الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم الاجتماعية و الإنسانية الجزء 2

ساسي سفيان

2010 / 5 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


البحث الأكاديمي
منهجية وقواعد كتابة البحث العلمي ضمن العلوم الاجتماعية و الإنسانية
الجزء 2

ساسي سفيان
أستاذ مساعد بجامعة الطارف ـ الجزائر
[email protected]

قد قمت بتقديم هذه الدروس والتوجيهات للطلاب الجامعيين، الذين هم في مرحلة الإعداد لمذكرة التخرج، و التي يمكن أن تساعدهم في تفادي بعض الأخطاء المنهجية التي لاحظتها من خلال قيامي بالمتابعة والإشراف على مذكرات الطلبة. و إن كنت قد تجاوزت اختصاصي العلمي في وضع أطر منهجية شاملة و جامعة للفروع، الشعب وتخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية، لما ارتأيته من تقارب في منهجية البحث الأكاديمي في التخصصات المذكورة.


المنهج
تعريف المنهج. يعني المنهج لغة طريقة أو نظام، وبالمعنى الاصطلاحي فهو الطريق المختصر والسليم للوصول إلى الغاية المقصودة. كما عُرِفَة كذلك اصطلاحا بأنه "فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة إما من أجل الكشف عن الحقيقة، حين نكون بها جاهلين، أو من أجل البرهنة عليها للآخرين حين نكون بها عارفين."
ويعرف أيضا بأنه "الطريق المؤدي إلى كشف عن الحقيقة في العلوم، بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن على سير العقل وتحديد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة".
ويعرفه آخرون بأنه: الإستراتيجية العامة أو الخطة العامة التي يرسمها الباحث لكي يتمكن من حل مشكلة بحثه أو تحقيق هدفه.
وعليه فالمنهج هو مجموعة من الخطوات المنظمة والعمليات العقلية الواعية والمبادئ العامة التي تقود أي دراسة علمية مهما كان موضوعها، ومن ثم فالمنهج يجيب على سؤال التالي: كيف يمكن حل مشكلة البحث والكشف عن جوهر الحقيقة والوصول إلى قضايا يقينية لا يشوبها احتمال أو شك؟.
المبحث الثاني: أنواع المناهج.
لقد عَرَفَت المناهج العديد من التقسيمات حسب آراء الكثير من العلماء المختصين بعلم المنهجية حيث اختلف هؤلاء في تحديد عددها وأنواعها، إذ يركز البعض على المناهج الرئيسية والأصلية وتوسع البعض الآخر في عدد المناهج، وسنتعرض في هذا المقام لكافة التصنيفات والتقسيمات على سبيل الاختصار مستعرضين أنواع المناهج الأساسية والأصلية الكبرى التي تعتبر مناهج علمية.
أولا: التقسيمات والتصنيفات التقليدية لمناهج البحث العلمي:
1. المنهج التحليلي والمنهج التركيبي: يهدف المنهج الأول أي التحليلي إلى
كشف الحقيقة ويطلق عليه كذلك منهج الاختراع، أما المنهج الثاني وهو المنهج
التركيبي أو ألتأليفي.
فهو يقوم بتركيب و تأليف الحقائق التي وصلى إليها المنهج التحليلي، وذلك قصد الإطلاع عليها من قبل الآخرين.
يعاب على هذا التقسيم بأنه ناقص، لأنه خالي من القوانين والظواهر إذ يشمل فقط الأفكار، كما أنه لا يصح لكافة فروع العلم والمعرفة.
1. المنهج التلقائي والمنهج العقلي التأملي: المنهج التلقائي هو ذلك الذي يسير فيه العقل سيرا طبيعيا نحو المعرفة أو الحقيقة دون تحديد سابق لأساليب وأصول وقواعد منظمة ومقصودة لذلك، أما المنهج العقلي التأملي فهو ذلك المنهج الذي يسير فيه العقل والفكر في نطاق أصول وقواعد منظمة ومرتبة ومقصودة ومعلومة من أجل اكتشاف الحقيقة أو الحصول على المعرفة .
هنا كذلك أُنتُقِدْ هذا التقسيم لأنه يتحدث عن طرق ووسائل الحصول على المعرفة وليس على مناهج البحث العلمي كمناهج ذات أصول وقواعد.
ثانيا: التقسيمات الحديثة لمناهج البحث العلمي:
يوجد العديد من التصنيفات والتقسيمات الحديثة، وذلك نظرا للاعتبارات السالفة الذكر ومن بين هذه التقسيمات نذكر:
أ – تقسيم هويتني:
1. المنهج الوصفي.
2. المنهج التاريخي.
3. المنهج التجريبي.
4. البحث الفلسفي.
5. البحث التنبؤي.
6. البحث الاجتماعي.
7. البحث الإبداعي.
ب – تقسيم ماركيز:
1. المنهج الانثرو بولوجي الملاحظة الميدانية.
2. المنهج الفلسفي.
3. منهج دارسة الحالة.
4. المنهج التاريخي.
5. منهج المسح.
6. المنهج التجريبي.
تقسيم جود و سكيتس: يقسمان أنواع المناهج إلى الأنواع التالية:
1. المنهج التاريخي.
2. المنهج الوصفي.
3. منهج المسح الوصفي.
4. المنهج التجريبي.
5. منهج دراسة الحالة والدراسات الاكلينكية.
6. منهج دراسات النمو والتطور والوراثة.
هذه بعض التصنيفات والتقسيمات لتحديد أنواع مناهج البحث العلمي، إلا أنه هناك تقسيم متفق عليه من طرف معظم علماء وكتاب علم المناهج، والتي تعتبر مناهج علمية كبرى وهذا التقسيم هو كالتالي:
1. المنهج الاستدلالي.
2. المنهج التجريبي.
3. المنهج التاريخي.
4. المنهج الجدلي أو الدياليكتيكي .
مناهج البحث العلمي والعلوم الاجتماعية:
لقد عارض بعض العلماء والفلاسفة استخدام مناهج البحث العلمي المعروفة في مجالات العلوم الاجتماعية والسلوكية وذلك لعدم موضوعية الظواهر والعلاقات التي تحكمها وتنظمها وتدرسها العلوم الاجتماعية، حيث تختلف هذه العلوم في خصائصها عن العلوم الطبيعية، إذ تتميز العلوم الاجتماعية والسلوكية بمجموعة من الخصائص نذكر منها:
1. عدم دقة المصطلحات والمفاهيم في العلوم الاجتماعية، حيث تتصف هذه المصطلحات والمفاهيم بالمرونة والمطاطية الشديدة، وهذا عكس العلوم الطبيعية إذ تتميز مصطلحاتها بالجمود والصلابة، وهي بتالي تتميز بالدقة والوضوح.
1. تعقد المواقف والظواهر الاجتماعية والسلوكية وتشابكها، ومثال ذلك العوامل الجغرافية والاقتصادية والسياسية والثقافية والحضارية والبيولوجية، وهذا يؤدي إلى صعوبة عزل الظاهرة وفصل أجزائها من أجل دراستها دراسة علمية موضوعية.
2. صعوبة الوصول إلى قوانين اجتماعية ثابتة وواضحة نظرا لشدة تغير الظواهر الاجتماعية المستمرة.
3. صعوبة حذف العامل النفسي الذاتي في الدراسات الاجتماعية، إذ يكون الباحث أو الدارس لظاهرة ما الحكم والخصم في ذات القضية وفي ذات الوقت.
إلا أن علماء الاجتماع والسلوكية، أثبتوا وبرهنوا علميا على علمية العلوم الاجتماعية مع اعترافهم بهذه الصعوبات والعراقيل، ووضعوا العديد من القواعد العلمية التي يمكن بواسطتها التغلب على الصعوبات السابقة.
ويعتبر إميل دوركايم من أبرز العلماء والذين دافعوا عن علمية العلوم الاجتماعية وبرهنوا علميا عن إمكانية بحث ودراسة الظواهر الاجتماعية دراسة علمية بواسطة مناهج البحث العلمي وذلك في كتابه "قواعد المنهج في علم الاجتماع" إذ حدد مجموعة من القواعد العلمية التي تمكن الظواهر الاجتماعية لدراستها وبحثها بواسطة البحث العلمي ومن هذه القواعد نجد:
1. ضرورة دراسة الظواهر الاجتماعية على أساس أنها أشياء مثل بقية الظواهر الطبيعية.
2. استبعاد العوامل النفسية الذاتية الفردية عند تفسير الظواهر الاجتماعية.
3. استبعاد وتفسير الظواهر الاجتماعية على أساس المنفعة.
4. اكتشاف السبب في وجود الظاهرة الاجتماعية في الظواهر الاجتماعية السابقة.
5. اكتشاف الوظيفة التي تحققها وتؤديها الظاهرة الاجتماعية عن طريق ربط كل ظاهرة اجتماعية بفرضها.
6. البحث عن المصدر الأصيل والأساسي لكل تطور هام عن طريق دراسة تركيب البيئة الاجتماعية.
وقد طبق إميل دوركايم مناهج البحث العلمي في كتابه تقسيم العمل الاجتماعي وكذلك في مؤلفه الانتحار حيث استخرج العديد من النتائج والقوانين الاجتماعية، ولقد وجدت العديد من المحاولات مماثلة في كافة العلوم الاجتماعية، التي تعتبر ميدان أصيل وأساسي لاستعمال وتطبيق مناهج البحث العلمي مثل العلوم الطبيعية والطبية والرياضية.

المنهج التجريبي والشبه تجريبي.
أولا: المنهج التجريبي.
يهدف المنهج التجريبي إلى دراسة تأثير متغير مستقل على مجموعة تجريبية يتم اختيارها عشوائيا وتوضع في وسط لا يسمح فيه بتأثير أي متغيرات أخرى عليها. وفي المنهج التجريبي يميز الباحث بين مجموعتين إحداهما تسمى المجموعة الضابطة والأخرى تسمى مجموعة التجربة وهي التي يدخل عليها المتغير المستقل الذي يتم دراسة أثره على هذه المجموعة من خلال مقارنة المجموعتين لاحقا، وكمثال على ذلك في حالة تجريب الأدوية الجديدة على المرضى لإثبات فاعليتها في شفاء أمراض معينة، فإنه يتم اختيار عدد من المرضى الذين يعانون من نفس المرض، ثم يتم تقسيمهم عشوائيا إلى مجموعتين، حيث تقوم إحداهما بتناول الدواء الجديد الذي يراد معرفة قدرته على شفاء المرضى، مع استمرار إعطاء المجموعة الأخرى (المجموعة الضابطة) الدواء القديم، ويتم تقييم الدواء الجديد من خلال مقارنة المجموعتين الضابطة والمجموعة التجريبية.
والتجربة في المنهج التجريبي تمر بالمراحل التالية:
1. يتم استحداث بيئة التجربة والسيطرة عليها.
2. قياس مستوى المتغير التابع.
3. اختيار العيّنة وتقسيمها إلى مجموعتين.
4. إدخال المتغير المستقل.
5. قياس مستوى المتغير التابع مرة أخرى.
6. تقييم وضع المتغير التابع وقياس درجة التغير الذي طرأ عليه.
ويلخص كل من إيزاك ومايكل خصائص المنهج التجريبي فيما يلي:
1. يتطلب المنهج التجريبي تحكما كاملا في المتغيرات التجريبية.
2. يستخدم المنهج التجريبي مجموعة تحكم تمثل المجموعة الضابطة التي تستخدم للمقارنة.
3. يهتم المنهج التجريبي بالصدق الداخلي كهدف رئيسي للتأكد من أن التجربة حققت أهدافها. ويأتي في المرتبة الثانية الصدق الخارجي الذي يهتم بمدى القدرة على تعميم نتائج التجربة.
4. يقوم بتثبيت جميع متغيرات الدراسة عدا المتغير المستقل الذي يرغب الباحث في اختبار أثره على المتغير التابع.
خطوات البحث التجريبي.
يبدأ البحث التجريبي بتحديد المشكلة، وتصميمها، ثم تحديد مفردات البحث وأدواته، ثم تصميم منهج البحث، ثم جمع المعلومات وتحليلها وتفسيرها، ثم صياغة النتائج. ويقوم البحث التجريبي على فرضية واحدة على الأقل، أما اختيار مفردات البحث فتتم من خلال إجراءات العينة الاحتمالية التي تتصف بوجود مجموعتين تمثل كل منهما جزءا من العينة، إحداهما هي مجموعة التجربة والأخرى هي المجموعة الضابطة، ويتم بعد ذلك تعريض مجموعة التجربة لمتغير مستقل، ويشترط أن تكون المجموعتين متماثلتين إلى أكبر حد ممكن كي تكون النتائج ذات مصداقية ودقيقة إلى أبعد الحدود، ولأجل ذلك يتم اختيار المجموعتين بعدة طرق وهي كتالي:
1. اختيار مجموعة واحدة عشوائيا ثم تقسيمها عشوائيا كذلك إلى مجموعتين دون أن يكون هناك تحديد مسبق للمجموعة الضابطة أو مجموعة التجربة.
2. اختيار المفردات عشوائيا في مجموعة واحدة ثم تقسيمها إلى مجموعتين فرعيتين مع تحديد المجموعة الضابطة ومجموعة التجربة.
3. الاختيار الثنائي في كل مرة، بحيث يتم وضع إحداهما في المجموعة الضابطة التي سبق تحديدها، والآخر في مجموعة التجربة التي سبق تحديدها هي الأخرى.
تصميم المجموعات التجريبية:
هناك العديد من الطرق التي يمكن استخدامها في تصميم المجموعات التجريبية لتكون أكثر تماثلا وتكافؤا. ومن هذه الطرق ما يلي:
1. سحب عينات المجموعات عشوائيا كلما أم كن كأفضل أسلوب للتحكم في كثير من المتغيرات. ويعني ذلك استخدام العشوائية في اختيار عينة البحث وتوزيعها في مجموعات.
2. استخدام طريقة المزاوجة. وهي من الطرق المعروفة لتحقيق التوازن في تصميم المجموعات، وتعني أن يقوم الباحث بتحديد عشوائي لأعضاء المجموعتين على أساس زوجي، بحيث يتفق كل فرد في خصائص محددة، ثم يتم تعيين أحدهما بالمجموعة التجريبية والآخر في المجموعة الضابطة.
1. مقارنة المجموعات المتجانسة. ويعني ذلك أن يتم اختيار عينة البحث بشكل يؤكد على تجانس جميع المفردات حول المتغير المراد دراسته، ثم توزيعها عشوائيا بين المجموعات التجريبية والضابطة.
2. استخدام مفردات البحث كوسيلة تحكم في المتغيرات الخارجية، وذلك للسيطرة على الاختلاف بين الأعضاء. ويتم ذلك من خلال تعريض المجموعتين للمعالجة التجريبية في مجموعة واحدة، ثم توزيعهما في مجموعة تجريبية وأخرى ضابطة، ثم إجراء المعالجة التدريبية مرة أخرى على المجموعة التجريبية فقط.
3. استخدام تحليل التباين كوسيلة إحصائية لتحقيق التوازن بين المجموعات، خاصة وأنه يعتمد الوسط الحسابي كنقطة إسناد، وذلك لأنه يضبط ويعدل درجات المتغير التابع سعيا لتلافي الفروق البيئية الناتجة عن متغيرات أخرى كالعمر أو الخبرة أو غير ذلك.
أنواع تصميمات المجموعات.
يتأثر التصميم التجريبي بعدد المجموعات التجريبية والمجموعات الضابطة التي يتم استخدامها في التجربة أثناء الاختبارات القبلية و البعدية، وكذلك عند التحكم في المتغير المستقل. وسنذكر فيما يلي بعض هذه التصميمات مستخدمين الرموز التالية:
إ ق: الاختبار القبلي. إ ب: الاختبار البعدي.
م ت: المجموعة التجريبية. م ض: المجموعة الضابطة.
م س: إدخال المتغير المستقل. لا: لا يتم إدخال أي اختبار.
1. التصميم القبلي - البعدي: يعتمد هذا التصميم على مجموعة واحدة هي المجموعة التجريبية بحيث يتم اختبارها قبليا، ثم يتم إدخال المتغير المستقل عليها، ثم يتم اختبارها بعديا. ويمكن تمثيل ذلك بالرموز كالتالي:
م ت(إ ق – م س – إ ب).
2. التصميم التجريبي البعدي: في هذا التصميم لا يتم إجراء اختبار قبلي لأي من المجموعتين قبل إدخال المتغير المستقل ويمكن تمثيل ذلك كالتالي:
م ت(لا – م س- إ ب)
م ض(لا-م س- إ ب).
3. التصميم التجريبي التقليدي: ويعتمد على مجموعتين ضابطة وتجريبية، حيث يتم تعريضهما لنفس الاختبار ماعدا المتغير المستقل الذي يدخل فقط على المجموعة التجريبية. ونمثل ذلك بالرموز كالتالي:
م ت (إ ق – م س- إ ب).
م ض (إ ق – لا – إ ب).
1.التصميم التجريبي ذو المجموعتين الضابطتين: ويقوم هذا التصميم على مجموعة تجريبية واحدة ومجموعتين ضابطتين، حيث يتم التعامل مع المجموعة التجريبية وإحدى المجموعتين الضابطتين كما في التصميم التجريبي التقليدي. أما المجموعة الضابطة الأخرى فلا يتم اختبارها قبليا إلا أنه يتم إدخال المتغير المستقل عليها. وهذا ما يبينه الترميز التالي:
م ت (إ ق – م س- إ ب)
م ض1 (إ ق – لا – إ ب)
م ض2 ( لا – م س- إ ب)
2.تصميم المجموعة العشوائية: ويحتوي هذا التصميم على مجموعتين تجريبيتين وأخرى ضابطة. ويكون التصميم وفق التالي:
م ت1 (إ ق – م س – إ ب)
م ت2 (إ ق – م س- إ ب)
م ض ( إ ق – لا – إ ب)
3.التصميم التجريبي ذو الأربع مجموعات: يقوم هذا التصميم على أربع مجموعات اثنين تجريبيتين واثنين ضابطتين، ويتم التعامل مع مجموعة تجريبية وأخرى ضابطة بنفس الإجراءات المستخدمة في التصميم التقليدي. ويتم استخدام التصميم التجريبي البعدي مع المجموعتين الأخريين التجريبية والضابطة حيث لا يتم اختبارهما قبليا، وإنما يتم اختبارهما بعديا، وذلك بعد إدخال العامل المستقل على المجموعات التجريبية. ويمكن التمثيل لهذا التصميم بالرموز كالتالي:
م ت1 (إ ق – م س – إ ب)
م ض1 (إ ق – لا – إ ب)
م ت 2 (لا – م س – إ ب)
م ض2 (لا – لا – إ ب)
هذه أكثر التصميمات شيوعا وأهمها في العلوم الاجتماعية والسلوكية.
مميزات المنهج التجريبي:
1. إمكانية الثقة بنتائجه من حيث معرفة أثر المتغير المستقل على المتغير التابع (الصدق الداخلي).
1. أنه يقوم بضبط المتغيرات الخارجية التي تؤثر على المتغير التابع، مما يساعد في تحديد أثر المتغير المستقل على المتغير التابع بشكل أكثر دقة، بل وتحديد درجة ذلك التأثير.
2. إمكانية تطبيقه على حالات كثيرة من خلال تعدد تصميماته.
عيوب المنهج التجريبي:
1. المنهج التجريبي يبدو صعب التطبيق على الظواهر الإنسانية، نتيجة لما يتطلبه من شروط، مثل ضبط المتغيرات المؤثرة على الظاهرة المدروسة، واختيار عينة البحث عشوائيا، والتعيين العشوائي لأفراد العينة على مجموعتين، والاختيار العشوائي للمجموعتين الضابطة والتجريبية.
2. أن المنهج التجريبي يعظم فيه الصدق الداخلي على حساب الصدق الخارجي، وبتالي صعوبة تعميم النتائج.
3. أنه يعتمد على بيئة مصطنعة لا تتفق مع واقع كثير من الظواهر التي تتم دراستها والبحث عن حلول لها.
ثانيا: المنهج شبه التجريبي.
نتيجة لصعوبة تطبيق المنهج التجريبي على الكثير من الظواهر الإنسانية ودراستها في الواقع الفعلي، فإن الباحث يلجأ إلى المنهج شبه التجريبي، والذي يقوم على دراسة الظواهر الإنسانية كما هي دون تغيير. وتظهر هذه الصعوبات عندما لا يستطيع الباحث الحصول على تصاميم تجريبية حقيقية مما يجعله يلجأ إلى البحث شبه التجريبي الذي يتوافق مع طبيعة الظواهر الإنسانية، ويحاول تعظيم الصدق الداخلي والخارجي على حد سواء.
ويكون الأمر جليا عندما لا يكون من الممكن تعيين أو اختيار مفردات عشوائية للتجربة، إذ يستلزم الأمر أن يلجأ الباحث إلى الاعتماد على المجتمع، وبالتالي حتمية استخدام المجتمع الفعلي، فمثلا لو أراد باحث أن يختبر تأثير ربط حزام الأمان على مستوى الحوادث في مدينتين مختلفتين، ففي هذه الحالة لا يمكن استخدام المنهج التجريبي في تلك الدراسة، ولكن يمكن للباحث استخدام المنهج الشبه تجريبي فيأخذ سائقي السيارات في إحدى المدينتين كمجموعة تجريبية ويأخذ الأخرى كمجموعة ضابطة، ويطبق قانون ربط حزام الأمن على
المدينة التجريبية لفترة زمنية، ثم يقارن بين مستوى الحوادث فيها بمستوى الحوادث في المدينة الضابطة.
لقد تعددت تصاميم البحوث الشبه تجريبية التي تم استخدامها، ومن تلك التصاميم ما حدده كامبل و ستانلي 1971م حيث أوردا الكثير من التصاميم الشبه تجريبية، وسنذكر في هذا المقام أهم ثلاثة تصاميم، وهي ما يلي:
1. تصميم المجموعات غير المتكافئة: هذا التصميم يبدو شبيها بالتصميم التجريبي القبلي – البعدي، والفرق بينهما هو أن تصميم المجموعات هنا غير متكافئ. فعلى سبيل المثال، نجد أنه لا يمكن تقسيم الأفراد بين المجموعتين التجريبية والضابطة في التصميم شبه التجريبي عن طريق التعيين العشوائي مع أن معالجة المجموعات يجب أن تتم عشوائيا ما أمكن. كما أن غياب القدرة على تقسيم الأفراد بين المجموعتين عشوائيا يضيف عائق آخر من عوائق الصدق في هذا التصميم لأن الباحث يضطر إلى التعامل مع المجموعتين القائمتين كما هما عند إجراء الاختبار القبلي، وعند المعالجة أو إجراء الاختبار البعدي، هذا بالإضافة إلى أن هذا التصميم يواجه بعض الصعوبات الناتجة عن الانحدار الإحصائي، وعوامل التفاعل بين عوامل الاختيار والنضج والتاريخ والاختبار. ولذا فإن على الباحث التعرف على الفروق بين المجموعات ليتمكن من السيطرة عليها عن طريق تحليل التباين. ومن مزايا هذا التصميم أن استخدام المجموعات على طبيعتها يقلل من تأثير الترتيبات المستخدمة عند تكوين المجموعات، إذ أن الأفراد قد لا يدركون أنهم جزء من التجربة في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى أن هذا التصميم يتمتع بدرجة جيدة من الصدق الداخلي. ويمكن تمثيل هذا التصميم بالرموز كالتالي:
م ت (إ ق – م س – إ ب).
- - - - - - - - - - هذا الخط يدل على عدم تكافئ المجموعتين.
م ض ( إ ق – لا – إ ب).
2. تصميم السلسلة الزمنية: يتشابه هذا التصميم مع التصميم القبلي – البعدي لمجموعة واحدة، إلا أن تعين الأعضاء لهذه المجموعة لا يتم عشوائيا، إذ أن على الباحث القبول بالمجموعة القائمة وإجراء الاختبار القبلي لعدة مرات متتالية، ثم إدخال المتغير المستقل، ثم إجراء الاختبار البعدي لعدة مرات متتالية، لقياس مدى التغير الذي أحدثته المعالجة. ومن مزايا هذا التصميم أنه يمكن ضبط كثير من العوامل المؤثرة على صدق النتائج. وعلى سبيل المثال، نجد أن عامل النضج لا يشكل تهديدا لصدق نتائج التجربة، وكذلك الأمر بالنسبة لموقف الاختبار. ويبقى
العامل التاريخي مؤثرا على نتائج التجربة، وذلك نظرا لأنه يمكن أن تقع بعض الأحداث بين آخر اختبار قبلي وأول اختبار بعدي، مما يجعل الباحث يشكك في مدى تأثير المتغير المستقل، كذلك فإن الأثر الناتج عن خبرة أعضاء المجموعة بالاختبار القبلي أو البعدي نتيجة تكرارها قد يؤثر على مستوى صدق التجربة. ويمكن توضيح ذلك بالرموز كتالي:
م ت ( (إ ق1 )، (إ ق2 )، (إ ق3) – م س – (إ ب1)، (إ ب2)، (إ ب3) ).
ويمكن أن يتم استخدام هذا التصميم مع مجموعة تجريبية وموجوعة ضابطة إلا أنه ليس هناك أي تكافؤ بين المجموعتين، ويسمى هذا التصميم بتصميم السلسلة الزمنية المركب. وهذا ما يبينه الترميز التالي:
م ت ( (إ ق1)، (إ ق2)، (إ ق3) – م س- (إ ب1)، (إ ب2)، (إ ب3) ).
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

م ض ( (إ ق1)، (إ ق2)، (إ ق3) – لا- (إ ب1)، (إ ب2)، (إ ب3) ).

3.تصميم تدوير المجموعات: يتطلب هذا التصميم عدد من المجموعات من اثنين فأكثر التي يتم اختبارها على عدد من المتغيرات المستقلة بحيث يتم تعويض كل مجموعة لجميع المتغيرات أو المتغيرات المستقلة بحيث يتم تعريض كل مجموعة لجميع المتغيرات المستقلة، وبعد ذلك قياس التغيير الذي ينتج بعد إدخال كل متغير مستقل على كل مجموعة عن طريق الاختبار البعدي.
و لإجراء هذه التجربة فإنه يلزم أن يكون عدد المتغيرات المستقلة التي تتم دراستها مساويا لعدد المجوعات، ويتم إدخالها على المجموعات بشكل عشوائي. وستخدم هذا التصميم عندما يجد الباحث أن عليه استخدام المجموعات القائمة، أو أنه ليس بإمكانه إجراء اختبار قبلي. فمثلا، يمكن دراسة فاعلية إنتاجية لكل مدير مع كل مجموعة لتظهر في النهاية نتيجة اختبارات كل مدير مع المجموعات المختلفة. وهذا ما يمكن توضيحه وفق الترميز التالي:
م ت 1 ( (م س1)، (إ ب1)، (م س2)، (إ ب2)، (م س3)، (إ ب3) )
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
م ت 2 ( (م س2)، (إ ب2)، (م س3)، (إ ب3)، (م س1)، (إ ب1) )
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
م ت 3 ( (م س3)، (إ ب3)، (م س1)، (إ ب1)، (م س2)، (إ ب2) )

ثالثا: الفرق بين المنهج التجريبي وشبه التجريبي.
يظهر الاختلاف بين المنهج التجريبي والشبه تجريبي من حيث الاهتمامات
وذلك في عدد من الجوانب نلخصها في ما يلي:
عنصر الاختلاف: الضبــط والتحكـــــم:
المنهج التجريبي:
القدرة على التحكم في متغير مستقل واحد على الأقل وضبطه تماما، عند الرغبة في معرفة أثره على متغير تابع، بحيث يكون أي تغيير نتيجة لدخول المتغير المستقل. وهذا الضبط قد يحقق نتائج دقيقة في المنهج التجريبي إلا أن ذلك يتطلب بيئة مختبريه مغلقة لا تتأثر بأي متغيرات أو عوامل مضبوطة.
المنهج شبه التجريبي:
ولكن في المنهج شبه التجريبي لو أراد الباحث مثلا التعرف على أثر تقييم الأداء الوظيفي للموظف كمتغير مستقل على الأداء ذاته كمتغير تابع، ففي هذه الحالة هناك العديد من المتغيرات التي يستطيع الباحث التحكم فيها وضبطها، بينما هناك أخرى لا تستطيع ضبطها أو التحكم فيها. وبمعنى آخر فإنه بإمكان الباحث أن يجعل ضمن مجموعة التحكم الموظف الذي يخضع لنوع معين من الإشراف من فئة عمرية معينة ذكرا كان أو أنثى، ولكن ليس بإمكانه التحكم التام فيما يحدث بين الاختبارات القبلية و البعدية أو ما يحدث من تغييرات على ثقافة الموظف أو ثقافة المنظمة وبيئة العمل.
عنصر الاختلاف: العشوائيــــــــــة:
المنهج التجريبي:
يستخدم العينات العشوائية وذلك بالنسبة لمفردات التجربة قبل تقسيمها إلى مجموعات، كما يشترط أن يتم توزيع مفردات العينة بشكل عشوائي تمام بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة.
المنهج شبه التجريبي:
يبتعد عن العشوائية في اختياره لمجموعة البحث.
عنصر الاختلاف: الصدق الداخلي والخارجي:
المنهج التجريبي:
يهتم المنهج التجريبي بدرجة كبيرة بالصدق الداخلي فهو يركز كثيرا على أهمية القدرة على تعميم نتائج التجربة.
المنهج شبه التجريبي:
يركز على ضرورة القدرة على تعميم نتائج التجربة على عينة ومجتمع البحث الخارجي (الصدق الخارجي).
ولأهمية الصدق الداخلي والخارجي لكلا المنهجين سنقوم بتطرق لهما بإيجاز فيما يلي:
أ - الصدق الداخلي:يتمثل الصدق الداخلي في القدرة على إرجاع الفرق بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية إلى المتغير المستقل، وما يحدثه من أثر على المتغير التابع دون أن يكون هناك أي أثر لمتغيرات أخرى على تلك النتيجة، وهكذا فإن الصدق الداخلي يتمثل في أن تكون النتائج التي تم التوصل إليها قد جاءت نتيجة للإجراء الذي اتخذه الباحث فقط، وليس لأي شيء آخر.
- عوائق الصدق الداخلي: ويمكن أن نستعرضها كالتالي:
التاريخ: تشكل التطورات التي تقع في الفترة الزمنية بين الاختبار القبلي والاختبار البعدي أحد العوائق التي تحد من الصدق الداخلي.
النضج: ويقصد بذلك ما يحدثه العامل الزمني من نمو في الجسم، ونضج في العقل، وتطورات أخرى في الجوانب المختلفة من أثر على مستوى الصدق الداخلي.
تأثيرات الاختبار: يترك الاختبار القبلي عدد من التأثيرات الإيجابية أو السلبية على مفردات البحث عند أخذ الاختبار البعدي، مما يؤثر على الصدق الداخلي.
اختلاف الأداة: إن الاختلاف في الصعوبة أو السهولة بين الاختبارات القبلية و البعدية، وكذلك اختلاف الملاحظات بين الاختبار القبلي والاختبار البعدي، وما يحدثه ذلك من خلل في نتائج التجربة من عوائق الصدق الداخلي.
الاختيار: يؤدي التحيز الذي ينتج عن اختلاف معايير اختيار مفردات مجموعة التجربة والمجموعة الضابطة إلى ضعف الصدق الداخلي.
الفناء: الفناء هو تناقص عدد مفردات مجموعات المقارنة والضبط في البحث بعد الاختبار القبلي أو قبل الاختبار البعدي بأي شكل من الأشكال، مثل حالات السفر أو الوفاة أو الانتقال أو غير ذلك، ويؤدي هذا الفناء إلى ضعف الصدق الداخلي.
تفاعل النضج والاختيار: إن تفاعل مفردات البحث مع مشكلة البحث، أو مع الأحداث التي تقع بين الاختبارين، أو مع مشكلة التأثر بالاختبار القبلي، وكذلك مع مشكلة النضج كما يحصل غالبا هو أحد عوائق الصدق الداخلي للتجربة.
ب- الصدق الخارجي: ويتمثل الصدق الخارجي في قدرة الباحث على تعميم نتائج بحثه خارج عينة التجربة وفي موقف مماثل. و بعبارة أخرى فإن الصدق الخارجي يبرز من خلال إمكانية تعميم نتائج التجربة على مجموعات أخرى وفي بيئات أخرى، أي تعميم النتائج التي تم التوصل إليها.
- عوائق الصدق الخارجي: هناك بعض العوائق التي تمثل تهديدا للصدق الخارجي وتحول دون إمكانية تعميم نتائج في بعض الأحيان، ومن بين هذه العوائق نجد:
التفاعل مع الاختبار: والمقصود بذلك تأثير الاختبار القبلي على استجابة مفردات البحث للمتغير المستقل وحساسيتهم تجاه ذلك التأثير، مما يؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض استجابتهم لهذا المتغير، وتنبههم لطبيعة المعاملة.
التفاعل مع الاختبار: إن التحيز في اختيار المجموعة التجريبية بطريقة غير عشوائية بأثر على التفاعل مع الموقف التجريبي، وبالتالي فإن اختيار أعضاء المجموعة بهذا الشكل لا يساعد على تعميم النتائج التي يتوصل إليها الباحث على المجموعة الضابطة أو حتى على المجتمع العام.
التفاعل مع الظروف التجريبية: إن الإجراءات التجريبية تؤثر على المبحوثين لأنها تجعلهم يتفاعلون مع المتغير المستقل، لعلهم يخضعهم لتجربة معينة، وقد يحد ذلك من القدرة على تعميم نتائج تلك التجربة على من لم يكن لديه نفس التفاعل.
تأثير الباحث على التجربة: ويقصد بهذا أن الباحث يؤثر إما بالسلب أو الإيجاب على التجربة، عن طريق تأثير خصائصه الشخصية كالعمر والجنس ومستوى القلق أو الاهتمام، أو عن طريق التحيز الناتج عن تأثير سلوكيات وتصرفات وشعور الباحث غير المقصودة على نتائج البحث.
التفاعل بين الباحث ومفردات البحث: وينتج ذلك عن التغيير الذي يطرأ على المتغير المستقل نتيجة لتوقعات الباحث من مفردات التجربة، وبالتالي تتصرف مفردات البحث بطريقة تتفق مع تلك التوقعات إرضاء لرغبة الباحث.




قائمة المراجع المعتمدة.
د. عمار بوحوش و د. محمد محمود الذنيبات، مناهج البحث العلمي وطرق إعداد البحوث، ط3؛ الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية 2001م.
د. عمار عوابدي، مناهج البحث العلمي وتطبيقاتها في ميدان العلوم القانونية والإدارية، ط4؛ الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية 2002م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرااا
العنابي سعيد ( 2011 / 1 / 3 - 17:47 )
شكرااا على المعلومات القيمة في مقياس المنهجية وجزاك الله ألف خير في انتضاررر الجديد


2 - معلومات مفيدة
نوف ( 2012 / 1 / 20 - 21:21 )
شكرا على هذه المعلومات القيمة


3 - merci
bouthaina ( 2012 / 5 / 22 - 21:10 )
merci bcp

اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار