الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد يهود العراق : مسيحيو العراق في العدد الجديد من مجلة مسارات

اتجاهات حرة

2010 / 6 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


اتجاهات حرة - خاص
يأتي العدد الرابع عشر من مسارات و المعنون "مسيحيو العراق: ماض زاهر ومستقبل غامض" في وقت يتعرض فيه المكون المسيحي للعراق لإخطر تحد انساني من خلال الهجرة التي تهدد بتحويل المسيحيين في العراق الى طائفة منقرضة.
وبذلك يمثل صدور هذا العدد حدثا لافتا في تاريخ الثقافة العراقية المعاصرة من خلال تكريس عدد بتمامه يتناول إشكالات هوية مسيحيي العراق والتحديات التي تواجه وجودهم بمشاركة أبرز وجوه النخبة المسيحية العراقية من مثقفين ورجال دين من كاردينالات وأساقفة وقساوسة مع شهادات من مؤرخين وآثاريين.
في افتتاحيته المعنونة "ملح بلاد الرافدين" حذر رئيس التحرير "سعد سلوم" من خطر تحول هوية الشرق الأوسط الى هوية أحادية، فاقدة أمتيازات التنوع والتعدد التي كانت تشكل رأس مالها الحضاري بوصفها منطقة الديانات الابراهيمية، وذلك في ضوء غياب المكون المسيحي عن خريطة منطقة الكتاب المقدس، وقدم "سلوم" بعض الاحصائيات المقلقة عن تضاؤل اعداد المسيحين في الشرق الاوسط مضيفا "إن الارض التي ولد عليها المسيح هي اليوم ابعد من ان تكون ارضا للسلام وفشل تجربة الدولة الوطنية في الشرق الاوسط ترك مشهد ضياع وتشرد كوني، ومن ثم أفلاس حضاري، فكل مسيحي يحزم امتعته يترك رسالة خطيرة عن ضمور الحجم الديموغرافي لمسيحيي المشرق ونذيرا بزوالهم الوشيك وتحول مجتمعات الشرق الاوسط الحيوية الى صخور صماء بلون واحد".
هل سيحول عدم الاستقرار وثقافة الاقصاء مسيحيي العراق الى طائفة منقرضة؟، هل سيسيرون على الطريق الذي سار عليه من قبل يهود العراق فطوى جزء من ذاكرة العراق اختفى الى الابد مع اختفاء الجيل الاول للتهجير؟. هل ان ما يحدث اليوم سيكون اوضح شاهد تاريخي على بداية تلاشي الوجود المسيحي في العراق، و اختفاء اقدم جماعة مسيحية في الشرق الاوسط؟.
مثل هذه الاسئلة التي يطرحها "سلوم" تحفز الذهن على فتح ملف مستقبل المسيحية في العراق في ضوء هيمنة ثقافة الاقصاء الأصولية السائدة وهي -بحسب الافتتاحية- تعتمد ذاكرة انتقائية وقراءة متحيزة واستعلائية للتاريخ.
وينهي "سلوم" الافتتاحية بالاشارة الى تحول هوية المسيحيين الى (هوية دفاعية) تنتج تطرفا معاكسا وتمسكا بهوية ضدية، تعيش ثقافة الغيتوات المعزولة وتفر مكانيا الى ملاذات جغرافية آمنة كما تفر ثقافيا الى جذور هوية أخرى في ظل تلاشي الهوية الجمعية، فعدم الاحساس بهوية جامعة يقود الى بر الامان سيظل يهدد المجتمع العراقي بالتصدع والانقسام ما لم يتم استعادة سؤال الهوية وانتاجه على مستوى المواطنة.
نشرت المجلة على اتساع صفحتين متقابلتين خريطة توزيع مسيحي العراق )وضعها الاب جوزيف أومي الدومينكاني (. يبدأ بعدها الملف الرئيس الذي يحتوي خرائط وصورنادرة، وكان المقال الاول للدكتورة "سهى رسام" عن "جذور المسيحية في العراق حتى دخول الإسلام" تطرقت فيه الى جذور المسيحية في بلاد ما بين النهرين وتأسيس كنيسة المشرق، وكتب المطران "لويس ساكو" رئيس اساقفة كركوك مقالا أكد فيه دور المسيحيين في بناء الحضارة العربية الاسلامية مشيرا الى اسهامتهم في مجالات اللاهوت والترجمة والادب، ورسم مقال (الطوائف المسيحية في العراق) خريطة للطوائف المسيحية في العراق والتيارات السياسية التي تمثل كل طائفة، كتبه المتخصص باللاهوت المسيحي الدكتور "خوشابا حنة الشيخ"، أعقب ذلك حوار مع الكاردينال عمانوئيل دلي تناول العلاقة بين الاديان في العراق وتجذر المسيحيين في ارض الرافدين قبل قدوم العرب الى البلاد، اذ ذهب "دلي" الى انه "عندما جاء العرب ودخلوا الحيرة التي كانت تحت الحكم الساساني، استقبلهم المسيحيون لأنهم موحدون ويعبدون الله الواحد، ولكن مع ذلك فرض المسلمون الجزية عليهم". ونبه نيافة الكادرنيال الى ان أجداد المسيحيين "عاشوا اضطهاداً أكثر مما نعيشه نحن اليوم، فجنوب العراق كان كله مسيحياً تقريباً، والكلدانيون هم أول من اعتنقوا الدين المسيحي، وعندما جاء الإسلام اعتنق بعض الكلدان الإسلام أيضاً، وهذا ما ذكرته للسيد السيستاني عند لقائي به أيضاً، وضحك كثيراً وقال مازحاً: نحن أيضاً كلدان". وتحدث الكاردنيال عن ظروف لقاءه مع السيد السيستاني وعلاقته مع رجال الدين المسلمين.
ثم جاءت مادة الآثاري عبد الامير الحمداني عن "مسيحيي جنوب العراق" لتفصل الحديث عن الناس والاديرة والكنائس، في الحيرة والنجف والكوفة وواسط وميسان والاحواز والبصرة مزودة بخرائط للمنطقة. وكتب "كريم العزاوي" المتخصص بأدب الأب "انستاس الكرملي" عن قصة تأسيس مجلة (لغة العرب) متطرقا الى اسهامات الأب الكرملي كرائد للصحافة العراقية، وكتب استاذ الفلسفة الدكتور "فيصل غازي مجهول" شهادة عن ألاب "يوسف حبي" عميد كلية بابل الحبرية تطرق فيها الى سيرة ومؤلفات وترجمات الاب حبي التي جعلت منه ابرز المثقفين المسيحيين المعاصرين. ثم التقت "مسارات" الأب الدكتور يوسف توما ( أبرز الآباء الدومينيكان في العراق) ومع خبرته النادرة في التحديات التي يتعرض لها المهاجرون المسيحيون، تم التطرق الى موضوعات الهوية المسيحية ومستقبل الكنيسة الكاثوليكية في العراق وطبيعة النظرة النمطية الى المسيحي العراقي ومنظور الاغلبية والاقلية في الثقافة العراقية، و بشر الاب توما بانتهاء زمن القوميات الساحقة، معلنا " أيتها الأغلبية ... لا تسحقينا!" وتناول الحوار اشكاليات كتابة تاريخ العراق واغفال دور المسيحيين، وضرورة بناء مناهج دارسية متوازنة في بلد متعدد الاديان والطوائف في العراق. ثم كتب مدير عام الثقافة والفنون السريانية في أقليم كردستان الدكتور"سعدي المالح" عن (دور مسيحيي العراق في نشأة الموسيقى العراقية المعاصرة وتطورها) وتناول مقاله الغني الدور الريادي لمسيحيي العراق في الفنون الموسيقية المختلفة في العراق المعاصر تواصلا لدورهم التاريخي المعروف في هذا الفن، ابتداء من سومر وبابل وآشور، ومرورا بالعصور الساسانية والإسلامية المتقدمة والمتأخرة.
وتضمن الملف حوارا موسعا مع رئيس ديوان الاوقاف المسيحية تم التطرق فيه الى الطوائف المسيحية والاديان التي تندرج تحت مسؤولية ديوان الوقف، وتناول محاور " مستقبل الحضور المسيحيي بين النزوح الداخلي والهجرة الخارجية" ومحورا جريئا عن طبيعة العلاقات بين الاديان في العراق بعد التغيير، وأنصب المحور الثالث للحوار على الصراع بين الهوية الدينية التي تتحدد من خلال العلاقة مع الكنيسة والهوية القومية او الاثنية التي تظهر من خلال خطاب الاحزاب السياسية التي تمثل الطوائف المسيحيية. وكتب المؤرخ "طارق الحمداني" عن دور الارساليات التبشيرية في النهوض الثقافي في العراق منذ ظهورها في اوائل القرن السابع عشر، محاولا اثبات ان البعثات رغم النظر اليها كأداة بيد الدول الكبرى الا انها كانت أداة مهمة لتنبيه الاذهان فحققت انجازات نوعية فتحت امام المثقف العراقي آفاقا جديدة على الواقع الاوربي، فكانت مصدرا رئيسيا للعدوى الثقافية، الامر الذي انعكس على فكر المثقفين العراقيين منذ اواخر القرن التاسع عشر. وكتب "فؤاد قزانجي" عن مدن العراق المسيحي متطرقا الى اربع مدن هي : (كشكر) اول مدينة مسيحية في العراق وقطيسفون (سلمان باك حاليا) و(الرصافة) اسم لمدينة سريانية منسية و(كربلاء) الكنيسة التي قاومت الرمال. وانتهى الملف بدعوة لتجديد الدور العربي المسيحي من خلال الدراسة التي كتبها الدكتور "فائز عزيز اسعد"، والتي حاول فيها تقديم رؤية عن التاريخ العربي المسيحي من خلال المراجع العربية، المسيحية منها والإسلامية، والمراجع اليونانية والرومانية والسريانية، مؤكدا انه اذا كان العرب المسلمون قد قادوا النهضة العربية عسكرياً، فإنَّ العرب المسيحيين كانوا روادَّ هذه النهضة فكرياً وثقافياً، واشار الدكتور اسعد الى ضمور الدور الريادي للعرب المسيحيين بسبب تولّي النخب العسكرية للسلطة السياسية وفرضهم نظماً شمولية تتعارض والفكر الليبرالي الذي قامت عليه أفكار النهضة العربية، وتنامي الفكر القومي المنغلق وتنامي الفكر الإسلامي المتشدد الذي لا يتعامل بروح المساواة مع الآخرين. وأوضحت الدراسة كيفية أنكار الوجود العربي المسيحي منذ أن سقطت بغداد في العام 2003، من خلال نظام التوزيع العرقي والطائفي الذي لا يعترف بالوجود العربي المسيحي.
وجاء كتاب العدد "مسيحيو بغداد بين الماضي والحاضر" ليحمل مساهمة الأب بطرس حداد (أخر المؤرخين الكلدان الباقين على قيد الحياة) فبسط فيه تاريخ مسيحيي بغداد حتى الوقت الحاضر متطرقا الى دورهم وكنائسهم واديرتهم واعلامهم. وختمت العدد الناشطة المدنية "هناء ادورد" العدد بتأكيدها ان الهجرة تفتت مسيحيي العراق وتذيبهم في اصقاع العالم معانين صعوبات الاندماج وتحديات الهوية، وقد نجح الجيل الثالث فقط بالاندماج، الا انه حين يندمج يفقد هويته الاصلية ويضيع معه جزء مهم من ثقافتنا.

فضلا عن ذلك تضمنت مسارات الابواب التقليدية للمجلة والتي كرست لمبدعين من مسيحيي العراق حيث احتوى مسار التشكيل على مقالين: فحص الاول خبرة التشكيلي "وسام زكو" في حين تناول المقال الثاني تجربة التشكيلية "روش بنيامين"، هذا وكرس مسار الرواية لدراسة رواية "الحفيدة الاميركية" للروائية انعام كججي، في حين تناول مسار الشعر تجربة استبصار الموت في العمل الشعري الاخير للشاعر للراحل "سركون بولص" وقدمت الدراستان رؤية سوسيوثقافية لهوية مسيحيي العراق من خلال العمل الروائي والشعري. ونشرت المجلة اربع قصائد للشاعرة الجميلة فيفيان صليوة.
ومن الجدير بالذكر انه قد سبق لمسارات ان اصدرت عددا مكرسا عن( يهود العراق) سبقه اصدارها لعددين عن (الايزدية في العراق) و(الصابئة المندائيون في العراق) كجزء من مشروع مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية لدراسة الاديان والاقليات في العراق.


مواد أخرى

كما تضمن مسار العصر مقالا للمفكر الفرنسي "جيل كيبل" اشهر المتخصصين الاوربيين بالاسلام السياسي وهو في الاصل محاضرة القاها في المركز الثقافي الفرنسي ببغداد عنوانها "الازمات الثلاث في الشرق الاوسط" يحدد فيها هوية الشرق الاوسط المعاصر عن طريق شرحه لمثلث الازمات في فلسطين والعراق وافغانستان، فضلا عن حوار اجراه رئيس التحرير"سعد سلوم" مع ممثلة وزارة الخارجية الاميركية لشؤون المجتمعات الاسلامية "فرح بانديث" تناول طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي بعد احداث 11 ايلول، وأخر تطورات الجدل حول الاسلام في الولايات المتحدة بعد وصول الادارة الاميركية الجديدة برئاسة أوباما، كما تضمن مسار الفوتو مادة عن تجربة الفوغرافي "كفاح الامين" تناولت مشروعه لاحياء بغداد القديمة بصريا.


مسارات : مجلة فكرية ثقافية فصلية تصدر عن مؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والاعلامية
صدر عدد الاول في 9 نيسان 2005- يرأس تحريرها الكاتب والصحفي العراقي سعد سلوم
[email protected]
009647901421677- 009647709988007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إختفا ء المسيحيين سيجلب الخراب
ELIAS THE ASSYRIAN ( 2010 / 6 / 21 - 22:10 )
أولا المسيحيون في العراق ليسوا عربا بل آشوريين وكلدان وبابليين.
ثانيا إختفا ء المسيحيين سيجلب الخراب لهذا البلد، وسيعطي إنطباع لكل شعوب العالم، أن الإسلام لايقبل الآخر ويرفض التعايش مع أي دين


2 - ماذا سيحدث؟؟؟
هاله ( 2010 / 6 / 22 - 05:38 )
ماذا سشيحدث اذا اختفى المسيحيون من العراق؟؟
لن تقوم القيامه

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير