الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمد ما مات موت الله

سعيد حسين عليوي

2010 / 6 / 1
حقوق الانسان


( حمد ما مات موت الله )
لقد ابتلي الشعب العراقي على مر تأريخه بجملة من الكوارث السياسية والاجتماعية والتي اصبح قسما منها ملازما له كظله لا يفارقه وانما يزداد ايلاما مما جعل هذا الشعب يسيركمن تشابكت عليه الطرق واستسلم للامر الواقع فلا من ساساتنا الاماجد على مر الزمان ولا من مصلحينا ولا من رجال الدين يحصل على الجواب الشافي لمشاكله المتراكمة. ان العراقيين بحكم ظروفهم العصيبة اصبحوا مهددين بالانقراض وسوء العاقبة وبدل ان يتوقعوا منقذا لهم حصلوا على عكس ما توقعوا وصوبت نحو جراحهم السهام القاتلة مما جعلهم يجرون اذيال الخيبة واليأس والانحسار. امست بلادنا تتناهبها العقول المريضة والتي لا تملك ذرة من الضمير والوطنية لكي تحنو على هذا الجسد الواهن والطامة الكبرى ان اعدائه ليس فقط من ابناء جلدته الميامين وانما تكالبت عليه الدول المحيطة به كل يوغل بأذائه باساليبه الخاصة واسبابه العدوانية التي يتذرع بها وكأن لهم ثأراً قديماً اتفقوا جميعا لتصفيته في اللحضة المناسبة وقادته مأزومين بالصراع والجري وراء السراب والتقاتل على كرسي قوائمه هشة ويغدر بصاحبه ويرديه الى المهالك . وانا هنا لست بصدد التطرق الى السياسة البائسة التي ينتهجها السادة الضرفاء وانما هنا اتطرق الى مسألة اجتماعية وعرف بليد ملازم لحياتنا اليومية ألا وهي الموت . اننا اصبحنا في مساس مستمر وطبيعي مع الموت والغريب عندنا عندما لا نشم رائحته الى الحد الذي وصل فيه العراقي يجزم انه لا يوجد ( موت الله) وانما كما قال الشاعر ( حمد ما مات موت الله حمد كتلته الخوشيه) . لقد اصبح عندنا منظر الموت مألوفاً منذ ان بدأت الحروب القذرة التي قادها ( الخاتل الضرورة) وضرب البلد بالقنابل الديمقراطية والحصار المميت والغزوات التي قادتها راعية الديمقراطية في العالم وتتوجت بعمليات السلب والنهب ووليدها الارهاب المحلي والعالمي والذي تحركه ماكنة خفية من دول الجوار حسب المصالح المرسومة . والمسألة هنا هو ليس حادث الموت والمصيبة التي تحل على اهل المتوفى وانما ما بعد الموت حيث كانت العوائل العراقية تقيم مراسم العزاء في بيوتها وبشكل بسيط وحسب امكانية العائلة بحيث لا يؤثر على العائلة واحياناًتصبح مناسبة جيدة للفقراء والمتسولين ومتصيدي الولائم عند وفاة احد الموسورين ولكن باستمرار الوقت تحولت هذه المناسبة ( الفواتح ) كما يسميها العراقيون هماً ثقيلاً على كواهلهم واصبحت مدعاة تباهي وفخر لبعض الناس وخصوصاً الاغنياء واحيناً عندما يتوفى احد المساكين ولا يمكنه اقامة المراسم كما هو متعارف عليه يعيروه ويجبروه على اقامة مراسم العزاء مما سوف يصبح في مأزق بعد انتهاء الفاتحة وفي كثير من الاحيان يخرج مطلوبا لانه يضطر الى الاقتراض حتى يستطيع اكمال المراسم وتطورت الامور الى ان يوضع طاولة وكرسي لاحد الشخاص من اقرباء المتوفى ليسجل اسماء الذين يدفعون ( العذر ) كما يسميه العراقيون حيث تكون في موضع احراج لكثير من الناس حيث يؤثر على مدخولهم الشهري اواليومي وخصوصا ذوي الدخل المحدود . ومن ناحية اخرى يكون هناك تمايز طبقي عندما يكون المتوفى من الاغنياء فيحدث مبالغة في نوعية المراسم واختلاف في المبالغ المدفوعة وحضور مختلف جدا ًوالعكس صحيح ودخلت اضافات اخرى على المراسم حيث يبرز المتنفذون في العشيرة او الفخذ الفلاني بالمبالغة في استقبال الضيوف والقفز من مكانهم الى خارج العزاء واستقبال الضيوف المهمين وكانه حفلة عرس للظهور بمظهر العظمة والفخامة والنفخة الكاذبة واحياناً تحدث عدة وفيات في الاسبوع الواحد او اليوم او الشهر مما يضع كثير من الفقراء في حرج كبير وانا لله وانا اليه راجعون . وخصوصاً اذا تغيبوا عن الحضور فسوف لا يدرج اسمهم في سجل الحاضرين. ونعود لحساب المصاريف المادية التي تقع على ذمة العائلة المنكوبة ( النقل -- الدفن -- اجور قراءة القرآن -- الاجهزة الصوتية --البنزين لتشغيل المولد في حالة انقطاع الكهرباء --اجور السرادق او تاجير قاعة --الشاي والقهوة والماء والثلج -- والسكائر والشخاط وتاجير ادوات الطبخ والكراسي والطاولات للاكلواجور كتابة اللافتات واجور اضافية اخرى تستحدث في حينها هذا ما عدى التكلفة الاخرى في اقامة المراسم النسائية من القارئة ( الملية)وانواع الدولمة والحلاوة وعمليات السلب والنهب التي تحدث اثناء هكذا مناسبات . وفي اغلب الاحيان تخرج هذه المراسم (خسرانة)حسب ما نسمعه ونعيشه وفي كثير من الاحيان يتحمل ابناء المتوفى تسديد الديون.هنا نورد استفهاماً هل نستطيع ان نحد من هذه الظاهرة الرديئة وتقنينها وجعلها في حدود البساطةوالرحمة لاهل المتوفى ومن هو المسؤول عن وضع هذه الحلول هل هم علماء الدين الافاضل ام النخبة والعقلاء من ابناء المجتمع ام منضمات المجتمع المدني ام الدولة الضائعة ام البرلمان المتغيب فالشعب العرقي يكفيه ما يملكه من كوارث وعقد. وهنا حسب وجهة تظري تقع المسؤولية الاولى على رجال الدين فهذا من صميم اختصاصهم في توضيح الشئ الصحيح ونبذ كل ما هو دخيلا عن التعاليم الدينية الحنيفة والتخلص من العرف المضر بالناس والتمثل بقول الرسول الاعظم (ص) ( لقد جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء ) ويقع الثقل الاخر على الدولة والمجتمع المدني للمساعدة في وضع الحلول المناسبة بالتعاون مع رجال الدين ومن كافة الاديان والطوائف والاخذ بيد المجتمع الى جادة الخير والصواب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا


.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين




.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب




.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا