الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولاد الحرام ...

محمود المصلح

2010 / 6 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


أولاد الحرام ...

تطلق لفظة ابن حرام على من حملت به أمه سفاحا خارج إطار الزواج الشرعي ، فلقد قرأت أن نسبة الأطفال غير الشرعيين ( خارج إطار الزواج الشرعي أو المدني ) في ألمانيا 72 % وهذا يعني أن الغالبية العظمى منهم أولاد حرام ، علما بأن هذه الإحصائية لمن تم التبليغ عنهم او الاعتراف بهم .


ولا يمر يوم إلا ونسمع في الصحافة المحلية المكتوبة أو المسموعة أو الالكترونية عن العثور على طفل صغير حديث الولادة ملقى قرب مسجد أو حاوية باب بيت احدهم .. وربما يكون هؤلا الأطفال الأبرياء ( ثمرة الخطيئة ) محظوظون إذ أنهم بقوا على قيد الحياة .. فلا زال في قلب من ألقاهم رأفة البشر ...

حيث نجد أمثالهم في حاويات النفايات متوفى ، أو مخنوقا ، أو تهرسه سيارة جمع النفايات دون علم العاملين عليها بوجود طفل في الحاوية ، وذلك ما كان ينوي ويريد ويتمنى من ألقاه في الحاوية ، دون وازع من ضمير أو خلق أو رحمة أو رأفة يندى لها جبين الإنسانية .. وربما الحيوان.. حتى الحيوان ... لا يقترف ما اقترف الإنسان من فضائع في هذا العصر الذي بات يضج بكل أشكال العنف والقهر والظلم والشذوذ والتطرف .

في أوربا انهدمت مؤسسة الزواج ، كأقدم مؤسسة وأكثر مؤسسة اجتماعية ثباتا على مر العصور ، وبالتالي انفكت الأسرة ، وانحل المجتمع ، وما كان ذلك إلا للانفكاك من قيود الزواج وتبعاته ، التي تحتم بعض الارتباطات والقيود .

وابتكروا الصاحبة والصاحب والعشيق والعشيقة ، وبنات الهوى وانتشرت تجارة الجنس بشكل لافت وملحوظ ، كما انتشر الزنا ، حتى لم يعد الإنسان يخجل من ممارسة الجنس على مرأى من الناس على قارعة الطريق والحدائق العمة ، بل باتت بعض الفضائيات تبث الممارسة الجنسية بثا مباشرا ، فما خجل أصحاب القناة وما خجل من يمارس الرذيلة ... لينحدر الإنسان انحدارا مشينا في سحيق الرذيلة ليسبقوا البهائم في السعي وراء الرغبة الجنسية .

انهدام الأسرة كإطار اجتماعي ، ونظام معيشة ، وأسلوب حياة ، نوع من تغول الفردية التي جاءت بها الرأسمالية ، مما جعل حياة الفرد خاوية خالية من معاني الانتماء إلا للذات الأنا .. فنجد من يوصي بتركته والتي تقدر بالملايين لقطة أو كلبة أو يتبرع بها إلى كنيسة او مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني .. ذلك انه لم يجد من يورثه ..

لقد قرأت في كتاب من منشورات عالم المعرفة بعنوان (الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام ) لمؤلفه الدكتور عبد السلام الترمانيني العدد80 ( ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته ، اذا طهرت من طمثها : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ، ويعتزلها زوجها ، حتى يبين حملها ، فإذا تبين ، أصابها اذا أحب ، وانما يفعل ذلك طمعا في نجابة الولد ، ويسمى هذا النكاح نكاح ( الاستبضاع ) . وهو طلب المباضعة ، وهو المجامعة .

ونكاح اخر : يجتمع الرهط ما دون العشرة ، فيدخلون على المرأة ، كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت ومرعليها عدة ليال ، أرسلت إليهم ، فلا يستطيع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، تقول لهم :
قد عرفتم ما كان من أمركم ، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان ، تسمي من أحبت باسمه ، فيلحق به ولدها ، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل وهذا زواج ( المخادنة ) . والمخادنة هي المصاحبة وفي الجاهلية كانت تطلق على معاشرة رهط من الرجال لامرأة واحدة . ويقال أ ن هذا النوع من النكاح كان يجري عند العرب في الجاهلية بين الإخوة ، يشتركون في المال وفي المرأة لهم زوجة واحدة ، فإذا أراد احدهم الاتصال بها وضع عصاه على باب الخيمة ، لتكون علامة على أن احدهم في داخلها ، أما في الليل فتكون من نصيب الأخ الأكبر .
وثمة نوع آخر يجتمع ناس كثر فيدخلون على المرأة ، لا تمنع من جاءها ، وهن البغايا ، ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما ، فمن أرادهن ، دخل عليهن ، فإذا حملت أحداهن ووضعت جمعوا القافلة ثم الحقوا ولدها بالذي يرون ، فالتاط به ( أي التصق ودعي ابنه ) لا يمتنع من ذلك .

ويمكن أن نوغل في تفسير أنواع الانكحة هذه ، ولكن حتى لا نثقل نكتفي بسردها دون الخوض في تفاصيلها ، منتظرا الردود ، والتي قد تفضي إلى أن أوضح المزيد حول هذا الموضوع المثير للجدل .

ومع هذا نجد أن العرب قد أنكروا بعضا من هذه الانكحة على لسان الشعراء ، واعتقد شخصيا أن الانكحة التي كانت سائدة إنما هي للعبيد والسبايا من والدون القوم ، إذا لا يقبل السيد أو الشريف على نفسه أو أهله أيا منها ، ويقول الشاعر الجاهلي عن زواج المضامدة :

والمضامدة هي معاشرة المرأة لغير زوجها ، وكانت تلجأ إليه الجماعات الفقيرة زمن القحط ،ويضطرها الجوع إلى دفع نسائها إلى المواسم التي تعقد فيها الأسواق لمضامدة رجل غني ، تحبس نفسها عليه حتى إذا غنيت من مال وطعام عادت الى زوجها .
قول الشاعر ...

لا يخلص الدهر ، خليل عشرا
ذات الضماد أو يزور القبرا
إني رأيت الضمد شيا نكر

ويقول أبا ذؤيب الهذلي عن الموضوع ذاته مستنكرا المضامدة ، وكان يواعد أحداهن ، وأرادت أن تضامد غيره ، فأنكر عليها ذلك ورفض وقال :

تريدين كيما تضمديني وخالدا وهل يجمع السيفان ويحك في غمد؟


روى الطبري أن المرأة التي عرضت نفسها على عبدالله بن عبد المطلب والد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت كاهنة من قبيلة ( خثعم ) يقال لها ( فاطمة بنت مر ) وكانت متهودة من أهل ( تبالة ) وقد قرأت في الكتب فرأت في وجه عبدالله نورا ، فقالت له :

يا بني هل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإبل ؟
فأبى . فزوجه أبوه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ، فحملت بالنبي عليه السلام .( الطبري 2/244-236).

وذكر الكتاب أنواعا عدة من الزواج الذي كان منتشرا قبل الإسلام ، حتى جاء الإسلام فأبقى على الزواج كما نعرفه اليوم . ومن أنواع الانكحة التي كانت سائدة عند العرب قبل الإسلام : الاستبضاع ، المضامدة ، المخادنة ، البغاء، الضيزن ، الشغار ، البدل ، المسبيات ، الزنا ، المتعة .

إلا انه من الملاحظ أن العرب كانوا يميلون إلى النكاح كما نعرفه اليوم ، كما ذكرت السيدة عائشة عليها السلام زوجة رسول الله .

واليوم نشهد أنواعا حديثة للزواج لعلها لم تكن موجودة زمن تأليف هذا الكتاب القيم ( اغسطس 1984 ) ومنها : زواج المسيار والذي اصبح شائعا في دول الخليج العربي ، والزواج العرفي ..
ولعله لم يدر في خلد المفكر العربي ا لكبير الدكتور عبد السلام الترما نيني ، انه سيكون زواج الرجل بالرجل أو المرأة بالمرأة ، امرأ شائعا ومعروفا ومؤ طرا بإطار قانوني ( وهو ما يسمى زواج المثليين ) ولعله لم يكن ليتوقع أن يحدث أمر مشين كهذا في تاريخ البشرية باستثناء قوم سيدنا لوط على ضفاف بحيرة لوط قرب قرية كانت تسمى سادوم ( ولا يجوز أن ننسب إتيان الذكر للذكر بالوطي نسبة الى سيدنا لوط عليه السلام ، ولكن يمكن أن ننسبهم كما تنسبهم اللغة الانجليزية – سادوميين – نسبة الى سادوم القرية الصغيرة على ضفاف البحر الميت ألان . إلى جانب مجموعة من القرى الأخرى مثل عمورة ، أدومة، صبييم . التي انتشر فيها نكاح الذكر للذكر والأنثى للأنثى .( السحاق ) .

جاء في صحيفة الصنداي تايمز اللندنية في العدد الصادر في نوفمبر عام 1999: إن مدينة سدوم - أكثر المدن إثما في نظر الكتب المقدسة –

( سدوم وعمورة ) بحسب ما جاء في القرآن والعهد القديم هي مجموعة من القرى التي خسفها الله بسبب ما كان يقترفه أهلها من مفاسد وفق ما جاء للنصوص الدينية. القصة مذكورة بشكل مباشر وغير مباشر في الديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية. يعتقد كثير من الباحثين وعلماء الدين أن القرى التي خسفها الله تقع في منطقة البحر الميت وغور الأردن.
بحسب المصادر العبرية القرى هي :سدوم، عمورة، أدومة، صبييم. صب الله غضبه على هذه القرى وخسفها بأهلها حسبما جاء في النصوص الدينية، بسبب سوء خلقهم وإتيانهم الذكور من دون النساء.
ولقد جعلت السنة اللواط جريمة يحد فاعلها والمفعول به فيه سواء بسواء قال صلى الله عليه وسلم : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به . رواه الترمذي وصححه الألباني .

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله فى كتاب الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية أن أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَرَّقَ اللُّوطِيَّةَ ، وَأَذَاقَهُمْ حَرَّ النَّارِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ .
قال :
وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا : إذَا رَأَى الْإِمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ . فَإِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ " فَاسْتَشَارَ الصِّدِّيقُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ أَشَدَّهُمْ قَوْلًا ، فَقَالَ : " إنَّ هَذَا الذَّنْبَ لَمْ تَعْصِ بِهِ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ إلَّا وَاحِدَةٌ ، فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ ، أَرَى أَنْ يُحَرَّقُوا بِالنَّارِ فَاجْتَمَعَ رَأْيُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يُحَرَّقُوا بِالنَّارِ . فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إلَى خَالِدٍ " أَنْ يُحَرَّقُوا " فَحَرَقَهُمْ .

ثُمَّ حَرَقَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي خِلَافَتِهِ . ثُمَّ حَرَقَهُمْ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ .اهـ



ولو تفحصنا زواج المسيار والزواج العرفي من وجهة نظر محايدة ، لوجدنا أنها تهدف إلى :
أولا : التخلص من تبعات الزواج وما يترتب عليه من التزامات اجتماعية ، وأسرية ، ومالية بالدرجة الأولى .
ثانيا : الحصول على المتعة الجنسية بصورة اقرب ما تكون شرعية . ولا ادري رأي الدين في هذا النوع من الزيجات ، مع اعتراضي الشخصي عليها ، ذلك إنها انتهاك لأبسط قواعد الزواج وهو الإشهار والاستقرار ، والعشرة ، ومخالفة الغاية منه وهو تكوين الأسرة .
ثالثا : جاء هذا النوع تحت وطأة العنوسة ، فلن تقبل بهذا الوضع إلا من كانت قد فقدت الأمل أو كادت ، فتجد في هذا النوع مخرجا . وتلبية لنداء الغريزة الداخلي الذي يغلي كبركان ، ولكن يسكت عنه .. بالصبر وتناسي الموضوع تحت وطأة عوامل كثيرة لا تتيح الخروج والثوران كما في مجتمعات أخرى .
في ظل هذا التاريخ ، وهذه السيرة ... ترى أي جد قديم أنجبنا ... وأي أم حملت بنا .. سؤال يطرح نفسه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست