الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسافة (الحبر) ما غزّر

ابتسام يوسف الطاهر

2010 / 5 / 7
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


مع الاعتذار للشاعر الكبير مظفر النواب (حسافة سقيتك بروحي ..وحسافة العشق ما خضر)

قلت في أكثر من مكان وكتبت أكثر من مقال عن حماسي للانتخابات العراقية والسبب الأساسي لذلك الحماس، وهو الأمل بوضع نهاية لمسلسل القتل والتخريب المتواصل، وهذا الإصرار كلفني الكثير من الوقت والجهد والأعصاب ، وكلفني قطيعة مع بعض ممن اعتبرتهم في يوم ما أصدقاء! من الذين سخروا من فكرة الانتخابات ، بل بعضهم صفق للأحزمة الناسفة والمتفجرات التي أطاحت بأرواح بريئة كثيرة لغاية (إفشال الانتخابات)!؟
الأمر الذي أعاد صورة ضحايا الحرب في الثمانينات وقد استقبلهم أهلهم بصناديق صغيرة وهم يسمعون بيان القائد العسكري (انسحبت ألويتنا بعد أداء مهمتها ببلبلة الوضع في إيران!). إذن مهما كانت الغاية بائسة فوسيلتهم واحدة هي القتل والإصرار على القتل من اجل العودة للسلطة التي مسحوا فيها الأرض.
وبالرغم من توقعاتنا بنتائج الانتخابات البائسة التي لا علاقة لها بآمال الملايين من الشعب الذي تحمس لها وتحدى خفافيش الظلام والإجرام (مع الاعتذار لذلك الطائر الليلي). كنا على استعداد لقبول النتائج تحديا للذين حاولوا إفشالها لكي لا يشمتوا فينا.. و لتجربة الفائز ومعرفة صدق نواياه من كذبه بخدمة الشعب وتحسين الحال لأحسن منه ولو بقليل! ولمنح الشعب المتعب نوع من الهدنة وأمل جاد بإحلال السلام ديمقراطيا!.
ولأن الديمقراطية جديدة علينا ولا نحسن استخدامها، وكما قال الدكتور عبد الخالق حسين "أن الديمقراطية مثل السباحة لابد من ممارستها لنتعلمها".. لذا تحمسنا لتعلم تلك السباحة ولو ضد التيار.
ولكن مرت شهور على ظهور النتائج.. ونكاد نغرق بمستنقع التصريحات والتهديدات بين هذه الكتلة وتلك، دون أن نرى بصيص لولادة الحكومة المنتخبة العسيرة! فالكل يؤجل ويماطل ويحاول تأخير تلك الولادة، دون أن يدركوا أن الوليد سيختنق في رحم الفوضى تلك، فبالتأخير أما أن يأتي الوليد مشوها أو سيولد ميتا من كثرة انقطاع الأوكسجين!.
والشعب ينتظر المعجزة التي ستضع نهاية للوضع المأساوي التي يعيشه منذ عقود، فالكهرباء مازالت تلعب ختيلان، والماء مازال يستخرج بواسطة الماطورات الصغيرة، والدوائر يسيطر عليها موظفون اغلبهم بلا خبرة أو بلا ضمير. والشوارع تحتلها فلول الأتربة والأوساخ لتغطي على أشباح المجرمين.. والشعب ينتظر ويكاد أن ينفذ صبره.
عشرات بل مئات الضحايا عمدت دمائهم الزكية الشوارع قربانا للانتخابات!.. ملايين الدولارات بددت على الحملات الانتخابية، على الدعايات والإعلانات طبعا، وكميات الحبر الأزرق أو البنفسجي والاستمارات والصناديق البلاستيكية.. كان الشعب أولى بها لتحسين شوارعهم أو توفير الخدمات الإنسانية لهم. على الأقل كان الشعب سيذكر لهم تلك الحسنات مستقبلا وينتخبهم دون غيرهم لو حصلت معجزة وصارت انتخابات طبيعية بالمستقبل، يحترم فيها المرشحون الديمقراطية ويقدرون قيمة التصويت.
فما جدوى كل تلك التضحيات وكل الأموال التي بعثرت، إذا كان تشكيل الحكومة لا يتم الا من خلال اجتماع تلك الكتلة مع هذه، أو اتفاقية ذلك التيار مع شبيهه.. ما جدوى الانتخابات اذا كان البعض من الكتل الفائزة لم يلتزم حتى بالدستور .. الكل يريد يصير هو الأمير.. ولتبقى الحمير بالشمس لجهنم وبئس المصير ما دام لن يقبل أيهم بقيادتها! .
الكل يريد أن يكون هو الكابتن للسفينة التي تتلاعب فيها الرياح من كل صوب. وهم يدركون جيدا أن (السفينة التي تكثر ملاحيها.. تغرق).
بعضهم ضربوا جهود الشعب وتضحياته والدستور بعرض الحائط، ولجئوا لعرابيهم يستنجدون بهم حتى لو كانوا من الذين يحاولون تعطيل العملية السياسية بالعراق ليبقى متخلفا وسوقا لبضائعهم التافهة، أو لمجرميهم يمارسون هواية القتل ضد الشعب العراقي!.
ضاعت كل أصوات الناس المخلصين سدى وسط ضجيج الاحتجاجات والرفض والتأجيل والتهديد، والمطالبة بعقد الاجتماع على طاولة مستديرة!.
حتى الذين عاشوا في أوربا من القيادات العراقية، وعرفوا عن قرب ما تعنيه السلطة والمسؤولية، مازالوا ينظرون للسلطة على أنها مصدر للغنائم ليس الا! يعتبرونها مصدر للتسلط والاغتناء على حساب الدولة والشعب، لذلك يتسابقون للوصول للكرسي ليتشبثون به بأيديهم وأرجلهم وأسنانهم لأنهم لا يهمهم أن يذكرهم التاريخ بشيء من التقدير، ولا يهمهم أن المسؤولية تكليف وليس تشريف، المهم أن يستولوا على الحصة الأكبر من الفريسة.
فيبدو واضحا عدم حرصهم على أرواح المواطنين ولا يهمهم تحسين البلد وتطوير المجتمع ولا يعنيهم تعرض الشعب والوطن للخطر وهم يرون تصاعد العنف بشكل طردي مع تصاعد التهديدات وبقاء الفوضى هي السائدة بالساحة. أنظرُ لأصابع المواطنين وهم يرفعوها بفخر أمام كاميرات الإعلام مصبوغة باللون البنفسجي الأكثر صمودا من وعود البعض وأقول بحسرة (حسافة الحبر ما غزّر).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلنا في الهم شرق
أحمدالشاقعي ( 2010 / 5 / 7 - 20:15 )
سيدتي ليس العراق وحدة فالخدمة المدنية والسياسية ليست تشريف بل تكليف ، ولكنهم بكل مرارة يعتبرونها غنيمة يسلبون الدولة والشعب أموالهما ويحولونها إلى أرصدة في البنوك، وكراسي يلتصقون بها لا يبرحونها، لا يعنيهم تعرض الشعب والبلاد لخطر الاحتلال مرة ثانية من الصهيونية وهم يعلمون مدى قوة إسرائيل العسكرية والاقتصادية، وهذا الهم تجدينه في كل الأقطار العربية كأن المسؤاين فيه مجردون من الوطنية والضمي.


2 - اسف كبير على ما آلت اليه الامور
مصدق الدراجي ( 2010 / 5 / 8 - 12:56 )
لم نكن نتوقع ان تظهر مساويء السياسيين بهذه السرعه ..كنا نتصور ان نكتشفها اكتشاف عبر العمل والاخطاء التي ترافقه ولكن الجماعه متعجلين جدا وكأن الامر لايستحق حتى عناء الانتظار ..فظهرت عوراتهم المخجله حتى ان القاصي والداني بدأ يضحك شماتة بواقع العراق الذي لا يصلح الا بدكتاتور ...اسف كبير ولوعه بحجم البكاء شكرا لك سيدتي على هذا النفس


3 - مع الاسف
وسام صابر ( 2010 / 5 / 8 - 22:33 )
مع الاسف الانتخابات كانت حلم وتحولت الى كابوس على يد زمرة من المتلاعبين بالالفاظ والمتلاعبين بالمصائر ، فبالنسبة لهم نحن مجرد ارقام تمنحهم كراسي وتزيد من ارصدتهم في البنوك


4 - خيبه امل كبيره
ياده سرود زيباري ( 2010 / 5 / 10 - 00:25 )
خيبه امل كبيره ان يتصور الانسان ان محتلا يجتاح بلدا و يدمره تماما من اجل الديمقراطيه. وهذا ما كان يفلسفه مثقفوا الاحتلال بحجه المصلحه الوطنيه وحقن الدماء والتدريب على الديمقراطيه بواسطه كورسات في واشنطن
العراق لن يستقر الا برحيل الاحتلال وادواته المحليه و قد عرف العراقيون ذلك رغم المليارات المفوعه لتشويه الحقيقه


5 - ليس بحاجه لسياسي
ختام الدراجي ( 2010 / 5 / 10 - 09:29 )
قلتها وسابقى اقولها وارددها ان العراق بحاجه الى من يحبه ..... يحبه فقط


6 - القبليه
نؤاس الحر ( 2010 / 5 / 10 - 10:16 )
الى اليوم وايضا مع الاسف نتعامل بالعصبيه القبليه والكل حريص على ان قبيلتهه هي الاولى وان فازت جلب اقاربهه حتى وان كان اغبى الاغبياء ويجعل منه مدير عام . الف شكرا لك سيدتي وانشاء الله يكثر من امثالكم

اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال