبة وباعة وأصحاب حرف سجايا هذه الفئات المترددة والخجولة فهي بين طبقتن متقابلتين البرجوازية والعمال ووضوح أطباعها غير الثورية نجده في لافتات قوائم أحزابها المحسوبة منها بشكل غير صحيح على اليسار أو الشيوعية , شعاراتها لا تدعو إلا للمهادنة والاعتدال , ولذلك فهي دائما وسطية لا تخولها طبيعتها هذه الاقتراب من المقدمة رغم ما تحاوله لمنح صورتها انطباعات مزيفة بالصدارة في المجتمع . والطبقتان البرجوازيتان المذكورتان , تشتركان كلتاهما في نزعة واحدة في عدائهما السافر أو المستتر للطبقة العاملة العراقية الكبيرة , وتاريخ الصراع الطبقي تشهد كل مراحله ومنعطفاته فيما مر , قصة العداء المستحكم والحروب على المنجزات العمالية التنظيمية والطبقية بقصد التغييب والإقصاء عن الساحة والدور السياسي في العراق , وتاريخ الطبقة العاملة العراقية منذ نشأتها بدايات القرن الماضي هو سجل حافل بالقسوة تصل إلى حد التصفية الجسدية والمحو الكامل , فالطبقة العاملة العراقية بفعل تكوينها الطبقي وخصوصيتها الثورية من جهة وضعف وتشتت البرجوازية بالمقابل أفرز هذا الحال احتمالية جبارة ممكنة للعمال فيما إذا توفر لهم في الماضي تنظيم عمالي يأخذ بيدهم باتجاه بناء سلطة عمالية تبسط سلطتها في المجتمع , لكن مثل هذا التنظيم وهذه الدور المطلوب لم يكن موجود , أو باءت المحاولات الأولى بالتراجع أو محدودة كانت إلى حدود غير مؤثرة , بسبب البطش وغياب البديل الثوري , والآن وبرغم الانفتاح والتعددية والديمقراطية الصورية بمجملها , لا زال الهجوم والتمزيق في صفوف الطبقة العاملة العراقية مستمراً على أيدي أحزاب المشروع الأمريكي , فالأخيرة قصدت عن وعي وسابق تخطيط استمرار المنهج القديم ضد العمال وترسخ الفوضى بين الأطراف البرجوازية الأخرى لكي تسيطر على الجميع من خلال إدارة هذه الفوضى التي يدعونها بالفوضى الخلاقة , فان ما يصطلح على تسميته الآن بالعملية السياسية هو مركب من الناحية السياسية بدوامة من الفوضى ومن الناحية الطبقية مجهز بمناعة طبيعة تكاد تكون مناهض للعمال ومقنن لكي تظل هذه الأحزاب البائسة بالسلطة إلى أقصى يوم ممكن , فأن عمال العراق ليس أمام سوى تنظيم أنفسهم تنظيما ثوريا ودخول الساحة السياسية بقامة شاخصة وباستقلال عن كل مخطط من مخططات الرأسمال العالمي وأحزابه , لقد رفع حزبنا الحزب الشيوعي العمالي العراقي منذ مدة بعيدة راية التنظيم العمالي وبرنامج كامل لكي تنأى الطبقة العاملة العراقية بنفسها عن السقوط في هاوية العملية السياسية الحالية , العمل السياسي والنضالي الطبقي المستقل هو السبيل الوحيد للخلاص اليوم وجمع شتات الفئات الاجتماعية الناقمة والمتضررة في المجتمع لتجعل الطبقة العاملة العراقية من التضامن الطبقي ولم الصفوف الجواب الحاسم للانتخابات والديمقراطية المشوهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هارد لك
سمير احمد ( 2010 / 3 / 10 - 06:11 )
الاعتراف بالفشل جزء مهم من اعادة البناء اما تبريره وفلسفته فهو اصرار غريب للغرق بالوهم حتى الثماله حظ سعيد بالانتخابات القادمه

اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية