الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد الاداري والمالي للسلطة الحاكمة واثره في تخلف المجتمع

سامية نوري كربيت

2010 / 4 / 29
الادارة و الاقتصاد


ان الديمقراطية في دول العالم الثالث لا يمكن ان تنمو او تزدهر ما لم تتوفر شروطها , ومن اولويات شروط الديمقراطية وجود نظام حكم صالح يعمل من اجل مصلحة المواطنين , ويتطلب ذلك اصلاح اساس الحكم من خلال اصلاح مؤسسات الدولة , ومن اهم المؤسسات التي يجب ان يتم اصلاحها هي المؤسسة التشريعية والتي تعتبر حلقة الوصل الرئيسية بين نظام الحكم والشعب , فتحرير الطاقات البشرية يتطلب تمثيلا سياسيا شاملا في مجالس تشريعية تقوم على انتخابات حرة ونزيهة خالية من التزوير واستخدام المال العام لخدمة اغراض انتخابية , بالاضافة الى ذلك يجب اعادة هيكلة الادارة العامة التي هي ضرورية لأن الحكومة والقطاع العام بحاجة الى اداء مهامهم بشفافية وبشكل فعال وكفوء من اجل القضاء على الفساد والمحاباة .
ان الفساد هو الطريقة الاكثر قدرة على ان يفقد الديمقراطية شرعيتها خاصة في ظل الانظمة الشمولية , حيث تعاني مؤسسات الدولة من الاثار السلبية لوجود قيادات سياسية تظهر اهتماما كبيرا بجمع الثروات بمختلف الطرق , مما يؤدي الى انتشار ظاهرة الرشوة واختلاس اموال الدولة بطرق غير مشروعة ومشاريع صناعية وهمية وصفقات تجارية مشبوهة , وفي ظل هيمنة السلطة على المجتمع واحتكارها لكل وسائل القوة وخضوع الاغلبية لسيطرة اقلية سواء اكانت عرقية او مذهبية او ثقافية اوسياسية منفصلة عن المجتمع , تفقد الدولة صفتها الاساسية الممثلة لمجموع المواطنين , وتصبح ممثلة للطبقة الحاكمة وهذا يؤدي الى الانفصال بين الدولة والمجتمع وتزداد قدرتها القمعية مما يؤدي الى نتائج سلبية يعاني منها ابناء المجتمع كانتشار ثقافة العنف بسبب تزايد حدة الاحباط النفسي , وكذلك انتشار الفساد الاقتصادي والسياسي والشعور بالاغتراب داخل الوطن , والخوف الذي يؤدي الى الانسحاب من الحياة والتقوقع داخل حيز ضيق , والشعور بعدم الانتماء الى الدولة وغياب المناخ الديمقراطي وفقدان المجتمع القدرة على التحول نحو نظام ديمقراطي .
ان انحراف السلطة السياسية ونزوعها الى وضع معايير اجتماعية لحساب فئة معينة ثم فرضها على المجتمع ككل , باعتبارها معبرة عن كل المواطنين يكون من شانها الاخلال بالتوازن الاجتماعي ومن ثم ينفسح المجال لقانون الاقوى على حساب تحقيق المصلحة العليا للمجتمع ككل , وبهذا تنقلب السلطة السياسية من اداة لتحقيق التكامل والتجانس الاجتماعي الى اداة اكراه تسعى الى فرض معايير اجتماعية يتحدد مضمونها بمقتضى مصالح الفئة المحتكرة للسلطة , او مصالح فئة اجتماعية معينة على حساب ما عداها من الفئات الاخرى وعند ذلك يتحول المجتمع من اطار ناظم لحركة اعضائه الى اطار ضاغط قاهر يفرض قوانين ومعايير منحازة الى جانب الفئات الحاكمة فضلا عن انتشار ظاهرة الفساد السياسي والمحسوبية التي تنشا نتيجة سوء اسغلال النفوذ من قبل كبار الموظفين والمسؤولين السياسيين في الدولة بغرض تحقيق الارباح والثروات بغير وجه حق , وقد تكون السلطة باكملها فاسدة عندما تكون قائمة على سيطرة قبيلة او اسرة او طائفة حيث تصبح مطلقة اليد في الاستحواذ على ثروات الشعب في غياب الشفافية والمساءلة خاصة في الدول التي لا تعرف تداول السلطة بين قواها السياسية ولا يتوفر في ظلها الحد الادنى للمحاسبة الاجتماعية .
وهذه الظاهرة كان ابن خلدون قد رصدها في مقدمته بقوله " لأن الحاكم يملك ذهب السلطان وسيفه فانه ينشغل بنفسه وينسى وطنه , فيسخر موارد الامة لحماية مملكته وتوطيد سلطانه , فيتحلق حوله الاعوان والمنتفعون من صناع الطغاة اما طمعا في عطفه او اتقاء شره , فالبلاد المعمورة والامم المتحضرة في عصرنا وفي كل عصر سابق لنا تراضى اهلها فيما بينهم على الاعتراف المتبادل بالقدر والمنزلة , اما الامم المتخلفة في عصرنا المقهورة من حكامها , المهزومة امام اعدائها , المستسلمة لغزاتها , فقد اذعنت شعوبها لاسترقاق الاقلية رقا مستورا في بعض الاحيان فاحاط بهم العار في كل مكان " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة