الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يفخر الإسلاميون بمنجزات العلمانية

ازهر مهدي

2010 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هنالك نغمة خفية او خجولة يرددها " بعض " الإسلاميين عند الإشارة بفخر الى دولتين مسلمتين وهما كل من تركيا وماليزيا وما تشهدانه من تقدم وتطور مدني وصناعي واعتبارهما مثلا قد يحتذونه إن وصلوا للسلطة لكن للأسف فأن إيراد اسم هاتين الدولتين لا يخرج عن باب التمويه والتضليل عندما يطالبهم البعض بالأدلة على قدرة الحركات الأصولية على خلق مجتمع مستقر ومتقدم ، فمن المعروف ان هاتين الدولتين هما دولتين علمانيتين بامتياز ورغم ديانة النسبة الأكبر من سكان هاتين الدولتين بالإسلام لكن ما من تعارض بين ان تكون مسلم من الناحية العقيدية و ان تكون علماني من الناحية السياسية وان التطور الذي تشهده تركيا قد سبق وصول حزب العدالة والتنمية المعروف بتوجهاته الإسلامية لتولي الحكومة ونلاحظ ههنا وجود خلط بين مفهومي الحكومة والدولة وربما يكون هذا الخطأ ناشئ من أن الحكومات في بلداننا هي الدول ذاتها لكن في الدول المتطورة والمتحضرة فالفرق كبير جدا فالأحزاب بتوجهاتها وايديولوجياتها لا تستطيع تغيير واقع الدولة الذي يشرف عليه القضاء والإعلام والمؤسسات المدنية – او الجيش أيضا في الحالة التركية – بما خولها الدستور العلماني المدني من سلطات وصلاحيات قوية.

لقد تحولت تركيا التي سادت العالم الإسلامي لقرون بالقوة والقهر تحت ما يسمى بالخلافة الى دولة متحضرة ومنتجة بمجرد تبنيها الفكر المدني الحديث وقد تحول الشعب التركي سليل الأقوام الطورانية البربرية من حالة التجبر والتسلط الى شعب متحرر لا يشكل عالة على البشرية كما هو حال جميع الدول التي خضعت لهم في السابق

في تركيا العلمانية والديمقراطية والمسلمة الشعب حر في اختيار معتقده ولباسه رغم ما شهدته من علمانية متخوفة من الدين بسبب الإرث العثماني وتحولها الى علمانية أكثر استقرارا وعدالة لكن تظل المخاوف من ان يتوسع حزب العدالة والتنمية في تمرير قوانين تهدف الى فرض سيطرته وأسلمة الدولة ذاتها وهو أمر ان حدث ستخسر تركيا كل مكتسباتها خلال التسعين عاما الأخيرة لتصبح مجرد دولة هشة ومتوترة ومتخلفة وقد أقارن تركيا التي لا تمتلك ارثا حضاريا إنسانيا ذي قيمة – باستثناء المباني الجميلة والفخمة في عاصمة الخلافة العثمانية او ما كانت تعرف بالاستانة – وإيران تلك الدولة التي أسهمت واسهم أبناؤها في التأثير عالميا على العلوم والفنون والآداب وحتى علوم الدين الإسلامي الشرعية كما نعرف ، عندما أقارن هاتين الدولتين فقد اصدم بمدى التطور الذي تشهده تركيا حاليا والتدهور الذي تهوى اليه الجمهورية الاسلامية الإيرانية ، لكن للأسف فروعة الاجداد ليست دليلا على نباهة الأبناء والعكس صحيح أيضا.

بالنسبة لماليزيا ذلك البلد الجميل والذي تعشقه منذ أول يوم تشاهده فيه فالقوانين ونظام التعامل والتبادل التجاري ونشاطات الاستثمار هي أنظمة عالمية وعلمانية بامتياز !!!! نعم يمكنك ان تشاهد الحجاب واللحى والمساجد والرموز والممارسات الإسلامية بصورة واضحة أينما ذهبت لكن عندما تدخل الى مكتبك فأنت ملزم باتباع نفس النظم المتبعة في تركيا فالبنوك لا تراعي القضايا الربوية الا ما ندر ومحلات الترفيه شائعة في اكثر المدن والولايات الماليزية وقوانين الاستثمار منفتحة على العالم فضلا عن ان القانون المدني العلماني الماليزي يسمح لنصف الشعب تقريبا بممارسة شعائره الدينية الوثنية كالبوذية والهندوسية والتاوية وهو ما لا تسمح جميع الأنظمة الأصولية بالتأكيد بل ان لهذه الفئات وبالأخص الجالية الصينية دور واضح في تنمية الحالة الماليزية وتطويرها .

كل ما أقوله ان ما من مانع لتبني نظام علماني وفي نفس الوقت المحافظة على الانتماء الديني للأمم المسلمة شريطة ان تقترن العلمانية بوضع ديمقراطي مستقر ان لم يكن نظام كهذا هو الامثل للمحافظة على الهوية الدينية الإسلامية وخلق مجتمع مرفه وحي لكن منظري الفكر الأصولي لا يتقبلون التعايش مع اي فكرة او نظام لا يكفل لهم ما يعرف بالممارسة الديمقراطية لمرة واحدة اي أنهم يسمحون بانتخابات توصلهم للسلطة لكنهم لا يقبلون بنفس الانتخابات ان قامت بإخراجهم منها هذا ان لم يستعملوا السلاح والبطش للتربع على مقادير الشعوب المقهورة اصلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة رائعة
يونس حنون ( 2010 / 5 / 15 - 13:51 )
شكرا للكاتب على المقالة البسيطة الرائعة
كانك في قلبي


2 - شكرا
جمال الهنداوي ( 2010 / 5 / 17 - 11:15 )
اخي العزيز..اشكرك على هذا التميز والتفوق..ننتظر المزيد من الامتاع والتألق..سلمت يداك سيدي


3 - نعم هذه هي حدودهم
محمود ( 2010 / 5 / 17 - 15:16 )
الاسلاميون ومنذ ما يقارب -1400 - سنه للاسف يتابهون بتركيا وماليزيا وايران لان عندهم برلمان طائفي دموي متناسين ان هذا يفترض ان يكون على ارض محمد الذي اتى بالاسلام في ارض الحجاز -- امقت اسم السعودية لانه اختزل الشعب في الحجاز باْل سعود العملاء-- فالواجب تغير النظام في الحجاز ليكون الحجاز ارض محمد ليضرب المثل فيها بدلا من تركيا واخواتها ياعلماء المسلمين المنافقين
مع التحية لكاتب المقال


4 - اللهم اجعل في هذه البلد من يكون نورا للاسلام
احمد عادل ( 2011 / 3 / 15 - 20:26 )
ارفع قلمك في وجه الطغاه فهو سلاحك لا تغفل عنه
ان الله معك لا تخف شيء وتوكل على الله
استمر اخي الكريم في كشف العلمانين الذين يسرقونا عقول ونور هذه الامة

اخر الافلام

.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي




.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل