الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الواقعية في نهاية التاريخ

ماءالعينين سيدي بويه

2010 / 3 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كتاب نهاية التاريخ والإنسان الأخير،للكاتب الأمريكي "فرنسيس فوكوياما"ذو الجذور الأسيوية .صدر في ترجمته العربية عن مركز الإنماء القومي ،بيروت1993 تحت إشراف ومراجعة المفكر العربي "مطاع صفدي" والذي قدم للكتاب رفقة فريق من المترجمين هم د.فؤاد شاهين.د.جميل قاسم.رضا الشابي.كتور
يرى الدكتور مطاع صفدي أن المدخل الى دراسة هذا الكتاب هي الفكرة القائلة،بأن الديمقراطية الليبرالية بإمكانها أن تشكل فعلا "منتهى التطر الأيديولوجي للإنسانية".والشكل النهائي لأي حكم انساني،أي أنها من هذه الزاوية "نهاية التاريخ(ص23).وهنا يعتبر فوكوياما أن الفكرة الليبرالية هي المنتصرة وليست الممارسة الليبرالية.
إلا أن هذا الإنتصار لفكرة الليبرالية ليس ساحقا أو كاملا في نظر فوكوياما،لأن الإسلام_يقول _في الواقع هزم الليبرالية في أجزاء متعددة من العالم الإسلامي وهو يشكل تهديدا كبيرا للممارسات الليبرالية،حتى في البلدان حيث لم يستطع إستلام السلطة فيها مباشرة.لقد تلى إنتهاء الحرب الباردة في أوربا مباشرة تحدٍ للغرب من قبل العراق.الذي نستطيع القول بأن الاسلام قد شكل فيه عاملا بارزا.
إلا أن الاسلام لايبدو أنه يمارس أية جاذبية خارج الأصقاع التى كانت اسلامية ثقافيا منذ بدياتها.بينما يعود جزء من سبب التجدد الأصولي الراهن الى قوة التهديد الذي تمارسه قيم الغرب الليبرالي على المجتمعات الإسلامية التقليدية(ص71).
وقصد إثبات أطروحته،عمد الكاتب الى بسط فكرة نهاية التريخ وعلاقة الانسان بها،بإعتماد تصورات فلسفية لهيغل ونيتشه .وعن الجانب السياسي عرض جانب لطروحات صاحب الأمير مكيافيلي.
إن هيغل يتصور الإنسان كعامل أخلاقي ترتبط كرامته الخاصة بتحرره الداخلي من أية حتمية مادية أو طبيعة .هذا البعد الأخلاقي والصراع من أجل حصوله على الإعتراف بذاته،وهما اللذان يشكلان محرك التطور الديالكي للتاريخ(ص165).كما أن نيتشه يتحدث عن سعي الانسان من أجل حصوله على الاعتراف بذاته،حين يعتبر أن جوهر الانسان ليس رغبته ولاعقله،وإنماالتيموس(رغبة الاعتراف بالذات)الخاص به:فالانسان فوق كل شئ هو مخلوق يقوم بالتقييم،هوذلك "الحيوان صاحب الوجنتين الحمراوتين".الذي وجد سبب عيشه في قدرته على لفظكلمتي"الخير"والشر".(ص187).
قد يبدو مفهوم "رغبة الاعتراف" مفهوما غريبا ومصطنعا بعض الشئ.خاصة عندما يعرض على أنه هو المحرك الأول للتاريخ الانساني(ص166)،ورغبة الاعتراف هذه ،هي الجانب السياسي بالذات من الشخصية الانسانية.وها الجانب السياسي هو الذي عبر عنه مكيافيلي ككاتب آراء تحوي وقاحة صريحةعن الطبيعة السياسية التي لا ترحم :فمثلا من الأفضل أن يكون الانسان مرهوبا على أن يكون محبوبا،أو يجب ألا نفي بوعدنا إلا إذا كان ذلك مفهوما.
إن مكيافيلي في الواقع هو مؤسس الفلسفة السياسية الحديثة:فهو كان يعتقد أن الانسان يمكن أن يصبح سيد مصيره إذا إستوحى من الشكل الذي يعيشه الناس حقا وليس من الشكل الذي عليهم أن يعيشوه.فبدلا من محاولة تحسين الناس بالتربية كام مكيافيلي يحاول بناء نظام سياسي مرضٍ إنطلاقا من شرور الناس:هذه هي الشرور يمكن أن توضع في خدمة غايات مرضية إذا جرى تنظيمها بشكل ملائم عن طريق مؤسسات مناسبة(ص183).
الديمقراطية الليبرالية:

يقول فرنسيس فوكوياما"إن السبب الذي لم يجعل الديمقراطية الليبرالية شمولية،أو مستقرة بعد وصولها الى الحكم،يكمن في نهاية الأمر في نقص التماثل بين الشعوب والدول.إن الدول هي إبداعات سياسية متعمدة في حين أن الشعوب هي جماعات أخلاقية موجودة مسبقا(ص208).فمجال الدول هو مال السياسي أي مجال الإختيار الواعي لنمط الحكم،أما مجال الشعوب فهو"ما تحت السياسي"أي مجال الثقافة والمجتمع الذي قليلا ما تكون قوانينه صريحة أو معترف بها عن وعي حتى من قبل أولئك الذين يشاركون في سنها.
ولكن إذا ماتم تديد نظام الحكم في نموذجه الديمقراطي الليبرالي،فهل يشترط ذلك أن تكون ذائما الأولى ملازمة للثانية؟يجيب فوكوياما ،يمكن لبلد أن يكون ديمقراطيا دون أن يكون ليبراليا،أي دون أن يحمي حقوق الأفراد والأقليات.المثل الالح على ذلك الجمهورية الإسلامية في إيران التي أعدت إنتخابات منتظمة مرضية نسبيا في بلد من العالم الثالث،وأمنت بذلك للبلاد ديمقراطية لا شك في بأنها أفضل مما كانت عليه أيام الشاه.ومع ذلك فإيران التي يحكمها "أيات الله"ليست بلدا ليبراليا،فحريات التعبير والإجتماع وحتى حرية الدين ليست مؤمنة فيها(ص70).
هذه الديمقراطية اللآليبرالية أزعجت الدول الليبرالية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية،يتبين ذلك من نهجها للسياسة الواقعية التي غدت المدخل والإطار لفهم العلاقات الدولية،و ينظر الى مكيافيلي على أنه المؤسس الحقيقي للواقعية،والذي كان يعتقد أنه لاينبغي على الناس أن يستلهموا طريقة عيشهم من الكيفية التى تخيل بها الفلاسفة الحياة،ولكن من الطريقة التي يحيونها واقعيا.لقد كان يعتقد كذلك أنه يتوجب على أفضل الدول لكي تستمر أن تقلد سياسة الدول الأسوأ.
أن كل النظريات الواقعية تنطلق من فرضية غياب الأمن كخاصية دائمة وعامة للنظام الدولي،بسبب من الطابع الفوضوي الذي ينتاب هذا الأخير بصوورة مستمرة.ففي غياب قوة دولية عليا،تبى كل دولة معرضة بالقوة للتهديد من قبل أية دولة أخرى ولايبقى لها من سبيل ضد هذه الحالة من اللا أمن إلا أن تستعمل الأسلحة للدفع عن نفسها(ص234).
هنا نجدنا أمام الواقعية القائمة على الوصفات ،هذه الأخيرة التي تقودنا إلى العديد من القواعد السلوكية التي أصبحت مألوفة حسب فوكوياما،وتتمثل القاعة الأولى في كون الحل النهائي لإختلال الأمن العالمي بالنسبة لدولة من الدول،هو الحفاظ على توازن قوتها مع قوة أعدائها المنتظرين....أما القاعدة الثانية التي تقدمها الواقعية فتتمثل في وجوب إختيار الأصدقاء والأعداء بحسب أيديولوجيتهم أو خاصية نظامهم الداخلي...
أما القاعة الثالثة فهي مرتبطة بالإثنتين السابقتين،وهي أن يتوجب على قادة البلدن عند تحديدهم للتهديدات الخارجية التي تثقل كاهل بلدانهم،أن ينظروا الى المقدرات العسكرية بأكثر جدية إلى النوايا المعلنة...(ص236).
أما القاعدة الرابعة_أو مجموعة القواعد السلوكية_هي أنه يجب فصل كل أخلاقية عن السياسة الخارجية. فلقد هاجم "مورغانتو هانس":صاحب الكتاب الموجز في العلاقات الدولية الذي أثر تأثيرا باليغا في التصور الأمريكي للسياسة الخارجية خلال الحرب الباردة..الإتجاهالمنتشر جدا بين الأمم،مماهاة التطلعات الأخلاقية لأمة بعينها مع القوانين الأخلاقية التي تحكم الكون.مستنتجا أن ذلك يقود إلى الكبرياء والصلف في حين أن مفهوم المصلحة معرفا بألفاظ دالة على القوة...يحفظنا في الوقت نفسه من الإفراط الأخلاقي ومن الجنون السياسي(ص237).
إذن فأن يكون السلم عسير المنال في نظم الدول التاريخية يعني بوضوح أن بعض الدول سعى إلى ما يتجاوز مجرد بقائه بإعتبار أن هذا البقاء هو سهل المنال.وبما أن هذه الدول تشكل كيانات تيموسية كبيرة جدا،فإنهاتسعى في الحقيقة الى أن يترف بقيمتها أو بكرامتها لأسباب فطرية،دينية،قومية أو أيديولوجية.وتجبر الدول الأخرى في هذا السياق على الصراع أو الخضوع.إن السبب الأساسي كنشوب الحرب بين الدول هو"التيموس"وليس غريزة البقاء.فكما بدأ التاريخ البشري بالصراع الدموي من أجل النفود،فإن الصراع الدولي يبدأ بالنزاع من أجل الإعتراف المتبادل بين الدول وهو المصدر الأصلي للإمبريالية(ص241).
وبما أن الحرب هي الحكم النهائي في الخصامات بين الدول،فإن سياسة القوة في نظر فوكوياما لاتزال صالحة بين الدول غير الديمفراطية الليبرالية(ص258)،وهذا ما يجعله يصف حياة الإنسان الأخير في الدول الديمقراطية الليبرالية بأنها حياة الآمان الشخصي والوفرة المادية،تماما كما يعد به السياسيون الغربيون عادة،ناخيبهم(ص289).
ماءالعينين سيدي بويا. المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟


.. وزيرة الخارجية الألمانية: يجب وضع حد لإيران ولا نسمح بالانجر




.. وزير الخارجية الأردني: الحرب في غزة تهدد أمن كل المنطقة والع


.. مؤتمر صحفي لوزيرة الخارجية الألمانية ووزير الخارجية الأردني




.. تقارير لبنانية: الموساد وراء اغتيال مسؤول التمويل في حزب الل