الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ابناء الخطيئة
رندا قسيس
2010 / 4 / 7اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نلاحظ ان مجتمعاتنا العربية تعاني من ثقافة عقدة ذنب راسخة بشكل قوي في اسسنا الدينية، فنحن احفاد ثقافة صلب الذات و جلد المعرفة، اصحاب الخطيئة الاولى المنغرسة في اعماقنا، ثقافتنا ثقافة النار و العذاب المتأصلة في عقولنا و رغباتنا، ثقافة بنيت على مر الزمن لترسخ عقائدها و عاداتها و مفاهيمها الثابتة فلا تتباطأ في تجريم الجهود و المحاولات الهادفة في تليين هذه الثقافة، لترمى بأسهم المازوشيين الرافضين لاي تغيير او تجديد، علمتنا ثقافتنا ان نرضخ للذل وان نحارب العلم و المعرفة و ان نستهين بذاتنا كي نمارس عملية القمع بشكليه الجماعي و الفردي. فما هو السبب الرئيسي لهذه الثقافة؟
لاشك ان الجماعة لعبت دوراً مهماً في تأطير الفرد ضمن قوانين و عادات تبلورت مع الوقت و تحولت الى مفاهيم دينية رادعة لاية محاولة تمرد و ذلك لضمان كيانها و وجودها، متجاهلة بذلك رغبات الافراد، و للحد من رغباتهم لجأت الجماعة الى ترسيخ فكرة القضاء و العقاب عند الافراد لتشكل لهم ضغطاً نفسياً ما بين اكتفاء الذات و بين الصور المشحونة بمشاعر الخوف و الرعب القابعة في لاوعي الافراد، فنتج عن هذه المعركة الداخلية شعور بالذنب، فكلما اراد الفرد تحقيق اكتفاءاته تنتابه موجة رادعة تنبثق من صوره الداخلية المتراكمة منذ صغره لتجتاحه كلياً، فيقف عاجزاً عن الفهم و يشعر بالشلل تجاهها، هذه المشاعر انعكست في البدء على اساطيره لتتقمص بعدها نصوصاً دينية، مما ادى الى ان يكتسب هذا الانعكاس المطروح من الانسان قوة خارجية تكبح الافراد و تقمع اية محاولة فردية تسعى للتحرر من تلك القوة.
تولت الجماعة القيام بهذه المهمة، فنراها تحارب جميع الافراد المنعتقين من القيود و السلاسل الجماعية، لترتدي ثوب الجلاد الجاهل لكل العلوم و المعارف و الاحداث التاريخية، مما يعكس في انفسنا ازمة اخرى ليتم اختلاط المفاهيم و الاخلاقيات، كي يعيش الفرد حياة كاملة خلف اقنعة وهمية، فنراه يمارس دعارته الاخلاقية بشكل ضمني، و يقوم بقلب الموازين و تزوير تاريخه المليئ بالانتكاسات ليحولها في مخيلته الى انتصارات. اعتقد ان المشكلة الرئيسية لدى هذه المجتمعات تكمن في خوفها من مواجهة الذات و عجزها عن المصالحة مابين الرغبات الفردية و المصلحة الجماعية.
نجد ان الثقافة الجماعية العربية قائمة على شحن الافراد بانفعالات و هجيان دائم، فادراكنا يعجز عن التقاط الاحاسيس بشكلها المنتظم للقيام بترجمتها لاحقاً، فنصبح عبارة عن مشاعر عشوائية مختلطة فيما بينها ينقصها القدرة على تنظيم الذات، و اذا حاولنا ترتيب بعض الامور تتناولنا الاتهامات و الشتائم.
احاول جاهدة البحث عن اسباب الانفعالات المنغلقة على نفسها الخائفة من هجوم خارجي يقتلعها من جذورها، فأحاول تفهم هذه المشاعر الا انني مضطرة الى معرفة اسباب تواطؤ الارض و الكون على هذه البقعة المشؤومة منذ زمن بعيد لاغرق في البحث عن ابداعاتنا فلا ارى الا فشلنا، فأذهب باحثة عن اخلاقياتنا فلا اجد الا عدمها، فأوهم نفسي في ضرورة البحث فربما كنا اصحاب علوم وافرة فلا اسمع الا بكاءً و نواحاً و لطماً على تاريخ مضى و لم يبقى منه اثر، فنحن من حطمنا اثارنا الانسانية و اعدمنا التجارب المتراكمة و تشبثنا بصنع قناع واحد للجميع مفرغ من اي فحوى او مغزى لاستمرارنا في هذه الحياة.
تشتد علينا وتيرة الخوف فنلجأ الى العراك و العنف تجاه الاخر، فنحن جاهزون للمحاكمة السريعة و الاعلان عن احكام جاهزة نستخرجها من ادراجنا الثقافية، فكيف يمكننا ان ندعي الفهم و المعرفة ان كنا عاجزين عن فهم ذواتنا و تحليل المعطيات الداخلية و الخارجية، و اذا درسنا حالتنا المتناقضة و المستمدة من ثقافتنا القائمة على غسل الادمغة و تشويه المعلومات و تزوير الحقائق فعلينا عدم استغراب تحول الافراد الى الات غيرقادرة الا على تخزين المعلومة من دون فهمها او معالجتها، فنحن ابناء ثقافة ناسخة للغيرعاجزة عن تحويل قدراتها الى انتاج ابداعي.
أنها معركة بين الفرد المتطلع الى ممارسة حقه الأنساني في الحرية الفردية والتفكير والسلوك المستقل، وبين قهر وقمع الجماعة التي تريد محو فرديته وانسانيته في زحمة القطيع وتدجينه وفق قوالبها كي تشعر بالأمان والطمأنينة من خطر تحرره، فالحرية الفردية تشكل باستمرار تهديداً وخطراً على ثوابت وتقاليد ومعتقدات الجماعة، أنها قصة المعركة الأزلية بين الأحرار وعبودية الجماعة!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - ثورة ضرورية ضد الـخـطـيـئـة
أحـمـد بـسـمـار
(
2010 / 4 / 7 - 18:10
)
ما تنقدين يا سيدة رندا قسيس, بكل براعة وتحليل تاريخي آكاديمي منطقي, اسمه بكل بساطة : العادات والتقاليد. هذه العادات والتقاليد بالإضافة إلى الممنوعات المرهبة من الديانات والغيبيات والتفسيرات ومظاهرهاالبربرية الظاهرة والمخبوءة, قتلت عندنا كل المشاعر الإنسانية الطبيعية والمقبولة في جميع العالم المتحضر, والذي يحترم ما يسمى حقوق الفرد والإنسان. ما عدا عندنا. حيث ما زلنا نحمل ثقل العادات والتقاليد التي تمنع الإنسان (المرأة والرجل) أن يعيش متطلباته الطبيعية, وأن يحيا الحريات العامة الإنسانية بأرفع مستوياتها. هذه الحرية التي تضمن لجميع البشر المساواة في الصحة والتعليم والعمل والعيش برفاهية.. وخاصة ممارسة الحب الذي هو أبسط حاجات الطبيعية البشرية.. أن نــحــب(بكسر الحاء) .. وأن نــحــب(بفتح الحاء)...
مع تحية مهذبة صادقة...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة
2 - مزيد من التمرد
عماد سميح
(
2010 / 4 / 7 - 22:50
)
اشعر بالامل وانا اقرا لرندا هذه المتمرده على كل خطايا النفاق الاجتماعي والعهر الاستباقي باصدار الاحكام المسبقه على رقاب الناس والنساء تحديدا تحت ذريعة الدين والعادات نعم يا رندا تمردي اكثر بسببك قد نرى بلبله قد تزعزع كل المفاهيم الباليه واصحابها
3 - أين
سومري
(
2010 / 4 / 7 - 23:47
)
السيدة الرائعة في نقدك الى التاريخ المزور والدين المنحرف والمجتمع المقولب والؤدلج والمستحمر من قبل مايسمى رجال الدين رجال السوء ياسيدتي ربما في الدين المسيحي امور اهون من الموجود في الدين البدوي الاسلامي من احتقار كل من يختلف معهم في الرأي بل يسمح بقتله وسبي النساء وأخذ الاموال وأذا انتقد احد هذه الامور خارج الملة فهو كافر ويجب ان يقتل ؟؟؟!!كل شئ تغير إلى هذه البقعة المشؤمة من بقائع الدنيا !لكوننا ألغينا أدمغتنا وسلمنا أمرنا لرجال يعيشون في افكار القرون الوسطى بكل تفاصيل من ويسمونه عصر السلف الصالح وهو اليوم غير صالح الانه وبكل بساطة انتهى مفعوله من زمان ؟؟؟اتمنى لك التوفيق في حياتك
4 - إمرأة والنساء قليل
المنسي القانع
(
2010 / 4 / 8 - 09:18
)
سيدتي الكريمة --بعد التحية والتقدير اللذين لا مزيد عليهما , أقول لقد شاهدت مأخوذاً لقائين تلفزيونين لك ,كم كنت رائعة فيهما لذا وقبل أن أقرأ المقال أحسست أني أعرف ما سوف تقولين فلدى مشاهدتي لك وأنت تتكلمين عرفت مدى إخلاصك لما تعتقدين لذلك تولدت لدي قناعة تامة بعنوان تعليقي وقد إستعرت هذه الجملة مِن قول مَن يريد ان يمتدح رجلاً قام بعمل يستحق الثناء فيقول (رجل والرجال قليل)
كم هي بحاجة الى عقول نيرة بلداننا وكم هو مفيد نقد وتفنيد الفكرة والطوطم وليس مهاجمة ما ترتب عليهما .
أنا مثلك ومثل الجميع لست مولوداً بالخطيئة ! ( وللضحك فقط ) أقول حتى لو فأنا لست مسؤولاً عنها ليجبرني تجار الدين أن أعيش مهموماً كسير الفؤاد لكي أكفر عن خطيئة لم تحصل أصلاً . وطبعاً هذه مشكلة كل الأديان والتي لايرتقي فكرها عن الجنس والأعضاء التناسلية .
داومي سيدي الكريمة بث أفكارك النيرة فأنت والحق يقال إمرأة والنساء قليل .
عظيم إحترامي سيدتي
5 - تعليق
سيمون خوري
(
2010 / 4 / 8 - 15:46
)
الأخت الكاتبة المحترمة ، تحية لك أشكرك على هذا التحليل الجميل . أزمة المنطقة هي ازمة ثقافة بالدرجة الأولى . أزمة موروث غيبي يحاكم كل الأشياء الجميلة ،؟ يخيل لي أحياناً أننا مجتمعات تعيش على مبدأ الصدمة في حياتها وتقتات منها ، على كل حال بجهودك وجهود أمثالك تبني الأوطان من جديد شكراً لك .
.. رويترز عن مصادر أمنية: 36 قتيلا بقصف إسرائيلي على حلب بينهم
.. شعارات الحملات الانتخابية..جدل الإنجازات وسخاء الوعود
.. المرصد: الغارات الإسرائيلية على حلب استهدفت مستودعات أسلحة ت
.. مسؤولون أميركيون: أضعفنا قدرات الحوثيين لكن الحرب ضدهم لم تن
.. كيف نراقب الوزن في شهر رمضان؟ |#رمضان_اليوم