الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أحلام فتى المونديال
مصطفى العوزي
2010 / 6 / 17الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
قبل ست سنوات من ألان تقدم السيد " جوزيف بلاتير" رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم ليعلن أمام وسائل الإعلام الدولية و ووفود الدول المرشحة لاحتضان مونديال 2010 ، أن شرف التنظيم حازت عليه دولة جنوب أفريقيا ، و هناك علت صيحات الوفد الجنوب الأفريقي الذي جاء للعاصمة السويسرية بزعامة أسطورة البلد نيلسون مانديلا ، الرجل الذي ارتبط اسمه بالكفاح و النضال ضد التمييز العنصري ، انه " الماديبا " أو العظيم و المبجل كما يناديه سكان قبيلته الأصلية .
بمنطقة " ترانسكاي " بجنوب افريقيا رأى نيلسون روليهلالا مانديلا النور في الثامن عشر من يوليوز من العام 1918 ، و هي السنة التي عرفت وقوف آلة دمار الحرب العالمية الأولى ، ليكون بذلك ميلاده مقرونا بدخول الإنسان حقبة السلام التي لم تدوم طبعا إلا سنوات قليلة ، و بعد وفاة والده الذي كان زعيما لقبيلة " التيمبو " المعروفة ، خلف مانديلا الأب و هو في مراحل مبكرة من طفولته . بدأ في تلقي دراسته الابتدائية بمدرسة داخلية عام 1930 ، و عمل بعدها على التحضير لنيل البكالوريوس من جامعة " فورت هار " في ظروف اتسمت بالتقلب و التدهور ،بسبب نشاطه الطلابي النضالي الذي كان سببا في حرمانه من متابعة الدراسة عندما فصلته الجامعة سنة 1940 ، و لم يتابع مسيرته التعليمية إلا عن طريق المراسلة متوجا ذلك بالحصول على الإجازة ليلتحق بعدها بجامعة " ويتواتر ساند " متخصصا في الحقوق .
مرت حياة مانديلا السياسية عبر ثلاث مراحل أساسية رسمت فيما بعد مسار الحياة ككل ، و كانت المرحلة الأولى قبل دخوله السجن حيث نشط ضمن المجلس الإفريقي القومي الذي انضم له سنة 1942 ، و كان شغله الشاغل يقوم على نبذ سياسة التمييز العنصري التي كانت مفروضة على سكان حنوب إفريقيا السود و المدعومة من النظام الحاكم ، حيث جرد السود من كل حقوقهم الاجتماعية و الثقافية و السياسة ، ليعيشوا بذلك حقبة إلغاء شامل من الوجود كبشر و كإنسان ، وأصبح مانديلا قائد للمعارضة و المقاومة المطالبة بالحق في تكافؤ الفرص و رفع سياسة التمييز العنصري ، و ذلك بعد فوز الحزب القومي سنة 1948 ، هذا الأخير الذي عمل على سن تشريعات جد عنصرية ضد السود ، و لم تكون هذه المقاومة مسلحة في البداية لكنها تحولت عن ذلك ، و رفع زعمائها السلاح بعد الحملة الأمنية الشرسة التي شنتها السلطات على متظاهرين سود سلميين و قتلت فهم العديد ، فكان قرار مانديلا و باقي زعماء المجلس الأفريقي القومي أن لا هدنة و خيار سوى حمل السلاح ، و هنا تبدأ المرحلة الثانية من حياة الماديبا السياسية .
سنة 1962 اعتقل مانديلا و هو آنذاك رئيس الجناح العسكري للمجلس القومي ، و حكم أربع سنوات بسبب تهم مختلفة ، لكن سرعان ما أعيدت محاكمته بتهم ثقيلة جدا منها الخيانة العظمى و التخطيط لعمل مسلح ، و حكم عليه بالسجن المؤبد ، لتنطلق حملات المطالبة بإطلاق سراح مانديلا ، و تستمر هذه النداءات العالمية طيلة السبع و العشرين سنة التي قضها الرجل في السجن ، و أصبح بالموازاة معها اسم منديلا مقرونا بكل الدعاوي المناهضة لسياسة التمييز العنصري ، و بعد 16 سنة من سجنه ، خرجت من زنزانة مانديلا الرسالة الشهيرة التي تدعوا لمواصلة الكفاح و التي كانت بمثابة رسالة للعالم على أن الرجل الماديبا لن يستسلم أبدا .
و رغم العرض الذي قدم لمانديلا لوقف العمل المسلح شرط خروجه من السجن سنة 1985 إلا انه رفض ، لتستمر مقاومة المجلس الأفريقي على الخارج و تزدد الضغوط الدولية ، مما دفع النظام بقرار الرئيس " فريدريك وليام دي كليرك " بإطلاق سراح نيلسون مانديلا في 11 فبراير 1990، و بداية مرحلة التغيير الشاملة بجنوب أفريقيا .
بعدها بسنة تولى مانديلا رئاسة المجلس الأفريقي القومي ، و في سنة 1993 منحت أكاديمية نوبل بالسويد نيلسون مانديلا و الرئيس " فريدريك وليام دي كليرك " جائزة نوبل للسلام مناصفة كتتويج لجهودهما في سبيل تحقيق السلام ، و تأتي سنة 1994 و يزف خبر هام للعالم مفاده أن السيد نيلسون مانديلا أصبح رئيسا لجنوب افريقيا ، ليكون أول رئيس أسود للبلد ، و تبدأ بذلك حقبة التنمية الشاملة لجنوب أفريقيا و هي الحقبة التي اتسمت بحكم الأغلبية وفق نظام ديمقراطي متميز .
ليس غريبا عن مانديلا أن يقرر بعد تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية سنة 2000، التفرغ للعمل المدني مدافعا و مناضلا في سبيل تمتع الناس بحقوقهم الأساسية ، فكانت دعواته للعالم و للأنظمة بشكل خاص باحترام حقوق الإنسان شغله الشاغل ، و لم يترك الحياة العامة إلا سنة 2004 عندما بدأت حالته الصحية تنحوا نحو التدهور ، و ظل حضوره قليلا في بعض المناسبات الخاصة وطنيا و دوليا ، لكن مؤسسته المدنية " مؤسسة نيلسون مانديلا " لم تتوقف و ظل عملها الخيري و المدني قائما إلى اليوم ، توج مانديلا في العديد من المناسبات بميداليات و أوسمة فخرية من طرف رؤساء دول و ملوك ، و كذا مؤسسات مدنية و حكومية دولية ، و يظل التكريم الكبير للرجل هو تخليد الثامن عشر من يوليوز القادم يوما عالميا لنيلسون مانديلا بقرار من الأمم المتحدة الفريد من نوعه عبر التاريخ .
عرف نيلسون مانديلا بمواقفه الثابتة و الجريئة اتجاه عدد من القضايا منها القضية الفلسطينية ، كما عرف بصداقته المتينة لعدد من الشخصيات العالمية كالرئيس الكوبي " فيديل كاسترو " ، حيث تبادلا سويا الكثير من الزيارات التي اعتبرت زيارات تاريخية بين القائدين ، و كانت لمانديلا صداقة قوية بالراحل الدكتور " عبد الكريم الخطيب " القائد السياسي و مؤسس حزب العدالة و التنمية بالمغرب .
لا أحد ينكر أن للماديبا دور كبير في ظفر دولة جنوب أفريقيا بشرف تنظيم مونديال 2010 ، بشهادة رئيس الإتحاد الدولي الفيفا ، حيث عمل على حشد دعم عالمي لملف جنوب أفريقيا ، و حضر إلى جانب أعضاء لجنة الترشيح في كل المحافل الدولية التي تم فيها التعريف بملف الاحتضان ، سيما و انه سبق و احتضنت جنوب أفريقيا كأس العالم للكرة المستطيلة أثناء فترة ولايته ، و قد كانت دعوته دائما تقضي بجعل الرياضة وسيلة للتوحيد و التقريب بين الشعوب و الأعراق ، و كم تمنى العالم رؤية نيلسون مانديلا في حفل الافتتاح إلا أن الأقدار شاءت أن يغيب عن افتتاح هذا المحفل العالمي ، مكتفيا بتوجيه رسالة شفوية للجميع أبلغها الرئيس الحالي " جاكوب زوما " يدعو فيها الجميع للاحتفال و الابتهاج ، فهذا عرسنا و هذه ليلتنا ، فعلا إنها ليلة المونديال الرائعة لا نعيشها دائما ، إنها ليلة كان نيلسون مانديلا فتى أطوارها بامتياز .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هاريس: يجب على الوكالات الحكومية إثبات عدم تسبب الذكاء الاصط
.. تجنيد الحريديم .. أزمة جديدة في إسرائيل | #غرفة_الأخبار
.. روسيا تهاجم الرئيس الفرنسي وتصف مواقفه بأنها الأكثر تطرفا بي
.. 12 شهيدا في غارة للاحتلال على مبنى سكني بحي النصر شمال رفح
.. لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب مج