الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال المرجعية الثقافية..... ام تبعيتها!!

مهند عبد الحميد

2010 / 7 / 21
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


نشهد حالة من حراك ثقافي يضع المثقف في حجم هو اقرب للدور الفعلي الذي يمارسه في الواقع، محاولة الحراك والتحريك اختبرت المثقفين في لقائهم مع رئيس الحكومة د. سلام فياض، والمحاولة التي سبقت ذلك جاءت عبر مقالة الشاعر مريد البرغوثي بعنوان الثقافة الفلسطينية: اني اتهم! اللقاء والمقالة وضعتا النقاط على الحروف. المقالة أشارت لذلك المستوى الثقافي الذي يتذيل المستوى السياسي ويتوحد معه، ويغيب دوره المبادر والمستقل، ولا يمارس النقد ولا يبحث عن مساءلة كأضعف الايمان. انه "تأييد بلا نقد"، واللقاء أكد تماهي المستوى الثقافي مع المستوى السياسي، وكشف اختفاء الحدود الفاصلة بين المستويين "تبعية بلا شراكة".
غاب النقد وغابت المساءلة في اللقاء مع رئيس الحكومة. اللقاء كان فرصة امام حوالي 80 مثقفاً لمساءلة الحكومة، وطرح الاسئلة السياسية الصعبة، ماذا بعد اخفاق المفاوضات والجميع يتحدث عن اخفاقها، هل ستتعايش السلطة مع الاحتلال بعد وصول المفاوضات الى طريق مسدود؟ ماذا ستفعل الحكومة اذا ما لجأت سلطة الاحتلال الى سلاح الضغط بالاموال وإذا قيدت الحركة وفرضت اشكالاً جديدة من الحصار؟ هل تتعامل الحكومة مع بدائل اخرى؟ وما هي تلك البدائل؟.
الامتناع عن المساءلة داخل قاعة الاجتماعات، هو امتداد منطقي لامتناع المستوى الثقافي عن مزاولة دور سياسي فاعل ومبادر في الواقع. الواقع الذي يشهد اعتى تدخل اسرائيلي لتقرير مصير الشعب الفلسطيني من طرف واحد، شريعة الغاب الاسرائيلية التي تجد غطاء اميركياً استفزت كبار المثقفين والمبدعين العالميين امثال تشومسكي والرسام البريطاني بانكسي وأهداف سويف وفيرغاس وغيرهم من الفنانين، لكنها لم تخرج المستوى الثقافي خاصتنا من نمطيته وانتظاريته. كم كان إدوارد سعيد مثقفاً حقيقياً عندما رفع الصوت ناقداً بجرأة اتفاق اوسلو والاداء السياسي للسلطة والقيادة، وتنبأ بمآل اوسلو الرهيب وحاول البحث عن مجرى آخر للنضال الفلسطيني في وقت مبكر. وكم ابدع غسان كنفاني في نقد الخنوع والمهانة، عندما لا يكون المثقف سياسياً لا يكون مثقفاً اما عندنا الآن فالسياسة غير موجودة على اجندة الثقافة بالمستوى الذي تستحقه، يغيب المثقف عن السياسة وعن دوره الرقابي النقدي التنظيري الذي يكتشف عناصر القوة وعناصر الضعف، والذي يصنع بقعة ضوء وسط العتمة. يغيب المثقف عن دوره كضمير يعيد إحياء الامل، ما يقوم به المثقف على خلاف ذلك، وثمة دليل اضافي هو حرمان المفكر والناقد السياسي من عضوية اتحاد الكتاب يبقى القول: عندما يندمج المستويان الثقافي والسياسي مع بعضهما البعض نكون بصدد حالة التحاق الثقافي بالسياسي وامتثاله لاجندته في السياسة والثقافة على حد سواء.
غياب السياسة من اجندة الثقافة لا يعني ان الثقافة بخير، فالمثقفون الذين لا يدخلون معارك سياسية، لن يفلحوا في خوض معارك ثقافية. منزل جبرا ابراهيم جبرا الذي تحول الى متحف ثقافي في بغداد وضم مخطوطات ولوحات واشرطة وكتب ومراجع ومقتنيات تراثية ساحرة لا تقدر جميعا بثمن. هذا المتحف تعرض للتدمير خلال إحدى عمليات التفجير البشعة والوحشية. ردود الافعال جاءت عبر عشرات المقالات، وجرى عرض المأساة في اكثر من عاصمة، لكن هذه المأساة لم تحرك ساكنا في فلسطين، لا رسميا ولا في اوساط المثقفين ومؤسساتهم. الاحتجاج الفلسطيني تراوح بين خافت وغائب، الحضور الفلسطيني بين غائب وخافت في العديد من المناسبات الثقافية. كرحيل المفكر الكبير محمد عابد الجابري وما طرحه من فكر نقدي انعكس بشكل او بآخر على الفكر السياسي العربي، وكإحياء مئوية الشاعر الكبير ابو القاسم الشابي التي انطلقت في معظم العواصم العربية وتخلفت عنها فلسطين، سجالات وفعاليات مهمة تخلو من مشاركة المثقف الفلسطيني - في الوطن -، بلغت ذروتها في احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية التي غاب عنها المستوى الثقافي الى حد كبير، ليس بسبب إقصاء المستوى السياسي له وحسب بل وبفعل قبوله الطوعي بالاقصاء.
المثقفون لم يتدخلوا بشكل جدي في مشكلة الانقسام بين الضفة والقطاع ولم يعترضوا على وجود سلطتين وعلى انتهاك الديمقراطية والحريات والتعدد الديني والسياسي والثقافي. هذه القضايا كانت بحاجة الى تدخل ثقافي يبلور رأياً عاماً قادراً على تصويب الوضع الداخلي، ولم تجد مثل ذلك التدخل الموعود، والمثقفون لم يعترضوا على التحولات الرجعية داخل المجتمع التي نقلتنا من الهوية الوطنية الجامعة الى الهويات الثانوية التعصبية كالطائفية والعائلية والعشائرية والجهوية. لم يعترضوا على التناقض بين برنامج السلطة والتطبيق المعاكس له من قبل مؤسسات كالتربية والتعليم والاوقاف وغيرهما. لم يعترضوا على التناقض بين الثقافة الديمقراطية العلمانية التي يحملها المشروع الوطني من جهة، والثقافة الظلامية المحافظة المنتشرة في المجتمع عبر مؤسسات المشروع الوطني ذاتها. لم يدافع المثقفون عن الرموز الثقافية الوطنية التي يحط من شأنها وتستبدل بشكل غير ديمقراطي، كالعلم والنشيد والثوب الفلاحي والرقص الشعبي والغناء الفلكلوري والنصب التذكارية والاختلاط في العمل والنضال والدراسة والافراح والاتراح.
ازمة المثقفين أزمة دور، وأزمة وعي ومعايير، وأزمة مرجعية ثقافية، الدور والمعايير والمرجعية مرتبطة ببعضها البعض. وفي غيابها يكون للمثقفين مرجعية واحدة هي المرجعية السياسية التي تعيد صياغة المثقف على هواها وضمن اهدافها. في غياب المرجعية الثقافية المستقلة ذات الوعي والمعايير. يتحول المثقفون الى أفراد، يبحثون عن مصالحهم الفردية، عن دورهم الخاص وابداعهم وتميزهم الخاص الذي لا يربطه رابط مع الهم العام. ويطغى الهاجس الخاص على الهم العام. وفي ظل ذلك يتم البحث الفردي عن حلول فردية وعن صعود وامتياز شخصي بأساليب فردية. ومثل هذا النوع من التميز والصعود يتعارض تماما مع نقد المرجعية السياسية.
إذا كان للثقافة وجه سلبي وللاسف هو الوجه الرئيسي، فما زال لثقافتنا وجه آخر هو امتداد لدور السكاكيني وروحي الخالدي وجبرا وغسان وإدوارد سعيد وناجي العلي استطيع بثقة تسمية فيصل دراج ومريد البرغوثي وسلمى الخضرا الجيوسي واخرين هنا وهناك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر


.. رجل استخبارات إيراني يتنكر كامرأة ويتجسس على قدرات إسرائيل ا




.. الرجال أكثر صدقاً مع النساء الجميلات.. دراسة تكشف أسرار سلوك


.. موجز أخبار الواحدة - منظمة دولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء وال




.. رنا.. امرأة جريئة بادرت وطلبت يد ابن صديقتها