الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هناك دائما وقت للغناء قراءة في ديوان أسميك حلما وأنتظر ليلي للشاعر ماجد أبو غوش

توفيق العيسى

2010 / 4 / 14
الادب والفن


في غزة كما في بيروت هناك وقت دائما للغناء، في غزة كما في بغداد، طفلة تبحث عما تبقى من براءتها وسيدة تعود إلى ما تبقى من القلب.
في غزة كما في قانا كما في بغداد هناك دائما شاعر شهيد يسمى نصر أبو شاور.
ما الذي يكتبه ماجد أبو غوش؟؟ هل يبكي من مضوا؟ أم يبكي ما تبقى من الحلم؟
يفتتح الشاعر ديوانه " أسميك حلما وأنتظر ليلي" بمشهد اخباري تعودنا رؤيته بعد كل مذبحة.

"كانت المرأة تجر قدميها
وما تبقى من أطفالها
باتجاه ما تبقى من البيت
باتجاه ما تبقى من البحر"
في هذا المشهد الشعري من قصيدة " عودة" دلل الشاعر على قسوة الحدث وهوله باستخدام كلمتين، " تجر" و"ما تبقى" مختزلا بذلك أفعالا عدة، الركض، الهرب، الخوف" تجر قدميها" ربما من تعب وارهاق ولكنها مصرة على مواصلة المشي و " تجر ما تبقى من أطفالها" وهم أيضا في ذات الحالة، ثم يكرر " ماتبقى" كلازمة موحيا بحجم الدمار.
ويستمر الشاعر بنسج المشهد، فينتقل من هذه اللقطة إلى أخرى جامعا المرأة بمذيعة جميلة تسألها إلى أين تعود.
" رفعت يدها بهدوء
ومسحت دمعة تدحرجت على خدها
وابتسمت حين اعترضت طريقها المذيعة الجميلة وسألتها
إلى أين تعودين؟
.................
................"
تصمت المرأة وتصمت المذيعة يصمت كل شيء، فإلى أين ستعود؟ ومالذي تبقى لتعود إليه؟ تعمد الشاعر ترك المذيعة على سجيتها تطرح سؤالا ربما ساذجا ولايتناسب وحجم المأساة ولعل هذا أيضا أحد الأسباب الذي دفع المراة للصمت، لتنفض عنها غبار المأساة وتجيب
" لأروي شجرة الياسمين
حتى تظلل أسماء الشهداء"
لا نقول أن الشاعر أنطق شخصيتي المشهد الشعري بما يريده فالحدث طبيعي وغير مصطنع، وعلى الرغم من بساطة المشهد الشعري، إلا أن الشاعر اتخذ موقفا انسانيا تقدميا من المأساة، فدوره كشاعر تصوير المشهد والتعبير عما يجول في الخاطر ولا تظهره كاميرا الاعلام فينزل إلى الشارع ولا يتعالى عليه، بنسج مشهد تقليدي مستخدما عبارات الدمار التقليدية والمستهلكة، ينزل إلى موقع الحدث ليرفعه إلى المستوى الفني المطلوب ويعبر عنه بحرفية الشاعر.
في غزة كما في بيروت كما في بغداد، ويعرج الشاعر على مقهى الروضة في الشام حيث تتحرر الروح من سجن الجسد، ومع اغراق الشاعر في الهم الجماعي ومشاهد الدمار في الأقانيم المقاومة الثلاث الا أنه ترك روحه تحلق في فضاءات أخرى، يهرب من المجزرة وتفاصيلها إلى الحب إلى التسكع ليلا في شوارع المدينة تائها متعمدا.
" كنت أمشي يداي في جيوبي
وكنتُ معي
في كل ليلة تنهض قدماي
وتمشيان دوني"
حتى قوله...
" كأنني أتوق لبعض الجنون"
فالشاعر بحاجة لبعض الجنون، ومن غير الجنون يعين شاعرا على الحياة؟ في ظل القتل والدمار ولون الطائفية الثقيل؟
ففي قصيدة " موت رياض العويسي" يتحدث عن محاولته كتابة أغنية عاطفية ولكن جنون الحرب أقوى من جنونه الفردي ويذهب في رحلات عدة للبحث عن البيئة المناسبة لهذا الجنون والتحرر من سجن الجسد، فيذهب إلى الشام وغرناطة ليحاكي تعب روح الغجر الشبيه بتعب روحه ومأساته.
" الغجر مروا من هنا
وكانت اغانيهم حزينة
الغجر مروا من هنا
وكانت روحهم متعبة"
وفي قصيدة " سُكر" كان المناخ الأكثر خصوبة نسبيا لبوح الشاعر، يتقمص شخصية الذئب منتظرا اكتمال القمر ليحتسي كأسه الأخير مسميا الأشياء بأسمائها وليكون أكثر حبا وجرأة.
"سأسمي الموت موتا
الحزن حزنا
الحب حبا
ويذهب بتسمية الأشياء ويقف عند ماذا سيسمي السلطان ولا ندري لماذا بالرغم من حدوث المواجهة والمكاشفة بينهما في قصيدة " كش ملك"، التي اودع بها كل أسباب الهزيمة، هزيمة النظام السياسي.
ونلاحظ في قراءة أعمال ماجد ابوغوش ذلك المنهج الموازي لشعر الشاعر العربي المصري " أمل دنقل" من حيث استخدامه للكلمات والجمل العادية وادراجها بأسلوب السهل الممتنع شعرا
لا تصالحْ!
ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقأ عينيكَ
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
......
- كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
........
(لا تصالح امل دنقل)

في غزَّةَ هُناكَ امرأةٌ تَحْلمُ
أنْ تَغسلَ قَدَميها في ماءِ البحرْ
أنْ تَسيرَ حافِيَةً على الرَّملِ الأصْفَرْ
أن تُسْلِمَ شَعْرَها لِلرّيحِ
وأنْ تَشْرَبَ قَهْوَتَها الصَّباحِيَّة
مع نصر أبو شاور
( كان اسمي نصر أبو شاور ماجد ابو غوش)

البوح، الحب، السخرية المرة، الجنون، أسماء الشهداء والمدن، مفردات ديوان " أسميك حلما وانتظر ليلي" ومفردات الامل والوفاء لدى ماجد أبو غوش، الامل بالحرية والدولة التي كان وما زال أبوغوش أحد المناضلين لأجلها شعرا وعملا سياسيا وحزبيا،ووفاءا لأسماء الشهداء ووردة خلودهم التي تعودنا قراءتها في أعماله الشعرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا