الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من فشل في الانتخابات العراقية؟

ابتسام يوسف الطاهر

2010 / 5 / 23
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق



نظمت حركة تنسيق التيار الديمقراطي العراقي في بريطانيا، ندوة فكرية في لندن استضافت الدكتور عبدالخالق حسين والدكتور غسان العطية للحديث عن الانتخابات العراقية وأسباب فشل قوى اليسار في الانتخابات.
عزا الدكتور غسان العطية بعد تطرقه لتدهور الوضع بالعراق بسبب النظام الدكتاتوري وممارساته القمعية، عزا فشل الانتخابات الى الطائفية التي تسيطر على العقل العراقي "الشيعي ينتخب الشيعي والسني ينتخب السني " كما ذكر أن التيارات الشيعية تحاول جاهدة لإبعاد السنة عن المشاركة بالسلطة. هذا الرأي جزء منه صحيح، لكن فيه تبسيط ربما. صحيح ان الشعب العراقي مازال عشائريا! لكن الطائفية عززها النظام البعثي موهما السنة انه يفضلهم بالرغم انه وقف ضد الجميع بما فيهم عائلته ورفاقه البعثيين! واذا أردنا الإنصاف أن هناك طائفية حقا ولكن بين البعثي سواء كان سنيا أو شيعيا حتى لو انتمى لأي من الأحزاب الدينية او غيرها، وبين الآخر المؤمن بالعراق وطنا للجميع. ولا يمكن التغاضي عن دور أمريكا التي لعبت دور كبير خاصة أيام رامسفيلد لتغذية روح الكراهية بين أبناء الشعب ومحاولاتهم لإشعال حرب أهلية، وللأسف وجدوا ضالتهم بين صفوف كلا الطرفين من الذين يجمعهم التخلف والتحزب الأعمى وعدم الولاء للعراق.
والموضوع الأهم للندوة (فشل القوى اليسارية في الانتخابات العراقية) الذي ركز عليه الدكتور عبد الخالق حسين الذي عودنا في مقالاته، على طرحه المتفائل وتشبثه بعروة الأمل من خلال نقده الموضوعي للأخطاء التي ترتكبها التيارات السياسية التي تقود البلد بعد سقوط النظام البعثي الدكتاتوري، وبنفس الوقت يعتبر الانتخابات خطوة لبناء الديمقراطية ويشير لنجاحها بالعراق بالرغم من النتائج التي فاجأت الكثير من الناخبين والقوى الوطنية التي لم تحظى بكرسي واحد بالبرلمان المعلق!؟ لابد ان النجاح كان من منظار تحدي الشعب وإصراره على المشاركة.
لكنه في إشارته الى تراجع قوى التيار الديمقراطي مثل الحزب الشيوعي وحزب الأمة العراقية وتيار الأحرار الذي يقوده السيد أياد جمال الدين. قال:" صحيح أن قانون الانتخابات مجحف، ويحتاج إلى تعديل، وتقع مسؤولية تعديله على عاتق الكتاب والسياسيين لمناقشة هذه المسألة المهمة والخطيرة، في ندوات ومقالات من أجل فرض الضغوط على ذوي العقد والحل لتغييره إلى الأفضل، فهناك أنظمة انتخابية عديدة في العالم، يجب البحث عن أي منها يكون الأفضل للعراق وفق تعددية مكونات شعبه. لكنه لم يكن السبب الوحيد لتراجع أصوات تلك القوى".
وذكر ان هناك من ينتقد الحزب الشيوعي ويعزو سبب فشله بالانتخابات الى تمسكه بأيديولوجية يراها البعض ما عادت تناسب المتغيرات الحياتية والسياسية، كذلك البعض الآخر يقترح تغيير اسم الحزب ليحظى بالتأييد والقبول لدى الشعب بعد ان استطاعت القوى المعادية أن تشوه ذلك الفكر .
"هذا الموضوع هو الآخر لن يصمد أمام أية محاجة منصفة، إذ هناك كيانات سياسية وطنية وديمقراطية عابرة للطائفية والمناطقية (الجهوية)، وتحمل أسماء لا تمت إلى الشيوعية بأية صفة، مثل حزب الأمة العراقية، والوطني الديمقراطي، وأحرار العراق، ومع ذلك فشلت هذه الكيانات في الحصول على أي مقعد".
إذن الأمر لا يخص الحزب الشيوعي او التيار اليساري فقط. وهذا يعني ان الخلل أولا في قانون الانتخابات نفسه، او ربما الانتخابات جاءت مبكرة جدا، كان لابد أن يسبقها استقرار سياسي وتطور اقتصادي وتوعية مكثفة لأبناء الشعب بكل فصائلهم وتكويناتهم.
وعن الأطروحات المتشنجة من قبل قوى اليسار المتطرف اذا شئنا، التي أدانت الحزب الشيوعي لمشاركته بالعملية السياسية بعد سقوط النظام بالرغم من اعتراضه على احتلال العراق والحرب للخلاص من الدكتاتورية، الأمر الذي عرضه للتهديد من قبل قوى المعارضة الأخرى حينها، خاصة التي ارتبطت بحزب البعث قبل ان تنظم لصفوف المعارضة!
فتلك القوى تطالب الحزب الشيوعي للانضمام الى صفوف المقاومة لمحاربة الاحتلال والحكومة الحالية! قال الدكتور عبد الخالق حسين:
" هذا الانتقاد أثبت فشله، إذ ليست في العراق مقاومة بل إرهاب لإجهاض العملية السياسية. فقد اثبت الواقع أن مشاركة الحزب في العملية السياسية كان واجباً وطنياً، والعزل السياسي ليس حلاً، ولا في صالح الحزب، بل كان لصالح أعدائه. ومن الجهة الأخرى فقد انتصرت في الانتخابات تلك القوى التي دعت للتدخل الخارجي من أجل خلاص الشعب العراقي من أبشع نظام عرفه التاريخ، وشاركت في العملية السياسية بكل نشاط وحماس وعلى نطاق واسع".

فما سبب فشل التيار اليساري الديمقراطي في العراق؟

لم تتطرق الندوة الى أن الكثير من القوى السياسية سواء التي لها دور بالسلطة أو التي تدعي المعارضة من بقايا البعثيين، قد ترصدت قبل كل شيء قوى اليسار أو أعضاء الحزب الشيوعي بشكل خاص، فراح الكثير من القيادات التي تخلت عن فسحة الحرية والأمان التي عاشتها في أوربا وعادت للعراق للمساهمة بعملية البناء، مثل هادي صالح وكامل شياع وغيرهم، راحوا ضحية للجرائم التي ارتكبت ضدهم على يد مجرمين تغاضوا عن قوات الاحتلال وعن المتسبب الأول بدخول قوات الاحتلال ليس في عام 2003 بل قبل ذلك بأعوام أي منذ 1991.
ولا ننسى أن الغرب وأمريكا بشكل خاص مازالت تستخدم كل الوسائل الدعائية ضد كل ما يتعلق بالفكر الشيوعي، بل جندت هوليوود لتزج بجملة هنا وهناك في الكثير من الأفلام ، ضد الشيوعية مرة تعتبرها شتيمة وأخرى تعتبرها لعنة او خيانة للوطنية! وهذا لابد أن يؤثر بتفكير المشاهد البسيط الغربي والعربي على السواء.
في بريطانيا حين فاز حزب العمال في عام 1997 والذي كان يميل لليسار، قال احد أعضاء الحزب في حوار جانبي عن الانتخابات حينها "لو لم يميل حزب العمال لليمين لما فاز بالانتخابات". أما الأحزاب الماركسية او الاشتراكية الأخرى فلا نجدها الا بالمظاهرات التضامنية مع الشعوب الأخرى .
وفي معظم الدول الأوربية (الديمقراطية) لا مجال لقوى اليسار في العملية السياسية الفعلية، لكنهم ينشطون بمنظمات المجتمع المدني التي تستقطب الكثير من الشباب.
إذن بالإمكان القول ان الحزب الشيوعي العراقي وبالرغم من كل الحصار المضروب حوله والحملات الإعلامية ضده وحملات الإبادة التي مورست ضد أعضائه مازال يعمل ويستقطب الكثير من الشباب العراقي.. لكنه مثل حال الأحزاب الأخرى له أخطائه وأولها عدم الاستفادة من تجربة وجود بعض كوادره بالغرب واطلاعه على تجارب الأحزاب الفاعلة هناك التي قبل ان تخوض أي انتخابات تكون قد شكلت حكومة ظل تتهيأ من خلالها لاستلام السلطة..وحتى هذا الخطأ ينطبق على كل قوى المعارضة بالعراق التي خضعت لضغوط أمريكية قبل شن الحرب في 2003 وأجبرتها على إلغاء أي تفكير بتشكيل حكومة مؤقتة !. مما سبب إرباك كل القوى حين دخلت العراق بعد سقوط صدام. وهذا كان أحد أسباب او السبب الأساسي بالفوضى التي مازال العراق يعاني منها.
مهمة القوى الوطنية، سواء كانت يسارية او يمينية (هذه المسميات لم تعد ذا تأثير) فقد يكون هناك يميني لكنه مخلصا للوطن ومحبا للخير ويسعى لخدمة الشعب، تبقى عصيبة وصعبة بسبب تردي الوعي السياسي والوطني في هذه المرحلة حيث تراجع فيها الفكر وسيطر على العقول التخلف والجهل بشكل لم تعرفه الشعوب في العصور السابقة. ولابد ان الثورة التكنولوجية قد أغرت قطاع واسع من الشباب خاصة في المجتمعات الاستهلاكية، فما عادت تلك القوى مثل قبل تحلم بالعدالة الاجتماعية.
الدكتور حسين أكد على انه "يجب على هذه القوى الصمود و الإصرار على مبادئها الوطنية النبيلة، والعمل على نشرها وزرعها، وترسيخها في أعماق المجتمع، ورفع الوعي الوطني لدى العامة. فمرحلة التخندق الطائفي هي مرحلة عابرة فرضتها ظروف موضوعية قاسية جداً، وستزول بزوال هذه الظروف، فالمستقبل هو للدولة الوطنية العلمانية الديمقراطية، يكون فيها الدين لله والوطن للجميع". بالرغم من صعوبة تحقيق ذلك لكن لا نملك غير أن نتفاءل بالغد وبجهود الطيبين لعلها تزيح بعض من الصدأ الذي تراكم على العقول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة جيده ولكن
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 5 / 24 - 19:07 )
ان عمل الشيوعيين العراقيين وخصوصا منذ الثلاثينات وحتى ثورة 14 تموز
كان يركز على حرية العراق والعراقيين والشعب العراقي ببسطائه ونخبه يعتبر
وحدة العراق شعبا ووطنا تحصيل حاصل وقضية فوق كل نقاش واختلاف
ولكن منذ 8 شباط الاسود حصلت ظروف لنسميها لوجستيه جعلت ملاذا للهاربين
من الاضطهاد ان يحتموا بجبال الشمال الذي كان فعليا مقاطعه مهيمن عليها
من قبل الاقطاع الكردي المتخلف والمستبد والدموي والذي لم تكن له اية علاقه بمفهوم القوميه - القوميه يااستاذه نتاج مرحلة التطور الراءسمالي
وليس الاقطاعي الرعوي وهذا الاحتماء وخصوصا في ظل الهيمنه الكرديه في قيادة حشع جعل من الاراده الاقطاعيه الكرديه مكيالا للموقف الوطني والاممي و و و
لو تتفضلين يااخت وتزوري العراق وتجدين الكم الهائل من الكره لمجرد كلمة الفدراليه خصوصا بتخريجتها القوميه العائليه والتاءييد المطلق من جانب حشع لكل هلوسات الشوفينيين الاقطاعيين لوضحت الصوره التدهوريه لسمعتنا عند اوسع الجماهير لقد قابلت الاخ ابو داود قبل الانتخابات المحليه وقت له ستخسرون والانكى ستتسببون بنجاح البعثيين في نينوى وهذه ليست نبوءه
الناس تخاف على العراق


2 - خسارة الانتخابات ليس دليل على الفشل
ابتسام يوسف الطاهر ( 2010 / 5 / 24 - 20:39 )
اشكر الاخ الاكاديمي ..لقد زرت العراق منذ الشهر الاول لسقوط صدام..وتكررت زياراتي على امل العمل والبقاء هناك!!ولكن للاسف اتضح لي ان صدام سقط لكن النظام البعثي وماخلفه من جهل وتعصب قومي وطائفي وعشائري مازال قائما ومستفحلا..والفساد المالي والاداري حدث ولا حرج وبطبيعة الحال امريكا والحصار لعبا دورا كارثيا بهذا المجال..مااحببت ان اقول ان اليسار في كل العالم انحسر دوره، وربما اليسار العراقي الوحيد مازال فعال وله صوته بالشارع العراقي بالرغم من كل التخلف والهجمة ضد التقدميين واليساريين. بل هناك الكثير من الشباب لاحظت حرصهم على الانتماء للحزب الشيوعي، وقد وجدو انه الاكثر حرصا على وحدة الشعب..ولكن جهوده مازالت في الظل بسبب الفوضى السياسية واستفحال المشاعر الطائفية والعشائرية بمسارها المتخلف..فالاحساس القومي والعشائري ليس سبة ، ولكن حين يكون على حساب الوطن والشعب يكون كارثة.
وبالمناسبة هنا جهل كبير بما تعنيه الفيدرالية ليس بين صفوف الشعب بل بين المسؤولين انفسهم واولهم الاكراد..وبعض دعاة الانفصال..فبمفهومهم انها تعني الغاء المركزية والاستيلاء على ثروات المنطقة من قبل حفنة الحكام.

اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس