الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
بإمكان الوطنية العراقية أن تنتظر قليلا
جعفر المظفر
2010 / 5 / 25ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
ليست القضية هنا إنني أنطلق من انحياز لقائمة دون أخرى على الرغم من إن الدستور يكفل لي ذلك الحق, لا بل ويوجب علي استعماله, المسألة كما يجب أن يراها الجميع هي إن الديمقراطية ذاتها تتعرض اليوم إلى خطر التحريف بشكل يقود إلى تحولها إلى كلمة بدون معنى. والحقيقة إنني حاولت مرارا أن أعثر على تفسير موضوعي للحملة السياسية لحرمان (العراقية) من حقها القانوني بتشكيل الوزارة فلم أعثر. هناك ثمة تقولات أو اجتهادات تشير إلى أن الدستور يتيح لتكلات تنشأ بعد الإنتخابات أن تكون هي صاحبة الحق بتشكيل الوزارة, لكن على الجهة الأخرى ليس باستطاعة أحد أن ينفي نفيا قاطعا بأن الدستور العراقي لم يكفل للكتلة الفائزة والتي كانت قد تشكلت قبل الإنتخابات الحق بتشكيل الوزارة. إن وجود اختلاف على تفسير هذا الأمر الخطير الذي لن تتوقف تداعياته على التأخر عن تشكيل الوزارة فحسب وإنما تنذر ايضا بتراجعات خطيرة على مستوى العملية السياسية برمتها إنما يعني أحد أمرين, فأما أن يكون الدستور العراقي بائسا ومثيرا للفتنة والمشاكل مما يدعو إلى عادة دراسته بشكل عادل وتغيير فقراته المثيرة للفتنة, أو تكون هناك محاولة إلتفافية على هذا الدستور من شانها أن تؤدي إلى الإطاحة بالعملية الديمقراطية ذاتها. إن الحديث عن وجود تآمر على الديمقراطية في العراق يتغافل عن حقيقة إن ذلك التآمر قد يكون من داخل العملية الديمقراطية ذاتها, معنى ذلك إن هؤلاء الذين يتلاعبون بالديمقراطية من أجل مصالحهم الذاتية يحققون للإرهاب ما عجز عن تحقيقه من خلال المواجهة المكشوفة والمباشرة التي كانت أدت إلى وقوع عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء الذين يتلاعب بدمائهم البريئة أقطاب العملية السياسية المتمسكين بمباهج ومكاسب السلطة.
إن غموضا دستوريا بشان الفقرة التي تفسر الفريق الفائز بالتكليف, فيما لو وجد هذا الغموض بالفعل, من شانه أن يؤكد على الجهالة القانونية لواضعي الدستور أو على تدني وعيهم السياسي أو على وجود نيات مبيتة للالتفاف, وربما يكون من المستحيل وضع دستور خال من الغموض أو تفارق الاجتهادات التي تقتضي وجودا لهيئات قانونية مهماتها التفسير والتوضيح, غير إن غموضا يتناول هذه الفقرة بالذات هو أمر خطير ويدعو إلى قرع ناقوس الخطر, فما نعيشه الآن ليس ازمة تشكيل وزاري وإنما هي أزمة فضيحة دستورية قد لا تقف تداعياتها في حدود تلك الأزمة.
وإذا ما افترضنا على إن الأزمة تخلو من سوء النية وإنما هي كانت تأسست على هذه الجهالة الدستورية التي تستدعي من حين إلى آخر تدخل خبراء القانون وفي المقدمة منهم السيد طارق حرب, وفهمنا إن أكثر هؤلاء الخبراء علما وفهما وأعلاهم صوتا وصورة هم منحازون إلى الفصائل التي يفسرون القوانين لصالحها فلسوف نكتشف إن هناك تلاعبا حقيقيا بمصير العراق والعراقيين, وإن العملية الدستورية والقانونية برمتها بحاجة إلى إعادة النظر بما يقتضي بدء الشروع بتشكيل وزارة طوارئ محايدة من شانها ان تكفل هذه المراجعة المسؤولة بدو ن أن تسمح للفرق المتنازعة بالدخول على الخط.
إن الوضع الآن ينذر بالخطر, وليس من الحق اللجوء إلى الأساليب الغستابوية لتكميم أفواه الآخرين كما وليس من الحق تعميم الثقافة التي تتوجه لإبتزاز الرأي الآخر, فلقد ثبت كم كانت الحالة فاشلة في كلا التوجهين. وفي العراق فإن لدينا كما كبيرا من ثقافة الابتزاز هذه منذ عهد الزعيم قاسم حيث كانت تهمة شتم الزعيم جاهزة لكبت كل رأي معارض إلى عهد الدكتاتورية الذهبي حيث كانت الإساءة بكلمة لصدام كافية لأن تقطع أصلب الرقاب عظاما وأعظمها شحما ولحما. هذه المرة تلعب مفاهيم كالتجاوز على السيادة الوطنية دورها في منع الآخرين عن توضيح القضية العراقية للرأي العام ومن قبل قوى لم يكن وجودها في الحكم إلا نتيجة للتعدي الكبير والخطير على هذه السيادة. إن ذلك يجعلنا نضحك كثيرا لا بل ويجعلنا نموت من الضحك, فلو كان الحديث عن السيادة الوطنية قد نطق به أشخاص لا علاقة لهم بالتعاون مع الاحتلال ولم تكن أحزابهم قد نشأت أو عاشت في دولة إقليمية مجاورة لأمكن تصديق الأمر. غير إن هذه العجالة الوطنية هي مدعاة للسخرية, ليس على صعيد داخلي وإنما على صعيد خارجي أيضا, ولو قيض لكاتب مسرحي متهكم أن يعد مسرحية ساخرة عن الوضع العراقي لعجز عن أن يلحق بساسة هذا الوضع المثير للضحك والشفقة, فالرجال الذين كانوا قد وقعوا بأيديهم الاتفاقية الأمنية التي تعطي لأمريكا حق التدخل حينما تتعرض العملية الديمقراطية للخطر هم أنفسهم الذين يعيبون على خصومهم أي تحرك إقليمي أو دولي هدفه المساعدة بحل الأمور حلا هادئا وعادلا بما يحول دون انفجار الوضع إلى الدرجة التي تلقي بالبلاد في مخاطر المجابهات المسلحة. إن جهودا كهذه سوف يجابه أصحابها مباشر بتهمة سب الزعيم أو القذف بالذات الإلهية الصدامية ويطاردون بتهمة التجاوز على السيادة الوطنية العذراء.
والحل هنا لا شك إنه بسيط, فما دام هناك اختلاف خطير على تفسير فقرة الدستور التي تفسر معنى كلمة الفريق الفائز الذي يكلف بتشكيل الوزارة وما دام أمرا بهذا الشكل قد تطلب تفسيرا من خبير قانوني على مستوى طارق حرب أو على مستوى المحكمة الدستورية فمعنى ذلك إن هناك مشكلة كبيرة وخطيرة ولا يمكن حلها من قبل طرف شريك في المشكلة ذاتها وإنما هي تتطلب طرفا محايدا لا علاقة له بامتيازات ومكاسب السلطة في العراق, ذلك يقرب من إمكانية الاعتماد على الأمم المتحدة ذاتها التي سبق وإن كانت لها تجارب كبيرة وكثيرة في حسم الإختلاف وحتى تلك الخاصة بدول فيها سيادة حقيقية وليس سيادة مصنعة ومتصنعة كما هي السيادة العراقية.
إن السيادة العراقية بإمكانها أن تنتظر قليلا لحتى يتم تجاوز الأزمة كما إن أولئك الذين تعاونوا مع قوات الاحتلال الأمريكي بحجة إنها كانت الوسيلة الوحيدة للتخلص من صدام سوف لن يضيرهم التعاون مع لجنة دولية محايدة لحل هذا الإشكال الدستوري الذي يعرض العراق إلى أخطار حقيقة.
حقا.. إن بإمكان السيادة والوطنية العراقية أن تنتظر قليلا.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - الرهان على الزمن
البراق
(
2010 / 5 / 26 - 06:08
)
الاخ الدكتور جعفر اعتقد انك سمعت او قرأت اخر تصريحات المالكي التي ينتقد فيها المطالبات الامريكية وغير الامريكية في الاستعجال بتشكيل الحكومة ويعلن رفضه لها وهو امر غريب يؤكد بان كل ما استخدم لحد اليوم من مبررات لتعطيل تنفيذ الدستور وما نتج عن الانتخابات من مطالبة باعادة العد والفرز وتحريك هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث الفائزين واصواتهم التي حصلوا عليها ثم الائتلاف مع اعداء الامس لتشكيل الكتلة الاكبر وفق رأي مدحت المحمود كل ذلك يثبت انه يراهن على الزمن وينتظر الانسحاب الامريكي في آب القادم لانه اخذ يهدد بعودة العنف ( كما جاء بتصريحه قبل يومين عند وضع حجر الاساس لاحد المشاريع ) وقد كان قد انتقد علاوي على ذلك انهم يحضرون لفرض الامر الواقع وهم واهمون كما توهم الدكتاتور المقبور عندما راهن على الزمن . ان الامم المتحدة لديها قرار من مجلس الامن يخولها بالتدخل وقد صادق عليه العراق ( كما جاء بتصريح هوشيار ) والامريكان ملزمون بحماية العملية الديمقراطية وفق الاتفاقية الامنية التي وقعها المالكي نفسه وبذلك فان امر تشكيل حكومة طوارئ من عناصر تكنوقراط مستقلة اصبح امرا ضروريا للخروج بالعراق من النفق
2 - مفترق طرق
جعفر المظفر
(
2010 / 5 / 27 - 00:53
)
الأخ المحترم البراق
ما تقوله مهم ومفيد جدا وأنا أتفق معه
أنا أظن إن العملية السياسية الآن على مفترق طرق, وربما ستكون الضارة نافعة فالمحكات كفيلة بأن تسقط أوراق بشكل أسرع مما يحدث إبان الظرف الطبيعي, لكن يجب أن لا نعتمد على التنظير لأن ذلك قد يكلف كثيرا وما عاد شعبنا بحاجة إلى مآس جديدة,ولا أخفي عليك إنني متشائم من الوضع الحالي الذي لن تحله دعوات بوس اللحى أو التضحية كما فعل البريطانيون في الإنتخابات الأخيرة, لأن الوضع برمته مختلف هنا, والإصرار على تطبيق القانون والدستور بشكل معقول وسليم وطلب المعونة القانونية الدولية المحايدة مسألة أكثر من مطلوبة لتفادي فتيل الأزمة.
آسف على تأخري بالرد لإنشغالات لم أستطع تلافيها وشكرا لك على التواصل.
.. 2024 النشرة المغاربية الخميس 28 مارس • فرانس 24 / FRANCE 24
.. المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية تؤكد ضرورة بدء تجنيد
.. لليوم الـ11.. استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع
.. محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بضمان إيصال المساعدات إلى غ
.. غزة.. ماذا بعد؟| نحو 20? من الأمريكيين يغيرون موقفهم من حرب