الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان بحجم الأمل

أحمد عبد السادة

2010 / 3 / 29
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


لقد غرس المواطـن العراقيّ في خارطـة التـاريخ الربيعيـة في يوم 7 آذار الماضي رسالة حضارية مدوية ومضيئة عند خروجه الشجاع ورهانه الصائب على شمس الارادة والحرية وعلى مناجم المستقبل الموجودة في صناديق الاقتراع، وذلك على الرغم من كل الرسائل البدائيـة والظلامية التي غرسهـا في طريقـه أبناء الكهوف والجحور وصناع الخراب من أجل ترهيبه وإعاقته عن إشهار وإعلاء كلمته القوية الطامحة الى الإمساك ببوصلة تلك الفرصة التاريخية الغالية ليس من أجل إعادة ترسيم حدود المشهد السياسيّ فقط، وإنما من أجل تغيير كلّ تضاريس الواقع الفادحة وصناعة خارطة طريق أخرى يمكنها أن تقودنا الى الخروج من جدلية البؤس والفساد والتخبط السياسيّ والفقر الحضاري.
لا شك انّ المواطن العراقيّ يعرف جيداً بأنّ أمله بالخلاص مرهون برهانه على صناديق الاقتراع، وهذا الرهان هو الذي دفع المواطن الى تحدي كل من يريد الإبقاء على الخراب وإدامته، وهو الذي دفعه الى تحويل كلّ معطيات الإحباط واليأس التي تطوقه الى مادة لإذكاء نار الأمل والاستمرار في إيصال رسائله الى السياسيين، غير إن هذا الرهان لا يمكن أن يكون مجدياً وفاعلاً ومؤسساً للتغيير اذا لم يكن محكوماً ومشفوعاً بخيارات صائبة ودقيقة تكون كفيلة بإخراج قطار الواقع من سكة التردي وتوفير كل المناخات لنقله الى سكة جديدة وايجابية وجديرة بتحديات ورهانات المواطن.
من البديهي القول بأنّ التجارب الانتخابية السابقة علمت المواطن العراقيّ ان لا يطمئن أبداً لشعارات السياسي الكبيرة، كما علمته أن لا يغالي بشرب ماء التفاؤل كي لا يتعرض الى صدمة يمكن أن تنقله الى ذروة التشاؤم، اذ إن المواطن العراقي يعرف – ربما أكثر من غيره – بأنّ الانتخابات ليست مسحوقاً سحرياً يمكن نثره على خرائب الواقع وصرائفه لتحويلها، بلحظة خاطفة، الى فراديس، كما انه يعرف جيداً بأنّ خياراته الانتخابية من المحتمل أن لا تقطف ما تشتهيه، فمجمل خيارات المواطن تبقى اختباراً لصدق السياسي ولطبول شعاراته العريضة حتى يترجم السياسي أقواله الى أفعال، غير إنّ المواطن بالمقابل يعرف أيضاً، بشكل جيد، بأنّ صندوق الاقتراع هو الرهان الأوحد على التغيير وهو الأرض الوحيدة التي بإمكانها احتضان بذور الأمل، وهذا الشيء هو الذي يدفع المواطن الى المراهنة المستمرة – من دون كلل ورغم كل الاحباطات – على احتمالات ذلك الصندوق الانتخابيّ الصغير الذي بإمكانه أن يقلب الطاولة على أمـراء الفسـاد والتخريب والدجل السيـاسـيّ، والذي بإمكانه أن يدق النقاط على الكثير من الحروف السائبة وأن يعيد الى الشعب سلطته المخطوفة.
لقد قال الشعب العراقيّ كلمته العظيمة والمدوية والمضيئة وتحدى وواجه الارهاب وقدم تضحيات كبيرة ومقدسة، والكرة الآن في ملعب السياسيين الذين عليهم أن يقولوا كلمة جديرة بما قاله الشعب، وأن يكونوا فعلاً بحجم التضحيات التي قدمها وبحجم الرهانات التي زرعها في أرض الديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي