الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصل قضية المرأة وسبل تحررها

غسان عصام

2010 / 6 / 30
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



لم تعد الاسباب الحقيقية التي خلقت تلك الفوارق الضخمة بين الرجل والمراة , وجعلت هده الاخيرة مضطهدة ومسلوبة الحقوق تخفى على احد , خاصة على اولئك الدين يدرسون التاريخ البشري وحركة التطورات الاجتماعية والاقتصادية فيه .
ولست بصدد سردها وتحليلها من البداية الى الان , ولكن ساحاول ان اسوق بعض هده الحقائق التي تكشف عن تلك الاسباب وعن ان الانسان هو صانع تلك الفوارق وليس الطبيعة .وقبل دلك لابد من طرح بعض الاسئلة التي قد تساعدنا في دلك.
مالعلاقة التي تجمع بين المراة بالرجل؟ هل هي علاقة صراع ام انها علاقة توحد ونضال ؟
وفي ظل نظام اقتصادي وسياسي واجتماعي مبني على الاستغلال والاضطهاد هل تستتنى المراة من هدا الاستغلال والاضطهاد؟ ومن دائرة الصراع الطبقي ومن الصراع الايديولوجي والسياسي داخل هدا الصراع ؟ وماهو وضع المراة التاريخي في المجتمع البدائي؟ وماهو وضعها الحالي داخل المجتمع الطبقي؟ وماهو النظام الانسب لتحرر المراة؟
ومالعلاقة التي تربط بين المراة والثورة ؟ وهل يمكن للمراة ان تتحرر من القيود التي كبلها بها المجتمع الطبقي المبني على الاستغلال؟ومتى دلك؟وماهي نظرة الشيوعيين للمراة؟.
هده الاسئلة وغيرها تطرح بيننا باستمراروساحاول على قدر الامكان ملامسة بعض جوانبها لعلي اساهم في النقاش الجاد الدي طرحه الشيوعيون والشيوعيات حول هده القضية حتى لا نترك قضية المراة محبوسة في يوم واحد وهو8 مارس من كل سنة,وبالتالي نقطع الطريق على تجار الاحدات والمتكالبين على القضايا الجماهيرية وعلى قضية المراة .
فمن اجل النهوض بقضية المراة والبير بها الى طريق التحرر يفترض فينا نحن الشيوعيين ان نعمل على نقد افكارنا وممارساتنا ونستحضر قضية المراة بكل جراة ومبدئية ليتسنى لنا ترسيخ قناعاتنا ومواقفنا حنى يتسنى لنا تحرير المراة من براتين وقيود المجتمع الطبقي وتحطيمه عبر ديكتاتورية البلوريتاريا.
ان حل قضية المراة يفرض علينا حله من جدوره وهدا يلزم علينا البحث في الوضع الناريجي لوضعية المراة داجل المجتمع البدائي , لانه حينما سنعود الى الناريج البشري سندرك الطريقة التي كبل بها المجتمع المراة , وسينكون لدينا بدون شك يقين راسح بان غياب حقوق المراة وحنوعها العبودي لم يكونا من سمات المجتمع البشري قبل ظهور الملكية الحاصة , بل تساوى الرجل و المراة في الحقوق في يعض المراحل التاريخية وفي وضع تاريخي تمتعت المراة بوضع مميز وفاقت حقوقها حقوق الرجل.
ان كثيرا من دوي العقول المتجمدة يتوهمون بان المراة كانت في العصورالقديمة تعاني وضغا اشد بؤسا من وضعها الحالي وانها كانت تعيش حياة عبودية حقيقية ,وهدا خطأ , لان وضعية المراة في المجتمع المشاعي لم تكن تختلف عن وضعية الرجل , وكانت اعباء الحياة موحدة بالنسبة اليهما معا بل اكثر من دلك قان علماء الانثربولوجيا اكدوا انه في بداية تطور البشرية اي مرحلة الصيد والقطاف لم تكن هناك فوارق بين الصفات الجسدية للرجل والمراة , وان كلاهما كانا يتمتعان بقوة مماثلة , وان المراة في هده المرحلة كانت ملزمة بصد هجمات العدو الالد انداك وهو الحيوانات المفترسة مثلها مثل الرجل.
ان وضع المراة بداحل المجتمع كان دائما خاضعا لنمط الانتاج السائد ومدى مساهمتها ومشاركتها في الاقتصاد . فلما تانت المراة هي المنتج الرئيسي في الاقتصاد البدائي احتلت مكانة ومرتبة اسمى من نظيرها الرجل بل كانت هي التي تكفل استمرار القبيلة وتحضى بالاحترام والتقدير , فالمراة هنا لم نكت تحضى بمساواة كاملة في الحقوق مع الرجل فحسب, بل كانت كانت احيانا تفوق حقوقها حقوق الرجل وكانت هي المقر والموجه والمسير في القبيلة .
فالمراة في ظل المشاعة البدائية كانت المتنتجة الاستسية خاصة لدى الشعوب التي اختارت الزراعة , اد ان المراة تعد اول من اكتشف الزراعة وبالتالي فهي اول عامل زراعي عرفه التاريخ , فالبشرية ككل هي مدينة لجداتنا اللاتي اكتشفن الزراعة والتي بفضلها احتلت مكانة مهمة في المجتمع جعلت العشيرة تحترمها وتضعها في مكانة مرموقة فد تفوق الرجل من حيث الحقوق.
ان التاريخ القديم يعطينا امثاة على سيطرة المراة في المجتمع , فالمراة كانت مهتمة بالمحافظة على قيم وتقاليد واعراف المجتمع , وحضيت باجلال ديني لانها كانت تؤمن استمرار النوع البشري عن طريق الانجاب , ولعل هيمنة المراة في عصر المشاعة البدائية يترجمه هيمنت الاستاء النسائية التي كانت تطلق على الالهة في الديانات الوثنية كالالهة ايزيس في مصر والالهة غايا في اليونان , اي الالرض مصدر الحياة برمتها.
فسيادة الاسماء النسائية على الالهة يدل على مكانة المراة لدى الشعوب البدائية , فالارض والمراة كانتا المصدرين الاولين والرئيسيين لكل ثروة , لانهما تخلقان الحياة وتضمنان استمرارها. لكن هل هدا هو السبب الرئيسي الدي جعل المراة تحتل هده المكانة ؟ لا ابدا بل باعتبارها المنتج الرئيسي في اقتصاد القبيلة وبفضل هدا الدور الدي لعبته المراة حضيت المراة بالاحترام والتقدير من قبل مجتمعها واعضاء عبيلتها.
الا انه عند زيادة انتاجية العمل البشري وتراكمت الثروات ازداد النظام الاقتصادي تعقيدا ,وهو ماحتم على نظام المشاعة البدائية الزوال فانحا المجال لنظام اقتصادي جديد قائم على الملكية الخاصة و المبادلات التجارية وهو ما نتج عنه انقسام المجتمع الى طبقتين متناقضتين ومتناحرتين فيما بينهما , سيفرض الرجل سيطرته على المراة اكثر فاكثر وسينتزع منها دلك الحق الدي احتفظت به لالاف السنين الا وهو حق انتساب الابناء لامهم لينسب اولاده اليه ويورثهم ارضه واملاكه بعدما لم يكن يستطيع دلك لان الانتساب كان من حق المراة وكانت الارض والملكية تدهب بدلك الى اقارب الام بحكم قرابة الدم.
ومند دلك سيطر الرجل على المراة وعلى البيت وبدلك تحولت المراة تدريجيا لعبدة بداخل بيت زوجها تعمل على تلبية شهوته وتكون اداة لتفريخ الابناء وتربيتهم . وبهدا تطور النظام الابوي تدريجيا ليتمكن الرجل من فرض رغبته في الحصول على امراة له وحده , ودلك بعدما كان من حق المراة ان تتخد ازواجا متعددين وكان هدف الرجل من دلك الحد من اختلاط ابنائه بابناء الغير . كما فرض الرجل على المراة قوانين جديدة واعطى لنفسه حقوقا كان غير قادر على الحصول عليها حينما كانت المراة هي المنتج الرئيسي في اقتصاد القبيلة , ومن هنا نبعت القيم الاخلاقية التي تحكم على المراة بالعفة والوحدانية في الزواج واعطى لنفسه حرية الاتصال بمن يشاء من النساء وتعدد الزوجات.وكل دلك جاء كنتيجة على التغير الدي حصل في الدور الدي تلعبه المراة في الانتاج من دور رئيسي الى دور ثانوي .
لقد انقضت قرون طويلة قبل ان تصبح عبودية المراة ظاهرة عامة وتصبح سيادتها ملكا للاسطورة فقط , فالعديد من الاساطير تناولت الصراع بين الرجل والمراة على السيادة وبسط نظاميهما الابيسي والاميسي في المجتجع . فسيادة النظام الابيسي لم يكن وليدالصدفة بل جاء بعد صراع طويل ومرير مع النظام الاميسي ولعل الاساطير التي تناولت هدا الصراع لدليل على دلك ومنها مثلا الاسطورة اليونانية التي تحكي على مغامرات الاله هرقل الدي رحل الى بلد تسيطر فيه الامازونيات المحاربات ودلك من اجل وضع حد لسيطرة النساء وتحرير الرجال من سلطتهن . وكدلك الاسطورة التي تروي ان الهة اثينا جردوا النساء من سلطتهن وحقوقهن لانهن استخدمن حقهن في الانتخاب لاعطاء اسم اثينا بدلا من اسم بوسينيدون اله البحر عند الاغريق وهو اله يسكن في وسط البحار حسب الاسطورة .
ان عبودية المراة وخضوعها لم يرافقا ظهور الملكية الخاصة ومن الخطا القول بدلك وانما لعبت الملكية الخاصة الى جانب تقسيم العمل وانقساة المجتمع الى طبقات دورا مهما في توجيه التطور الاقتصادي الدي الغى دورالمراة في الانتاج وجعلها تفقد مكانتها كمسؤولة عن تامين حاجات القبيلة , فالملكية الخاصة عجلت بتحول المراة من سيدة في القبيلة الى عبدة خاضعة خانعة للقبيلة والرجل , اد انه بعد اكتمال تقسيم العمل وتطوره تعزز ابعاد المراة عن العمل المنتج .هدا بالاضافة الى استقلال انفصال الاقتصاد المزلي عن اقتصاد القبيلة وبالتالي حلول نمط جديد للاسرة وهي الاسرة المنغلقة على نفسها وينقسم العمل كدلك داخل المنزل بحيث سيحتكر الدكور جل العمل الخارجي فيما ستتحول المراة الى عبدة داحل بيت زوجها وحبيسة المطبخ وبالتالي لم تعد المراة تقوم باي عمل منتج تفرض من خلاله قوتها وتحررها وهكدا تحولت المراة الى مخلوق بدون قيمة.
لتتحول المراة تدريجيا من عاملة منتجة ومسيرة ومقررة بداخل اسرتها الى سجينة بداخل بيت زوجها الدي طالته كدلك الملكية الخاصة .وكما سبق القول فانه بسبب تقسيم العمل وقبل دلك بعد ان تمكن الرجل من انتزاع دلك الحق المشروع الدي حضيت به المراة لالاف السنين وهو حق الامومة , حكم على المراة وفق النظاة الجديد بان تكون عبدة بيت باطفاله وزوجه , وما كان على المراة في ظل الشروط (كونها لم تعد المنتج الرئيسي في المجتمع) الا ان تقبل بهدا الوضع , وتعيش خانعة خاضعة , فكل النساء اللواتي عشن مند ظهور الملكية الخاصة الى اليوم يعشن وضعية التبعية للرجل باستثناء نساء الطبقة الحاكمة التي كانت تتمتع ببعض الحقوق وليس كلها , فنساء الطبقة المسيطرة كن موضع احترام وتقدير لكونهن من المشرفات على تنظيم الاقتصاد .
لكن ادا كانت السيدة النبيلة تتمتع بقدر من الحقوق والامتيازات بصفتها الممتلة لطبقتها منظمة للاقتصاد المنزلي الاقطاعي , فقد كانت ترى حقوقها الاولية تداس وتنتهك وهي غير قادرة عن الدفاع عنها او الوقوف في وجه سالبيها . فبداخل طبقة النبلاء كان مصير الفتاة يحدده والدها مند ولادتها الى غاية زواجها , ولا ينتهي انتهاك حقها في مصير حياتها بيدها عند الزواج بل يتواصل , فبعدما كانت خاضعة لابيها ولاخيها ستخضع عند زواجها لزوجها ولابنها من بعد وفاة زوجها .
وهناك العديد من البلدان التي عاشت مثل هده التجارب , فالصين مثلا كانت المراة تخضع طيلة حياتها الى غاية وفاتها لسلطة الرجل , لان السنن الاخلاقية الاقطاعية القديمة تجعل المراة خاضعة لقاعدة انواع الطاعة الثلاث كما عبر على دلك " لي كي" فان المراة تطيع الرجل دائما , فهي تخضع في صباها الى ابيها و اخيها الاكبر , ولزوجها بعد زواجها ولابنها بعد وفاة زوجها.
فالمراة في الصين لم تكن تعامل معاملة البشر وكانسانة بل كانت تحت تصرف عائلتها وعائلة زوجها بعد زواجها , تسيرها كما تشاء فهي مدينة للعائلة بكل شيء حتى بحياتها , فالعائلة تقررقتلها متى اراضت دلك .
ان النساء اللواتي ينتمين الى طبقة المستغلين لم تكن تنعم بادنى شروط الحياة , كن لحرومات من كل شيء , من الحق في التعليم , الحق في الانتخاب , الحق في ابداء الراي , الحق في اختيار شريك الحياة , في الوقت الدي كان يسمح فيه لنساء الطبقة الحاكمة ببعض هده الحقوق ,فبعض نساء الطبقة الاقطاعية لعبت دورا سياسيا وادبيا كبيؤا في العصر الوسيط
وخصوصا بين القرنين 9 و 11 . فمنهن من وصلت الى الحكم , مثل الكونتيسة ماتيلدا التي حكمت فلورينسا التجارية , وكدلك الكونتيسة ادلانيد دي سافوا التي تحدت البابا العظيم السلطان انداك, الا ان هدين المثالين لا يشكلان سوى استثناء لعبودية المراة , ادا فالاحترام الدي كانت تتمتع به بعض نساء الطبقة الحاكمة اي الاقطاعية وتلك الحقوق التي كانت تتمتع بها لم تكن لتتاح لها الا بفضل نسبها العريق وانتمائها للطبقة المسيطرة.
وعندما اشتد التنظيم الاقطاعي وبلغ دروته حضيت المراة ببعض الحقوق كالتعليم باعتبارها زوجة المولى الاقطاعي و الكلفة بادارة هدا التنظيم الاقتصادي , الا انه مع تطور النجارة فقد هده الشكل الاقتصادي اهميته فنقصت معه قيمة المراة و من خلاله سيحكم على المراة بان تصبح مجرد اداة لاؤضاء زوجها وانجاب الاطفال منه ورعاية شؤون المنزل.
وبانهبار التنظيم الاقتصادي الاقطاعي المبني على الاكتفاء الداتي والاقتصاد الطبيعي تراجع المستوى التعليمي والتقافي للنساء اللواتي ينتمين للاسرالراقية في المجتع الاقطاعي.
وضعية المراة البورجوازية
لقد تطرقنا في البداية الى ان دور المراة في قبيلتها وفي مجتمعها يتحدد بمدى مساهمتها في الانتاج وقلنا بان المراة حين كانت هي المنتج الرئيسي كانت تحضى بالاحترام والتقدير وحين تطور الانتاج ونتيجة لتقسيم العمل سيتم تنحيت المراة من دورها كمنتج رئيسي في الاقتصاد وسيزج بها بداخل البيت , وهنا قد يطرح البعض سؤالا مهما وهو مادام دور الانسان في الانتاج هو المحدد في قيمة ومكانة الانسان في المجتمع فمابال العبيد والاقنان والعمال ؟
اولا يجب ان ندرك اننا هنا نتحدث عن نظام اقتصادي ينبني على الملكية الخاصة وليس عن ملكية مشاعية , فالنظام الاقتصادي الدي كان سائدا في العصر الوسيط كان يقوم على الملكية الخاصة و بالتالي فاينما وجدت الملكية الخاصة فلا يحتل الصدارة العمل او نتيجته المباشرة وانما تعطى الاهمية لبعض المداخيل التي تجتنى من استخدام حق الملكية ومن استغلال عمل الاخرين , بمعنى اخر تعطى الاهمية للارباح, ان الدي يستغل قوة عمل الاخرين هو الدي يستفيد وتكون السلطة بيده , فالعبيد رغم كونهم المنتجين الرئيسيين لدى اليونان فلم عملهم يرتدي اهمية في نظر الاغريق لانهم كانوا مجرد قوة عمل من يستغلها تكون له السيادة في المجتمع , حتى بالنسبة للاقنان الوضع نفسه لم يتغير , بل ان الوضع لازال على حاله حتى مع العمال في ظل النظام التالي له ـ الراسمالية .
ان وضع المراة في ظل تطور نمط الانتاج ,وانتقاله الى نمط جديد شكليا ولكنه جوهريا قائم على الاستغلال والاستعباد , لم يتغير وانما زاد تعقيدا واستعبادا واستغلالا, فالمراة في ظل النظام الاقطاعي كانت على الاقل في احسن حال مما هي عليه في ظل النظام الراسمالي .
ان وضع المراة المنتمية الى الفئة الاجتماعية الثالثة ,اي الى البورجوازية , كان يختلف حسب المهن , فمثلا وضعية المراة في طبقة التجار لم يكن نشاطها الانتاجي يتجاوز عمل المنزل وكل ما يتعلق به , فهي كانت ملتزمة بتلبية حاجيات البيت (البالغة التعقيد) اليومية , وبالتالي فهي بعملها هدا لم تكن تنتج اي نتيجة دات قيمة بمعنى تنتج سلعة ثمينة , ومن تم لم تكن لتحضى باي تقدير , لان الرجل كان هو السيد خارج البيت وهو رب العائلة ومعيلها الوحيد وهو الدعامة الاساسية للبيت . .
اما بالنسبة لنساء الفئة الثانية وهن نساء الحرفيين فقد لعبت دورا هاما في المهن الحرفية بحيث ان عمل النساء فاقت كفته في بعض الحرف على كفة الرجال وبخاصة حرفة النسيج وصنع الثياب , فنساء وبنات الحرفيين كانوا يعيشون من عمل ايديهم ويالتالي مستقلين شيء ما مقارنة مع نساء التجار . فزوجة الحرفي كانت تملك ورشة زوجها بعد وفاته وكانت تديرها من بعده .
وانتشرعمل النساء في عدد من المدن الانجليزية و الالمانية والفرنسية والايطالية لدرجة اضحت معه بعض الروابط الحرفية لا تضم في عضويتها الا عاملات حرفيات , وهو ما جعل حقوق النساء الحرفيات تضاهي حقوق الرجال , وامام هدا الوضع الدي اتسم بحضور قوي للمراة في المجال الحرفي لم يكن امام المجتمع للحد من قوة انتشار عمل النساء الا اخضاع الحرفية لتنظيم قانوني ودلك من اجل الحد من منافسة العمل النسوي للعمل الدكوري , ثم بدات من بعد دلك ابواب الروابط الحرفية تغلق في وجه العاملات .
ورغم دلك فان العاملة الحرفية كانت حياتها مختلفة تماما عن حيات الفلاحات الارستقراطيات, بحيث كان يحق لها ان تبدي رايها في القرارات المتعلقة بسياسة مدينتها الانتاجية كما كانت تشرف على ادارة اعمالها وارباحها الخاصة بنفسها ودلك راجل بالاساس الى كونها مساهمة في الانتاج , وهدا م جعلها مستقلة وحرة الى حد ما , بل ان بعض النساء شغلن في هده المرحلة مناصب سياسية مهمة ولعل خير دليل على دلك مارتا بوسا دنتين التي كانت منصب عمدة نوفغورد الكبرى في روسيا الا ان هدا كله لا يمكن ان يدفعنا الى المبالغة في نقدير دور المراة في الاقتصاد , فادا كانت بعد النساء تتمكن من تامين تامين سبل عيشهن من خلال عملهن فان غالبية النساء ظلت تعاني الاستغلال و الاضطهاد وظلت عالة على زوجها . ان ما جعلها عاجزة عن الطالبة بالمساواة مع الرجل لكون هدا الاخير ظل هو المنتج الرئيسي و الاساسي في اقتصاد المجتمع .
وما سهل على الطبقة المستغلة على اضطهاد النساء اكثر هو توظيفها للدين من اجل شرعنة اضطهادها للمحكومين عامة ولتكبيل المراة بالخصوص ولعل تلك القوانين التي وضفت في هدا المجال لخير دليل على دلك بحبث نعتت المراة بابشع النعوث وتم تحقيرها واضطهادها اكثر من الرجل فالمراة سمية من قبل الكنيسة باداة الشيطان و المحرضة الاساسية على الحب الجنسي , ووظفوا كتابات واساطير من اجل اثباث الطبيعة الخاطئة والاثمة للمراو وحملوها مسؤولية شهوتها . واضطهدت الامهات العازبات , ونعتت النساء اللواتي تمتزن بدكاء كبير على ان كل اعمالهن من صنع الشيطان وانه سحر لا اكثر ,الا ان كل هده الوضعية التي كانت تعيشها المراة في ظل عصر الاقطاع والاقتصاد الطبيعي كانت افظل مقارنة مع ما ستشهدة المراة مع تطور الانتاج وانتقاله الى نمط جديد منبثق من رحم الاقتصاد الاقطاعي , هدا النمط الجديد الدي سيمتاز بازدهار في التجارة , والراسمال والصناعة اليدوية
وضعية المراة في عصر ازدهار الراسمال التجاري :
بعد ان بلغ نمط الانتاج الاقطاعي دروته تحول الى عائق في وجه التطور اللاحق لقوى الانتاج , واضحت مصالح البرجوازية غير قابلة للتوافق والتطور في ظل النظام الاقطاعي , لدلك عملت على تمزيقه واقامة التنظيم البرجوازي على انقاضه.نمط الانتاج هدا الخاص بالبرجوازية هو الراسمالية , هو مملكة المنافسة الحرة وحرية الدهاب والاياب , والمساواة الحقوقية لمالكي البضائع . ان اختلاف النظام الراسمالي عن النظام الاقطاعي والاقتصاد الطبيعي بحكم طبيعته كونه يبحث بداب عن الربح فان النظام الراسمالي يعتمد على تشغيل اكبر عدد من الاجراء كما يعتمد على ادخال اشكال جديدة من العمل وهكدا سعى الراسمليون الى الاستفادة من اكبر عدد من الشغيلة , ولم يستتني النساء من دائرة استغلاله .
وبعد ان انتهى الصراع والحروب الاهلية الدائرة بين الارستقراطية المنحطة والبرجوازية الصاعدة بتحطيم نزام الانتاج السابق , كان اولئك الدين لم يحالفهم الحظ بان يكونوا ضمن طبقة الملاكين ويعيشون وضعا وواقعا مضطربا , بحيث تضاعف عدد الفقراء و المشردين والتائين بلا سكن فعجت اسواق العمل بالنساء , نساء الحرفيين الدين بارت صناعتهم , ونساء الفلاحين وارامل الحروب الاهلية والقومية وغيرهم , اجتحن المدن للبحث عن عمل ومنهن من ارتمت في احضان الدعارة و ومنهن من رسمت طريقها بتبات نحو العمل .
ولما نجحت المراة في ولوج سوق العمل ما كان على الراسمالي الا ان يجعل امامها حواجزا وعوائق للحيلولة دون مطالبتها بحقوقها , فاصدر قوانين وقيود على دخول النساء ميدان الصناعة الحرفية ودلك من اجل الحد من منافسة النساء الشديدة للرجال فتم حضر العديد من المهن على النساء , الا ان ظروف النساء القاسية , الجوع وغياب الحماية القانونية , اضطروا النساء الى الخضوع للتشريعات الموجهة ضدهن , فتوجهن الى المهن التي لم تكن حكرا على الرجال , بيد ان العديد من النساء في هده الوضعية التجان الى الدير والترهب هربا من استغلال الراسمالي لهن وخوفا من الجوع , فعلى الاقل هناك يجدن لقمة عيش ولو بسيطة مما كان ينفقه " المحسنين " من الاغنياء الدين يرغبون في التكفير عن خطايتهم وجرائمهم .
وفي المرحلة الاولى لتطور الراسمالية , ظهر فرع اقتصادي جديد يطلق عليه " العمل في البيت " وقد انتشر في معظم دول اوربا بين القرنين 15 و17 , هدا العمل يمثل شكلا وسيطا بين الصناعة الحرفية و العمل الماجور , فالعامل في البيت كان يوزع الانتاج بواسة وسيط بين المنتج والمشتري وكان يتنازل له عن جزء محدد من ارباحه , وهو بدلك يختلف عن العامل الحرفي .
ان هدا النظام الاجتماعي الجديد . الراسمالية لم يستطع ان يخلص المراة من قيود الاقطاع ومن حالة الضياع و الاستغلال وطغيان فكر القرون الوسطى ولم يدخل اي تحسين على وضعها البائس ولا على شروط حياتها , فقد استمر استغلالها واستعبادها ولكن باشكال جديدة لم تكن معروفة من قبل , لقد ظلت المراة تعاني مند البدايات الاولى لتشكل نمط انتاجي طبقي من ظلم المشغل والاب و الزوج وعندما دكت الاقطاعية وحلت الراسمالية علة انقادها وبدات البوادر الاولى لتشكل طبقة الماجورين , البروليتاريا, فرض علة المراة الخضوع لثلاث سلط . سلطة رب العمل , سلطة الزوج في البيت , وسلطة المجتمع او الدولة التي لا تعترف بحقوقها . ان العاملات البروليتاريات كن ينعتن بابشع النعوث و يحتقرن بقوة من قبل نساء المصونات للحرفيين والفلاحين اللواتي كن ينظرن للعاملات كالعاهرات وينعتنهن بالساقطات والسوقيات وحتالة المجتمع .
ان نشوء الصناعة المعملية والراسمال الكبير لم يخلصا المراة ويحررانها وانما على العكس من دلك خلقوا لها اشكالا جديدة من الاضطهاد تحت ظاهرة العمل الماجور في حدمة الراسمال . وحتى عندما ظهرت الالة وما نتج عنه من زيادة انتاجية العمل لم يساهم دلك في تحرر العمال ولم يحسن من وضعيتهم , بل على العكس تفاقم استعبادهم و استغلالهم من قبل الراسمال , نفس الشيء بالنسبة للمراة فدخول المكننة للحياة الصناعية كان يفرض منطقيا الزيادة في دخل العاملات و العمال بصفة عامة , لان الانتاج تضاعف بشكل كبير فمثلا كانت المراة قبل المكننة تنتج عشرين او ثلاثين زوجا من الجوارب في اليوم الواحد فاضحت بعد المكننة تنتج الف وما يزيد من الجوارب في اليوم الواحد اي بمعدل خمسين ضعفا من اجرها السابق , وبالتالي فالمقاول او الراسمالي ضل المستفيد الوحيد من تضاعف الانتاج .ومن تمت كان على المراة ان تتحمل استبدادا جديدا ينظاف الى معاناتها من فقدان حقوقها سواء بداخل الاسرة او المجتمع , واستبداد الراسمالي الا ان هده الوضعية الجديدة وما تحمله من قساوة في حق المراة فقد اوجدت شروطا ضرورية لتحررها النهائي , فهده المرحلة جعلت مصير المراة مرتبط بمصير الطبقة العاملة ككل , لان عمل المراة الدي كان ينتقص من قيمته اصبح يتمتع بقيمة جديدة بالنسة الى الاقتصاد القومي . ففي ظل الشروط الجديدة التي اوجدها النظام الجديد اضحت مساوات المراة مع الرجل , التي كانت من قبل مطلبا نسويا فقط , من مطالب النضال المشترك للطبقة العاملة
ان حياة عاملات المصانع كانت بائسة بدرجة خطيرة , فكن يشتغلن مدة طويلة قد تتجاوز
الاثنتي عشر ساعة في اليوم بدون ادنى شروط العمل اضافة الى الاجر المنخفض بدون ضمانات اجتماعية و الرعب الدائم من الطرد والبطالة , وبالتالي لا حماية في المعامل , والامراض المهنية المتزايدة, والاضطهاد المزدوج بين رب العمل الراسمالي ورب البيت الزوج , فالراسمالي كان يفظل توظيف النساء على الرجال لان اجرهن يكون اقل مقارنة مع الرجل . وكان بنظر الى عملها دا قيمة اقل مقارنة مع عمل الرجل , ودلك لتشبت المجتمع الطبقي الدكوري بفكرة ان المكان الاصح والحقيقي للمراة هو البيت وليس المصنع ولان عملها المنزلي لم تكن له اية قيمة , فانهم اسقطوا دلك على عملها في المصنع.
وما ساهم في استغلال المراة العاملة اكثر , خاصة قبل القرن 19 هو قلة تخصصها المهني وافتقارها للتكوين والتاهيل المهني , بالاضافة الى افتارها الى عمل بديل , ورغم دلك فان الراسمالي يوظفها مكان الرجل بعد طرده رغم درايته التامة بانها عاملة عاجزة عن منافسة الرجل في الانتاج ودلك لكون اجر العاملات هو ادنى بكثير من اجر العمال الدكور .
هدا الوضع انتج لنا نتيجتين اثنتين :
الاولى وهي مراكمة الراسمالي للمزيد من الارباح عبر توظيفه للنساء باجر اقل
الثانية: خلق جيوش العمل الاحتياطي نتيجة لطرد العمال , الدكور خاصة , وهو ما يستغله الراسمالي لمنح اجور ضئيلة وبشروط عمل بئيسة .
فتفاقمت البطالة وظهرت النظريات الراسمالية الداعية الى تحديد النسل لمنع تدفق جيوش عمل جديدة على سوق الشغل , وهدا هو حال الراسمالية والؤاسماليين, القاء باللوم على عاتق الشغيلة .
ان الراسمالية خلقت صراعا من نوع جديد في بداية الامر , اي الصراع بين المراة والرجل بمعنى بين العمال والعاملات ابناء الطبقة الواحدة والخاضعين لواقع الاضطهاد والاستغلال و الاستثمار معا , فكلما ارتفع عدد النساء العاملات في فرع من فروع الانتاج الا وانخفض عدد العمال الرجال في هدا الفرع و بالتالي كانت اجور العمال تتضائل والاسعار ترتفع وصعوبة المعيشة تزداد بؤسا مما كان يضطر النساء الى الخروج للعمل لسد نفقات البيت , ولم يكن العامل يدرك ان تلك المنافسة التي خلقها الراسمالي بين العامل والعاملة هو من اجل الربح , وان تلك المراة التي ينزر اليها على انا منافسة شريرة له , ليست الا عضو في نفس الطبة , اي البروليتارية , وانها اكثر استغلالا منه فهي حتى اواخر القرن 19 لم تكن تتقاضى سوى نصف اجر العامل الرجل , ليستمر الوضع على حاله الى حدود مطلع القرن ال 20 حيث ظهرت البوادر الاولى للمطالبة بالمساوات بين اجور العمال والعاملات , ودلك مع ظهور النقابات العمالية من جهة , وازدياد نسبة النساء العاملات بشكل كبير من جهة ثانية .
فوضعية الاسرة ازدادت تضهورا وبؤسا ولم يعد بامكان الرجل التكفل لوحده بمصاريف البيت ليفبل بالمراة كي تشاركه في تامين متكلبات الاسرة فالرسمالي لا يمنح للعامل ما يكفيه لحياة جيدة وانما يعطيه ما يجعل قادرا على الاستمرار في الانتاج وليس ما يدخره ليحسن حاله وبالتالي يجعله تابعا له وعبدا لجوعه فالراسمالي كلما زاد في اجور العمال والعاملات الا ورفع اسعار المواد الاستهلاكية ان النساء العاملات كن اكثر تقدمية من الرجال العمال ولعل دلك يتجلى في المطالب التي رفعتها في ثورة تموز 1789 والموجهة ضد غطرسة وسيطرة الاغنياء , فمن بين العرائض التي رفعتها نجد " ان كنا نطالب بالعمل فليس معنى دلك ان نحرم الرجال منه .." .
ان الراسمالية حتمت على المراة ان تعيش ظلما واستغلالا مزدوجا في المعمل , حيث ساعات العمل الطويلة كانت تتعدى الاثنتي عشر في اليوم ومقابلة نصف اجر العامل الرجل , وفي البيت حيث العمل المنزلي المضني والمرهق للمراة. فالمراة حكم عليها بالعمل المزدوج ليلا ونهارا , فالراسمالي يضطهدها نهارا والزوج يضطهدها ليلا .
لقد ظلت النساء تكابد هدا الاستغلال و الاضطهاد المزدوج , بين البيت والمعمل , من جهة
وقوانين واخلاق المجتمع والدولة البورجوازية من جهة ثانية .
هدا الواقع الناتج بالاساس عن بنية النظام الاجتماعي البورجوازي السائد , والقائم على التناحر الطبقي وعلى البحث على الربح , دفع النساء العاملات الى التجمع من اجل المطالبة بحقوقهن والمساواة مع رفيقها العامل على الاقل فانشات بدلك حركات نسائية انقسمت مند البداية الى تيارين متعارضين اشد التعارض , لا من حيث المنطلقات او من حيث الاهداف , فالتيار الاول نظم نفسه تحث حركة نسوية بورجوازية , والثاني اعتبر نفسه جزءا لا يتجزء من الحركة العمالية وبالتالي لم يفصل معاناته ومساعيه عن مطالب الشغيلة ككل .
فالتيار النسوي الاول كان منحدرا من تيارات وتنظيمات سياسية بورجوازية يغلب على فكرها طابع الدكورية و وبالتالي كان من الضروري ان يسود في ممارسته رواسب فكر البورجوازية رغم رفعها لبعض المطالب التي اقتبستها من الفكر الاشتراكي ودلك بغية ضمان دعم العاملات لها فكانت تتحدث عن تمثيل كل النساء العاملات , ولكنها في الجوهر كانت تمثل ومصالحها ومطالبها الخاصة بها , فهدا التيار البورجوازي لم يكن يؤمن بالصراع الطبقي وصراع من ينتج مع من يستفيد من الانتاج , وانما كانت تعتبر الصراع هو بين الجنسين اي بين النساء والرجال وبالتالي كان مصير هدا التيار البورجوازي هو فقدان ثقة العاملات وتاييدهن له.
فيما كان التيار النسوي الثاني مرتبطا ارتياطا وثيقا بالجركة العمالية التي تشكل بالنسبة الى النساء كلا لا يتجزء , ولم تكن تعتبر الرجل عدوا لها وانما شريكا لها في العمل ورفيقا لها في النضال ضد الراسمال والمجتمع الطبقي .هدا التيار النسوي البروليتاري سيعرف تطورا كبيرا واقبالا منقطع النظير , بحيث ارتفع عدد المنخرطين والمنتمين اليه , وقد وحدت النساء نضالهن مع نضال الطبقة العاملة , وانخرطت في النقابات والاحزاب الاشتراكية لوعيها التام والقاطع بان النظام الوحيد الكفيل يتحرير المراة والرجل والبروليتاريا بصفة عامة هو النظام الاشتراكي , فبرزت نساء من داخل الحركة النسوية البروليتاريا شهد لهن التاريخ بنضالهن وبتضحياتهن وو اصبحن نمادج يقتضى بهن في النضال والاستماتة , وعلى راس هاته النسوة نجد مثلا كلارا زينكين , روزا لوكسومبورغ , اليكساندرا كولينتاي ..وغيرهن من الشيوعيات اللواتي كن مصباحا لم ينر درب المراة القاتم والمظلم وفقط بل انار الدرب للطبقة العاملة ككل .
وشكلت هده النسوة وغيرها نمودجا يقتتضى به و رمزا للمراة التحررة ونبراسا للواتي يرغبن في الحرية . ففي كل بلد برزت شيوعيات كن جنبا الى جنب مع الرجل من اجل الوصول الى الوطن القادم , ومن لا يعرف اول اشتراكية في روسيا وهي الرفيقة باردينا والشقيقتان سوبوتينا , ليسجون , ليوبوتوفيتش , كلهن دن اشد التعديب في السجون , بل منهن من اهدت حياتها مقابلة حرية العاملات والبروليتاريا بصفة عامة .
وللخروج من هده الوضعية يلزم ان تساهم في تكسير سيطرة الراسمال , فالراسمالية اوجدت للمراة وللطبقة العاملة ككل الشروط الضرورية لتحررها وللنضال من اجل تحررها ومساواتها مع الرجل على الاقل في مرحلة البناء الاشتراكي , ولكن تحرر المراة هدا لن يتاتى الا بالمساهمة الفعالة في عملية التحرير هاته من اجل الوصول الى مجتمع يجيد الاستفادة من طاقات المراة والرجل الانتاجية ولا يفرق بينهما واكيد ان هدا المجتمع لن يكون الا المجتمع الشيوعي الدي يضع طاقات المراة والرجل في خدمة المجتمع .
ان السؤال الدي يجب ان نطرحه الان هو كيف ستتم عملية تحرر المراة؟ وكيف تتغير الظروف التي حكمت على المراة بالدونية والاضطهاد ؟ وما هو النظام الانسب لتحرر المراة ؟
مما سبق يتضح لنا بالملموس ان المجتمع البورجوازي والنظام الراسمالي لا يمكن ان تتحرر المراة بداخله , او تتساوى مع نظيرها الرجل , لان تحرر المراة رهين بتحرر مجتمعها ككل . ولهدا فان اول ما يجب على المراة ان تدركه هو ان تحريرها انما هو جزء من تحرير المجتمع ككل من براتين النظام الراسمالي وان الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتخليصها من المجتمع الراسمالي وقيمه وتقاليده ونظمه هو الكفاح هو النضال الطويل الامد .
كما يلزم المراة ان تدرك جيدا ان النظام الاجتماعي الوحيد الدي يوفر لها هده الامكانية هو النظام الاشتراكي بمعناه الحقيقي من حيث العدالة والمساواة لانه نظام خال من الملكية الخاصة لانها اساس عدم المساواة وكما يقول الرفيق انجلز بانه لا يمكن التوصل الى تحرير المراة تحريرا تاما الا بالقضاء على اسلوب الانتاج الراسمالي ففي ظل المجتمع الاشتراكي سيتوطد نمودج جديد للمجتمع , نمودج قائم على المساواة التامة بين افراده , وبين الجنسين المراة والرجل وعلى الاحترام المتبادل ودلك باشراك النساء بشكل واسع في الانتاج الاجتماعي , فالمجتمع الاشتراكي لا يعرف الفرق بين عمل المراة و الرجل بل يوحدها على اساس خدمة الاقتصاد الوطني / القومي .
فالمراة في النظام الاشتراكي سوف تتخلص من دلك الاضطهاد المزدوج , البيت والمعمل , لانه في ظل المجتمع الاشتراكي الكل ينتج والكل يستفيد كما ان النظام الاشتراكي سيحرر المراة من الاقتصاد المنزلي لانه سياخد المجتمع على عاتقه امر العناية به , وبالتالي سيتغير الاقتصاد المنزلي الى اقتصاد اشتراكي بدوره .
لمادا الاشتراكية ؟ بمعنى اخر , لمالا نتحدث عن الاقطاعية مثلا ؟
ان السبب بسيط هو كون الحلول التي تقدمها الاشتراكية اولا هي اكثر تقدمية ولا تفرق بين احد افراد المجتمع , وثانيا وهدا هو المهم , كون النظرية الاشتراكية تقدم الحلول في المستقبل وليس في الماضي لانها قائمة على معرفة قوانين التطور الاجتماعي , وبالتالي فحلولها تتجه نحو المستقبل لا الماضي , ولان الحلول التي تحن للوراء وللماضي هي اكثر ارتدادا ورجعية فكما يقول انجلز " ان كون الشغيلة لم يعد لهم سقف يؤويهم قد جعل ظروف معيشتهم تتفاقم تفاقما دراميا بالنسبة لظروف الحياة التي كان يحياها ابائهم , بالامس ايضا".ويضيف ان " هدا شرط لتحررهم المعنوي , والحل لما يعانون من الام ليس قط في العودة الى الماضي , ادا كان ابائهم ملاكين , ولكنهم عبيد , ان الحل هو في النضال من اجل ازالة الاستثمار الطبقي , مع كل عواقبه ".
ان قضية المرأة بالنسبة للشيوعيين و الشيوعيات ليست صيغة لعبارات فارغة المحتوَى و مليئة بالوعود الكادبة التي أطلقتها البرجوازية المتعفنة ورددها خلفها التحريفيون و الانتهازيون والتي اتبت لنا التاريخ زيفها وفشلها في حل هده القضية . كما اتبت لنا التاريخ و الممارسة العملية في العديد من التجارب , لان حل قضية المراة رهين بالحرب الشعبية التي يكون فيها حضور المراة حضورا وازنا وفعالا وهدا اتبتته التجارب في العديد من البلدان التي تبنت الحرب الشعبية ( الصين, النيبال, البيرو, ..و الهند اليوم,...) , كما انه رهين بتحرير الطبقة العاملة ككل . فمثلما تحتاج المراة الثورة من اجل التحرر فكدلك الثورة تحتاج الى نساء ادرات على حمل البندقية وايجاد استعمالها , وليس الى نساء يجدن الزغاريد عند عودة الرجال بالنصر .
فعلى النساء ان تتحلص من عقدة النقص التي كبلها بها المجتمع الطبقي ومن القيم البطريركية , وتغوص بكل جراة في معمعة الصراع الطبقي الى جانب رفيقها الدكر لانها لا تقل قيمة وقوة عنه .ولنا في التجؤبة الصينية خير دليل على دلك , فالنساء لم تنل حقوقها ولم تتساوى مع الرجل الا بعد كفاح ونضال طويل ومرير , فالنساء خاضت حرب التحرير الى جانب الرجل وشاركت في السير الطويل رفقة الرجال بقيادة القائد العظيم ماو تسي تونغ كما عرفت حياة العصابات تامتنقلة والخطيرة . وبهدا استرجعت المراو كرامتها وقيمتها كعضوبداخل طبقة البروليتاريا .
فالكفاح المسلح وتضحية المراة ومشاركتها غي حرب التحرير هو من قطع بالمراة اشواطا كبيرة وبعيدة , غالمراة بعملها هدا فرضت على وجودها كعنصر فعال في تحرير الوطن وتحرير نفسها ودلك عن طريق حمل السلاح .
ان الشيوعية كنظرية واقعية علمية تعالج كل الضايا التي تهم البروليتاريا برجالها ونسائها , وهي كل لا يمكن تجزيئه , اد لا يمكن تحرير المراة مثلا دون تحرير المجتمع باسره ولا يمكن تطبيق جزء منها واغفال الاخر , هده النظرية هي التي تعطي لقضية المراة السبيل الاوحد لتحررها من استغلال راسالمال و القيم الدكورية لها.
فعلى الشيوعيون اليوم , في كل مكان ان يتعاملوا مع قضية المراة بكل جدية ومسؤولية لقطع الطريق على كل اعداء البروليتاريا وتحرر المراة من التحريفيين والانتهازيين والرجعيين والظلاميين .وكشيوعيين مغاربة فانه من المفروض علينا اتمام الطريق التي رسمتها عروس الشهداء الرفيقة سعيدة المنبهي التي رسمت بدمها سبل تحرر المراة المغربية والبروليتاريا عامة , فلقد ادركت جيدا بان تحررها كامراة لا يمكن ان يتاتى الا من خلال وحدة الطبقة العاملة برجالها ونسائها وكل الجماهير الشعبية .
ان المراة المغربية لا يجب ان تستتنى من دائرة الصراع الطبقي ببلادنا وعليها ان تخوض معركة التحريرالى جانب رفيقها الرجل فهي ادا غابت فيما مضى كقيادة ودلك ناتج عن الارتدادات والتراجع على المستوى الفكري والممارسة الناتج عن وصول الخط الانتهازي الى القيادة في الحركة الشيوعية المغربية مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي واختياره النضال السلمي الدي اتبتت التجربة فشله وافلاسه , فهي حاضرة في نضالات العمال والعاملات ونضالات الفلاحين والفلاحات (انتفاضة ايفني, صفرو, بومالدادز,..)كما ان الطالبات كان لهن دور فعال في العديد من المحطات النضالية (24 ابريل , 14 ماي بمراكش الحمراء) , ولعل ما يتبت دلك اعتقال رفيقتين ماويتين وهما الرفيقة مريم باحمو والرفيقة التي قضت سنتين من السجن "زهرة بودكور".
ايها الشيوعيين والشيوعيات ان علينا الارتقاء بقضية المراة بشكل كبير والتقرب منها من اجل الرقي بوعيها وتخليصها من اوهام الافكار البورجوازية والظلامية الجاتمة على عقلها وممارستها , ونتغلب عن تلك المماؤسة الخاطئة التي تدعو الى جعل حضور المراة في الصراع حضورا ثانويا , فالتاريخ كما قلنا علمنا بان المراة لا تقل اهمية ومروئة عن الرجل وما التضحيات التي قدمتها المراة للشعب المغربي الا خير دليل على دلك , والا دروسا نتعلمها من تضحيات سعيدة زبيدة وامهات الشهداء (امي الباتول, امي السعدية , امي رقية, ...) واليوم امهات المعتقلين السياسيين والقنديل الدي انارزنزانة الرجعية وينير طريق الحرية لهدا الوطن الجريح الرفيقة الشيوعية " زهرة بودكور" رمز المراة المغربية الثورية , هده الرفيقة التي كدبت كل الاطروحات المضادة كتلك التي تقول بها ادناب النظام " ولى زمن العنف والرصاص"و"زمن الانصاف والمصالحة ", او تلك التي تتعامل مع المراة بنقص ودونية وتعتبرها دون الرجل ,هده الرفيقة الطالبة في ريعان شبابها تعرضت لابشع انواع التعديب والاهانة مثلها مثل عثمان ويوسف والعربي وكل الرفاق الدين اعتقلوا معها , وكان جوابها الصمود والتحدي في وجه الجلاد والسجان .واتبتت بصمودها انها لم ولن تتنازل عن قناعاتها ولو قيد انملة وان السجن لم يزدها الا اصرارا على مواصلة الدرب " نحن من يولد تحت الشجر ..تحت المطر ..من الهزائم ..من البراعم ..من البداية..نولد بلا نهاية " و "ونشق الطريق نحو الغد الافضل , وما هده الا البداية وطريق النصر طويل وعسير " .انه ليس كلام روزا او اليكساندرا انه كلام زهرة الحمراء .
ادن ايها الشيوعيين والشيوعيات ألا تدكركم هده الشيوعية الصغيرة في السن و الكبيرة في التضحيات والقناعات والمباديء بجيانغ كينغ ؟ألا تدكركم ايا الرفاق لاميا المراة التي قطعت لسانها باسنانها وبسقته في وجه القاضي كي لا تشي برفاقها تحت التعديب ؟ بعد القاء القبض عليها بسب مؤامرة نفدوها ضد حاكمهم الطاغية .
ادن ايها الرفاق والرفيقات لنستفد من هده التجارب والتضحيات ولنشمر على سواعدنا شيوعيين وشيوعيات من اجل بناء وطن لكل افراده , بنسائه ورجاله , ومتمم الشعار الدي سعيدو المنبهي " الارض للفلاح والمعمل للعمال والخبز والتعليم للجميع " ونردد جميعا شعار الخلود "سعيدة شهيدة في سجون النظام الارض للفلاح والمعمل للعمال فليسقط النظام ".
وخلاصة القول انه لا يمكن لنا القول بحرية المجتمع بدون حرية المراة ولا حرية المراة بدون تحرر المجتمع , لان معيار تقدم وتحرر كل مجتمع هو رهين بمدى تحرر المراة ودلك لن يتاتى الا بالحرب الشعبية الطويلة الامد الى غاية دك البنية القائمة واقامة النظام الاشتراكي , بل ان تحرر المراة النهائي والتام لن يكون من داخل البناء الاشتراكي لان هدا الاخير سيمنح المراة المساواة مع الرجل فقط , ولهدا يلزمها الانخراط في النضال الايديولوجي للقضاء على رواسب الافكار البورجوازية التي تحكم على المراة بالنقص والدونية , وهدا بدوره رهين بثورة ثقافية تسيد الافكار الجديدة مكان الافكار القديمة .
" ان تجرية المعتقل بالنسبة الى المراة , في البداية صعبة لانها اول تجربة , يعني ان ما سفرض عليها سيكون قاسيا , لكنني جد فخورة لاننا نصلح المكان لنا فيما بعد " زهرة .
واد انهي هدا المقال المتواضع , اريد ان :
- اهنئ النهج الديموقراطي القاعدي بمناسبة معانقة مجموعة "زهرة بودكور" الشامخة للحرية , وكل الشيوعيين المخلصين لمبادئهم ووعودهم .
- احيي رفاق زهرة بودكور على صمودهم وتشبتهم بخط الجماهير .
- احيي امهات المعتقلين على صمودهم , واهنئهم بمعانقة ابنائهم للحرية .
- اشد على ايدي كل المعتقلين السياسين القابعين في سجون الرجعية .
وفي الختام :
* عاش اسم سعيدة و زبيدة اسما يرعب مغتاليه .
*عاش اسم زهرة اسما يرعب جلاديه ونبراسا يضيئ طريق المراة الكادحة.
*عاش اسم عبد الرزاق الكادري اسما احمرا يرسم الطريق نحو الحرب الشعبية .
*عاشت الشيوعية اداة لتحرر البروليتاريا ومرشدا لعملها الثوري .

غسان عصام


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لن نتراجع عن احتجاجنا ما دامت مطالبنا لم تتحقق بعد-


.. استشهاد امرأة وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي على منزل بحي السلام




.. الإهمال والتمييز يفاقم معاناة نساء غزة


.. إحدى النازحات في أماكن اللجوء ذكريات المعصوابي




.. مشاركة الليبيات في الشأن السياسي يساهم في فض النزاعات وتحقيق