الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة المسرح الضال

فاضل خليل

2010 / 4 / 6
الادب والفن


منذ عرف الإنسان المسرح وحتى يومنا هذا، يعرف المسرح بالمؤسسة الثقافية الاجتماعية التي تتوجه بخطابها إلى الجماهير، التي تشكل واحدا من أركانه الخمسة، إضافة إلى النص، والخشبة والمخرج والممثلون. هذه المؤسسة من شأنها أن توفر للناس حق المتعة الراقية شأنا، وسامية المعاني والتوجه، بعيدا عن أعمال الربح غير المجزية. وللمسرح حق الإمتاع بالطرق كافة، التي تتناغم مع الحس، والعقل، من خلال بث المعاني النابعة عن القيم الإنسانية والحضارية. وما المسرحية الشعبية إلا منهل لتلك الرؤى والتفكر، ونقصد بالشعبية، كل فن مستوحى من الشعب، ليصاغ بالطرق الفنية، كي يعود إلى الشعب ثانية بصيغ علمية وجمالية. باعتبار إن المضامين والأفكار التي تتناولها المسرحيات الشعبية ليست سوى، شعبا وأعمال شعب. فالمسرح كان ولا يزال ذلك النابض بحكاياتهم وما تبثه حياتهم من المعاني والمضامين الراقية، التي من شأنها نبذ السلبيات والارتقاء بما هو ايجابي قدر الإمكان، هدفا أعلى في الوصول إلى ما ينبغي أن تكون عليه الحياة والناس. فالمسرح ككيان اجتماعي يدعو للثقافة. إضافة إلى كون المسرح، خير من يراقب المستقبل ويراه قبل الآخرين. ولعل التقدميون منا أول من حدد هدفه بعد ما خبروه جيدا واختصروا معانيه، بالتعريف التالي الذي يجاهر به (أداة للتحريض والتغيير)، نسب القول تداولا إلى (لينين). فهو اختزل المهمة التي انيطت بالمسرح من ساعاته الأولى ومنذ أول التقاءه به وبجهوده الرامية إلى خلق شعب واع بمقولة أيضا تنسب إليه ( اعطني خبزا ومسرحا، اعطيك شعبا مثقفا).
المسرح، هذا الفن شديد الحساسية الذي يلتقط العيوب ليفصح عنها، وعيوب المسرح تكمن في الاختيارات المتنوعة، والبعض منها بعيدة عن اهتمامات الجماهير والمجتمع. لم أكن أريد الدخول وللمرة الألف، أو تزيد الحديث عن أحد أنواع المسرح ( العدوة للجماهير ) المضللة لهم والمخدرة لوعيه، التي تعطيهم السهل والبسيط حد الاهانة، ذلكم هو المسرح الاستهلاكي الذي ينهض بجيوب القائمين عليه، مثلما ينهض بالمحافظة على التقليل من وعي سالكي طريقه، ألا وهو المسرح ( التجاري ) كما تعارفنا عليه زمنا ليس بالقصير، امتد طيلة عمر حروبنا وحصارنا وهي طويلة ولا زالت مستمرة. هذا النوع من المسرح عادت نهضته ثانية لتأخذ الخبز والمسرح وتعطينا شعبا جاهلا، عادت نهضته في العراق ثانية لتنهض في تمزيق العراق، إلى جانب أنواع أخرى من الأمراض المستشرية التي _ تسير به نحو الهاوية والتمزق _ وعليه فالمسرحية التجارية أصبحت البديل عن المسرحية الشعبية ـ الطموح ـ.
أنا أدعو القائمين على هذا النوع من المسرح أن يعودوا إلى المسرحية الشعبية التي استقطبت الناس زمنا ليس بالقليل، وبتماهي التوجهين ربما نكسب المسرح والناس معا، ولن نتستر عن مخاطر التجارية في المسرح لوحدها. وهنا ندعو إلى أن نكتب للشعب، نمثل للشعب، نخرج للشعب
وعليه لابد لنا أن نختار النصوص الأقرب إلى نفوسهم
والتي تجيب عن تساؤلاتهم
وتحاول تخليصهم من مخاوفهم
ولا مانع من أن تكون ممتعة وتدر بالمال الحلال
المسرح الشعبي في كل العالم هو الشاغل الأهم في المسرح، وما الدعوة إلى تأسيس مهرجان مسرح القوميات عام 1906م إلا دليل على سموه ورفعته، في هذه المهرجانات تقدم الشعوب أفضل ما لديها من فن أصيل خلقته شعوبها. ومن أجل أن يحقق المسرح الاستمرارية مع الجمهور لابد أن يستفيد من الموروثات الشعبية، والحكايات والأساطير والقصص، والأشكال الدرامية المتوارثة. لنعمل كي تستديم العلاقة مع الفنون الشعبية وكل ما يمكن ان يجذب الناس من مواضيع تتحدث عن تراثهم، تاريخهم، امتدادهم، لان الخصوصية الشعبية الموروثة أساسيته لإيجاد المسرح الشعبي المتخصص ذو الهوية. لأنه من غير الممكن أن نستعير شكلا شعبيا لأمة أخرى وندعي عروبتها. لأنها ستبدو نشازا بالتأكيد. الجمهور دقيق حتى التفاصيل الحياتية لمواضيعه المطروحة على المسرح. يكشفها بسرعة ويعرف أنها دخيلة وليست أصيلة. فكيف إذن عند التعامل مع حالة كاملة نستعيرها لقومية أخرى وننسبها له ؟
الكثير من مسارح الشعوب في العالم تدعو إلى استيعاب الموروثات الخاصة بكل شعب، ونحن شعب لديه الكثير من تلك الخزائن احتواها تاريخنا وحضارتنا من أمثال: ألف ليلة وليلة، المقامات، الأساطير، الحكايات، القصص الشعبي، خيال الظل، القراقوز، وسواها. الجمهور هو الذي يرتاد المسرح، دون تمييز في ثقافة ونوع هذا الجمهور الذي يتلقى. ومن تكرار المشاهدة يمكنه أن يتطور وبسهولة. ومع مطالبته بالمزيد والأحسن يمكنه من رفع مستواه تربويا وأخلاقيا وثقافيا، مع المسرح والفنان. وكما أسلفنا فان المواضيع المطروحة غالبها تكون مستمدة – كما قلنا – من حياة الشعب. تاريخه، تراثه، عاداته، تقاليده. بعيدا عن استثمار السائد والبسيط من دعاباته التي يستثمرها المسرح الاستهلاكي، أو الهابط كما تعارفنا عليه. ومن شأن الشعب ( الجمهور والفنان) اللذان سيكتشفان لنا أخيرا كل ما هو جيد ورديء، وبعدها سيتمكن من لعب دوره في إعادة بناء الحياة من جديد. مع ترسيخ الثوابت التالية:
• لغة المسرحية الشعبية .
• أبطال المسرحية الشعبية .
• أجواء المسرحية الشعبية .
• بقية المستلزمات المكونة للعرض المسرحي كشعبية الموسيقى، والإنارة المسرحية، وما يتبعها من ملابس، وأثاث، ومصادر تلك المكونات التي تقارع الحياة في المسرحية الشعبية، كي تخلق الحس الشعبي المطلوب.
وعليه وانطلاقا من ضرورة توصيل العمل المسرحي إلى الجماهير الشعبية التي تعاني من نقص كبير في الثقافة علينا أن نتوجه بلغة الشعب، ومن لغته إليه. وعلى الفن الدرامي أن يتجه إلى الشعب بأسره والى كافة الفئات في آن واحد، وبالتالي عليه أن ينطلق من فكرة وحدة المشاعر بين المشهد والمشاهدين فبالمسرح الشعبي سوف لن يرى الجمال والثقافة. وعلم الجمال بمفهومه المبسط هو (فلسفة الأشياء) سنصل بالنتيجة إلى المطلوب من المسرح بالفهم العلمي للمسرح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في